Monday 15th November, 1999 G No. 9909جريدة الجزيرة الأثنين 7 ,شعبان 1420 العدد 9909


من الاثنين إلى الاثنين
علي المفضي

كانت في الخامسة عشرة عندما فقدت والديها في حادث مؤلم، وكان لزاماً عليها ان تعي الدور الذي فرضته الظروف, فهي تدرك انها الكبرى والوحيدة بين سبعة ذكور يجب ان تقوم بكل ما يتعلق بهم, فهي الاب والأم والمربي,, والحماية,, والصديق,, والمعلم,, والمتابع,, تعثرت في بداية مشوارها الاسري الجديد ولكنها ما لبثت ان اتقنت الدور,, ووجدت انه ليس بامكانها مواصلة الدراسة وتولي مهامها الكبيرة فآثرت الانقطاع والتفرغ لاخوتها وقد فعلت ذلك بطيب نفس,, وكلما ضاقت بها السبل لتلبية طلب احد الأخوة تذكرت والديها,, واكتفت بدمعة تحتال عليها عندما تخلو ليلاً لوجعها,, وهمومها,, وآلامها.
يا ناس ما نفسٍ تقول آه من خير
الا وتحفي خدها من بكاها
وقد كانت تعاني الأمرين,, بسبب هذا المبلغ الذي لا يكاد يكفي بعض حاجات هذه الأفواه,, والمتمثل براتب والدها,, وتستغرب كيف كان يستطيع التحكم بمبلغ كهذا,, كمصروف ومناسبات وايجار.
لم تدع احداً من اخوتها السبعة يحتاج الى شيء او يحس ان غيره افضل منه,, فالمأكل طيب,, والملبس محترم لائق بامثالهم,, وكذلك السكن وكان الأمل يحدوها ان الغد سيكون افضل من اليوم,.
عسى نهار اليوم يطرد نهار امس
والله يبدل كودها في رضاها
تقدم لخطبتها عدد من الرجال لما تتسم به من خلق وجمال,, ورفضت رفضاً باتاً فكرة الزواج بحجة ان لديها من المهام ما هو أهم,.
وتمر الأعوام وهي,, هي,, ويكبر الاخوة وهم في حماية من نذرت نفسها لخدمتهم,, ويتزوج أربعة منهم,, وكعادتها تطالب كل من تزوج ان يستقل بنفسه,, لئلا يأتي من تفرض عليه نظامها,, او من يحاول تغيير ذلك النظام وتبلغ الخامسة والثلاثين حينما تزوج آخرهم,, وتبقى وحيدة الا من ذكرياتها وتعب يمتد على مساحة خمس وعشرين سنة,, وليل لا ينتهي,, ونوم يقف متفرجاً على منظر تلك القلعة من الصبر,, وبعض الدموع التي اصبحت كالصديقة التي لو افتقدها الليل لناداها,.
يا ناس من عين جفت غالي النوم
الا بها ما يطرد النوم عنها,.
جاء اليها الاخ الأكبر وحيداً على غير عادته وجلس معها,, وعرفت ان هناك ما يريد قوله وبالفعل بدأ بالحديث مبيناً لها ان جلوسها بمفردها غير لائق وانه لا يرضى ان يقال عنه او عن احد اخوته انهم قد تركوها,, وكانت تتوقع ان يطلب منها ان تقيم معه في بيته,, او بجوار بيته وكانت تبيت النية على عدم الموافقة على طلبه,, ولكنه فاجأها انه جاء يطلب يدها لوالد زوجته البالغ من العمر ثمانين سنة والذي توفيت زوجته منذ سنين,, نظرت اليه باستغراب وعتب حار قابله بثورة عارمة وقال لها بالحرف الواحد,, فقد اتفقت مع اخوتي الا تبقي هكذا,, بدون رقيب ولا حسيب,, ولم يكمل كلمته الأخيرة حين هوت مغماً عليها ولم يعد اليها الوعي الا وهي في غرفة احد المستشفيات تقلب نظرها في سقف الغرفة وتنظر بالم الى عشرين سنة من الوفاء والصدق والأمانة والتربية
ناس على الهسه تسوق البشاير
الشين يحفظ والثنا يجحدونه
وكل عن اقرابه يخفي السراير
ويكح في مخباه لا يسمعونه
وما ان تماثلت للشفاء,, حتى هاتفت احدى صديقاتها والتي كانت قد تحدثت معها عن خالها الذي يقيم في احدى دول الخليج الذي قد بلغ الاربعين ولم يتزوج بعد عن رغبته ان يرتبط بها,, وقالت للصديقة انها موافقة على شرط الا تعود ثانية للمدينة التي يقيم بها الأخوة الأعزاء.
اخترت عن دار المهونات بالبيد
وخليت دار الذل علي سكنها
دارٍ بدار ولا علينا تحاديد
وارزاقنا رب الخلايق ضمنها
* اشارة: الأبيات لعدد من الشعراء.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
حوارات نسائية
منوعــات
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved