Thursday 18th November, 1999 G No. 9912جريدة الجزيرة الخميس 10 ,شعبان 1420 العدد 9912


لما هو آتٍ
متى البدء؟
د , خيرية إبراهيم السقاف

الفرق بين الحاجة والضرورة,, كالفرق بين المدى القريب والمدى البعيد,, كلاهما يصلان الى نقطة الالتقاء.
ولكنَّ أحدهما,, أشد إلحاحاً في البدء، بينما الآخر قد يكون بالشدة نفسها لكنه قابل للإرجاء.
والإنسان,, في الحياة ذو حاجات، وذو ضرورات,, لكنَّه يحتاج إلى معرفة بماذا يبدأ,.
والبدء عادة يكون بالاساس,, كي يمكنه أن يتم,, ولأن الأساس هو الجذر، فالبدء به ضرورة وحاجة، تتعدى الضرورة مرتبة الإلحاح فيبدأ بها.
الإنسان يحتاج الى أن يعتصف كل حاجاته وضروراته، كي يضعها أمامه في وضوح؟ ويبسطها فوق طاولة لحظاته وساعاته وأيامه، كي تتضح له الرؤية، ويلتقط الفرق بينهما,, ومفارقات الحياة كثيرة.
وبمثل ما هو بحاجة الى أن يعصف بحاجاته وضروراته، هو أيضاً بحاجة الى إدراك المفارقات التي قد تمر في ثنايا عبوره بوابات الزمن في الحياة التي يحياها,, كل ذلك من أجل أن يبدأ منذ بدء الكون.
والإنسان يتخبط في هذا الأمر,, ويخلط,.
والخلط يولِّد له كل انواع القصور التي تعتري مروره اليومي بمرافق الزمن,, من هنا يمرض، ويفشل، ويخفق، ويتعب، ويكتئب، ويحطِّم، ويخطىء، ويزلُّ، ويفرِّط، ويأتي ما يأتي من المخالفات التي تتقلَّص حدّ الخطأ، وتتَّسع حدّ الذَّنب، والمرء إن أخطأ فخطأُه يعودعليه ذاته، مهما حاول إلباسه للآخر، وهو إن أذنب فإثمه مرهون به لا بسواه,.
ولأن الإنسان خُلق من خام الخطأ وخام الصواب، أي من جانب الشرِّ وجانب الخير، أي من مزيجين أحدهما ينحى نحو النور والآخر نحو الظلام، فإن الفاعل في تغليب أحدهما على الآخر، وسطوة أحدهما عن الآخر يأتي بالتربية، والتعليم، والتدريب، والتعويد، كافة الطرق، تبدأ هذه الطرق بالترغيب وتنتهي الى الترهيب, فإن أفلح في الأول وغلّب جانب الصواب، الخير، النور، عرف الطريق وسلك في مفازات الحياة، سيد زمنه، الناجح الناجي، وإلا فإن الجانب الآخر فيه مهلكته، وتعثره، وضياعه، يفلت من بين يديه زمنه هروب الدَّابة من راعٍ شرسٍ,, يخبط في لحمها يظنه الهواء,.
ومعقل الحكمة، ومِقود التربية، والتعليم، هو: العقل,.
والعقل هبة إلهية للإنسان، هي المفتاح,, لكل فلاح,,، وهي الضَّابط لكل حركة، وهي القائد لسفينة الإنسان، جسده، وحواسه، وما أوتيه، كي يكون الإنسان الممثل لذاته، في مجموعة منظومة الأحياء الذين يشكِّلون أوجه الحياة، ويصبغون ألوانها,.
والعقل درجات,.
يمثل رزق الله لخلقه,,,، فمن الناس من يرزق عقلاً كاملاً لا نقص فيه، فهو مكلَّفٌ بأمره، محاسبٌ عليه، لأنه الحد الأعلى من نعم الله له,.
ومن الناس من يُرزق عقلاً ناقصاً بفعلٍ ما، يرتبط بإرادة الله، فهو إن كان قابلاً للعلاج كان صاحبه في مرتبة المبتلين الذين عليهم التماس العلاج بالصبر والدواء,, وعند الصبر الأجر، وعند العلاج الأجر,, فيكلَّف بعد ذلك بإتمام دوره نحو استخدام هذه النعمة في الصالح، لا في الطالح في الحياة.
ومن الناس من يرزق عقلاً لا خير فيه,, ومثل هذا يؤجر على الابتلاء والاستسلام له، ويُرفع عنه العناء، ولا يُسأل عن تبعات عقله، وهو عبرة وعظة وتأكيد على إرادة الله تعالى في خلقه.
غير ان الحالتين الأخيرتين لا تتناسبان تماثلاً مع الحالة الأولى في عدد البشر الذين أخرجهم الله في الأرض منذ بسط البسيطة، ورفع السماوات,,، ولأنهم يشكلون الغالبية العظمى من خلق الله فهم مكلفون بعقولهم.
فهل يعي الإنسان أهمية المسؤولية التي أُنيطت به نحو هذه المضغة التي تتصدر رأسه معقل تفكيره؟ وتتصدر مسؤولية حركة هذا الجسد الذي يحمل هذا الرأس الذي يتربع فيه هذا العقل، ويمدّه بإشاراته البعيدة في التعريف بعظمة الله؟
يكفي معرفة عظمة الله في الإنسان، هذه المضغة كي يدرك من أين يبدأ,, ويعي المفارقات في البدء، كي يغلّب جانب النور والخير فيه,, ويلج دروب الحياة بسلام، مدركاً مدى حاجته، ومدى ضرورته.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــى
محليــات
فنون تشكيلية
مقـالات
المجتمـع
الفنيــة
الثقافية
الاقتصادية
منوعـات
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـاضيـة
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved