يسرني بمناسبة قرب حلول هذا الشهر المبارك ان اتقدم عبر هذه الوسيلة بالتهنئة الخالصة الى عموم المسلمين في داخل البلاد وخارجها راجيا من الله تبارك وتعالى ان يهله على الجميع بالخير والبركة ويعيننا على صيامه وقيامه انه سميع مجيب واني انتهز هذه المناسبة لاذكر اخواننا الذين يجودون بزكواتهم ويتقربون الى الله عز وجل بصدقاتهم في هذا الشهر المبارك الذي تتضاعف فيه الحسنات وتتنزل فيه البركات وتقال العثرات اذكرهم بإخوة لهم هم بأمس الحاجة اليهم بعد الله عز وجل وللوقوف بجانبهم لسد حاجاتهم وادخال السرور عليهم وتطييب خواطرهم شكرا لله على إنعامه وتفضله عليهم الذي وعد بالزيادة لمن شكر فقال لئن شكرتم لأزيدنكم واستجابة لهدي رسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال ما نقصت صدقة من مال بل تزده بل تزده وليكن جزءا مما يبذلونه عبر تلكم القنوات التي انتشرت في كثير من ارجاء هذه البلاد الطيبة بفضل الله ثم بفضل ولاة الامر فيها وكذا اهل الخير وهم كثر ولله الحمد,, ألا وهي الجمعيات الخيرية التي بلغت قرابة مائة وسبعين جمعية قامت وتقوم بدراسة احوال الاسر الفقيرة واعدت لها ملفات وخصصت لها اعانات دورية متنوعة نقدية وعينية وغذائية وغيرها حسب امكانات كل جمعية, ومدى تعاون الاهالي الموسرين معها,, كما تضمن نشاطها الكثير من الخدمات الاجتماعية والمشاركة في رعاية المرافق العامة لتشمل خدماتها عموم الموطنين والمقيمين على السواء.
ألا يجدر بأصحاب الاموال وهم يرون مثل هذه الاعمال الجليلة التي تقوم بها تلك الجمعيات الخيرية ان يبروها ويكونوا سندا لها بالدعم المالي والمعنوي لتوسيع خدماتها وتشجيع العاملين بها، هذا هو المرجو والمؤمل بهم, ان البعض من الناس ممن لم يدركوا رسالة هذه المراكز الخيرية بعد لا يزالون محجمين عنها ويستعينون في توزيع زكواتهم بأفراد ليس لديهم الخبرة الكافية ومعرفة المستحق للزكاة من غيره,, ان هذه الطريقة قد لا تبرأ بها الذمة اما الجمعيات الخيرية المرسمة من قبل ولاة الامر فإن عهدة اصحاب الأموال تنتهي بمجرد تسليم زكاتهم لها ما لم يكن لديهم شك في امانة القائمين عليها.
ان من الملاحظ على بعض الناس تهافتهم على دفع زكواتهم للذين يقفون امام المصلين وعلى ابواب المساجد ويشكون احوالهم مدعين الفقر والحاجة,, ان هذا التصرف لا شك مشجع لهم على الاستمرار في هذه المهنة الدنيئة لما فيها من تذلل لغير الله.
هذا ما ثبت لدى مكاتب مكافحة التسول,, وكان الواجب على ائمة المساجد منع هؤلاء المتسولين وعدم السماح لهم بل والتعاون مع ولاة الامر بتسليمهم الى الجهات المسؤولة لدراسة احوالهم ومعرفة حقيقتهم حتى لا تصرف الاموال لغير مستحقيها.
إن اعطاء اي شخصي من اموال الزكاة من أجل قرابته فقط او خوفا من لسانه بدون تحر وتأكد من أنه من أهلها لا تبرأ به الذمة بعكس ما لو دفعت للجمعيات وقد سألنا بعضا ممن يتعاونون في هذا الامر ويستعملون هذا الاسلوب ان يخصصوا ولو جزءا مما ينفقونه للجمعيات فقال احدهم نحن تعودنا على اعطائها لأناس ولا نستطيع ان نوقفها عنهم وهذا ليس بصحيح فالزكاة حق للفقراء وغيرهم ممن ورد ذكرهم في كتاب الله العزيز ولا مكان للمجاملات في ذلك.
واما الذين يترددون كثيرا عند اخراج الزكاة وهي ركن من اركان الاسلام او دفع الصدقات التي هي قربى الى الله اذكرهم بقول الله عز وجل وما تنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وقوله تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .
واسجل هنا شيئا من هديه صلى الله عليه وسلم وحبه للانفاق لعل الله ان ينبه به قلوبا غافلة ونفوسا تعلقت بهذه الدنيا وحطامها الزائل لا محالة فجمعوا المال من حلة وربما من طرق غير مشروعة عليهم غرمة وللورثة غنمة والله المستعان,, كان عليه الصلاة والسلام اعظم الناس مما ملكت يمينه ولا يستكثر شيئا اعطاه لله ولا يستقله وكان لا يسأل أحدا شيئا عنده الا اعطاه قليلا كان او كثيرا وكان سروره وفرحه بما يعطيه اعظم من سرور الآخذ بما أخذ وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه ، وتارة بلباسه، وكان يتنوع في اصناف اعطائه وصدقته فتارة بالهدية، وتارة بالصدقة، وتارة بالهبة، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع السلعة والثمن، وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه، ويقبل الهدية، ويكافئ عليها بأكثر منها تلطفا وتنوعا في ضروب الاحسان بكل ممكن وكان إحسانه بما يملكه وبحاله وبقوله فيخرج ما عنده و يأمر بالصدقة ويحض عليها فإذا رآه البخيل دعاه حاله الى البذل وكان من خالطه لا يملك نفسه عن السماحة ولذلك كان اشرح الخلق صدرا وأطيبهم نفسا فإن للصدقة والمعروف تأثيرا عجيبا في شرح الصدر الخ,, مختصر زاد المعاد .
وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قوله احب الناس الى الله تعالى انفعهم للناس واحب الاعمال الى الله تعالى سرور تدخله على مسلم وتكشف عنه كربته او تقضي عنه دينا او تطرد عنه جوعا ولأن امشي في حاجة اخ لي احب اليّ من ان اعتكف في هذا المسجد شهرا , الخ,.
اسأل الله تعالى ان يقينا شح انفسنا ويحببنا الى فعل الخير دائما ويتقبل منا صالح اعمالنا ويعظم لنا الاجر والمثوبة انه ولي ذلك والقادر عليه,, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد الناصر العريني
رئيس جمعية البدائع الخيرية