Sunday 12th December, 1999 G No. 9936جريدة الجزيرة الأحد 4 ,رمضان 1420 العدد 9936


من العادات الاجتماعية في رمضان ,,, 1 - 2
القَرش والخَشرَة عادات نسائية تقاوم الإندثار في شمال المملكة

* رفحاء منيف بن خضير الضوي
القَرش,, مأخوذ من صوت قضم الخبز الجاف (قرمشة) وهو من العادات الاجتماعية النسوية والتي تلتقي فيها النساء في شعبان لتناول الطعام قبل حلول شهر رمضان المبارك بيوم واحد ونشأت مثل هذه العادات ايام الفقر وقلة الحيلة وهي فرصة للتذاكر بفضل رمضان واهميته وبعد ان انعم الله على هذه البلاد بالخيرات بقيت هذه العادة بعد ان انتفت اسبابها والقرش من مظاهر شهر رمضان وهي من العادات الاجتماعية المنتشرة في شمال المملكة وفي منطقة حائل والقصيم تحديدا وهي خاصة بالنساء.
اما الخشرة فهي كلمة عامية تعني المشاركة والخشرة مظهر لالتقاء النساء قبل حلول عيد الفطر المبارك على وليمة تعد بمشاركة نساء الحي.
القرش والخشرة عادتان تقاومان الاندثار بعد التحول الاجتماعي الكبير الذي حل بمجتمعاتنا وبعد انحسار دور الجار وتقلص رابطة ابناء الحي الواحد.
(الجزيرة) القت الضوء على هذه العادات الاجتماعية لمعرفة سبب نشوئها وكيفية اقامتها ومعرفة سلبياتها وايجابياتها,, واخيرا رأي الشرع فيها.
الفقر,, والجوع سبب نشأتها!!
* عن سبب نشأة مثل هذه العادات تحدثت موضى الشمري وهي من كبيرات السن فقالت: القرش المقصود به الاكل وهو سابقا مرتبط بالخبز الجاف الذي لا يملك الناس غيره,, واصل هذه العادة ان النساء من الحي الواحد او من الاقرباء يجتمعن في منزل احداهن بعد ان احضرت كل واحدة منهن ما تملكه في بيتها ثم يلتقين على مائدة كبيرة يأكلن من خيرات الله وذلك لاطعام الفقيرات من النساء واطعام اولادهن قبل حلول شهر رمضان المبارك حيث الصيام والتعب في السابق وقلة الطعام وفي اثناء المائدة تتحدث النساء عن الامور التي تهمهن والخاصة بهن ويتناقشن في امور الصيام وواجباته.
وتضيف موضي:والقرش ليس هدفه الأكل فقط وان كان الأكل من ضمن اهدافه الرئيسية ولكن هو فرصة للتناصح والذكر هذا اولا ثم لتلمس احتياجات الجيران ومساعدتهم هذا حينما كانت الاسر والجيران مرتبطين ببعضهم سابقا.
اما الان والكلام لا يزال لموضي اختلف الوضع واصبح الترف هو السمة البارزة في مثل هذه العادة والتباهي في الحفلات قتل مضمون هذه العادة الروحي,
وعن الخَشرة تقول موضي:
الخشرة نقصد بها ان النساء خشرة في طعامهم اي شريكات وهي تختلف عن القرش في موعدها فقط حيث انها تسبق العيد وهي تقام احتفالا بحلول الاعياد وتقتصر فقط على المكسرات والحلويات والتي نسميها الحُقَاق .
أم فلان تدعوكن للقرش اليوم!!
* اما طريقة اقامة مثل هاتين العادتين فتحدثنا السيدة سلمى المحمد ربة منزل فتقول:
جبرت العادة ان اكبر النساء سنا هي التي تقيم القرش والخشرة في منزلها وهي التي تقوم بتنظيم الحلقة او الجلسة او تتولى التنظيم احدى النساء التي اشتهر بيتها بالكرم.
وتبدأ هذه المضيفة بارسال بناتها الصغار الى جاراتها لتحدد موعد القرش وهو غالبا قبل يوم رمضان وكل واحدة في الموعد المحدد تحضر معها الطعام او الحلويات والمكسرات والشاي والقهوة وغيرها على ان تتولى المضيفة باقي تنظيمات الحفل من تقديم المشروبات وتهيئة الاكل.
وتضيف السيدة سلمى في السابق كان المكان متعارف عليه وما على الفتيات الصغار الا الدعوة بقولهن ام فلان تدعوكن للقرش عندها اليوم.
اما الان فلابد من الاتفاق مسبقا على مكان ما وقد يكون في منزل او في استراحة او حتى في العمل فكثير من المدرسات تقيم القرش في المدرسة وطبعا هذا حاصل بتغير نمط الحياة وتطورها ولايهم المكان طالما ان الهدف يتحقق وهو الالتقاء والتواصل.
النصيحة والوعظ فيها ومساعدة المحتاجات من الجارات ومن نساء الحي وحتى الزميلات او الطالبات
وبعد ان انعم الله على بلادنا بالخيرات وبعد انتشار الجمعيات الخيرية في كل مدينة في بلادنا لم يعد للفقر طريقة على معظم البيوت السعودية ان لم يكن كلها ولله الحمد ولكن يكفي ان نتزاور في الله وتبادل النصائح ونهنىء انفسنا بحلول رمضان المبارك جعله الله عاما مباركا وموسماً من مواسم الخيرات علينا جميعا ويتم ذلك عن طريق بعض العادات الجميلة مثل القرش والخشرة وغيرها.
عاداتنا مخصصة للنساء فقط
* العم / ظفير سعود 83سنة يقول عن عادتي القرش والخشرة هما عادتان مخصصتان للنساء فقط.
وذلك لان المرأة يقع على عاتقها تدبير المنزل والرجال سابقا يقضون معظم اوقاتهم في السفر والكدح لطلب الرزق وكانت الاسفار سابقا تستغرق وقتا طويلا يصل الى سنة في بعض الاحيان.
والرجال سابقا ليس لديهم وقت للاجتماع مثل شباب اليوم المنعم بالترف والخيرات والوظائف الحكومية لذلك اتخذت هذه الظاهرة شكلا نسائيا بحتا.
ويبرر الهدف الاسمى من هذه العادة تحولها للنساء وهو ان المجتمع سابقا لا يخلو من الفقر والنساء اقدر من الرجال على الافضاء باسرار بيوتهن لبعض من الرجال وذلك لخجل بعض الرجال من ذلك وتعففهم من السؤال ناهيك عن ان الرجال لقاءهم الحقيقي في المسجد خمس مرات يتلقون فيه المواعظ ويسألون المشائخ عما خفي عليهم من امور دينهم.
ومثل هاتين العادتين تركز فيهما النساء سابقا على امور عديدة من اهمها الاطفال الذين يأخذون نصيبهم من الحلوى والخبز والمكسرات والحقاق لتكتمل فرحتهم بلقاء رمضان ومثل هذه العادة تغرس في الصغار حب رمضان وتعرفهم بفضله وكرامته بين الشهور.
ويختم ابو سعود حديثه بالدعاء للنساء بالرحمة والمغفرة مشيرا الى ان تجمع النساء اليوم للمظاهر ليس الا.
نحرص على توريثها لبناتنا,, !!
* الخالة موضي الشمري ترى أنه يجب ان نحرص على هذه العادات الجميلة وهي حريصة ايضا على توريثها لبناتها مؤكدة ان بناتها وحفيداتها يقمن بنفس دور الجدة في السابق ولا يزلن يستقبلن نساء الحي والاقارب للاحتفال بيوم القرش - كما نسميه - فهذه العادة كم ساعدت اسرة محتاجة وكم سهلت للمرأة من مهمتها وسط ظروف الحاجة والعوز والفقر في السابق وكم حلت من مشكلة صحية او نسوية.
ويكفي للابقاء عليها انها من صلة الرحم التي وصى عليها الدين بشرط ألا تخرج عن تعليمات الدين والشريعة الاسلامية السمحة.
الخشرة موجودة بمفاهيم مختلفة
وتضيف موضي قائلة:
صحيح ان هذه العادة تكاد تكون مندثرة وفقدت جزءا مهمّاً من مضامينها ولكنها تحدث وتطبق على اختلاف مفاهيم النساء بشكل او بآخر.
والشابات اليوم في بعض المناطق من بلادنا يطبقن هذه العادة وكذلك عادة الخشرة والتي تحتفل بها بقدوم العيد السعيد ولكن بعد ان حولنها الى مجرد حفلة او وليمة تقام في استراحة او في قصر للافراح.
وهذا غير مناسب خصوصا اذا تخلل ذلك غناء ورقص وغيره وهذا ناتج عن جهل بعض النساء بأمور دينهن.
أيضاً ما يصحب ذلك من تبذير واشراف وخصوصا ان الرجال الان هم الذين يحضرون لزوجاتهم العشاء من المطاعم على شكل مفاطيح .
فنصيحتي للنساء بالمحافظة على المعاني الجميلة لهذه العادة والابتعاد عن المبالغة فيها,, اما اذا كان الهدف من اقامة هذا اليوم هو الاحتفال والتبذير فلا أنصح بمثل هذه العادات.
عيوب ومزايا مثل هذه العادات
* أم عبدالله - كبيرة في السن - ترى ان مزايا مثل هذه العادات تكون بالالتقاء وصلة الرحم والتذاكر في الدين والنصيحة لله ولرسوله.
وكذلك في مساعدة المحتاجين من الاقرباء والجيران.
وهي عادة اجتماعية وليست دينية والحرص عليها وتحديد وقت لذلك ربما انه يخالف الشرع.
القرش والخشرة ابتعدتا عن مفهومهما الصحيح
* يقول العم ظفير السعود: كثير من العادات الجميلة اذا خصص لها وقت معلوم وكيفية معينة تتحول بمرور الايام الى بدعة يصعب التخلص منها.
والقرش والخشرة كانت تأخذ مظهرا اسلاميا يؤيد التكافل والترابط بين افراد المجتمع الواحد,, ولكن الحاصل الان في كثير من المناطق التي لا تزال تقيم مثل هذه العادات انها تحولت الى بدعة فعلا وذلك لكثرة الاسراف في الذبائح ولانتشار الغيبة في مجالس النساء والنميمة بدلا من الذكر وقراءة القرآن وكذلك انتشار بعض المحرمات كالغناء والرقص ومشاهدة الدش وعلو صوت النساء عند الرجال,, فكل ذلك من سلبيات هذه العادة الجميلة.
* وتوافقه في ذلك المعلمة هدى راكان وترى ان الحرص على هذه العادة ربما يكلف النساء والرجال الشيء الكثير ويمكن الآن مساعدة الفقراء دون الحاجة للاجتماع في المنازل او في الفنادق والاستراحات وتضيف ام فاضل قائلة: صحيح اننا نؤيد مساعدة الفقراء وكذلك صلة الرحم والتقارب والالتقاء بالجيران ولكن في حدود ما سمح به الشرع والعادات الاسلامية السعودية الصحيحة اما ان تتحول مثل هذه الايام إلى حفلات ورقص وتبذير فهذا خروج عن المألوف ناهيك عما يحدث احيانا من غيبة ونميمة في الوسط النسائي فندعو للنساء عموما بالخير والاقتداء بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فهن خير قدوة لنا.
رأي الشرع
* عن هذا الموضوع اجاب فضيلة الشيخ ابو عبدالعزيز الدخيل (إمام وخطيب جامع) قائلا:
هذا من باب العادات,.
الاجتماع بين المسلمين مطلوب الا اذا كان اجتماعا على معصية,, والمتأمل للقرش والخشرة يجد انها من باب العادات والتقاليد التي يحتاج اليها المجتمع في زمن ماضٍ وليست من باب العبادات حتى يقال إنها محدثة.
أما ما يصنعه بعض الناس اليوم فلا مبرر له لانه كان الاجتماع سابقا من اجل الحاجة والجوع وهما يزولان بهذا الاجتماع,, وما يحدث فيه من اسراف وتبذير ومباهاة يهدف الشرع الى اجتنابها وبخلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يصوم اكثر شعبان,, حديث عائشة رضي الله عنها: كان يصوم شعبان الا قليلا .
وأولى بالمسلمين التأهب في شعبان لاستقبال رمضان بالأعمال الصالحة كالصوم والابتعاد عمّا يحدث في هذه الاجتماعات مما يخالف الشرع الحنيف مثل الغناء والمعازف ورفع صوت النساء عند الرجال وتقليد الكفار وانتشار الغيبة والنميمة في مجتمعات النساء.
حفلة للقرش في المدرسة!!
* المعلمة - هدى راكان أم فاضل ترى ان عادة القرش تغيرت كثيرا عن السابق بل حتى اسمها لم يعد متداولا مثل السابق وكثير من المعلمات يُقمن حفلة او مناسبة معينة للاكل والحلوى والمكسرات قبل رمضان دون ان يدركن ان لهذه العادة جذوراً تاريخية واجتماعية بعيدة المدى.
وتضيف أم فاضل: في البداية كنت لا اعرف عن هذه العادة شيئا وكنا نحتفل في المدارس لحلول شهر رمضان ابتهاجا بهذا الشهر الفضيل المحبب للنفس وتوديعا لزميلاتي وصديقاتي المعلمات بنهاية الفصل الاول وعرفت فيما بعد ان هناك عادة مشابهة اسمها القرش ولا يهم الاسم طالما ان مثل هذه العادات الجميلة التي تميزت بها بلادنا باقية.
فنحن ولله الحمد نعلم ان الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه كان حريصا - يرحمه الله - على توحيد البلاد والمشاعر وكان يرعى العادات الاسلامية الصحيحة ويحرص على مشاركة اهلها فيها.
وخيرات حكومتنا الرشيدة مستمرة ولله الحمد بفضل من الله تعالى لذلك اظن ان مثل هذه العادة مستمرة بشكل او بآخر اليس كذلك.
محاولات لإحياء عادة القرش
أم خالد الشمري معلمة تقول: في رفحاء زميلاتي لا يعرفن القرش كعادة مألوفة في مناطق حائل والقصيم وبعض مناطق الشمال ولقد حاولت كثيرا ان اجمع جاراتي قبل رمضان للالتقاء في هذه المناسبة ولكنني لم افلح في ذلك لان النساء لم يعتدن على ذلك ولم يعرفن هذه العادة واحتفالهن برمضان وبالعيد يكون بطريقتهن الخاصة عبر السلام في الهاتف مثلا او الزيارة الفردية او البطاقات المكتوبة.
وتؤكد أم خالد انها استطاعت ان تقنع زميلاتها في المدرسة بإقامة هذه العادة على شكل احتفال مصغر في المدرسة حيث نلتقي مع زميلاتنا بعيدا عن هموم اليوم الدراسي ونتبادل الاحاديث المقبولة ونحافظ على بعض العادات التي اوصى بها الاسلام لتقوية اواصر المحبة بين الناس.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

تغطيات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved