وسائل الاتصالات والمدرسة الحديثة مندل القباع |
لقد تطورت وسائل الاتصالات في عالمنا المعاصر تطورا عظيما ويشمل هذا التطور اتساع مساحة المعلومات ونمو تقنيات الفضاء ومانتج عن ذلك من اقمار صناعية تملأ سماء المعمورة ومحطات فضائية تنقل الانسان الى عوالم اخرى والبث المرئي والمسموع مما احال العالم كله على الرغم منا الى مربوعة كونية.
لذلك يطلق على هذا العصر عصر المعلومات الفضائية فاذا كانت هناك ثمة ايجابية في هذا الشأن فهي تكمن في التعرف على معطيات الحضارة الغربية وماهي عليه من سياسة عامة واقتصاد وثقافة وعلوم.
ونظرا لانه من المحتم ان نشارك العالم الذي نعيشه لأننا جزء منه ولايمكن لنا أن ننغلق على انفسنا او ننعزل بعيدا عما يدور فيه, يجب علينا أن نفاضل بين الغث والثمين والا نترك انفسنا لأهواء الآخرين, وأيا كانت الايجابيات التي يحملها جهاز الستالايت او الدش فهناك مخاطر جسيمة تواجه صميم حياتنا وثقافتنا, والحديث عنها ليس بجديد فكم من علماء سبق وأن أبرزوا مخاطر الغزو الثقافي والفكري والاجتماعي والاقتصادي كما أوضحوا أن بريق التكنولوجيا الفضائية يخفي وراءه آثارا سلبية في العقلية العربية حيث أن محتواها يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا العربية والاسلامية.
وهذا وضع التحدي الذي تواجهه المدرسة في تناولها للنشء بالتربية فهي مطالبة بان تتعامل بحصافة وذكاء مع هذا العصر المعلوماتي والاستفادة من هذا التطور العلمي ضمن أهدافها التربوية, ودور المدرسة في هذا أن تكون مصفاة جيدة لتنقية الثقافة الوافدة من أية شوائب قد تؤثر على كياننا الثقافي وقيمنا المعيارية ومبادئنا السامية, كما يجب أن تعمل المدرسة على تحصين النشء من مغريات هذا العصر من أعمال فنية تخص الغرب وقد تؤثر على عاداتنا وأخلاقنا, وأيضا هناك بعض النظريات الحديثة في الانسانيات ذات أثر بالغ على الايديولوجية السائدة في مجتمعنا بل أنها ذات أثر في البناء الاسرى ذاته, وسبيل المدرسة في ذلك ليس بالوقوف أمام التواصل الحضاري ولكن بالعمل المضني والجاد نحو تغذية عقول أطفالنا وناشئينا وتنمية افكارهم بما يتيح فرصة الاستفادة من هذه التقنية في اطار امكانات الفرز بين الغث والثمين.
يضاف الى ذلك دور المدرسة في تشكيل وبناء الشخصية السوية التي تنهض على الثقة في النفس والاستقلالية والصحة النفسية,, وهكذا يمكن تحصين أبنائنا ضد سلبيات البث المباشر عن طريق بناء المواطن العربي المسلم العالم الواعي القادر على التحكم في الذات وعلى انتقاء القيم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المناسبة وعلى رفض تلك القيم التي لاتتناسب مع قيمنا الأصيلة.
والمدرسة الحديثة مسئولة ايضا عن التأقلم مع الواقع الحضاري وهي المسؤولة عن التحضير والتقوية لروح المقاومة ضد الثقافة الوافدة والمناهضة لقيمنا, فالمدرسة الحديثة عليها العبء الأكبر لإيجاد التوافق بين تلقي الفكر الغيري وتعميق الفكر الذاتي الوطني, ومن خلال هذا التفاعل يأتي الاستقلال الفكري لدى المجتمع بواسطة المؤسسة التعليمية ومناهجها التربوية التي تعمد إلى تعزيز ودعم القيم العربية الإسلامية في تعاملها مع الواقع الحضاري, فالمدرسة ومحورها الشخصية الانسانية في البناء الحضاري باعتبارها الأداة الفاعلة في المجتمع من خلال أدائها للدور الاجتماعي التربوي عن طريق ممارسة التعليم الموجه المقصود القائم على تلقين انماط السلوك والمعرفة والتعليم التلقائي الذي يعتمد على استيعاب النماذج كانماط سلوكية يقوم بها الآخرون ويقوم النشء بالتقليد والمحاكاة لتلك الانماط التي يلاحظها ويستوعبها ومن خلال تقليدها يكون دوره المستقبلي على غرارها, وغالبا ما تبث الفضائيات أنماطا سلوكية غريبة عن مجمعنا فاذا لم يكن النشء محصنا تجاهها قد يقع في صراع مع الدور الذاتي الحاضر وبالتالي قد يصل الأمر الى اضطراب الشخصية اذا لم تقم المدرسة بدورها في التوفيق بين التعليم القصدي والتعليم التلقائي.
وللجو المدرسي العالم أثر بالغ في تحقيق هذا التوافق مثل ملاءمة المناهج للمعطيات الحديثة في مناحيها العلمية وا لعملية والتوجيه المدرسي ومدى فاعليته والنشاط المدرسي وما يتضمنه من مختبرات ومشاتل لاجراء التجارب والورش التي تنمي المهارات المهنية والحرفية فضلا عن المكتبات المقروءة والمسموعة والقاعات الخاصة بعرض الافلام السينمائية العلمية والاجتماعية والانفتاح على البيئة لاستثمار امكاناتها في العملية التربوية وبهذا يمكن للاتصال دفع الامكانات الفعالة لتطوير المدرسة الحديثة وتعزيز دورها.
|
|
|