Friday 3rd December, 1999 G No. 9927جريدة الجزيرة الجمعة 25 ,شعبان 1420 العدد 9927


أين نحن من ذلك
الخلق النبيل من ثمار سلامة القلب

استوقفني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم انكم لن تسعوا الناس بأموالكم, ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق لما انطوت عليه كلماته عليه السلام المقتضبة من حكم بليغة واسرار عظيمة كما هي احاديثه كلها, باعتبارها الوحي الثاني, وصدق الله وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحيٌ يوحى,, الآية 3 ، 4 من سورة النجم، وما اشار اليه صلى الله عليه وسلم يدركه الراصد لاحوال المجتمعات الانسانية والمتعايش معها, فانت واجد ان اصحاب الاموال الذين يقدمون اعطياتهم لمن يسألهم, وهم يصعرون خدهم او يشيحون بوجوههم عند تسليم المال, لا يحظون بالقبول التام من السائل او الآخذ حتى وان كانت العطية شيئا كبيرا, على عكس أولئك الذين تسبق ابتسامتهم اعطياتهم حتى وان كانت قليلة يستشعر الآخذ الرضا والقبول من المعطي فالله كم فوَّت ذاك من الخير وحقق هذا من الاجر ومحبة الناس الشيء الكثير رغم تفاوت حجم العطية بينهما حتى ولو لم تخسر ريالا واحدا تستطيع ان تسع الناس كل الناس حين يحسن منك الخلق ويتهلل الوجه بشرا عند اللقاء والمقابلة فتكبر في عيونهم وتتسع دائرة محبتك في نفوسهم ويتمنون مجلسك.
مع ما في ذلك من الارتياح النفسي لدى المرء الذي تخلّق بهذا الخلق الفاضل وتحصيل الاجر والمثوبة عند الله تعالى, فهذا الخلق النبيل احد ثمار سلامة القلب الذي كان صلى الله عليه وسلم يلح على الله ان يرزقه ذلك القلب حيث كان من دعائه: اللهم اني أسألك قلبا سليما ولساناً ذاكرا وعملا متقبلا,, وهو ما اخبر عنه خليل الرحمن حينما دعا ربه,, (ولاتخزني يوم يبعثون, يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم) سورة الشعراء.
فمدار الاعمال على سلامة القلب وصدق التوجه الى الله بالنية الصالحة, وتلك تحيل العادات الى عبادات ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فالنوم والاكل وغيرهما مما لا ينفك عن الانسان اذا قرن بالنية الصادقة بانه عون على الطاعة اصبح عبادة بحمد الله, وقل مثل ذلك في عكسه, فتضحى العادة عبادة.
وفضل سلامة القلب لايمكن حصره في هذه العجالة لكنه من باب التذكير للنفس وللاخوان لعل الله ينفعنا به.
وقصة الصحابي الذي اخبر عنه عليه الصلاة والسلام انه من اهل الجنة ابلغ دليل على فضل سلامة القلب, فمن حرص الصحابة رضوان الله عليهم في المسارعة في اعمال الخير, تبع عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ذلك الرجل وطلب ان يبيت عنده لينظر الى عمله فيقتدي به, فلم ير كثير صوم ولا صلاة, واخبره عبدالله خبره فقال ذلك الصحابي ماهو الا ما ترى غير أني لا أحمل في قلبي كرها لاحد من المسلمين فقال عبدالله بهذه بلغت المنزلة.
وشيخ الاسلام ابن القيم رحمه الله قسم القلوب الى ثلاثة اقسام.
قلب سليم ، وقلب مريض, وقلب ميت.
فياترى اين نحن في حالتنا الراهنة من هذه القلوب الثلاثة.
فانت حين تعرض قلبك ستعلم يقينا الاجابة فهل نتدارك الامر قبل ان تقول نفس ياسرتا على ما فرطت في جنب الله.
نسأل الله جلت قدرته ان يرزقنا واياكم الاخلاص في القول والعمل وان يتقبل منا ومنكم, وهو حسبنا ونعم الوكيل.
علي اليحيى
بريدة

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

المتابعة

أفاق اسلامية

ملحق الميدان

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved