Thursday 25th November, 1999 G No. 9919جريدة الجزيرة الخميس 17 ,شعبان 1420 العدد 9919


النمو الاجتماعي,, للفرد,, والجماعات

إن الدور الذي تمثله الحياة الاجتماعية من خلال نظمها وافكارها وممارساتها في حياة الفرد ونموه من الاهمية بمكان,, بحيث تطغى عملية التربية الاجتماعية الاسلامية في كثير من البلدان على اي هدف آخر من اهداف التربية, ولذلك حرصت المجتمعات على صون تراثها, وحفظ الجيد منه عن الرديء,, يعد هذا صورة من صور التربية الاجتماعية التي تسعى الى تزويد الافراد بالقيم التي تؤمن بها، والخبرات الحضارية التي تمكنهم من إثراء تراثهم الوطني الموروث,, والمتوارث وتنقيحه,, وتوجيهه نحو الخير المشترك للافراد والمجتمعات وقد كان هدف التربية منذ القدم هو اصلاح للفرد ثم اصلاح لحال الجماعة,, فقد نادى أفلاطون بمثل يجعل الفرد عضوا صالحا في المجتمع من اجل تقدمه حضاريا وعلميا وذلك بتربيته على الحق وحب الخير للجميع وللقيم والجمال,,!
كما نادى كثير من الفلاسفة بإعداد الفرد للحياة الاجتماعية,, وذكر كثير من المربين ورجال الدين الحياة الروحية والحياة المتكاملة,, والحياة العائلية والمواطنة الصحيحة,, والتكيف للبيئة الاجتماعية ونقل التراث,, وتطبيع الفرد وتنمية الموارد البشرية وبناء المستقبل كأهداف اجتماعية ومرحلية لمبادىء واهداف التربية الاجتماعية!!
اعود بالقول عن حاجة العالم من شرقه الى غربه، ومن شماله الى جنوبه الى هذه التربية ذات الطابعين الوطني والاخلاقي التي تعمل على تضييق الهوة الساحقة بين تمتع افراده بالمزايا المادية، والحضارية لعصر التقدم والمدنية,,!
واذا ما جاء الحديث عن اختلاف الكثير من دول العالم, خاصة العالم العربي في تطبيق رموز التربية الوطنية المحلية بشكل تعليمي منهجي,, فإن التفاوت لدى العالم العربي بالذات ستكون اتجاهاته في هذا التطبيق متفاوتة ومتناقضة,, الامر الذي يؤكد هذا التناقض هو مايدخل في المعاناة الاقتصادية والمعيشية من دولة الى اخرى,, ثم يواجه ذلك العديد من العوائق المسماة في عصرنا الحاضر بالظواهر الحضارية والصحية,, ثم التباين في الاعداد السكانية,,اذا سلمنا بهذه الأمور في مجال التربية,, او النمو الاجتماعي,, للفرد والجماعة فإن الطبائع من بلد لآخر تقف حاجزا دون توحيد وجمع شمل التربية المعاصرة,, من حيث الطبيعة والسلوك والاحوال المعيشية والظواهر الجغرافية والتضاريسية, خاصة اذا كانت التربية الاخلاقية للنمو والوعي الاجتماعي قد اعتمدت كمادة تعليمية منهجية,, وليست هامشية يقصد بها التثقيف الفردي وفق قنوات اعلامية,, سواء أكانت صحافية,, ام تلفازية,, ذلك مقياس لابعاد النمو الاجتماعي المهاجر من بلد يعاني من الاقتصاد والشح في تأمين لقمة العيش لافراده,, الى بلد اكثر رخاءً, كيف نضمن لافراد ومجتمعات البلد الغني بتراثه ومكتسباته الوطنية والمحلية الموروثة والمتوارثة من اختلاطها وخربشتها من افراد ذلك البلد الفقير وهم الذين وفدوا من اجل الحصول على لقمة العيش؟
هذا من جهة والاخرى,, كيفية مستوى التلقي من جيلنا الحاضر عن فهمه وقبوله للتربية المعاصرة,, التي تنشد من ورائها مقام الحكومة زرع الوطنية في افئدة الجيل الصاعد, لكي تكون الوطنية لديه راسخة وغالية,, فهي وطنية غَشَت افئدة الاجيال من واقع تربة وارض الوطن العزيز,, ناهيك عن المواطنة التقليدية التي يشوبها عدم الاحساس بغلاء وثمن الارض والتراب والهوية,, الكل يدرك ذلك لمن هم هاجروا وغابوا عنا فترة من الزمن لطلب الرزق,, كيف عانوا ويعانون من معاناة الغربة وسلبياتها في وقت كان العلم بمراحله وتعليمه غير ميسر لكننا نلتقط ذكرياتهم ونحن نتشوق إلى أن يأتي اليوم الذي نقف فيه على اقدامنا لنلمح خطى الاجداد والآباء وهي آخذة بالتوجه,, او العودة من تلك الديار,, وطبعا شوقنا هذا تحدوه الرغبة العمياء,, وكأننا نحسد الآباء على الكر والفر الذي عاشوه سنوات طوالاً بعيدين عن اهليهم وديارهم,, وارضهم.
الامر الذي نختتم فيه هذه العجالة,, بأنه حان الوقت الذي يجتمع فيه المتعلمون في كل بلد عربي وقد يكون ذلك عن طريق الجامعة العربية,, بحيث يتم اختيار لجان ذات مكانة علمية عالية وذات خبرات تعليمية, يُسند الى هذه اللجان دراسة جوانب الحضارات في العالم العربي,, وما جد عليها من سلبيات وايجابيات خصوصا بعد ان اخذ العالم يتعامل مع الانترنت,, ويبقى الجيل الحاضر والقادم جيلاً كسولاً,, ذلك ما يواجهه,, من براعة ودقة المخترعات العلمية الراهنة، ثم يسترخص كل شيء في سبيل راحته المؤقتة, لأن لكل شيء ثمناً؟!!
محمد الرجيعي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved