الصغار,, والحوار د, حسن عيسى الملا |
يجهد كل منا في تعليم ابنائه حروف الهجاء وطريقة النطق، ونفرح عندما نسمع اولى كلماتهم على ما فيها من اختزال وخلل في مخارج الحروف، ويتناقل الوالدان تلك الكلمات وكأنها فتح في عالم من الخرس، أو اختراع لم يأت بمثله الاولون.
عندما يكبر الابناء، ويبدأ تكوين الشخصية عندهم، يتساءلون، يناقشون، يحاورون، هنا يبدأ الضيق بهم وبحوارهم، إنهم جهلة، لا ينهلون من علم، وليس لديهم خبرة، يتفنن في اخراسهم حتى يكبروا وينضجوا.
اي نضج نريده لأبنائنا في غياب الحوار، واي شخصية تلك التي يبديها القمع والتسفيه للرأي الخديج!!.
أرثى لحال ابنائنا الذين يربون على الطاعة العمياء، تغيب عقولهم وأحاسيسهم، ومحاولاتهم لولوج عالم الكبار، ويمارس عليهم القهر والاضطهاد، ويعجز علم الكبار وخبراتهم عن استيعاب افكارهم وآرائهم وتوجيهها نحو الأفضل، وتنميتها حتى الأمثل.
في البيت، لا وقت للأب والأم للاستماع، وان استمعوا ففي ظل حكم مسبق بخطل الرأي.
وفي المدرسة والجامعة، اساتذة يضيقون ذرعاً برأي الطالب المناقش المتفلسف، هم يريدونه رأيا في مستوى آرائهم ليناقشوه ويجادلوه ويحاوروه، وهم يدورن ان فاقد الشيء لا يعطيه, فالطالب لا يمكن له ان يجاريهم في رأيه، فلم يبلغ من العلم مبلغهم، ولا من الخبرة مخبرهم.
لم تعد مصادر المعرفة محصورة فيما تلقونه لابنائكم، لقد شارككم وطغى عليكم القنوات الفضائية وألعاب الكمبيوتر والانترنت.
افتحوا قلوبكم وعقولكم لحوار ابنائكم، فذلك أدعى ان تكتشفوا في وقت مبكر نبوغهم فتصقلوه او انحرافهم فتقوموه.
علموا اولادكم اناثا وذكورا فن الحوار، اثبتوا لهم بالتجربة العملية، ان المحاور الناجح هو ذلك الذي يستعد للحوار بالمعلومة، ويحترم الرأي الآخر ولو بداله خطؤه ويحاور بلا احكام مسبقة، وعندما يتأزم الحوار، اتفقوا على استكماله فيما بعد.
وصدقوني، انني لا ابالغ اذا قلت بأن نجاحنا في تربية ابنائنا، ونجاح ابنائنا في مستقبل حياتهم، مرهون بمستوى قدراتهم على الحوار، الذي يطهرهم من الغضب والتشنج، ويرسي في نفوسهم الحلم والاناة، هذا الحوار له فنه الذي يستمد جذوره من اخلاقنا الإسلامية التي تسمو به فوق الغوغائية، وهو بعد ذلك عادة علينا ان نغرسها في ابنائنا بممارستها بأنفسنا معهم ومع غيرهم.
|
|
|