Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


شدو
الشعر الشعبي وضرورته
د, فارس الغزي

ربما تساءل سائل عن جدوى إقحام موضوع يعنى بالشعر الشعبي، وربما يقود تساؤل هذا (المتسائل!) إلى موضوع يبرز بين الفينة والأخرى والمتمثل بخطر الشعر الشعبي على اللغة العربية الفصحى,, ومع أنها قضية (مزمنة) لها أنصارها القابعون بل (والمتربصون) على ضفتي نهر النقاش، ومع أنها كذلك قضية طالما أشبعت بل وقتلت بحثاً فإنها نادرا ما نوقشت (اجتماعياً) وبطريقة علمية (وعملية!) وعليه أقول إليكم دلوي (المدلى بحقيقتين (فقط!) من الحقائق (العديدة!) فيما يخص ضرورة الشعر الشعبي (الاجتماعية).
الحقيقة الأولى إنه من البدهي القول انه ليس هناك من حضارة متقدمة أو متخلفة إلا وتحمل بعض العناصر (المزدوجة) في لغتها، ولنا في الثقافة الأمريكية مثالاً والتي يعرف أولئك الذين سنحت لهم الفرصة للدراسة هناك بوجود ما يسمى )Slang( أو اللغة الدارجة التي لا يوجد في طياتها ما يهدد اللغة الإنجليزية الفصحى, بل ويعرف أولئك الذين درسوا هناك أن المحاضرات الجامعية عادة ما تكون خليطاً من تلك اللغة وتلك اللهجة، ومع ذلك فالحقيقة التي لا مراء فيها أن أمريكا هي رائدة العالم علماً وقوة.
الحقيقة الثانية ودعونا نتكلم عن الواقع وليس المأمول تتمثل في أن الدعوة للقضاء على الشعر الشعبي تعتمد على فرضية خاطئة ومثالية: ألا وهي الاعتقاد بسواسية الناس علماً وفكراً الأمر الذي من جرائه يمكن القول إن هذه الدعوة (للقضاء عليه!) فيها عزل وتحييد ثقافيان لشرائح اجتماعية ليست بقليلة العدد أو العدة، أقصد أولئك الذين لم يحالفهم حظ وافر من التعليم والذين يجدون في الشعر الشعبي قناة (يتيمة!) لتفاعلهم واتصالهم الثقافي (فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين النخبة العلمية من جهة أخرى),, فيما يخص عواطفهم وآمالهم وتطلعاتهم وأحاسيسهم النفسية والوطنية, هذا التواصل تتجسد أهميته بفعل الحقيقة الملموسة المتمثلة في انتقال مجتمعنا إلى مجتمع مؤسسات تتخذ وسائل اتصال أفراده بعضهم ببعض قنوات غير مباشرة, خذ مثلاً مشكلة اجتماعية ما ولتكن مشكلة الحوادث المرورية فقصيدة شعبية (عصماء!) تتحدث إلى شرائح اجتماعية معينة عن أهمية الالتزام بقواعد المرور وأنظمته تعادل أهميتها ورقة بحث باللغة العربية الفصحى، بل ربما تكون أكثر جدوى إذا أخذنا في الحسبان أن من لا يلتزمون بأنظمة المرور (غالبيتهم!) ممن لا يجيد القراءة أو الكتابة, فخاطبوهم بلغتهم التي (يجيدونها!),, هذا إذا أردتم التأثير عليهم,, بمعنى آخر: دعوهم وهوايتهم التي يجيدونها بل (ويحبونها حباً جماً!), ألا تعلمون أن في تراثنا ما يحذرنا من (مخاطبة العامة بالنحو؟!), خذوا قول أبي القاسم بن برهان الأسدي المتوفى سنة 456ه (كبرهان على ذلك: إياكم والنحو بين العامة فإنه كاللحن بين الخاصة !!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved