Wednesday 1st December, 1999 G No. 9924جريدة الجزيرة الاربعاء 23 ,شعبان 1420 العدد 9924


سلوك غير سوي
متى يتوقف البعض عن الصراخ والتكشير؟!

أسئلة تتبادر الى اذهان البعض منا في كثير من الأوقات والمراحل العمرية كمثل,, هل لا بد ان نعبس ونكشر في وجوه الآخرين حتى يحترمونا؟,, وهل حسن التعامل واحترام الآخرين بغض النظر عن أي اعتبارات يقوي من شوكة البعض مما يجعلهم يتعدون على حدودنا وحقوقنا؟ وهل يجب ان نمثل ونفتعل تصرفاتنا وسلوكياتنا ام نجعل سلوكنا طبيعيا لا افتعال فيه ولا تمثيل؟ وهل يؤدي السلوك والتصرف الطبيعي القائم على الوضوح والصراحة والاحترام المتبادل الى المتعة والسعادة في هذه الحياة الزائلة؟!
أسئلة قد تتبادر الى ذهني وذهنك وما زالت تجول في خواطرنا في بعض الأحيان والمواقف فعندما بدأت كغيري الدراسة الابتدائية واجهني في اول يوم من الدراسة ذلك الحارس المكشر وصاحب المناكب المفتولة وهو ينفخ وكأنه أسد يود ان يفترس فريسته بعد ان يقتلها من الخوف والرعب, وبعد تجاوزي هذه المحنة من دون اصابات جسدية ولكنني غير متأكد ان كانت لها تأثيرات نفسية ام لا توجهت لساحة المدرسة ووقفت مع باقي الطلاب وقد عاملونا فيها بشكل قاس وبدأ البعض من المدرسين يصرخون نحونا أذهب أنت من هنا,, وأقلب وجهك أنت,, واجلس انت الله لا يصلحك,, وفي تلك الأيام كانت الفصول مجهزة بمفارش أرضية بسيطة حيث كان الطلاب يدرسون على الارض وفي ذلك اليوم العصيب سمعنا صراخ بعض الاساتذة وبكاء من بعض الطلاب واشياء اخرى لا يناسب المقام ذكرها!!
ولكن الامر الأشد قسوة علي وعلى أخي الذي كان يصغرني عندما عرفت من احد المدرسين بأن اخي ينزف دماً من أنفه بسبب أنه حاول الهرب من أمام ذلك الحارس المخيف الذي دفعه على الأرض مما أدى الى اصابته بنزيف من أنفه وغيرها من الاصابات ويجب ان أذهب به للمنزل وعندما وصلت للموقع وجدت اخي الصغير ينزف وثوبه ملطخاً بالدماء فاحتضنته وكأنني غير مصدق بانه مازال على قيد الحياة من شكله المخيف وهربنا من أمام ذلك الحارس ونفخاته وتكشيراته الحادة.
وفي يوم الغد حضرنا مكرهين للمدرسة وسمعنا ما سمعنا من تهديدات ووعيد اذا لم نحفظ هذا ونحضر ذلك وخرجنا كيوم امس ودارت الدنيا وفي تلك الأيام كنا في المساء بعد المدرسة نحاول ان نلعب كرة القدم او الطائرة مع أبناء الجيران في الحي فيخرج علينا بعض الجيران اصحاب الأصوات المخيفة فيصرخ البعض منهم ويجري آخر نحونا يحاول ان يضرب ويمنع الجميع من اللعب بل انني اتذكر ان احد كبار السن الذي توفي عليه رحمه الله كان يرمي علينا كل شيء ومن بينها عصاه الغليظة رغبة في اسكات حركة الأطفال واصواتهم, وقد انتقلنا للمراحل الدراسية الأخرى واستمر هذا الصراخ والتكشير من البعض ولكنه أقل قسوة مقارنة بالمرحلة الابتدائية, وهنا نقول هل هذا التعامل القاسي والصراخ هو الوسيلة الوحيدة والمثلى للتعامل مع النشء؟ بدون ادنى شك أن الاجابة بالنفي فمثل هذا السلوك القائم على القسوة والصراخ يعتبر سلوكا غير سوي وما يؤدي إلا لهدم شخصية الطفل لانه لم يقم على التعامل الأمثل وحسن الرعاية والتربية باسلوب علمي يستند على مبادئنا الإسلامية الرائدة في هذا المجال ولنا في رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في حياتنا كلها وفيما يجب ان يكون عليه التعامل مع الجميع صغيرا كان او كبيرا حيث قد كان عليه الصلاة والسلام يعطي الصغير حقه من الاحترام ويلعب مع الأطفال ويمسح على رؤوسهم.
وبعد دخولي التجربة الوظيفية وجدت بعضا من هذه العينة من هؤلاء البشر ممن يحب ويتلذذ في ايذاء العاملين والمستفيدين واخافتهم بسبب وبغير سبب والبعض ممن وصل لرئاسة مجموعة من العاملين يحاول ان يفرض رأيه ويمشي مشية مشابهة للطاؤوس وغطرسة غريبة وزعيق وصراخ ويزعل ويرضى ويريد من حوله ان يبتسموا اذا أراد ويحزنوا عندما يسمح لهم بذلك يقلب امور العاملين لديه ويكدر خواطرهم ولا يحترم الحدود بين الجوانب الشخصية والعملية ولا يحترم الوقت الخاص ووقت العمل بل يخلط بينهما ويرى ان المخلص هو من يقول حاضر ويبقى في محيط العمل متى شاء سعادة المدير العام حتى ولو لم يكن هناك من داع لذلك ويرحل متى ما أراد المدير حتى ولو كان العمل يحتم البقاء لانجاز عمل مهم ولا يريد ان يسمع من العاملين والمستفيدين الا حاضر ياطويل العمر ونحن تحت أمرك وتدبيرك ياصاحب السعادة,,وانتم مثلنا الأعلى وغيرها من العبارات السائدة حتى ولو كان لا يستحق شيئاً من كل ذلك، ولكن يجب ان تتفق معه فيما يراه وألا تطرح أي امر أو رأياً مخالفاً لرأيه.
سبحان الله كما ان في هذه الدنيا بشراً طيبين وقادرين ويحترمون الإنسان دون أي اعتبار آخر ولا يهضمون حقوق الآخرين إلا ان هناك بشراً مناقضين للطبيعة البشرية السوية وهم باقون ما بقيت الخليقة ولكن المشكلة في من يسمح بأن تصل مثل هذه العينات من بني البشر لمواقع قيادية ومن ثم في استمرار مثل هذه العينات غير القادرة في مواقعها رغم الفشل الذريع,, فهل تتوقف هذه العينات من بني البشر من هذا الصراخ الأهوج وهذه التكشيرات الرعناء؟ نأمل ذلك!!
والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل والسلام.
عبدالله بن ابراهيم المطرودي
واشنطن

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

منوعـات

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved