عزيزتي الجزيرة,.
اعتقد بان المؤسسة التربوية جزء من مؤسسات المجتمع المختلفة التي تسهم في بناء وتشكيل وتعديل سلوك الفرد وتفاعله مع المتغيرات المحيطة به من النواحي السلوكية والتعليمية والمهنية وتكوين الاتجاهات الايجابية او السلبية لديه نحو مفهوم الحياة والتفاعل مع الآخرين فكراً او سلوكاً.
وعندما نتحدث عن الغرب وكيفية التفاعل معه يجب ان ننطلق من مسلمات وركائز هامة في حياة الفرد ومن اهم هذه المنطلقات ان لكل مجتمع موروثات ثابتة منها عقائدي وأخرى معايير وضوابط اجتماعية تميز كل مجتمع عن الآخر، ولكن هناك ثقافة تؤثر وتتأثر بالمستجدات والتطورات الاجتماعية ويبقى قبولها من عدمه يعتمد على درجة الحصانة لدى الفرد وثوابت القيم التي ينتمي لها وتكوّن في نهاية الامر شخصيته التي تميزه عن غيره.
ومن هذا المنطلق اعتقد بان دور المؤسسة التربوية في تأهيل الناشئة لكيفية التعامل مع الغرب يتمثل في الآتي:
1 امداد الناشئة بالاساليب الحضارية في التحاور والنقاش والموضوعية في اصدار الاحكام واكسابهم الخبرات التي تعينهم على التمسك بقيمهم الاسلامية التي تعتبر المحك الرئيسي في القبول من عدمه لكل مستجدات الحياة المعاصرة.
2 في ضوء ثورة المعلومات والاتصالات والذي اصبح العالم من خلالها قرية اكترونية يجب على المؤسسة التربوية (المدرسة) ان تسهم في تثقيف الناشئة حول مصادر المعرفة وشرح وسائلها المختلفة ليصبح الناشىء على بصيرة من امره يعرف مواطن النفع فيقبل عليه ويعرف مكامن الشر ويحذر منه.
3 تلبية حاجات الطلاب النفسية والتربوية من خلال البرامج المتطورة التي تعينهم على تحقيق التكيف السوي مع المتغيرات الحضارية المختلفة.
4 تطوير اساليب التعليم داخل المدرسة بحيث تكون قادرة على مواكبة المستجدات في الجوانب الاجتماعية (القيم السلوك الاجتماعي) وتعزيز مفهوم الثقة في النفس لدى المتعلم واحترام قدراته وميوله وتنمية اتجاهاته الايجابية نحو مفهوم الحياة المعاصرة بما يراعي الثوابت في الدين والاخلاق والقيم الاجتماعية.
5 فهم ودراسة ماقد يصدر عن الناشئة من ممارسات وسلوكيات خاطئة بعيداً عن التشنج والانفعال ومساعدتهم في فهم واقعهم وجعلهم اعضاء نافعين لانفسهم وامتهم.
6 تنفيذ الانشطة واللقاءات التربوية المدرسية التي تعزز دور المدرسة في تثقيف البيئة المحيطة بالمدرسة واولياء امور الطلاب لفهم رياح التغير وكيفية التعامل مع الناشئة الذين يعانون من بعض مشكلات التقليد وامدادهم بالاساليب التربوية النافعة لفهم مشكلاتهم.
الدراسة في الخارج وبالذات في المجتمع الغربي وماقد ينتج عنها من مؤثرات قد تكسب بعض الافراد سمة الانعزال او الانغلاق يعد امراً متوقعاً بحكم اختلاف قدرات الناس على التكيف مع المجتمع الغربي ولكن مايجب ان نؤكد عليه في هذا المقام هو ان المتبعث السعودي ولله الحمد يعد من خيرة من يمثل بلاده سلوكاً وعملاً,, ورسالتهم في ايضاح المفهوم السليم للإسلام والحضارة الإسلامية امر في غاية الاهمية, ولكن عندما ينعزل المبتعث عن المجتمع الذي يعيش فيه فهو يهرب من واقع يجب عليه ان يعيش ويتعايش معه باسلوب حضاري يستطيع من خلاله التأثر بما ينفع والبعد عن كل سبل الانحراف والإنحلال.
وفيما يخص الاسلوب الامثل للقرب من الشباب وتوجيههم التوجيه السليم اعتقد بان هذه الاساليب تبدأ في وقت مبكر على مستوى الاسرة في مرحلة الطفولة المبكرة حيث يعتبر علماء التربية بان مرحلة الطفولة المبكرة (من البلاد وحتى سن المدرسة) تعد اهم مراحل حياة الإنسان السلوكية والتي فيها تتبلور اهم ملامح شخصيته في المستقبل.
لذا يجب علينا كمعلمين وآباء فهم المرحلة العمرية التي يمر بها الناشىء، وماهي المتطلبات النفسية والاجتماعية لهذه المرحلة بحيث نستطيع تلبية تلك المتطلبات ليحصل النمو السوي والتفاعل الإيجابي بين الناشىء وذاته اولاً وبينه وبين مجتمعه ثانياً اضافة الى البعد عن التحقير لتصرفاته واكسابه الثقة في نفسه ومساعدته في التخلص مما قد يعترضه من مشكلات من خلال تبصيره اولاً بتلك المشكلة واقناعه بانه بحاجة الى ان يتخلص منها ثم احترام آرائه وقدراته وجعله قادراً على التخلص منها باسلوب واع ومدرك لحاجته الماسة لذلك,والله الموفق
بجاد محمد العتيبي
مدير عام التوجيه والإرشاد بوزارة المعارف