Thursday 11th November, 1999 G No. 9905جريدة الجزيرة الخميس 3 ,شعبان 1420 العدد 9905


القبول للجامعات أين الحل؟
د. شكري حسن السنان

لقد سرني كما سر الكثيرين مقالة معالي وزير التعليم في هذا المنبر يوم السبت 7/7/1420 بتجاوبه مع قضية القبول وهذا ليس بغريب، فتجاوب المسؤولين لأوجاع المواطنين لم يكن فيه شك أبداً.
اللافت في مقالة معالي الوزير هي الاحصائيات التي شملت والتي لا يجب اغفالها بأي حال من الاحوال, فنسبة القبول في الجامعات التابعة لوزارة التعليم العالي الى خريجي الثانوية تتدنى سنة بعد سنة وربما يكون هذا طبيعي نظرا لاطراد عدد خريجي الثانوية, إلا انه من الملاحظ ان اعداد المقبولين في التعليم العالي يتناقص، وبالتحديد بعد سنة 1418/1419ه كما يوضح الجدول رغم ان السنة الاخيرة كما اشار معالي الوزير تشمل فقط المقبولين في الفصل الاول:
لكن يبقى لنا هنا ان نجد الحل فقضية القبول لها ابعاد كثيرة والحل لم يطرح بعد.
ان عملية القبول للجامعات قضية جدية تأخذ مأخذا مغايرا كل سنة، وبالتحديد تأخذ منحى احباطيا على كل المستويات، سواء للطالب نفسه او لوالديه ولا يدري بهذا الا الذي مر بهذا الظرف او انه على وشك ذلك والمسألة في رأيي المتواضع تحتاج الى شيء من البحث وجب علي ان اتناولها بشيء من التفصيل.
فالذي لا يختلف عليه اثنان هو ان الدراسة الجامعية باتت عالميا حقا من حقوق الراغبين بها ويجب ان تكون على ذات المستوى وطنيا وهذا ما يشعر به الطالب والذي تراه مع بداية السنة الدراسية يجدّ ويثابر من اجل الهدف المنشود الا وهو الالتحاق بالجامعة, والسؤال المطروح هنا هو ما تعريف الانجاز والنجاح في الثانوية العامة وبالاخص التفوق فيها؟
مع تقدم هذه الأفواج من الطلبة للجامعات تتجلى حقيقة مرة ألا وهي ان الحصول على معدل دراسي عال اصبح ليس بالضرورة الطريق الطبيعي للالتحاق بالجامعة المنشودة والسبب هو ان الجامعات قد جعلت اجتياز امتحان القبول الذي تفرضه هي شرطا اساسيا للانخراط في تخصصاتها وطبعا لهذا الجامعات من المبررات ما يجعلها تتجه هذا الاتجاه كما سنرى من السياق القادم, وهنا وقبل كل شيء تنكشف معضلتان.
المعضله الاولى هي ان مدلول معدل الثانوية اصبح فقط شرطا لتأهيل الطالب لدخول امتحان القبول أو المقابلة الشخصية لجامعة ما او لتخصص ما, وفي اغلب الاحيان،
ولست مبالغا، اصبح ليس للمعدل وزن في عملية القبول, وهذا ما نسمع عنه في حالات كثيرة ابرزها ان فلانا او فلانة لم يقبلا في تخصص ما على الرغم من الحصول على معدل عال مثلا 98 أو 99 بالمائة كما أشار معاليه بذلك, وان كان لهذا من تبرير فكما هو متداول في الاروقة الاكاديمية (وهذا ليس بمستبعد) ناتج عن تضخيم غير حقيقي لمعدل الثانوية لا يعكس التحصيل العلمي الحقيقي كما كشفت عنه نتائج امتحان القبول او المقابلة الشخصية.
والمعضة الثانية هي ان الطالب او الطالبة وخاصة في المقابلة الشخصية يتعرضان لاسئلة غير مدروسة مما يكون لها الاثر السلبي في اتخاذ قرار رفض قبولهما.
وما هو المطلوب عمله اذاً لتصحيح هذا الوضع؟ سؤال صعب والاجابة عليه أصعب, ولكن الحل ببساطة يحتاج الى تنظيم ورقابة واشراف, وهذا بالطبع من اختصاص كل من وزارة المعارف ووزارة التعليم العالي والرئاسة العامة للبنات, وكل المؤسسات التعليمية التي بعد الثانوية.
وحل المشكلة يكمن في شقين, الاول تنظيمي اداري والثاني اكاديمي.
والحل اساساً يبدأ اولا بالكيفية التي يجب ان نقيس بها انجاز خريج الثانوية؟ فهل نكتفي بعلامات السنة الثالثة فقط ام نعتبر علامات السنوات الثلاث كلها؟
فلو اكتفينا بعلامات السنة الثالثة فقط، فسوف يكون هناك نوع من المخاطرة لسببين, الاول هو ان مواد السنة الثالثة لا تعكس التحصيل العلمي الذي في المرحلة الثانوية كلها وبالتالي تكون عملية التقييم او نسبة النجاح منحازة لما جرى فقط في تلك السنة, والسبب الثاني هو التضخيم في العلاقات والذي اشرت اليه سابقا وبالاخص ما يلاحظ في المدارس الاهلية وأنا بهذا لست مبالغا.
اما اذا اعتبرنا درجات السنوات الثلاث فإننا نقيس انجاز الطالب بعدل, وبهذا نجتنب بعض المشاكل السالفة الذكر, ولتحقيق هذا فانه يوصى بأن توضع كيفية مدروسة لعرض علامات السنوات الثلاث وذلك بفصلها في خانتين، الاولى تبيّن اعمال السنة او الفصل، والثانية تبيّن درجات الاختبارين النهائيين للفصلين, وبهذا يمكننا ان نكشف بسهولة اذا ما كان هناك تضخيم للعلامات والذي يحدث عادة في اعمال السنة وذلك بمقارنة العلامات من سنة الى اخرى، اضافة الى امكانية مقارنة درجات اعمال السنة بدرجات الامتحانات النهائية, وربما وضع معظم الثقل لعلامات الامتحان النهائي.
والقضية لا تنتهي هنا ولكن المفروض ايضا هو ان يكون هناك امتحان لتحديد قدرات الطالب يأخذه كل خريجي الثانوية الراغبين في الانخراط في الدراسة الجامعية على مستوى المملكة, هذا على غرار ما يحدث في العالم مثلا في امريكا واليابان, ففي امريكا يأخذ الطالب ما يسمى ب SAT ويكون هذا مقياسا لقدرات الطالب يُسترشد به بالاضافة الى علامات الثانوية, واذا ما تقرر العمل بذات الشيء هنا فانه يتوجب ان تكون وزارة التعليم العالي هي المشرفة والمديرة لهذا الامتحان.
ونحو حل قضية القبول فإنه يتوجب ان تكون آلية القبول كلها بادارة وزارة التعليم العالي, وبالتحديد انادي بتوحيد عملية القبول ومركزيتها في هذه الوزارة للاسباب السالفة الذكر اضافة الى مشكلة قائمة وملحة تتمثل بضيق فترة القبول واصرار الجامعات على تسليم الوثائق الاصلية مما يضيع الفرصة على طالب ممتاز لم يوفق في جامعة فتفوته الفرصة في القبول بجامعة اخرى، فيكون جليس البيت.
ويكمن المحك في كيفية تشغيل هذه الآلية, وهذه النقطة بالذات تحتاج الى دراسة مستفيضة لضمان نجاحها لأنه ليس من العدل او الحكمة طرحها في هذه العجالة, ولكن الأمر ببساطة يتمحور في ان يسلم الطالب الراغب للدراسة الجامعية اوراقه الاصلية (والتي تشمل الصيغة الجديدة المشار لها لعرض علامات السنوات الثانوية الثلاث) للوزارة وفي نفس الوقت يعين الطالب التخصصات التي يرغبها مدرجة تنازليا حسب رغبته، مستعينا في ذلك بقائمة معدة من قبل الوزارة تحوي جردا لكل التخصصات الموجودة في المؤسسات التعليمية الحكومية بالمملكة سواء أكانت جامعات او معاهد, ومن خلال عملية دقيقة يتم فيها دراسة شهادات الطالب ونتائج امتحان القدرات ورغبة الطالب ليتم توجيه الطالب، بل جميع الطلاب بلا استثناء، كل نحو تخصص ليكون حسب رغبته وحسب قدراته, ويحضرني في هذا السياق ما تمارسه جمهورية مصر العربية، حيث يكتب الطالب اثناء تقدمه للقبول 48 تخصصا يرغبه (ولا ادري كيف توصلوا لهذا الرقم)!
وبهذا أخذ المواطن حقه في الدراسة العليا.
وهنا وفي الختام يجب الا يفوتنا ان نبحث عن الوسائل التي تزيد من استيعاب الجامعات لأن في تصوري واعتقادي الجازم ان هناك الكثير من الجامعات والكليات والمعاهد تعمل دون الطاقة الطلابية الحقيقية وبالتحديد في بعض التخصصات وربما كانت ميزانية الجامعة هي احد القيود
,وفق الله الجميع لما فيه السداد.
*أستاذ الهندسة المدنية المشارك جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
فنون تشكيلية
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved