Wednesday 1st December, 1999 G No. 9924جريدة الجزيرة الاربعاء 23 ,شعبان 1420 العدد 9924


فهم مرحلة الشيخوخة
د, خليل إبراهيم السعادات*

من الدراسات المقدمة لندوة قضايا المسنين بين متطلبات العصر ومسؤوليات المجتمع التي عقدت في الكويت في الفترة من 14 الى 18 رجب 1420ه دراسة بعنوان كيفية التعامل مع مرحلة الشيخوخة من وجهة نظر الاسلام من اعداد الاستاذ عبدالله بن ناصر السدحان فقد ذكرت الدراسة ان الالمام ببعض القواعد او المقدمات المتعلقة بالشيخوخة يفسر لنا كثيرا من التغيرات التي تظهر على الانسان في مرحلة الشيخوخة وهذا التفسير يجعل مهمة من يتعامل مع كبير السن سهلة الى حد كبير يؤدي الى تحقيق مطالب المسن دون تبرم او ضيق من اسرته او العاملين معه كما ان التصرف يساعد كثيرا في التخفيف من حدة اثر المتغيرات ويمكننا الاستفادة منها في مصلحة المسن نفسه لجعله يتعايش بتكيف كبير مع المرحلة الجديدة التي وصل اليها وبدأ يعيش في متغيراتها ومن هذه القواعد ما يأتي:
1/ كلما تقدم الانسان في العمر زاد
لديه حب البقاء وطول العمر.
ان الرغبة في الحياة وان كانت مشتركة بين عموم الناس وبمختلف مستوياتهم العمرية الا انها تظهر بجلاء لدى كبار السن وبخاصة كلما تقدم به العمر ففي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشيخ يكبر ويضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنتين طول الحياة وحب المال وليس هذا فحسب بل هناك علاقة طردية بين الزيادة في العمر والرغبة في الحياة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يهرم ابن آدم ويشب فيه اثنتان: الحرص على المال والحرص على العمر , فالرغبة في الحياة وطول الامل تزيد لدى الانسان في مرحلة الشيخوخة وهذه الرغبة القوية قد تفسر لنا كثرة الشكوى من المرض او توهمه احيانا لدى كبار السن.
2/ طول العمر من السعادة وهو امر محبب في الاسلام.
ان الاسلام حين يقرر ان كبير السن هو احرص الناس على البقاء في الحياة فهو يؤكد في الوقت نفسه ان المؤمن لا يُزاد في عمره الا يكون خيرا له,, ولقد تضافرت الاحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنى احدكم الموت ولا يدع به من قبل ان يأتيه، انه اذا مات احدكم انقطع عمله وانه لا يزيد المؤمن عمره الا خيرا , وروى ابو هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خياركم اطولكم اعمارا واحسنكم اعمالا وفي المسند ان عبدالله بن بسر قال: اتى النبي صلى الله عليه وسلم إعرابيان فقال احدهما مَن خير الرجال يا محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم من طال عمره وحسن عمله وعن الحسن انه قال افضل الناس ثوابا يوم القيامة المؤمن المعمر .
3/ يزاد في عمر المسلم بسبب بعض الاعمال الصالحة.
وكما قرر الاسلام ان المؤمن لا يزاد في عمره الا يكون خيرا له فقد دلّنا الرسول صلى الله عليه وسلم الى بعض الاعمال التي بسببها يطول عمر الانسان وعدَّ إطالة العمر جزاءً لهذه الاعمال الفاضلة ومن ذلك برُّ الوالدين وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار وتقوى الله فقد روى انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من احب ان يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه ويُنسأ له في أثره أي يؤخر في أجله.
4/ للمسن المسلم مكانة متميزة في الاسلام.
وهذه المكانة المتميزة بما ألبسه الله من ثياب الوقار بشيبه وبسبب الضعف الذي يعيشه في أواخر ايامه، فلقد روى كعب بن مرة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن نتف الشيب وقال : هو نور المؤمن وقال: ما شاب رجل في الاسلام شيبة الا رفعه الله بها درجة ومُحيت له بها سيئة وكُتبت له بها حسنة وللضعف الذي يعيشه المسن نجد ان الاسلام قد راعى كبار السن في بعض الاحكام الفقهية ورتب على ذلك احكاما تتصف باليسر والتجاوز ومراعاة لحالتهم الصحية والبدنية.
5/ لا يصل الى مرحلة الشيخوخة من المسلمين الا القليل:
من المعلوم والمقرر عند علماء الاسلام ان غالب المسلمين لا يصلون الى مرحلة الشيخوخة التي تحدث فيها هذه التغيرات المتعددة: الاجتماعية والنفسية والانفعالية والجسمية وما يصاحبها من تدهور صحي وبدني واجتماعي ونفسي واقتصادي,, والقليل من المسلمين هم الذين قد يصلون الى هذه المرحلة المتقدمة من العمر ذلك ان اعمار المسلمين غالبا بين الستين الى السبعين, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين واقلهم من يجوز ذلك , وهذه المرحلة كما ذكر في تعريفها انها تبدأ بعد السبعين من العمر ومن هنا فإن التغيرات التي تحدث للانسان في مرحلة الشيخوخة لا يمر بها الغالبية العظمى من المسلمين بسبب وفاتهم قبل ذلك العمر فالقليل منهم يتجاوز سن السبعين وهذا ملاحظ ومشهور.
6/ المسلم الملتزم بدينه في حياته لا يتعرض لمرحلة ارذل العمر:
يتضح من المتغيرات التي تصيب الانسان في مرحلة الشيخوخة عظمة القرآن ودقة تصويره للحالة التي قد يعيشها الانسان في مراحل حياته فيبدأ بضعف الطفولة ثم قوة الشباب واخيرا ضعف الشيخوخة كما تبين دقة التصوير لهذه المرحلة عندما نتأمل وصف الله عزوجل لها في محكم كتابه وذلك بأنها عودة الى ارذل العمر كما في قوله تعالى والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا ان الله عليم قدير وارذل العمر كما ذكر المفسرون هو اخر مرحلة من مراحل عمر الانسان في هذه الحياة الدنيا وهو أخسه وأدونه واخره الذي تضعف فيه القوى وتفسد فيه حواس الانسان ويختل فيه النطق والفكر ويحصل فيه قلة العلم وسوء الحفظ والخرف وخصه الله بالرذيلة لأنه حالة لارجاء بعدها لإصلاح ما فسد، الا ان من المفسرين من ذكر ان بعض المؤمنين يستثنون من حالة الرد الى ارذل العمر، فقد نقل عن عكرمة قوله من قرأ القرآن اي حفظه لم يرد الى ارذل العمر حتى لا يعلم بعد علم شيئا, وقال طاووس ان العالم لا يخرف, كما قال الشعبي: من قرأ القرآن لم يخرف.
7/ لا علاج لأعراض مرحلة الشيخوخة.
هناك محاولات لعلاج امراض الشيخوخة والهرم الذي يصيب بعض الناس في كبرهم وهذه المحاولات تكثر في العالم الغربي بشكل واضح وقد ينجرف معها بعض الاطباء المسلمين الا ان هذه المحاولات مكتوب لها الفشل مسبقا بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه اسامة بن شريك ان الاعراب قالت: يا رسول الله الا نتداوى قال: نعم يا عباد الله تداووا فان الله لم يضع داءً الا وضع له شفاءً الا داءً واحدا قالوا: يارسول الله وما هو قال الهرم وفي حديث اخر قال صلى الله عليه وسلم : ان الله عز وجل لم ينزل داءً الا انزل له شفاء الا الهرم .
ويتضح انه لا علاج للشيخوخة او الهرم وايقاف التدهور البدني الذي يحدث في مرحلة الشيخوخة وفق احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وان كانت بعض الابحاث تشير الى امكانية التأثير على سرعة حدوث بعض التغيرات الجسمية وتبطيئها.
8/ توقير الكبير والتشبه به سمة من سمات المجتمع المسلم.
يتصف المجتمع المسلم بصفات كريمة منها توقير الكبير المسن وقد تواتر حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على إكرام الكبير وتوقيره ومن ذلك الحديث الذي اخرجه البخاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان من اجلال الله اكرام ذي الشيبة المسلم وعن انس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا .
هذه بعض المقدمات الاساسية لفهم مرحلة الشيخوخة في الاسلام كما تحدثت عنها الورقة ويتضح منها اهمية التزام المسلم بالقواعد الدينية وقراءة القرآن وحفظه واثر ذلك في اطالة العمر والاحتفاظ بالصحة والحماية من الخرف والاحتفاظ بالقوى العقلية والجسدية والهدف من ايراد هذه الظواهر هنا هو تذكير الناس بأهميتها وضرورتها وسهولة الحفاظ على الصحة العقلية والجسدية بقراءة القرآن وعمل الاعمال الصالحة التي هي في متناول أيدينا ولكن قد يغفل الكثير منا عنها والحمد لله رب العالمين.
* كلية التربية/ جامعة الملك سعود

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

منوعـات

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved