Thursday 11th November, 1999 G No. 9905جريدة الجزيرة الخميس 3 ,شعبان 1420 العدد 9905


بحثاً عن إجابة شافية
إعصار من التنهدات!!

كنت اجلس مواجهة لها,, كان لقاء علميا,, وحتى يحين موعد بدء اللقاء، بدأنا بجلسة شاي تبادلنا خلالها الاحاديث من الشرق الى الغرب، ومن الشمال الى الجنوب، ولم تعف من احاديثنا الموضوعات الفرعية ايضاً، كنا مجموعة من السيدات جميعهن موظفات مابين قطاع حكومي وخاص,, على درجات متفاوتة من التعليم والثقافة، منهن المتزوجات ومنهن من تأمل وتدعو ان يكون ذلك قريباً!!، وقد تتمنى لاحقا لو بقي الحال على ماهو عليه.
كانت تلك السيدة اللطيفة قد طلبت مني الجلوس بجانبها بعد ان علمت ان لي محاولاتي الكتابية المتواضعة هنا وهناك,,وجلست بجانبها، كانت تحمل شهادة عليا، تعمل في مجال له علاقة بالخدمات الانسانية.
قالت اريدك ان تكتبي! ابتسمت وقلت عن ماذا؟ قالت بسماع الجميع موضوع لم اجد له اجابة,, ولعلك تستطيعين ان تجدي في القراء من يستطيع الاجابة على تساؤلي!! قلت حدثيني يا أخية,.
قالت عملي في مجال له علاقة بالخدمات الانسانية وتمر بي حالات تقطع نياط القلب، ولكني استطيع التعامل معها وايجاد الحلول لها في معظم الاحوال، وان كانت الحلول تحقق لي درجات متفاوتة من الرضى، ولكن هذا الموضوع الذي سوف احدثك عنه لم اجد له حلا يحقق لي ادنى مستويات الرضى!!
قلت هات ماعندك ,, قالت: نعم الشرع حلل للرجل الزواج بأكثر من واحدة، وان خفتم ألا تعدلوا فواحدة, ولن تعدلوا ولو حرصتم,, لاغبار!!، قلت فما المشكلة؟ قالت يتزوجون بأخرى غير بنت البلد، قلت هنا قد تكون مشكلة!! قالت: يهمل زوجته التي عاش معها عمرا بحلوه ومره، وانجب منها درزن من الاطفال، وينسى نفسه مع تلك الزوجة الأخرى,, لماذا؟ قلت هنا فعلا مشكلة كبرى.
تساءلت هي: ماهو السر الذي يجذب الرجل في مجتمعنا لغير بنت البلد؟ قلن ضاحكات لعله بياض البشرة! قلت فينا من البيض والسمر ولكل طلبه الذي سيجده, قالوا لعلها الثقافة! ولكن كثيرات منا هن المثقفات,, هذا بالاضافة الى ان معظم الفتيات اللاتي يتزوجون بهن من هناك لسن على أي مستوى من الثقافة بل لربما كن حاملات لشهادات دراسية بسيطة,, فقط، او غير متعلمات اصلاً!!
قلن اقرب طريق الى قلب الرجل معدته,, وهن هناك يجدن عمل المحاشي والملفلف والمخلل والتبولة,,، قلت كل ذلك متوفر في كتب الطبخ ومع اسامة السيد في الmbc والعبء الآن على بنات الجزر اللاتي يأتيننا بالقادو قادو السامبل بالاضافة الى مانعلمهن اياه ، والبركة في المطاعم ايضا، كل شيء متوفر اذاً.
قلن ربما الشياكة؟ قلت لا احد يزرع الاسواق طولا وعرضا في الداخل والخارج مثلنا وهانحن كأننا خريجات مدارس ايف سان لوران او كوكو شانيل او ذلك الآخر التعيس الذي مات مقتولاً فرزاتشي.
قلن ربما يكون السر في الرشاقة، ولكن هانحن كل منا لها عضوية في ناد رياضي ، وان لم يكن فبيوتنا بها من اجهزة الرياضة مايمكن ان تنشىء به ناديا متكاملا، ثم ان من يتزوجون بهن وهن رشيقات لايمضي شهرالعسل حتى تبدو مثل الجاموسة!!
وحارت بنا الافكار في فهم عقل ذلك الرجل؟ وكيف يفكر؟ وبدا لنا وكأنه من كوكب آخر.
وفجأة ومن بين الحاضرات كانت هناك واحدة ترقب في صمت وتسمع دون تعليق,, وفجأة نطقت,, فالتفتنا لمصدر الصوت، قالت الناطقة: أماسمعتن قول المصطفى صلى الله عليه وسلم هي الولود,, الودود؟ فقلنا جميعا بوركت يا أخية كلنا ولودات!! بل ان بعضا منا يشرف على فريق كرة كامل مع الاحتياطي.
قالت وماذا بشأن الودودات,, وهنا طأطأ البعض منا الرؤوس، ومنا من ليس لها سابق خبرة تطبيقية في الزواج فحارت بين الاجابة والسكوت، اما البعض الآخر وهن الاغلبية فقد قالت احداهن,, متى أراه ويراني ليودني وأوده؟ لا أراه إلا وانا متوجهة لعملي صباحاً مع السائق,, ثم نعود لنتناول الغداء كلانا متعب وبحاجة للراحة,, وينام,, يستيقظ بعد ان اكون اعددت له القهوة ليرشفها على عجل ويغادر الى لقاء الاصدقاء!
فلاأراه إلا اليوم الثاني,, وهكذا.
قالت الاخرى عن أي ود تتحدثين؟ هو زوج على الورق! واب على شهادات الميلاد لايدخل البيت إلا مزمجرا وصارخا يرعب الصغير منا والكبير,, لا اشعر بانه الزوج الذي ألجأ الى صدره عند الرغبة في الشعور بالامان والحنان,, ولا يلجأ اليه الابناء عند الرغبة في الشعور بالعطف، لايرغب ان يناقشه احد في أي موضوع ويعتبر ذلك نوعا من التطاول عليه ,, هو يأمر ونحن ننفذ,,، يتحدث مع رفاقه في الهاتف ضاحكا منشرحا,, اما معنا فهو وحش كاسر عاقد الحاجبين حتى بات خروجه من البيت رحمة لنا، وانطبق عليه القول نوم الظالم عبادة فكيف ومتى نبادله الود ويبادلنا؟
قالت اخرى كيف اوده؟ يمضي اليوم في انتقادات لاذعة وتجريح لايعجبه العجب ولا الصيام في رجب,, الأكل لا يعجبه ان سخناه قال برّدوه، وان بردنا قال ماهذا البرود؟ اذا طبخنا السمك قال لماذا لم يكن اليوم دجاجا واذا طبخنا الدجاج قال لماذا لم يكن لحما واذا وضعنا له اللحم قال رفعتم عندي الكلسترول بل الضغط والسكر والجلطة هي ماسوف يسببه لي!! ثم يتساءل لماذا تتعمدون وضع جهاز التلفاز على هذه القناة التي لا احبها؟ نقول كلنا بصوت واحد بها برنامج مدته ساعة فقط وكلنا نتابعه,, فيقول تابعوه اذا خرجت من البيت، ويبدأ اللعب بأعصابنا وهو يغير من قناة الى اخرى بعشوائية مثيرة تسبب الجنون وتجعلني ارثى حتى لحال الريموت في يده.
كلنا نرتعد منه ونكتم الانفاس في حضوره، اعيننا تبحث مثل اجهزة السكانر هنا او هناك عن أي شي قد لايروق له، فنحاول تغييره قبل ان تصل اليه عيناه، فكيف بالله اوده؟
وهنا بدأت الرؤوس المطأطئة ترتفع شيئاً فشيئا، وبدأت الرؤوس الأخرى تهتز وتومىء بالموافقة، فكل ماقيل ليس بغريب عليهن,, يشعرن بالغبن فبودهن ان تكون الحياة اجمل مما هو قائم, هذا وهناك من الاخريات اللاتي تتناولهن الايدي احيانا, وان لم يكن فلعن وسب وشتم او بها مجتمعة.
كيف يعيش الانسان عمرا كاملا حياة يسودها البؤس والالم والاحساس بالحرمان وبفقدان الحنان والحب؟ كيف يعطي من هو فاقد للشيء؟ كيف يمكن ان نتحد مساء وكلانا يعيش يومه منفصلا جسدا وحسا ومشاعر؟ نتعامل مع بعضنا البعض وكأننا رئيس تقليدي متسلط ومرؤوس جبان, لماذا وكلنا في لحظات معينة وكثيرة ينطلق فينا ذلك الطفل الصغير فنحنّ ونشتاق لكلمة,, لهمسة,, ليد حانية؟
لماذا تختفي الرومانسية من حياة الزوج بمجرد مرور ليلة الدخلة؟ او لنقل مع الحمل باول طفل ان طالت المدة؟ قد يقول البعض ان الحب موجود، ويقول البعض بل يزداد بعد الزواج لكنه حب العشرة، وهو يختلف عن ذلك الحب,, حب قيس وليلى,, حب عروة وعفراء,, كثير وعزة! لم نطلب المستحيل، فكل ذلك كان موجودا ومحسوسا في فترة الخطوبة, لماذا لم تعد لذلك الحب حميميته وسخونته؟ وتحول الى حب عشرة؟ مثلما نحب تلك الشغالة التي عاشرتنا لسنوات، اوالجيران الذين جاورونا اعواما.
المشاعر لايمكن ان تزول او تمحى او تموت, فالبشر دون مشاعر هم اقرب الى كائنات اخرى او جماد!! فكيف تدفن كل تلك المشاعر تحت حياة مملة رتيبة؟ هل يمكن ان تتجمد المشاعر؟ العواطف والمشاعر والأحاسيس والوجدانية اما ان تحيا او تموت ولكن ان تتجمد حتى اشعار آخر فذلك غير مقبول وليس بكائن.
وهنا وبعد ان استشعرنا مايمكن ان يبحث عنه الرجل، وهو مانبحث عنه ايضا عدنا الى تساؤلنا الأساسي,, هل يجد الرجل الود في غيرنا؟ وان كان فأين نجده نحن؟؟ وهل يمكن ان تختلف النساء باختلاف مواقعهن على خارطة العالم؟ ام ان الرجل من هنا تستهويه المرأة من هناك فتصبح طلباتها اوامر بحكم انها تعودت على تعامل ارقى مما تحلم به المرأة هنا؟ هل تنشئة المرأة من هناك وهي ترى امها واباها يتبادلان كلمات لها فعل السحر جعلتها أكثر جرأة على بث مشاعرها؟ كلمات نحن نخجل احيانا من التصريح بها مع اقرب الناس لنا؟وكيف نتعلمها ونحن لم نسمع في حياتنا إلا الاوامر من آبائنا وعلينا الطاعة من امهاتنا.
هل تعلمن هناك كيف يكون الود وماهي مصطلحاته، في وقت نتعلم نحن كلانا، الرجل والمرأة، ان قوة الشخصية والهيبة تموت وتهتز اذا ما تداولنا بعضا من كلمات الغزل مع بعضنا؟ ام هو شعور بالعيب ان نتفوه بتلك الكلمات؟ وكثرت التساؤلات هل ,, وهل؟
واعلنت الميكرفونات بدء موعد اللقاء العلمي,, الذي بدأناه بلقاء اجتماعي دون ان نتوصل الى اجابة مقنعة,, ومنطقية,, تحقق لنا ولهم الراحة حتى نودهم ويودونا ونحبهم ويحبونا، فالحياة مملة بدون حب ،تلك الكلمة من حرفين صغيرة هي ولكن فعلها كبير وكبير جداً، دعونا الله ان يغير علينا الى الاحسن,, وتوجهنا للقاعة بعد اعصار من التنهدات العميقة,, وكل منا يحدوها الامل ان تجد اجابة شافية عند اصحاب الشأن ربما!!!
*من تحت درجة الصفر:
الارصدة تجمد، وبعض الاعضاء البشرية تجمد!! نقبل ذلك بحكم اقتصادي وطبي,, ولكن تجميد المشاعر؟؟!! الحب؟؟؟
منيرة أحمد الغامدي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
فنون تشكيلية
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved