Saturday 11th December, 1999 G No. 9935جريدة الجزيرة السبت 3 ,رمضان 1420 العدد 9935


خمس خطب جمعة للذكرى الخطبة الثالثة
أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

الحمد لله القائل في الحديث القدسي الصحيح: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملإٍ خير منهم,, سبحانك اللهم ربنا وبحمدك,, اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض,, ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والساعة حق,, اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا، وإليك حاكمنا؛ فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا,, أنت المقدم، وأنت المؤخر,, لا إله إلا أنت، ولا معبود بحق سواك,, اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد بن عبدالله وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم،وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد,, اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد أيها الناس: فإنه بعد النفخة الثانية يصدر الناس أشتاتاً إلى أرض الحساب بعد أن رأوا فساد الكون الذي يعهدونه في دنياهم من أرض وجبال وسماء وأفلاك,, وأرض المحشر أرض جديدة خلقها الله طاهرة لم يُرتكب فيها إثم ألبتة مستوية لا تلال فيها ولا جبال ولا وديان؛ لأن هذا هو صفة أرض النَّقٍِيِّ التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي خبز الحُوَّارى,, يجتمع فيها الناس حفاةً عراة كما ولدتهم أمهاتهم,, وهذه الأرض هي الموصوفة بالساهرة في قوله تعالى: فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ,, وهذه الزجرة غير النفختين؛ لأن الله ذكر في سياق السورة الكريمة الراجفة والرادفة وهما النفختان ، ثم ذكر الزجرة الواحدة؛ فهي إذن غيرهما؛ ولأن النفختين لأحداث تسبق كونهم في أرض الحساب,, إن هذه الزجرة لمحة يتم فيها مراد الله جل جلاله في حشر (المليارات) من الخلق جناً وإنساً وحيواناً,, قال الأستاذ ماهر أحمد الصوفي في كتابه الوجيز النفيس (هل يوم القيامة خمسون ألف سنة): إذا أردت أن تسافر إلى أسوان سيراً على الأقدام فإنك بحاجة إلى شهرين، واذا امتطيت الحصان فإنك بحاجة الى اسبوع، واذا ركبت السيارة فإنك بحاجة الى ست ساعات، واذا ركبت الطائرة فإنك بحاجة الى نصف ساعة,, وأما إذا ركبت صاروخاً فإنك بحاجة الى دقيقة واحدة؛ فكما قويت المادة الناقلة نقص الزمان,, والله سبحانه يملك أقوى قوة ناقلة؛ فلا زمن عنده لا في الأمر ولا في الفعل , قال الله سبحانه وتعالى: قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم سورة الواقعة/ 49 50 ؛ فأرض الميقات تستوعب كل هؤلاء ولا غرابة، فالله يخبر بالحقيقة التي خلقها، والعلم الحديث يحاول اكتشافَ ظاهرٍ منها، وقد اعترف العلم الحديث بأن الشمس تبلغ مقدار حجم الأرض التي نعيش عليها مليون وثلاثمائة ألف مرة، وهي واحدة من آلاف المليارات من الشموس السابحة في ملكوت الله,, أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار سورة ابراهيم/ 48 ,, بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو البر الرحيم.
***
الحمد لله خالق الأُوَل، ومبيد الدول,, قضت قدرته وعلمه وحكمته أن يبيد هذا الكون الدنيوي، ويعيد كوناً جديداً؛ وحينما تتمزق هذه السماء ينزل الملائكة أرتالاً، فيكونون سبعة صفوف على أرض المحشر، كل أهل سماء صف، فسبحانه جل جلاله ما أعظم قدرته، وأجل حكمته، وأوسع كونه,, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد بن عبدالله السراج المنير، الهادي للخلق، الآتي بالحق، الداعي بالتي هي أحسن,, قال ربنا سبحانه وتعالى: يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا سورة النبأ/38 ، وقال تعالى: وجاء ربك والملك صفاً صفاً سورة الفجر/ 22 ,, ولا يعلم عدد أهل هذه الصفوف إلا الله,, قال تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو سورة المدثر/ 31 .
واعلموا أيها الناس أنه لا أحد يستطيع ان يتخلف عن هذا الموقف العظيم، وما هم عنها بغائبين، بل كل نفس معها سائق يسوقها إلى هذا المشهد، ويشهد عليها,, وفي هذا الموقف الهول العظيم قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه كما في صحيح مسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل,, قال سليم بن عامر رحمه الله الراوي عن المقداد: فما أدري أهو ميل مسافة الأرض أم الذي يكتحل به,, قلت: بل هو ميل المسافة؛ لأن الكلام عن تقدير؛ فلا يُصرف الكلام عن ظاهره بلا دليل,, وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم.
واعلموا أيها الناس أن من يظلم الله تحت العرش يوم لا ظل إلا ظله لا يحزنهم الفزع الأكبر,, اللهم أجرنا من هول ذلك الموقف بظلك، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة,, اللهم إنا نعوذ بك من الهم والغم والعجز والكسل والجبن والبخل والجنون والجذام ومن كل الأسقام ومن غلبة الدين وقهر الرجال,, اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا,, اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته،ولا كرباً إلا نفَّسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا فاسداً إلا أصلحته، ولا شارداً إلا أرددته,, اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر,, اللهم أعز الاسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين،ودمر أعداء الدين,, اللهم أنت الله لا إله إلا أنت,, أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا من بركاتك,, اللهم أسقنا وأغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً نافعاً غير ضار سحاً غدقاً,, سقيا رحمة لا سقيا عذاب,, اللهم تغيث به العباد، وتحيي به البلاد,, اللهم إنا خلق من خلقك؛ فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك,, اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، واعمر حياتنا بطاعتك، وأعظم رجاءنا فيك، ووثق اتكالنا عليك، ولا تجعل بيننا شقياً ولا محروماً,, اللهم أعذنا من الفواحش والنقمات كلها,, اللهم أيد إمامنا بدينك، وألبسه ثوب الصحة والعافية، وحبِّبه إلى رعيته، وحبِّب رعيته إليه، وأسبغ عليه نعمك الظاهرة، ووفق له البطانة الصالحة، وأعزه بالإسلام، وأعز الإسلام به، ووفق إخوانه وأبناءه وأحفاده وعصبته ووزراءه وأعوانه لما تحب وترضى,.
ثم اعلموا أيها الأحباب أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم,, ألا وإن من هديه ما أمركم به بعد النداء للصلاة أن تقولوا: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته,, فمن قال ذلك حلَّت له شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة,.
قال الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: البخيل من ذكرتُ عنده فلم يصلِّ علي,, إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما سورة الأحزاب / 56 ,, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء الراشدين الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة، وعن أهل بدر وبيعة الرضوان، وجميع من اتبعهم بإحسان، واذكروا الله يذكركم، واشكروا له يزدكم، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والحمد لله بدءاً وعوداً,,
الحمد لله رب العالمين، وسلام على عباده المرسلين.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved