Friday 3rd December, 1999 G No. 9927جريدة الجزيرة الجمعة 25 ,شعبان 1420 العدد 9927


الرسالة ترافق مركز هيئة الروضة في جولاته الميدانية
هروب طلابي على أنغام الشيشة

*تحقيق: محمد بن سليم اللحام
ان الشباب في أي أمة هم عمادها وشريان الحياة النابض بالعطاء، ومتى ما استهدفت الأمة بشبابها وجب التنبه من هذا الخطر القادم الذي يتضح أثره على المدى البعيد من خلال وجود شريحة مجتمعية بعيدة عن مصالح المجتمع ويعظم هذا الخطر ويطم اذا رافق هذا الافساد هروب طلابي من المدارس بالجملة فيصبح الاستهداف ذا اتجاهين,
وبعيداً عن كيل الاتهامات حول من المسؤول عن فساد الشباب هل هو المنزل، المدرسة، المجتمع؟ نرصد في هذا العدد ظاهرة باتت خطراً محدقاً ونذيراً لما يحاك لشباب هذا البلد، فالمقاهي أوكار البطالة ومواطن الاستهتار تحتضن ناشئة المجتمع الغض وتخطفه من مقاعد الدراسة,
(الرسالة) رافقت مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحي الروضة في الرياض في صبيحة يوم مشهود من أيام عمل المركز الساعي بجهد مستمر لمعالجة ما قد يطرأ على المجتمع من خلل لإصلاحه وفق الصلاحيات الموكلة من قبل ولي الامر وذلك على اثر بلاغ من أحدى مدارس الرياض بهروب ما يزيد عن (50) طالباً من طلابها في يوم واحد حيث حدد البلاغ من خلال سؤال رفاق الطلاب الغائبين وجهتهم مما دعا المركز لاتخاذ اللازم حيال القضية بما تمليه عليه مسؤولياته المناطة به,
فقام بالاتجاه الى المقهى المذكور وتم القبض على الشباب صغار السن وهم بداخل المقهى ويكفي ذلك مخالفة كونه مخالفا للقرارات ذات الصلة التي تمنع دخول من هم دون (18) عاما لهذه الأماكن علاوة على أنها تسببت في هروب طلابي من المدرسة مما يعني تدمير هؤلاء الشباب وهم في سن مبكرة,
في البداية رجولة
ولكون انصراف الطلاب عن الدراسة وقصد المقاهي في وقت الدراسة بالذات يعد انحرافاً ظاهراً فقد سعينا لاستجلاء الحقيقة من خلال لقاء عدد من هؤلاء الطلاب الذين قبض عليهم المركز، والتقينا بأحد الشباب الذي رمز لاسمه ب(ت) وله من العمر (15)ربيعاً ويدرس في أولى ثانوي روى لنا بدايته مع التدخين إنها منذ سنة ونصف، كانت من منطلق(رأيت الناس يدخنون فدخنت) وظننته رجولة فسلكت هذا السبيل، وعبر عن قناعته في الوقت الراهن عن انحطاط مستوى المدخن الأخلاقي والاجتماعي وخلص الى ذلك بعد تجربة سنة ونصف، وعزا هروبه من المدرسة ولجوئه الى المقهى للتدخين لخلاف بينه وبين مدرس المواد الشرعية في المدرسة والذي يفترض أن يدرسهم حصتين في يوم الهروب,
ولدى سؤاله عن علمه بقرار منع ارتياد صغار السن للمقاهي قال سمعت من الشباب انه الغي والجميع يدخل بحرية خلافاً للسابق حين كان الدخول بالبطاقة, وحمل جملة من المقترحات للبدائل التي يمكن إتاحتها للشباب كبديل عن المقاهي فذكر زيادة المناشط الخاصة بالشباب مثل المراكز الرياضية وعدم تحديد العمر كشرط للدخول فيها حيث عبر عن استيائه من هذا التحديد الذي يحاصر الشباب إضافة لكون أغلب المناشط الترفيهية متاحة للعوائل فقط على حد تعبيره,
وعن مصدر المال أوضح أنه من خلال بعض الرفاق، وأحيانا من خلال المتبقي من تسديد بعض مصروفات المنزل وأحيانا من خلال توفير المصروف اليومي لي حيث إنني لم افطر منذ عدة أيام، وفي نهاية حديث معنا وجه كلمة لإخوانه الطلاب بتجنب هذا الطريق معبراً عن استيائه من نفسه لسلوكه هذا المسلك.
الفراغ القاتل
اما الشاب الذي رمز لنفسه ب(م) صاحب ال(17) ربيعاً فقال لقد اتجهت للمقهى مباشرة من صباح هذا اليوم، معبراً عن استيائه لما يشعر من ضجر وفراغ كبير وقال (أنا لا أؤيد دخول الشباب للمقاهي ولكن ليس لدي شغلة ولا مشغلة) وقد علم ولي أمري بأن أدخن فنصحني واستقمت فترة ثم عدت للتدخين ومشاهدة التلفزيون وأنا آتي هنا للتسلية,
ودعا الى إلغاء المقاهي كإجراء لمنع صغار السن من ارتياد المقاهي وقال بأن روادها كثر وليس من سبيل لمنع ارتيادها من صغار السن إلا بهذا السبيل,
ميرندا وفراولة
وهذا (ن) يدرس في الصف (ثاني متوسط ) عبر في بداية حديثنا معه على أن ما قام به خطأ معللاً ذلك بكون اغلب المدرسين غائبين في ذلك اليوم مع وجود حصص فارغة لا يمكن استثمارها بشيء ولدى سؤاله عن ارتياده المقهى أنكر وقال أنا لم أدخن وانما ذهبت لشرب ميرندا وفراولة (في المقهى) !!!
خطورة الظاهرة
الأستاذ عصام بن عبدالله القويحص مدير إحدى المدارس المتوسطة في شرق الرياض تحدث عن خطورة هذه الظاهرة فقال: إن تسرب الطلاب الى المقاهي صباحاً بدلاً من توجههم الىالمدارس يعد ظاهرة يجب أن تدرس بعناية من قبل عدة جهات حكومية لما لها من آثار سيئة على المدى القريب والبعيد على الفرد والمجتمع، وما الطالب الا لبنة بناء المجتمع، وان كان الطالب سابقاً يهرب من المدرسة الى الشارع ويتسكع بين الطرقات فإن الطلاب اليوم يجدون في المقاهي سلوتهم حيث القنوات الفضائية وما تبثه من سموم، بالإضافة الى توفر الشيشة والمعسل والدخان وانعدام الرقابة لانشغال الكبار عنهم بوظائفهم الحكومية، ومن المؤسف أن هذه الظاهرة شملت الطلاب في كل مراحلهم الدراسية على اختلافها من الابتدائي الى الثانوي مروراً بالمتوسط، ومما لا شك فيه ويدركه كل ذي لب ما لهذه الظاهرة من آثار سلبية سواء كان بهروبهم الى المقاهي أوغيرها لا تخفى على المجتمع,
دور مشرفي المقاهي
ويظل السؤال ما الدور المبذول من قبل المشرفين على المقهى لتلافي سلبيات دخول صغار السن الى المقاهي لا سيما وقد بدأ على أغلب المقبوض عليهم ملامح صغر السن فكيف يتم دخولهم للمقهى مع وجود المشرف داخل المقهى وحارس على الباب,
بهذا السؤال اتجهنا الى مشرف المقهى ودار الحوار التالي:
رأينا من هم أقل من 18 سنة داخل المقهى رغم قرار منع ذلك ما السبب؟
* نحن نسعى لمنع صغار السن من الدخول الىالمقهى ولكن في بعض الاحيان يأتي الصغير مع أكبر منه وأنا أخرجت مجموعة من هؤلاء معهم صغير في السن عمره اقل من (12)سنة بنفسي ولكن المشكلة من يأتي منهم للمطعم وحين يصبح في الداخل يدخل الى مكان تعاطي الشيشة وحين تطلب منه الخروج يرفض معللا ذلك بالرغبة في إكمال شرب الشيشة,
الصغير في السن تظهر سيماه على وجهه فحين يدخل بدون إذن كيف يقدم له الطلب؟
*لقد وضعنا في المقهى حراس أمن للتعامل مع هذه المسألة وهم الجهة المخولة للمساءلة في هذا الجانب وفي الداخل قد نبهنا العمال على عدم تقديم أي طلب لصغار السن، ونحن حين نرى هذه الحالات نصاب بصدمة، وهناك من يعلم أن الهيئة لا تأتي في الليل فيأتون بكثافة في الليل ويسببون لنا مشاكل لأنهم يأتون على شكل عصابات,
وماذا عن التنبيه على الصلاة في الداخل اذا دخل الوقت؟
* لقد عملت في هذه المقهى منذ خمسة أشهر والإجراء المتبع لدينا وقت الصلاة هو إطفاء التلفزيون وإغلاق الباب الخارجي فقط ولم أجد أي أحد يحث على أداء الصلاة لمن هم قعود في الداخل,
وماذا عن فترة عمل المقهى؟
*نحن نعمل على مدار (24) وعمل العمال على فترتين بمقدار(12)ساعة لكل فترة.
ما هي الخدمات التي تقدمونها للزبائن؟
* الشيشة بمعسلاتها، والجراك،أبو,,,،ومخلوط، وفخفخينا، وفراولة، وتفاح البحرين، وزغلول، وحليب بالموز، روان,
وما افضل الحلول للحث على الصلاة داخل المقهى؟
* قيام المشرفين بالحث على الصلاة من خلال الكلمة وهم سوف (يستحون).
هل أنت راض عن عملك في المقهى؟ولماذا؟
* أنا لست راضيا عن عملي هذا لأن المقاهي تعمل على دمار المجتمع فهي تقدم الجراك والشيشة وهي أكبر سم,
موقف لا تنساه في حياتك وأثر فيك؟
* حين كنت أعمل في مقهى على خط القصيم بعد خمسة أشهر من بدايتي في العمل تقدم أحد الزبائن بطلب من أحد العمال ولم يستجب العامل لكونه خلاف اختصاصه في العمل فما كان من الزبون إلا أن ضرب العامل بصندوق البيبسي مما جعله يسقط مضرجاً بدمائه,
ووجه مشرف المقهى نصيحة الى أولياء أمور الطلاب بأهمية تفقدهم بالمدارس والتواصي في ذلك لما فيه مصلحة لهم.
مع ولي أمر
وكان لابد في مثل هذه الظروف لقاء أحد أولياء أمور أحد الطلاب لاستجلاء الحقيقة ومعرفة موطن الخلل أين مكمنها حيث دار الحوار التالي:
ما انطباعك وأنت ترى من تلي أمره في هذا الموقف؟
* لقد صدمت وأنا في موقف لا احسد عليه، بعد أن أتصل بي مركز هيئة الروضة بارك الله فيهم لإبلاغي بالقبض عليه في المقهى,
على من توجه اللوم؟
* اوجه اللوم بصراحة إلى أصحاب المقاهي لإتاحتها لمن هم دون سن ال (18)سنة بالدخول للمقهى حيث أن كل أعمار الذين أراهم في المركز الآن تتراوح بين 14 15 سنة وعلى ذلك يفترض مجازاة أصحاب المقاهي,
وما رأيك في دور المنزل؟
* نحن في الواقع نوجه ونحاول وهؤلاء في سن المراهقة والشارع والمدرسة لهما دور، ولا ننسى أن البيت حتى لو كان فاسداً لن يصدر منه إلا كل توجيه للأفضل عسى أن يكون الأولاد أفضل ممن في المنزل.
ما الذي تنوي عمله الآن لعلاج هذه المشكلة؟
* سوف أقوم بستر الموضوع عن الأهل لكي استخدم هذه الواقعة كعنصر ضغط على الولد لأنه في الغالب لا يستجيب لي وهو انسان يصعب السيطرة عليه وسوف أحرص من الآن فصاعداً على مرافقته ومصادقته لإبعاده عن الوسط الذي هو فيه ومحاولة تعويده على أخلاق الرجال.
للهيئة دور
لاستكمال عناصر التحقيق التقينا الشيخ صالح الراجحي رئيس مركز الروضة وهو الجهة المنوطة بموضوعنا هذا وسألناه: ما المنكر البارز من وراء ارتياد صغار السن للمقاهي وهروبهم من المدرسة لهذا الغرض؟ فقال فضيلته: ان خروج المقاهي عن المنهج المرسوم لها من خلال الإعلان الرخيص بغية جذب أكبر عدد من الشباب والأحداث وزيادة الدخل المادي على حساب الصحة والأخلاق من أكبر المنكرات التي أدت الى تكوين بيئة مناسبة لتسويق الانحرافات الأخلاقية حيث يتم تصيد صغار السن من قبل من اعتاد على ممارسة مثل هذه الأنشطة المدمرة للمجتمع.
وأما كونها ملاذا للهاربين من المدارس فقد بات أمراً ملموساً وذلك من خلال البلاغات التي تصلنا بشكل مستمر وتوضح وجهة هؤلاء الهاربين وقد قبض المركز في استجابته لآخر هذه البلاغات على ما يزيد عن (52) طالباً في الأحداث الأخيرة التي شهدتها (الرسالة) بصحبتنا.
ومما يزيد من خطورة هذه المقاهي كونها مواقع عرض للقنوات الفضائية ولا يخفى ما تبثه هذه القنوات من شبه أخلاقية، ومما يجدر ذكره في هذا المقام التنافس المحموم غير الأخلاقي على اجتذاب الشباب من قبل أصحاب المقاهي وذلك بعرض الأفلام غير الأخلاقية في أوقات يتعارف عليها بين الشباب واستقبال بث القنوات المشفرة وكل هذه الجهود انما تستهدف شباب هذه الأمة الذين باتوا يتهافتون على مشاهدة هذه البرامج الهدامة كالفراش الذي يتهافت على النار فيحترق,
ورد الراجحي على قول بعض الشباب من أن الهدف من ارتياد المقاهي يأتي في اطار مشاهدة الأنشطة الرياضية كمباريات كرة القدم مبيناً ان ذلك لم يعد سبباً وجيهاً حيث أتاحت الرئاسة العامة لرعاية الشباب نقل المباريات في التلفاز السعودي بقناتيه فانتهت المشكلة,
الهيئة تتابع تطبيق التعليمات
وعن دور الهيئة في التعامل مع المقاهي للحد من هذه الظاهرة أوضح الشيخ منصور الراجحي انه بحكم اختصاص الهيئة بالأمن العقدي والأمن الأخلاقي تشارك الهيئة مع بقية الأجهزة المعنية في متابعة التزام تلك المقاهي بالتعليمات وحماية صغار السن من خلال منع دخولهم إليها وكذلك مراقبة تطبيق أصحاب المقاهي قرار منع استقبال بث القنوات الفضائية في المقاهي والمحافظة على أداء الصلاة وإيقاف العمل خلالها وتتعاون مع الجهات الأخرى من خلال اللجنة المشكلة التي تمارس صلاحيات الأجهزة المشكلة منها في آن واحد.
الحد من الظاهرة
من جانبه ركز الاستاذ عصام القويحص على أن المدرسة يمكن أن تعالج هذه الظاهرة من خلال النقاط التالية:
1 تسجيل ومتابعة الغياب اليومي في حصص مختلفة أكثر من مرة .
2 المبادرة بالاتصال يومياً بأولياء أمور الطلاب المتغيبين.
3 مساءلة الطالب المتغيب في اليوم الذي يلي غيابه مع ضرورة التأكد من معرفة ولي أمر الطالب بغياب ابنه.
4 حث أولياء أمور الطلاب بأهمية متابعة أبنائهم والتعرف على رفقائهم.
5 نشر الوعي لدى الطلاب بخطورة رفقة السوء وذلك عن طريق برامج الاذاعة المدرسية والمحاضرات والندوات التي تعقد في المدرسة، والاصدارات الصحفية من اللجنة الإعلامية التربوية في المدرسة.
6 استضافة مسؤولين من الشرطة وادارة المخدرات لبيان خطورة المخدرات ودور الرفقة السيئة في نشرها مع ذكر قصص واقعية في هذا الشأن.
7 إيجاد وسائل لربط الطالب بالمدرسة عن طريق تنويع النشاطات الطلابية.
مشاهدات
أثناء تجوالنا في أرجاء المقهى صادفنا أشخاصاً ذوي انتماء لمؤسسات مجتمعية لا يليق بمنسوبيها هذا المكان.
ينتاب المتجول في تلك المقاهى شعور بالغثيان من صخب أجهزة عرض الفضائيات ورائحة تدخين الشيشة,
وقت خروج دورية الهيئة من الموقع بصحبة المقبوض عليهم اذا بأحد صغار السن يطلق لقدميه العنان خشية من افتضاح أمره بارتياد المقهى.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

المتابعة

أفاق اسلامية

ملحق الميدان

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved