Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


نوافذ
وقتنا
أميمة الخميس

سئل أعرابي، ما أطيب مافي هذه الدنيا؟ فأجاب (صديق آحادثه وحبيب ألاعبه، وأمانٍ أقطع بها أيامي)!!
أمان أقطع بها أيامي، وتلك العلاقة الهادئة الهانئة مع الوقت، ذلك الأحساس المنخفض بمروره أو سرعته أوتبدله، فقط يصبح الوقت مساراً تأملياً طويلاً لايملك الإعرابي شيئاً إزاءه سوى أن يقطعه بالأماني.
وتلك العلاقة مع الوقت تمثل موروثاً ضخماً، تجعلنا في مقاعد المتلقى السلبي لخطوات الوقت وهو يمرق بين أيادينا، وما أظن الحكمة التي تقول (إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) إلا حكمة دخلت بشكل مقتحم لبناء الموروث الثقافي في الصحراء والذي يرى الساعات والهنيهات سيان متشابهة له متعاقبة ككثبان الرمل التي تطوق تلك الصحراء.
وأذكر أحدى المرات في الولايات المتحدة، كنت على موعد مع سيدة أمريكية في تمام الساعة الرابعة عصراً، وماكاد عقرب الساعة يشير إلى الرابعة حتى كان جرس الباب يملأ المنزل ضجيجاً ملحاحاً، وأسرعت إلى الباب لأجدها هناك، فلم املك نفسي إلا أن أبدى أعجابي بدقة مواعيدها لي فقالت لي: إنها تحضر قبل الموعد بعشر دقائق وتنتظر بداخل سيارتها إلى ان يحل الموعد حرصاً على أوقات الآخرين!! ثم ما لبثت ان أخرجت من حقيبتها ساعة منبه صغيرة (بتكتكات واضحة) وقالت نملك من الوقت سوياً,, هكذا وفي أثناء حديثها أخرجت دفتراً صغيراً من حقيبتها أكتشفت إنه ينظم يومها وشهرها حتى إجازتها الصيفية، كانت تملؤه بالإشارات والتواريخ والأولويات.
أرعبتني تلك التدابير الأمنية الاحترازية المتخذة ضد الوقت، انكمشت ولم أدر ماذا أتحدث وتوقيت الصحراء الهادىء اللدن يسكنني ذلك التوقيت يقول عنه الخلاوي:
نعد الليالي والليالي تعدنا
العمر يقضي والليالي بزايد
وعندما رنت ساعتها، فزت من مقعدها فجأة احتراماً للوقت كجندي ينتفض في حضرة لواء كبير، ولاحقتها ببعض البسكوت إلى الباب فلم تمانع أن تأخذه لكن لتلتهمه في السيارة.
وعندما انقشعت غمتها المنضبطة عن قلبي، عدت باطمئنان لبحيرة الوقت الصحراوي المنبسطة, والذي لايحدث اليوم لابد أن يحدث غداً، وان غداً لناظره قريب, (وأمرك عقب العصر أو مسيان أو بعد العشاء),, لاحظوا أن فترة بعد العشاء تمتد من الساعة السابعة إلى الساعة العاشرة ليلاً، ثلاث ساعات غامضة مبهمة!؟ لايهم نحن لسنا بحاجة ماسة إلى الوقت، ولا نريده في تحديد وقوف المركبة فوق ارض المريخ أو موعد انشطار الذرة، أو إطلاق القمر الصناعي لمداره دعونا لوقتنا الهادىء الهانئ,, والأماني التي نقطع بها أيامنا.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved