فيما دافع عنان عن الدول النامية مؤتمر منظمة التجارة العالمية يبدأ أعماله بصعوبة |
* واشنطن وكالات
شهدت مدينة سياتل الليلة قبل الماضية تظاهرات كبيرة مناوئة للمؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية المنعقد هناك.
وأدت المظاهرات والتوتر الذي رافقها الى تعطيل والغاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التي كان مقررا ان يتحدث فيها كوفي عنان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ومادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية.
وتم في وقت لاحق مساء أمس الأول انعقاد الاجتماع العام الأول للمؤتمر الوزاري للمنظمة بحضور وزراء التجارة في الدول الاعضاء والدول التي لها صفة مراقب في المنظمة.
ونتيجة للمظاهرات التي استمرت طوال يوم أمس الأول وحتى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية أعلن عمدة مدينة سياتل حالة الطوارىء في سياتل وفرضت قوات الشرطة حظر التجول في وسط المدينة من الساعة السابعة مساء الليلة قبل الماضية وحتى صباح أمس.
وتم تعزيز قوات الشرطة في سياتل بقوات اضافية من الحرس الوطني الأمريكي للسيطرة على الأوضاع الأمنية خلال فترة انعقاد المؤتمر.
وكانت قوات الشرطة قد واجهت المتظاهرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق تجمعاتهم وسط المدينة وفي تقاطعات الطرق المؤدية الى مقر المؤتمر.
ورفعت بعض أحداث الشغب المتفرقة خلال المظاهرات بعدما اشعل المتظاهرون النيران في بعض الطرق وحطموا واجهات المحلات التجارية غير انها كانت سلمية بصفة عامة ولم تعتقل قوات الشرطة سوى عدد قليل من المتظاهرين.
وكانت المظاهرة التي نظمها اتحاد نقابات العمال الأمريكي يوم أمس الأول اكبر المظاهرات المعارضة لمنظمة التجارة الدولية وقد شارك فيها أكثر من عشرين ألف عامل أمريكي عدا المشاركين في المظاهرات الاخرى التي نظمها انصار حماية البيئة ودعاة حقوق الانسان والمعارضون لهيمنة الشركات الرأسمالية الكبرى على الاقتصاد العالمي عبر النظم التجارية الدولية التي يبحثها مؤتمر منظمة التجارة العالمية.
وأعرب مايك مور المدير العام لمنظمة التجارة الدولية في بيان صدر الليلة قبل الماضية عن اسفه لالغاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري الثالث واضاف بأن اجتماعات المؤتمر ستستمر وفقا لجدولها المقرر.
ووصف يوم افتتاح المؤتمر في سياتل بأنه يوم حزين للغاية ودعا الى ضبط النفس خلال الأيام القادمة لاتاحة الفرصة لاعضاء المؤتمر للقيام بمهامهم.
وقال ان حرية التعبير السلمي عن الرأي مكفولة للجميع ودعا المناوئين للمؤتمر الى نبذ العنف لأنه لا يؤدي الى تسوية الخلافات بين المؤيدين للمنظمة والمعارضين لها كبديل للحوار.
وأعرب مور نيابة عن شارلين بارشيفسكي الممثلة التجارية للولايات المتحدة ورئيسة المؤتمر الوزاري الثالث عن اعتذارها لاعضاء المؤتمر لما واجهوه من صعوبات بسبب المظاهرات المعارضة للمؤتمر.
ومن المقرر ان يخاطب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون اجتماع المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة الدولية في سياتل أمس.
وقد وصل الى سياتل عدد كبير من اعضاء الكونجرس الأمريكي لمتابعة اجتماعات المؤتمر في اطار اهتمامهم بتجارة المنتجات الزراعية الأمريكية وحماية حقوق الملكية الفكرية ضمن المواضيع التي يبحثها المؤتمر.
وقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من رد فعل معاد لحرية التجارة من قبل الدول النامية اذا لم تلق معاملة عادلة في الجولة الحالية للمفاوضات التجارية العالمية.
وكان عنان قد بقي في الفندق الذي ينزل به وكذلك فعل مندوبون آخرون كثيرون الى الحفل الافتتاحي لمؤتمر منظمة التجارة العالمية وذلك بسبب الاحتجاجات, ومن المقرر ان يحدد المؤتمر جدول أعمال جولة جديدة من المفاوضات التجارية العالمية.
ورفض عنان في كلمة معدة لم يستطع القاءها بعض أهداف المحتجين الذين يطالبون باصلاحات قائلا ان اجتماع سياتل ليس مكانا للتفاوض بشأن قضايا العمال والبيئة وغيرها من المسائل الاجتماعية.
وقال ان هيئات الأمم المتحدة التي تتناول هذه القضايا يجب تقويتها لتجنب اعطاء الدول الصناعية ذريعة لمزيد من اجراءات الحماية التجارية.
وقال ان منظمة التجارة العالمية يجب ألا تنصرف عن مهمتها الرئيسية ألا وهي العمل هذه المرة على ان تمد الجولة الجديدة للمفاوضات التجارية منافع التجارة الحرة لتشمل العالم النامي .
واضاف قوله في كلمته المعدة واذا لم نقنع الدول النامية ان العولمة تفيدها حقا فانها ستلقي رد فعل معاديا لا محالة, وسيكون هذا كارثة للعالم النامي بل والعالم كله .
ومع اشتداد الاحتجاجات على اجتماع تجاري دولي اعلن بول شيل رئيس بلدية سياتل حالة طوارىء مدنية وقال انه سيحظر التجول من السابعة مساء الى الفجر في منطقة وسط المدينة.
وجاءت هذه الخطوة بعد احتجاجات وقعت خلالها اشتباكات متكررة بين المحتجين والشرطة واطلقت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع وطلقات المطاط على المحتجين.
وكانت الاحتجاجات تسببت في الغاء الاحتفالات بافتتاح مؤتمر منظمة التجارة العالمية يوم الثلاثاء.
كما أعلن عمدة سياتل في وقت متأخر من مساء أمس الأول فجر أمس بتوقيت المملكة حالة الطوارىء في المدينة بعد يوم من الاشتباكات العنيفة بين الشرطة وآلاف المحتجين على المفاوضات التي تجريها حاليا منظمة التجارة العالمية في المدينة الواقعة شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد منح ذلك الاعلان عمدة بول شيل سلطة فرض منع التجول في شوارع المدينة حتى فجر أمس الاربعاء بالتوقيت المحلي، واستدعاء قوات من الحرس الوطني ونحو 300 من جنود الولاية لتعزيز القوة المؤلفة من ألف من ضباط الشرطة الذين يقومون حاليا بدوريات في شوارع المدينة.
واستمرت اجراءات الشرطة ضد المحتجين الذين قدرت اعدادهم بما يتراوح بين 26000 و50000 شخص، طيلة ليل الثلاثاء فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لابعاد المتظاهرين عن نقاط تقاطع طرق رئيسية بوسط مدينة سياتل.
الا ان العنف استمر حتى بعد فرض قرار منع التجول حيث قام المتظاهرون بتحطيم نوافذ أحد المقاهي واشعلوا النيران عند احدى نقاط تقاطع الطرق.
وكان قد القي القبض على 12 شخصا على الاقل خلال نهار أمس الأول رغم امتناع الشرطة عن القيام باعتقالات جماعية، وقد جرت اغلبية المظاهرات بشكل سلمي بما فيها مسيرة شارك فيها أكثر من 20000 من اعضاء اتحاد النقابات العمالية الأمريكية ومؤتمر المنظمات الصناعية.
ودعا الاتحاد الى اضراب ليوم واحد كما توقف العمل في عدد من كبرى المرافىء الأمريكية على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
وكان من بين آلاف المتظاهرين الذين اغلقوا الشوارع منذ فجر أمس الأول رغم البرد وتساقط المطر وحالوا دون دخول وفود منظمة التجارة العالمية والصحفيين مقر الاجتماع، عناصر صغيرة من مثيري الشغب الذين استمروا باستفزاز الشرطة واضرموا النيران في صناديق القمامة وحطموا الواجهات الامامية للمتاجر ومزقوا عجلات السيارات.
وقد تمكن المتظاهرون من اجبار المؤتمر على الغاء المراسم الاحتفالية إلا ان المداولات بدأت بسرعة بين خمس مجموعات عمل لوضع تفاصيل مسودة اعلان للمباشرة بجولة جديدة من محادثات التجارة، فيما افتتحت جلسة بعد الظهر بالتوقيت المحلي اعمال المؤتمر الذي سيستمر اربعة أيام.
وقال مايكل مور مدير عام منظمة التجارة العالمية ان هذا المؤتمر سينجح .
واثارت الاحتجاجات شكوكا حول امكانية توصل المحادثات الى وضع اجندة لجولة جديدة من محادثات مقترحة لمدة ثلاث سنوات حول التجارة, وقال مور انه من المرجح ان تنتهي المفاوضات في موعدها المقرر غدا الجمعة قبل صدور مسودة جدول الأعمال.
وقد توخى مسؤولون الحذر في التعبير عن تعاطفهم مع المظاهرات السلمية إلا ان بعض وفود الجلسة التي انعقدت بجميع اعضائها انتقدوا تلك الاحتجاجات.
وقالت شارلين بارشيفسكي ممثلة التجارة الأمريكية في مؤتمر صحفي مساء أمس الأول ان ادارة كلينتون تشعر بتعاطف كبير مع آراء أولئك المحتجين الذين جاءوا بشكل سلمي , وأكدت ان جدول الأعمال الأمريكي للجولة الجديدة من محادثات التجارة يتضمن العديد من الأمور التي تهم المحتجين مثل ربط التجارة بمعايير العمالة والبيئة.
ووصفت بارشيفسكي العنف في شوارع سياتل بأنه من سوء الطالع إلا أنها قالت ان مجموعة صغيرة من المحتجين الصاخبين,, لا تعكس آراء شعب الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمظاهرات السلمية أو فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية.
إلا ان لويس فيليب لامبريا وزير الخارجية البرازيلي استنكر آراء المحتجين ووصفها بنوع جديد من الحماية .
ومن المتوقع ان تكون الزراعة من بين المواضيع الرئيسية في المحادثات التي تجري هذا الاسبوع حيث ستتم مناقشة المسائل الرئيسية المتعلقة بالدعم الذي تقدمه الدول الأوروبية لصادراتها الزراعية ورغبة الولايات المتحدة لتأمين فتح الأسواق للأغذية المعدلة وراثيا.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للتجارة باسكال لامي ان بروكسل مستعدة لتخفيض الدعم للصادرات الزراعية بشرط ان تتم مناقشة موارد الدعم الزراعية الأخرى بما فيها خطة مساعدات الطوارىء الأمريكية للمزارعين والمساعدات الغذائية للبلدان الأخرى.
وقال وزير الزراعة الأمريكي دان جليكمان انه تم احراز تقدم ملموس بشأن لغة المسودة وانه سيتم وضع البيان المتعلق بالزراعة في موعد اقصاه صباح أمس الاربعاء.
وفي مجال الخدمات تحاول الولايات المتحدة الضغط للتوصل الى اتفاقية دولية لعدم فرض ضرائب على التجارة الالكترونية, وتعارض أوروبا والعديد من الدول النامية تلك الخطة بحجة انه يجب معاملة التجارة الالكترونية على قدم المساواة مع خدمات أخرى خاضعة لقوانين الحكومة.
وكانت الكلمات الافتتاحية في جلسة بعد ظهر أمس الأول الثلاثاء قد ركزت على الحاجة لمنح الدول النامية حصة أكبر في الاقتصاد العالمي.
ويحاول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إعفاء صادرات الدول النامية من الضرائب كوسيلة لاعطاء تلك الدول حصة اكبر في الاقتصاد العالمي وتعزيز النمو الاقتصادي.
|
|
|