المستشرقة الأمريكية ميريم كوك تتساءل عن انتشار أدب المرأة العربية ما الكتابة دون الاعتراف بها؟! فارق كبير بين الرياض في الثمانينيات والرياض في 2000 |
* حوار : ناهد باشطح
تلك الحكمة القديمة التي تقول ان الادب هو تعبير المجتمع كما هوالكلام تعبير الانسان تلقي بظلالها على واقع الشعوب وعلاقتها بالكلمة وبعيداً عن تأنيث المفردة او تأنيث النص نحاور اليوم امرأة اهتمت بتحليل مفردة الانوثة في قالب نفسي وواقعي ومن زاوية ادبية المستشرقة الامريكية ميريم كوك والتي اهتمت لسنوات عدة بأدب المرأة العربية ونشرت العديد من المؤلفات عنها تحدثنا عن التجربة الفريدة في اكتشاف المرأة للابداع والابتكار في المجتمعات الانسانية لا تقرؤوا الحوار بصياغة انثوية لأن ديتوسن ردد كثيراً مقولة لدى النساء دائماً بعض الافكار المبطنة .
اقرؤوا الحوار بوعي تجاه مفهوم الادب النسائي في المجتمعات العربية برؤيا غربية, لكنه واقع العلاقة بين المرأة والادب في كل زمان ومكان.
* يقول كوندرسيه تاريخ النساء فيما لو كتب لكان تاريخ العالم العام هل تجدين هذا الايمان بابداع النساء عربياً؟
اعتقد اننا اليوم امام ظاهرة صحية نسبة للادب النسائي على الصعيد العالمي الا وهي قبول افضل واوسع لهذا الادب مما كنا عليه نحن النساء قبل ربع قرن، وعندما كنت في لبنان في اوائل الثمانينات طلبت مني جريدة او مجلة الشرق الاوسط في لندن كتابة مقال عن النساء في لبنان وقت الحرب بحثت آنذاك كثيراً حتى استطعت خلال ثلاثة اشهر من البحث ان احصل على عدد لا بأس به من الاديبات اللواتي يكتبن للمرة الاولى او كن يكتبن من ذي قبل ولم يكن هناك قبول واسع لكتاباتهن من النقاد رغم عشقهن للكتابة.
اسمحي لي ان ا ستشهد بما قالته الكاتبة السعودية فوزية البكر اجابة لسؤال طرحته الناقدة الكويتية ليلى محمد صالح عن دور الكتابة حيث قالت الكتابة بشكل عام هي السير على خط النار ومواجهة المشكلة الاجتماعية بما تنطوي عليه من خلفيات وزوائد للمساعدة في عملية التغيير الثقافي الذي نطمح اليه فهي اذن احدى القنوات التي تمكن من الوصول الى الشعب الخليجي لمساعدته على الارتقاء .
ولكن اعقب عليها قائلة نعم! الكتابة تساعد على الارتقاء ولكن الكتابة دون الاعتراف بها تذهب جفاءً.
بالنسبة لنا فان اول مرة سمعنا ان هناك عدداً كبيراً من الاديبات العربيات كان في 1986م عند صدور مصادر الادب النسائي في العالم العربي الحديث للناقد الفلسطيني الامريكي جوزيف زيدان.
وهذه الموسوعة الهائلة نشرها النادي الادبي الثقافي في الرياض.
* انني اعتقد ان تهميش كتابات المرأة العربية واقع سوف يتغير عبر الايام القادمة.
يقول غوته (البشر يقللون من قيمة ما لا يستطيعون فهمه) هل برأيك ان عدم الفهم سبب في تزيين النقاد في المعايير الادبية فيما يتعلق بأدب النساء؟
الاجابة على هذا السؤال شغلت تفكيري منذ اكثر من عشر سنوات وبالرجوع الى اوائل الادب العربي الحديث سواء في العالم العربي او خارجه سوف نكتشف ان النقاد وحتى الناقدات لم ينتبهوا الى ما كتبته النساء مع انهم تصادقوا معهن واعتبروهن مثقفات.
اما في الخارج فالمهتمون بهذا الادب الجديد رحبوا بالكتّاب وتجاهلوا الكاتبات مبررين ذلك بأنه ليس هناك امرأة عربية تكتب ما يستحق القراءة وقلد المترجمون النقاد.
ان الادب العربي لم يترجم الى الانجليزية بصورة منتظمة ومستمرة الا في اواخر الستينات وقتذاك لم يحتو ما ترجم من القصص والروايات والشعر على مؤلفات للنساء.
انني اتعجب لهذا التهميش التاريخي لدور المرأة في الادب العربي.
واشكر كثيراً جهود الناقدة اللبنانية روز غريب حيث قدمت لنا بعض ما كتبته امثال مي زيادة وردة اليازجي عائشة التيمورية والتي اعتقد انها الروائي الاول في العالم العربي اذا اعتبرنا كتابها المسمى نتائج الاحوال في الاقوال والافعال 1888 رواية واذا صح هذا القول فهي قد كتبت رواية قبل عشرين عاماً وقبل الكتاب الذين ادعوا ان الرواية العربية الاولى هي زينب لمحمد حسين هيكل 1914.
ان في تهميش ادب المرأة العربية تزييفا للمعايير الادبية المتعارف عليها.
لقد كتبت زينب الفواز كتابها حسن العواقب في 1899م في نفس السنة التي نشر فيها قاسم امين كتابه عن تحرير المرأة.
ولم تكرم زينب بينما كرم قاسم امين في القاهرة قبل بضعة ايام ارأيت كيف تقلب المعايير الثابتة؟
* العرب تقول التجارب مرائى الغيوب ونواظر العيوب, وأعلم ان تجربتك مع الادب العربي النسائي مثيرة اذ كشفت لك عن عالم مثير للدهشة هلا تحدثت عن شرارة تلك التجربة؟
لقد بدأت بحثي بمؤلفات يحيى حقي ولاحظت انه في وصفه للمرأة يتناقض ويحتار وتساءلت عن سر هذه الحيرة استاذي في جامعة اكسفورد لامني على تحليلي وتصوير ما كتبه المصري يحيى حقي ادباً متحيزاً ضد المرأة.
وقلت له انني لم اشرح سوى ما وجدته في النص لكنه قال لا يا آنسة كوك! هذا مستحيل لأن يحيى حقي رجل لطيف واكتشفت ان هذه الازدواجية عند الرجل الامريكي والعربي سواء, علمتني هذه التجربة كيف اصبحت نسائية لا ارادياً وذلك رغماً عني فقد كنت من قبل ارفض مصطلح نسائية لكنني علمت فيما بعد ان مفهوم نسائي لا يدل بالضرورة على موقف سياسي.
* لديك فلسفة خاصة بمصطلح نسائي ولدينا نقاد مازالوا يتساءلون هل يوجد مسمى ادب نسائي او ادب رجالي ما حقيقة هذا المصطلح وكيف نفهمه فهماً يوافق الواقع؟
اسمحي لي ان أحدد مقصدي باستعمال هذا المصطلح وهو ما اشرت اليه في محاضرتي التي القيتها في الرياض بعنوان ادب الاديبات العربيات في القرن العشرين من وجهة نظر امريكية وهي بين يديك الآن تستطيعين نشر ما تشاءين منها.
اولاً: قد تشير النسائية الى مرحلة وعي يعني ادراكا مبهما بالاذى الذي لم يسببه شيء سوى كوني امرأة.
ثانياً: قد تتجاوز النسائية مرحلة الوعي هذه للتعبير عن رفض لتصرفات سببت هذا الاذى.
والمرأة الرافضة قد لا تفهم ماذا تفعل ولماذا وماذا تريد؟
ثالثاً: في بعض الاحيان تقوم المرأة النسائية بنشاطات هدفها الغاء اسباب الاذى.
هذا هو تحديد لمفهوم النسائية والذي استعملناها انا ومرجو بدران عندما جمعنا كتابات نسائية عربية تحت عنوان فتح البوابات 1990.
وقد ادرجت فيه الدكتورة خيرية السقاف نموذجا للقاصة والاديبة السعودية.
بالاضافة الى ما ترجمته من كتابات نساء عشن الحرب الاهلية في لبنان وكتبن عنها.
* يبدو انك تؤيدين ان نطلق على ما تكتبه النساء ادباً نسائيا الا يوجد لديك بعض التحسس تجاه نسائي ولماذا تبدين اكثر احساساً بتلك المفردة الشائكة؟
منذ ان اهتممت بالادب النسائي العربي وانا المس رفضاً لمصطلح النسائي اذا قبلنا هذا الوصف فاننا نقبل التهميش.
لأن النقاد لا يعتبرون ان الادب النسائي له قيمته وايضاً كل ما يسمى نسائيا يعتقد بأنه يشير الى ماهو غربي وليس اصيلا بمعنى انه ليس من تقاليدنا دعيني اوضح لك وجهة نظري,, بعض النساء اللواتي اطلقت على ما كتبته نسائيا غضبن وقلن نحن لسنا كاتبات نسائيات.
مع انني اؤكد ان ما يكتبن نسائي جداً.
اريد ان اقول انه ليس هناك الا كلمة نسائي تناسب ما تكتبه او تفعله المرأة.
من الممكن ان نوجد تحديدا لكلمة مفيدة ليس تحديدا جديدا بل تحديدا عاما من الممكن ان تستعمله المرأة في الارياف حين نجد امرأة تنتقد زوجها وقسوته مع ابنته الوحيدة وتصرخ في وجهه بأن عليه ان يحبها وهي وحيدة وليس ذنبها ان تولد انثى.
ويعارضها بكلمة لا.
ماذا نسمي ما تفعله انه نسائي يجب علينا الا نتحسس من كلمة نسائي فهي كلمة تدل على ما تشعره كل امرأة وهي تحس انها تستعمل استعمالاً مختلفاً عن الرجل كونها امرأة.
هذا الوعي النسائي يبتدئ بوعي مبهم من الممكن ان تتطور المرحلة الى رفض ثم الفعل لتغيير الاوضاع.
* هناك حكمة فرنسية تقول النفور يحلل افضل، ولكن التعاطف وحده يفهم وانت مهما تقدمين من دراسة لأدب النساء العربيات هل تجدين نفوراً ام قبولاً ام الاثنين معاً؟
للاسف لا اعرف مدى التقبل او الاقبال,, لم يترجم لي كتاب الى العربية.
الذين يقرؤون باللغة الانجليزية يمكن ان يقرؤون كتبي ولذلك ألمس التقبل لما اكتب في اوروبا وقد ترجمت كتبي الى الالمانية والهولندية ومازالت الترجمة الى اليونانية تحت الطبع وأنا الآن بصدد اكمال ما نشرته مؤخراً عام 87 من كتابات نسائية عن الحرب التحريرية في الجزائر ودور المرأة في الحرب بين العراق وايران الكتاب اسمه النساء وقصة الحرب اوردت فيه ملحقاً عن كتابات نسائية في حرب الخليج لكنني للاسف لم احصل على كتابات نساء من العراق ومن الكويت الا اثناء زيارتي للكويت اواخر عام 95م كنت اكمل كتابي آنذاك ولا يوجد فرصة الا لكتابة ملحق الآن اعكف على انهاء الكتاب ولدي باب كامل عن حرب الخليج وما كتبته بعض الكاتبات في الكويت مثل ليلى العثمان وفي العراق مثل دنيا ميخائيل ولدي عمل احاول انجازه عن تاريخ ادب المرأة العربية، الجزء الثاني احاول التركيز فيه على ما تكتبه المرأة العربية عن الاسلام وكيف ترى المجتمع السوي ومكانة النساء في الاسلام وحول النبي محمد.
* وماذا عن الخليج وعن اديبات السعودية وعن الرياض التي زرتها مرة اولى قبل اكثر من خمسة عشر عاماً كيف هي الاديبة السعودية بنظرك هل وصلت ضوء الشمس ام مازالت في الظل؟
زرت الرياض في الثمانينات ولم اتعرف إلا على عدد قليل من الكاتبات وأكثرهن كن يشتغلن محررات في الصحف والتقيت حينها ب خيرية السقاف في السنة نفسها نشرت ليلى محمد صالح موسوعتها عن ادب المرأة في المنطقة مقدمة 37 اديبة من السعودية والبحرين وقطر والامارات.
وقد قالت ليلى تصف الاديبة السعودية فتحت عينيها أمام كلمة لا وأمام كل ماهو محظور وممنوع ولكنها في رأيي تخطت العوائق لتنال موقعها بين المثقفين والادباء مع ان الكثير من النقاد والناقدات لم يعترفوا بانجزاتهن.
لاتزال الكاتبات المحليات في الظلال وراء الكواليس ولم يظهرن بعد على العالمية لعدم وجود اهتمام بالترجمة باستثناء المجموعة القيمة لقصص اثنتي عشرة سعودية ترجمها د, ابو بكر باقادر.
ومجموعة قصص بقلم كتاب من كل انحاء الجزيرة والخليج اعدتها الناقدة الفلسطينية سلمى الجيوشي وكل من هاتين المجموعتين لم تصدر الا في التسعينات, ومن هنا استطيع القول اننا في عصر مختلف وبعد قضاء اسبوع في المملكة العربية السعودية في نهاية الالفية الثانية اقول ان ما يحدث هنا قد يعتبر مؤشراً لما يحدث في العالم العربي ككل وهو بروز المرأة على المنطقة الادبية.
انني اود ان اعرف الكثيرمن الاديبات وأن اسألهن عن اهتماماتهن والاساليب التي يختزنها ادبياً.
لقد قرأت لرجاء عالم رواية تستعمل الواقعية السحرية وأريد ان اتعرف على ادب المرأة السعودية, لقد جئت الى المملكة لأتعلم عما تكتبن وأرجو منكن ان تمنحوني نبذة عن جهودكن الادبية.
واني لأتساءل هل نحن الان على وشك عصر جديد تتجرأ فيه المبدعات العربيات كلهن على التكلم عن تجاربهن وطموحاتهن دون الخوف من الاستخفاف والتصميت لمجرد كونهن نساء؟!
* تبهرك المرأة في الاسلام لأنها تختلف فيما منحه لها الاسلام من حقوق عن المرأة في الغرب ماذا عن ادب النساء المقتبس من قصص النساء الصالحات في الاسلام؟
يشدني هذا الموضوع كثيراً واني اتساءل هل يوجد بالفعل كاتبات سعوديات يكتبن عن مكانة المرأة في الاسلام العالية وقت او زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
لقد كتبت آسيا جبار روايتها بعيد عن المدنية بنات اسماعيل عام 1991م
وهي كانت تبحث عن سالفات صالحات تستطيع المرأة حالياً تقلديهن وهي تعرف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحترم النساء ويسعى الى تأسيس مجتمع منصف لا قاهر ولا مقهور فيه لقد كان مجتمعاً مثالياً.
* تقول الروائية والشاعرة الامريكية العربية الماز ابي نادر في لقاء في نشرة واشنطن اننا نعيش في حقبة مثيرة جداً من التاريخ كنت في صنعاء لحضور مؤتمر عن المرأة وتفاجأت ان وقائع المؤتمر تنقل عبر الانترنت انه نوع من التواصل مع الخارج ما تعليقك؟
أؤيد تماماً ماقالته ألماز ابي نادر وقد كنت صباح اليوم في لقاء مع مسئول سعودي في مؤسسة تعنى بالكمبيوتر والانترنت واندهشت حيث اشار الى اهمية ومكانة المرأة السعودية قائلاً نحن قررنا تأسيس مشروعاتنا وفقاً لرغبات المرأة لأنها هي من يصنع القرار الاقتصادي.
وهذه العبارة في رأيي تشير الى انفتاح هذاالمجتمع على العالم الحديث مع محافظته على العادات والتقاليد لقد طلبت منهم ان يبتكروا موقعا لنشر قصص وكتابات الاديبات السعوديات ليتسنى للقارىء تسجيل انطباعاته والتعبير عن رأيه في هذا الطرح.
لقد لاحظت في السعودية تطوراً ملحوظا في البنيان وأرى ان هناك ارتباطات بين البنيان والانسان اذ لا يستطيع المجتمع ان يتطور الى هذا الحد دون ان يكون هناك تأثير واسع في عقل الانسان.
لقد سعدت بالمؤتمر الاول للكاتبات السعوديات الذي انعقد في جدة ونظمته كلية الاميرة عفّت تحت رئاسة المركز الامريكي في جدة وقد كتبت الكاتبة نورة الخريجي مقالاً في جريدة البلاد تطالب بأن يكون المؤتمر في المرة القادمة تحت رئاسة الكاتبات انفسهن اذا ما اوجد جهة تعنى بشئون الادب النسائي,
|
|
|