Thursday 11th November, 1999 G No. 9905جريدة الجزيرة الخميس 3 ,شعبان 1420 العدد 9905


نوبل 1999م
سر الطبلة الصفيح التي حصلت على الجائزة
محمود قاسم

أخيراً، توازنت جائزة نوبل ,.
حدث ذلك بكل وضوح، حين أعلنت أكاديمية ستوكهولم اسم جونتر جراس كآخر أديب يحصل على جائزة الأدب قبل أن تكمل الجائزة قرنها الأول,.
فمنذ أكثر من ثلاثين عاماً، والجائزة في حالة تخبط، وتعلن عن سياسات مثيرة للدهشة، وهي تمنح في كل عام لأدباء شبه مجهولين، في أغلب الأحيان، وكأنها ترى أن الشهرة التي يتمتع بها بعض الكتاب تعتبر بديلاً عن الشهرة التي يحصل عليها بعض الكتاب، مؤقتاً، وهم يدونون في قائمة الحائزين على الجائزة.
وكثيراً ما أطلق التساؤل: هل يمكن أن يكون هناك أسماء من طراز البريطاني جراهام جرين، أو الأرجنتيني خورخه لويس بورخس، أو الألماني جونتر جراس، ولا يحصلون عليها، ورحل أدباء كثيرون عن عالمنا دون أن يحصلوا عليها، رغم أحقيتهم فيها، وبدا فوز جراس بالجائزة، كأنه نوع من الاعتذار العلني عما تم في حق أدباء يستحقون التقدير، وشعر المهتمون بالجائزة بارتياح عظيم، فجراس قيمة حقيقية، وهو من الأدباء الذين يمنحون الجائزة قيمة، أكثر من التقدير الذي سيناله من خلالها، فهو كاتب يعيش في قلب الأحداث، وله منهجه وأسلوبه، ومواقفه، ومع كل كتاب جديد يثير من حوله التساؤل والنقاش خصوصاً في روايته الأخيرة حقل واسع التي سميت في كل الصحافة الألمانية والأوروبية بأنها رواية القرن العشرين.
صحيح أن جراس قد دخل دائرة الخالدين من خلال حصوله على جائزة نوبل، لكن الصحيح أيضاً ان روايته الطبلة الصفيح قد فتحت له باب الولوج في هذه الدائرة منذ أن نشرها لأول مرة عام 1956, وهي نوع من الروايات التي لو أن كاتبها لم يكتب سواها، لضمن أن يكون علامة في عالم الإبداع الروائي.
وتجيء أهمية الرواية في أن قراءتها بمثابة قراءة السنوات الأولى من حياة الكاتب، وأيضاً قراءة صفحات مليئة بالسخونة من تاريخ حياة مدينة شهدت ميلاد الحرب العالمية الثانية هي انتسنح التي ولد بها الكاتب عام 1927، والتي ولد بها أيضاً في نفس التاريخ بطل رواية أوسكار ماتسيترات الذي جعله الكاتب شاهداً على ألمانيا، وأوروبا في أكثر تواريخها حساسية على الاطلاق.
في هذه المدينة ولد كل من جونتر، وبطله أوسكار، عن أبوين نصف بولنديين، ونصف ألمانيين، ودانتسنج مدينة ملتهبة، كما يقول جراس في طبلته فقد جرت عليها أحداث هامة في ثلاثينيات هذا القرن، كانت مدينة حرة بين عامي 1620، و1930، يغلب عليها السكان الألمان، ويمتزج بهم عدد غير قليل من البولنديين فهي تقع في نصف المسافة بين قسمي ألمانيا القديمة, أي بين بروسيا الشرقية، وبين مجموعة المناطق الألمانية الأخرى, تقع عند ملتقى نهر المتوتلاد، وفرع الفايكس، وتمتلئ بأعمال العمارة البديعة.
وقد تحدث الدكتور مصطفى ماهر عن هذه المدينة في العدد 24 من الفكر المعاصر قائلاً: إن موقع هذه المدينة قد عرضها للجذب والشد بين قوتين، الأولى الألمانية والثانية بولندية، وكانت الغلبة تارة تتوج هذه وتارة تلك، فلما نشأت دولة بولندا بعد الحرب العالمية الأولى طالبت بدانتسنج وخليجها المطل على بحر البلطيق، ولكن شكلها الألماني حال دون ذلك، واتخذت عصبة الأمم في ذلك الوقت حلاً وسطاً هو جعل المدينة مدينة دولية حرة تحت اشرافها.
إذن فنحن أمام حالة خاصة من المدن، لابد بالتالي أن تفرز كاتباً من طراز جونتر جراس الذي التصقت سيرته بسيرتها، وجعل أغلب أحداث روايته تدور بداخلها، كما أن هذه الرواية تعتبر سيرة ذاتية مغلفة للكاتب، فأبوه كان يعمل بقالاً، أما أمه فمن الفوشيين، وهي قبيلة سلافية لها لغتها الخاصة.
وقد تربى جونتر في جو غريب شهد مولد الرايخ الثالث، وظهور كتاب كفاحي لهتلر، واعادة تنظيم الحزب النازي، فقد انضم وهو في العاشرة من عمره إلى منظمة أشبال هتلر ، ثم إلى منظمة أخرى تسمى شباب هتلر عام 1941، أي بعد اندلاع الحرب بعامين, ثم جند في المشاة الألمانية في السابعة عشرة, وفي عام 1944 ترك مدينة دانتسنح مثلما فعل أوسكار, وفي العام التالي وقع في أسر الأمريكيين بعد اصابته، ثم اطلق سراحه وعمل بالزراعة والمناجم وقطع الأحجار وبيع الصحف.
وفي عام 1949 التحق جونتر جراس بأكاديمية الفنون في دوسلدرف، فدرس الفنون التشكيلية والنحت, وبدأ يمارس الكتابة والعزف على بعض الآلات، وقرض الشعر وكتابة المسرحيات: لم أكف أبداً عن الكتابة,, ببساطة كنت أغوص في الحياة اليومية بدأ هذا مع مسرحيتي الشعب يعيد التجربة, كنت في الواقع أتصور ماذا يحدث في برلين عام 1953 .
وفي عام 1952 تعرف على زوجته السويسرية آنا، راقصة البالية التي كتب حولها بعض أشعاره وأنجب منها أربعة أبناء, وفي عام 1955 سعى إلى الانضمام إلى جماعة 47 الأدبية لكنه لم ينضم إليها سوى عام 1958 بعد أن قرأ على أعضائها الفصول الأولى من روايته الطبلة الصفيح .
الجدير بالذكر أن هذه الجماعة التي تحمل اسم سنة نشأتها قد أسسها أدباء شبان سعياً وراء تشجيع الإبداع الأدبي واكتشاف المواهب الجديدة، وكان من أبرز مؤسسيها هاينريثربول نوبل 1972 وهانس فرز ريختر، والفريد اندريتش وغيرهم وقد عاشت هذه الجماعة عشرين عاماً كاملة حيث توقفت عن النشاط عام 1967.
وفي عام 1956، انتهى جراس من روايته الأولى، والتي تعد بمثابة العمل الأعظم في تاريخه الأدبي، وذلك في فترة هجر فيها برلين وأقام في أوروبا، خاصة باريس، نشر خلالها الطبلة الصفيح وحقق شهرة واسعة.
لم يكن جراس كاتباً غزير الانتاج في السنوات الثلاثين الماضية، لكن أعماله الإبداعية كانت بمثابة نقاط ساخنة في صفحات الأدب الألماني، وكان صدور كل رواية جديدة بمثابة حدث تسلط الأضواء من حوله، ليس فقط لقيمتها الأدبية، بل لجرأتها الشديدة، لدرجة أن روايته الأخيرة حقل واسع جعلت الناقد الألماني الشهير مارسيب رايش - رانيكي يمزقها أمام الصحفيين، ونشرت صورته وهو يفعل ذلك على أغلفة المجلات الشهيرة، ومنها ديو شبيجل ومن بين رواياته هناك القط والفار 1962 وسموات كلب 1965، ومخدر موضعي 1972، ويوميات ، والترسة 1977، ولقاء في وستفاليا 1981، والفأرة 1987, ثم حقل واسع 1995.
وفي مجال الشعر نشر ديواناً، أما في المسرح فقد قدم مجموعة من المسرحيات القصيرة مثل الطهاة الأشرار ، والفيضان ، كما كتب مجموعة أغان للأطفال، فضلاً عن الكتب السياسية مثل رسائل عبر الحدود .
تعتبر رواية الطبلة الصفيح -كما أشرنا- بمثابة سيرة ذاتية، إلى حد ما، للكاتب برغم انه ينكر أي صلة بين أوسكار وبينه، تدور أحداثها في مدينة دانتسنج مع أوسكار الذي ولد في عام 1924, ويحكي قصته مع نهاية القرن الماضي، حين تعرفت جدته ذات التنورة الواسعة على كولياتشيك الهارب من العدالة.
ذات مساء، في نهاية أكتوبر، كانت جدتي آنا برونسكي جالسة أرضاً في كامل ثيابها عند أطراف حقل البطاطس, في الصباح يمكن رؤية مكان جدتي تجلس وحولها المعجبين أو تجلس تأكل من الخنزير المسكر كالمولاس، وهي تعطي للحقل آخر ضربة من الحفار, ها هي جالسة أرضاً في ثيابها بين سلتين ممتلئتين تقريباً .
وأوسكار، مدان كثيراً لهذه التنورة الواسعة، فقد كانت الجدة ترتدي أربع تنورات معاً، جلست يوماً في حقل البطاطس، ورأت رجلاً قصيراً يهرب من الجنود الذين يطاردونه، وطلب منها تخبئته أسفل تنوراتها إلى أن يمر الجنود، وبعد أن خرج من مخبأه ذهب مع المرأة ليعيشا معاً حتى تمكن مرة أخرى من الهرب والذهاب إلى بلاد ما وراء البحار ليعيش ثرياً كما يقال, كان البعض يؤكد ان جدي شوهد بعد الحرب,, العالمية الثانية في بافالو بالولايات المتحدة تحت اسم جوكوليا تشيك, تاجر أخشاب لقد كانت تجارة الأخشاب لعبته .
صورة أمي في الثالثة والعشرين من عمرها تشير إلى امرأة جميلة تغمز, ذات رأس مستدير، كانت أمي تنظر دوماً إلى صورتها، تعرفت على الفريد ماتسيرات حين كانت تعمل ممرضة, وكان هو أحد جرحى الحرب العالمية الأولى، وعندما خرج من المستشفى آثر أن يبقى معها ويتزوجها, وكان نتاج زواجهما أوسكار, وتفرح آجنس بأبيها وتعلن أنها ستقدم له هدية في عيد ميلاده الثالث عبارة عن طبلة من الصفيح، كان المولود أديباً مفكراً منذ خروجه إلى الدنيا, فلما سمع وعد الأم باعطائه طبلة، ورأى الفراشة تحوم حول النجفة، وتقبل عليه معبرة عن نفسها، فكر في الحيوانات التي تعبر عن نفسها بالطبل، ثم في البشر التي تعيش على الفطرة، وكيف يعبرون عن ذواتهم بالطبل, استقر في ذهنه أنه سيتخذ الطبلة الموعودة وسيلة للتعبير عن أفكاره وأحاسيسه .
كنت طفلاً جميلاً، في الشهر الثامن، أكبر سناً بشهرين من ستيفن برونسكي الذي تظهر صورته في نفس الصفحة التالية والذي يلمح بشرود شديد .
فيما بعد كنت أنام فوق جلد ودب أبيض، كان عمري سنة ونصف سنة عندما وضعوني في عربة أطفال أمام بناية خشبية مغطاة بالدانتيلا، التي تبدو في صورة معتنى بها تحت مرقد الثلج .
ويدرك أوسكار منذ الوهلة الأولى أن له أبوين يعيشان معهما, ولذا فهو يقرر أن يعبر عن رفضه لهذا السلوك المشين الذي تتصرفه أمه في عيد ميلاده الثالث بأن رمى بنفسه من فوق سلم البدروم، كي يصاب بصدمة عضوية ويتوقف عن النمو الجسماني .
ويطارد أوسكار أمه وهي تذهب الى شقة برونسكي، كما أنه يعرف أشياء لا يعرفها آخرون، ولديه القدرة على تحطيم العديد من الأشياء بأن يطلق صرخة ويقرع طبلته الصفيح.
يتحول أوسكار إلى مراقب لما يحدث في الدنيا، في تلك الآونة التي استولت فيه النازية على ألمانيا، حيث الاحتفالات الكبرى التي يحضرها ذوو القمصان البنية، وتعزف الموسيقى، ويغني فيها أناشيد الدانوب الأزرق, لكن قرع طبلة أوسكار يفسد هذا الاحتفال المتزمت، ويحوله إلى احتفال راقص، يتمايل فيه أصحاب الوجوه المتخشبة, كما يرقب أوسكار أمه وهي تتركه عند اليهودي ماركوس لتذهب إلى صديقها، يصعد الصغير إلى قمة منزل عال قريب من الفندق الذي فيه أمه مع عشيقها، ويصرخ طارقاً طبلته فينكسر كل زجاج الفندق.
وأوسكار يتواجد دائماً حيث تكون أمه مع عشيقها، فعندما يذهب الأب وزوجته إلى الشاطئ يكون هناك العشيق، يصطادون رأس وعل يملؤها السمك، فتتقيؤ آجنس قرنا وتلتصق ببرونسكي, تشعر آجنس بالندم، لكن أوسكار يفسد عليها اعترافها, وحينما يشتد عليها الإحساس بالذنب تحاول أن تفجر نفسها بأن تأكل المزيد من السمك النيء، وأن تمزق شرايينها، ثم تموت .
وحين تأتي الحرب، فان الأب الفريد ينزع صورة بيتهوفن من على الحائط، ليضع مكانها صورة هتلر، ويرتبط أوسكار بفتاة صغيرة تساعد أباه في أعماله، إلا أن الفريد يغازل الفتاة من جانبه، مما يدفع الصغير ان ينهال على أبيه ضرباً وركلاً، ويقرر الالتحاق بالسيرك، ولأنه قزم، فلم لا يكون هناك مع أمثاله من المخلوقات الغريبة.
مرت السنوات طويلة بأوسكار حتى بلغ من العمر أربعة عشر عاماً، وأصبح ناضج العاطفة، وأكثر وعياً وادراكاً لما يحدث، وفي السيرك يرتبط بالقزمة الحسناء روزينا ويذهب مع السيرك إلى فرنسا التي احتلها الألمان حيث يقضي هناك أوقاتاً ممتعة على الشاطئ الأزرق، لكن قوات الحلفاء تغزو الشاطئ وساحل نورماندي ويقتلون صديقته الجميلة، فيعود إلى ألمانيا ويجد في المنزل طفلاً جديداً هو ثمرة زواج أبيه من الموظفة الصغيرة, وهناك يشهد نهاية الحرب ونهاية هتلر,, ويقوم الأب برفع صورة هتلر كي يعيد صورة بيتهوفن إلى مكانها، بينما يدخل الجنود السوفييت الذين لا يقلون عجرفة عن النازيين، ويغرقون الفريد رصاصاً .
فجأة، يجد أوسكار أن أسباب توقفه عن النمو قد زالت، لقد بلغ الحادية والعشرين من العمر، وعاد مرة أخرى الى نموه الطبيعي .
ويتصل أوسكار بعد ذلك بالحياة السياسية، حيث ينتقل إلى مدينة دوسلدورف على نهر الراين، على الرغم من اطلاق الرصاصات، تخلص أوسكار من العجلة التي ينزلق عليها أصيب باغماء شديد, سمعت العصفور، صوت الغراب، أعلن ليو للناس أنه يكبره، ينمو، يكبر, أوسكار ليس أوليس، أولا لأنه عند عودته لم يجد شيئاً قد تغير، فحبيبته التي يحب أن يسميها بنيليوس لم تكن سوى نزوة، فهي دائماً مع أبيه ماتسرات، وتفضل أن ترحل دوماً مع أوسكار .
ويرتبط بعلاقة مع ماريا زوجة أبيه، ويعامل الصغير على أنه ابني ، أما ماريا فعندما رأتني قالت لي: ابق معنا يا أوسكار، فانهم سوف يرحبون بك,, وساعدتني أن أرتدي ملابسي، ويكبر أوسكار ويصبح في الثلاثين من العمر، يعيش في أكثر من مكان، ويعمل في وظائف متعددة: أما عن حياتي فلست أخاف السحر الأسود, وعند أود الخوف، فانه يتسرب داخل جلدي، ويبقى في داخلي حتى ينبلج الصباح فأنا نائم أغلب الوقت .
ويحدث أن تكتشف الشرطة جثة ممرضة عشقت أوسكار فترة من الوقت فتتجه الشبهات حوله، ويقرر وضعه في احدى المصحات العقلية، وهناك يبدأ في تدوين مذكراته .
هذه رؤية لأول وأهم رواية للكاتب، فماذا عن آخر أعماله.
باعتراف الصحافة الأدبية، وغير الأدبية في ألمانيا، وأوروبا، فإن تاريخ الأدب الألماني لم يشهد في مرحلة ما بعد الحرب، مثل هذه الزوبعة التي أحدثتها رواية حقل واسع عام 1995, فقبل نشرها، أعلن الكاتب أنه سيقدم رواية عن الوحدة الألمانية, ولابد أن الموضوع سيكون مختلفاً لو ناقشه كاتب مثل جراس, وقد جاءت الرواية عملاً ضخماً مثل رواية الطبلة والصفيح ، حيث تقع في حوالي 650 صفحة, وهي تدور حول علاقة بين رجلين، تصادما من خلال علاقة كل منهما بحائط برلين، الأول تيو واتكه، معروف باسم فونتي، مواطن في ألمانيا الشرقية سابقاً ، وهو موظف مسؤول في إحدى الادارات المسؤولة عن خصخصة ألمانيا الشرقية بعد انضمامها إلى ألمانيا الغربية, وهذا الرجل معجب بالكاتب الألماني فونتاف 1819-1898 وبتصوره قد بعث إلى الحياة في صورته هو.
أما الرجل الثاني هوفتلر، فهو يعتبر نفسه منستوفيلس شيطان فاوست وهو خادم أمين للدولة, كما أنه أحد أفراد شرطة ألمانيا الشرقية قديماً، وهو انسان بيروقراطي، لا يكف عن عقد محاكمات نفسية ذاتية لمواطنيه لما اقترفوه في حق أنفسهم.
ويرى النقاد أن العلاقة بين الرجلين، هي أشبه بارتباط فاوست بشيطانه، لقد اتفقا على عقد خاص فيما بينهما, ينشران مذكراتهما في احدى المجلات، ويتحدثان عن كل حيواتهما الخاصة والسياسية التي عاشها كل منهما في ألمانيا الشرقية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقد أعقب نشر الرواية حملة صحفية ضاربة بين النقاد، وبين الرواية، حيث أرسل الناقد رايش - رافيتسكي مقالاً في شبيجل ، أبدى فيه اعترافه بأن جراس بذل جهداً مضنياً في الكتابة، لكنه قال: إنها رواية فاشلة جملة وتفصيلاً فما كان من رسامي الكاريكاتور في المجلة سوى أن يرسموا ساخرين من الناقد، كأنه غول مخيف، يمزق بمخالبه رواية جراس, مما دفع بالناقد ان يظهر في برنامج تليفزيوني شبه آراء جراس في مهمام النقد الأدبي بآراء وزير الدعاية يوسف جويلز.
وما لبثت أن قامت معركة لم تهدأ حتى الآن بين الناقد، والكتاب اليساريين في ألمانيا الذين دافعوا عن جراس، وصارت المعركة أشبه بكرة الثلج التي تتدحرج من فوق الجبل فلا تتوقف عن التضخم.
وأكد نقاد آخرون ان رواية حقل واسع هي من الناحية الجمالية كتاب طموح الى أقصى درجة، فلقد أراد جراس، انطلاقاً من الحاضر، معالجة المائة وخمسين عاماً الماضية من التاريخ الألماني في رواية واحدة, كما أكد النقاد ان جراس لم يزل، في هذه الرواية، يتمتع بقدرة لغوية هائلة, فمن ناحية الأسلوب تكاد الرواية تخلو من العيوب، غير أن الشخصيات والأحداث الشائكة التي زجها فيها الكاتب ليست في مستوى اللغة.
وفي مقال للمجلة الألمانية التي تصدرها باللغة العربية: هل يعد هذا الكتاب رواية عظيمة فعلاً كما يعتبره مؤلفه؟ من حق المرء أن يشك في ذلك، وان يبقى اعجابه بجونتر جراس متركزاً على رواية الطبلة الصفيح وعلى روايتيه القطة والفأر ، ولقاء في وستفاليا ، التي لم يعد من الممكن تصور الأدب الألماني دونها.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
فنون تشكيلية
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved