Wednesday 8th December, 1999 G No. 9932جريدة الجزيرة الاربعاء 30 ,شعبان 1420 العدد 9932


يارا
الصحافة بين الهلال والنصر
عبد الله بن بخيت

ربما يدهش القارئ اذا قلت: لو لم يكن النصر موجودا لاخترعه الهلال, فالمراقب المندمج في احداث ·الكورة في المملكة سيرى ان النصر وقف في حلق الهلال ومنعه من كثير من البطولات المستحقة وانتزعها منه، فالنصر حسب وجهة نظر هذا المراقب هو الفريق الوحيد الذي يهدد بانتزاع مصادر القوة من يد الهلال ومن السهل ان يدلل على ذلك، فالنصر يتفوق على الهلال بعدد مرات الفوز كما انه يتمتع بوفرة من الجماهير لا تقل كثيرا عن الهلال, لكن الشيء الذي لم نلتفت اليه هو كلمة الجماهير حيث يمكن ان تقسم الى نوعين متميزين: جماهير المدرجات والجماهير النوعية، فجماهير المدرجات لا تملك سوى حناجرها وتتغير اعدادها حسب الانتصارات المؤقتة وتوفر اللاعبين المتميزين وفي هذا الجانب حقق النصر مكاسب كبيرة وقد عمل النصر سنوات طويلة في هذا الاتجاه ومن خلال هذه الجماهير الهادرة في المدرجات تشكل في روع النصر أنه أصبح يقاسم الهلال الجماهير في الرياض, لم يكن امام النصر في الحقيقة امكانية كسب الجماهير النوعية تلك الفعاليات المندسة في المؤسسات وفي ثنايا المجتمع، اما الهلال من جهة اخرى لم يتخل عن جماهير المدرجات ولكنه سعى بوعي خلال ثلاثين سنة للحفاظ على الجماهير النوعية, بمعنى آخر قبض الهلال بقوة خلال صراعه الطويل مع النصر على مفاتيح النصر في الصراعات الاستراتيجية وترك للنصر فرصة الكسب في المسائل التكنيكية المتغيرة, والسبب بسيط وهو كما قلت يكمن في الاختلاف الايديولوجي في قيم الصراع، والحق يقال فكل منهما حقق اهدافه بالكامل, فالنصر جعل هدفه الاساسي هو ان يهزم الهلال وحقق ذلك بتفوق وقبل ان يكون في النهاية (فارس نجد) وسمح بالتالي للهلال ان يكون الزعيم على حد تعبير صحافته، والدليل ان الكرة في المنطقة الوسطى اصبحت تدور حول الهلال وعلى بقية الفرق ان تتنافس على منافسة الهلال ومما يؤكد كلامي تصريح لاحد المسؤولين في النصر حيث قال (ان النصر لم يعد منافسا للهلال منذ سنوات بل الشباب هو المنافس) وهناك شواهد كثيرة تدل على انه لا احد يفكر ان تكون المنافسة في الوسطى بين الشباب والنصر او بين الشباب وبين الرياض او بين الرياض وبين النصر, فالمنافسة في الرياض بين الهلال وبين أي فريق يتقدم ولكن من الواضح انه خلال الثلاثين سنة الماضية لم يتقدم لمنافسة الهلال سوى النصر.
مرت فترة من الفترات كاد ان ينهار فيها الهلال ككيان, وبعضنا يتذكر التصريح الشهير الذي اطلقه مؤسس الهلال عبدالرحمن بن سعيد الذي يقول فيه (الهلال جنازة تنتظر الدفن) كما مرت فترة بسط فيها النصر نفوذه الكامل على الكرة في الرياض وألغى شيئاً اسمه تفوق الهلال, ولكن رغم هذه الهزات الخطيرة لم يستطع احد وعلى رأسهم النصر اسقاط الهلال من سدة المنافسة, فلم يتقدم الشباب او الرياض ليحل محل الهلال لمنافسة النصر ولم يعمل النصر على احتلال مركز الهلال الاستراتيجي (كمحور) فقد تاه النصر في شعاره الذي يقول (سنهزم الهلال) وهو بهذا الشعار في الواقع حافظ على مكانة الهلال الاستراتيجية حتى عاد الهلال متعافيا قويا مرة اخرى, كان النصر يفوز على الهلال بأربعة اهداف نظيفة ويعود في اليوم التالي ويهزم من فريق صغير لا قيمة له ولكنه لا يأبه لذلك لأن هدفه الاستراتيجي هو هزيمة الهلال, وقد نفخت صحف الهلال في هذا الاتجاه كثيرا حتى لا ينهض اي من الفريقين الشباب او الرياض ويحل محل الهلال.
الشيء الذي لم يفهمه النصر هو ان البناءات لا تقوم على العواطف وخصوصا في ·الكورة ف·الكورة ليست وطناً يقبل الإنسان المخلص النبيل أي دور فيه لمجرد أن يخدم بلاده, ف·الكورة هي مزيج من الولاء والاطماع الشخصية والمتعة, والنصر في فلسفته يطالب جماهيره بالتخلي عن الاطماع الشخصية والاكتفاء بالولاء؛ لذا اكتفى دائما بالمراهنة على جماهير المدرجات لأنه لا يوجد انسان على استعداد ان يدفع ملايين من حر ماله لينتهي المجد لشخص آخر مهما كان هذا الشخص، فالنصر ببنيته التي تحدثت عنها يوم امس الاول لا يمكن ان يقتحم المناطق التي يسيطر عليها الهلال فهو لا يملك سوى فريق قوي وجماهير حناجر.
رغم التنافس القوي والشرس بين الهلال والنصر ورغم سيطرة الهلال على الاعلام يبقى النصر الفريق الاول الذي ينافس الهلال على التواجد الاعلامي ونلاحظ في الوقت نفسه ان حضور الشباب والرياض يكاد يكون محدودا على مستوى الاخبار او المجاملة, فلماذا اذاً يفسح الهلال كل هذه المساحة للنصر وهو غريمه القوي ويضن بها على الفريقين الذين تم تحييدهما منذ زمن بعيد؟
للاجابة عن السؤال نعود مرة اخرى الى البحث في البنية الادارية لكلا الفريقين والى الاهداف الاستراتيجية لهما فالشباب والرياض يتمتعان بنفس البنية الادارية وليس هدفهم النهائي والاهم هو هزيمة الهلال لذا فهما يشكلان تهديدا استراتيجيا للهلال وعليه فالنصر يمثل اهم عامل لبقاء السيادة للهلال في المنطقة الوسطى فكما قلنا فإن البنية المغلقة للنصر تجعله غير قادر على انتزاع اي من عوامل قوة الهلال كالصحافة والوجهاء ورجال الاعمال والجماهير (عناصر تكون المؤسسة) ولكن لو ضعف النصر او حدث له ما يبعده عن واجهة الصراع مع الهلال فهذا يعني ان هناك فريقاً آخر سيحل محله وهو اما الشباب وإما الرياض وكلا الفريقين يمتلكان الخاصية الاساسية التي مكنت الهلال من السيطرة على المنطقة الوسطى وهي البنية المفتوحة فالشباب والرياض يمكن لهما على المدى الطويل قليلا ان يسحبا البساط من تحت الهلال باجتذاب الرجال الخلاقين والطموحين والقادرين على منافسة مؤسسات الهلال العريقة, فإذاً الصراع بين الهلال والنصر في الظاهر ولكن الصراع الحقيقي هو بين الهلال وبين كل من الرياض والشباب فإذاً الهلال يمكن ان يسمح بالدعاية المجانية للنصر ودفعه لمنصات التتويج على حسابه إذا لزم الامر ولكن لا يمكن ان يسمح للشباب ان يتقدم اكثر مما هو عليه الآن فالذي يلاحظ سلوك آلة الاعلام الهلالية مع الرياض ومع الشباب سيرى ان هناك عملية تهميش متعمدة فالخطر على مكان الهلال لا يأتي من النصر ابدا ولا يمكن ان يأتي من النصر وانما من الفرق ذات البنية المفتوحة، فهي القادرة على زحزحة الهلال من المركز والحلول مكانه, هذا ما يبوح به تاريخ الصراع بين الفريقين ولكن المستقبل له كلمات اخرى وسيأتي من يقرأه بشكل افضل وبمعطيات أكثر.
yara2222* hotmail. Com

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved