لشهر رمضان المبارك مكانة عظيمة, ومنزلة رفيعة لدى شعراء الشعر الشعبي المليح قديما وحديثا، فكما هو موسم الصيام والقيام والذكر والطاعة فهو موسم شعراء الشعر الشعبي يستقبلونه بأجود أشعارهم معبرين عن ذلك الاستقبال بكل الحفاوة والبهجة والسرور، حثوا على قيامه وصيامه وبينوا مكانته ومنزلته في الدين الإسلامي، ذلك الاستقبال وتلك المكانة سوف نتطرق إليها عبر مدارات شعبية من عيون الشعر الشعبي المليح.
المدار الأول: يستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان شهر الصيام، شهر القيام، شهر القرآن بكل الحفاوة والمحبة استقبالاً مبالغاً فيه، استقبالاً مفعماً بالحب والوفاء والإخلاص وطالما هو شهر الرضوان، شهر الغفران، شهر الرحمة, ولم لا,, فيه ليلة خير من ألف شهر.
يقول الشاعر الشعبي عبدالله العلي الزامل رحمه الله:
قلتها بمناسبة شهر الصيام شهر خيرات وتعبد مع قيام واهني اللي بليله ما ينام يطلب الله ويتهجد بالصلاة الصيام يعود النفس الصبر والنفوس تعود لله والذكر ومن يحس بجوع لازم يفتكر الفقير اللي على جوعه يبات الصيام يزيد تطهير القلوب وساير الأعضاء من كل الذنوب يهدي الإنسان للحق ويتوب والقلوب تلين لو هي قاسيات |
المدار الثاني: شهر رمضان، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، هذا التصوير الإيماني البديع صوره لنا الشاعر الأديب سليمان العتيبي عبر زاوية شماليل بجريدة الرياض وإن كانت تلك الوقفة جاءت على وجه المداعبة إلا أنها وصلت إلى المعنى المقصود باسهل الطرق وأسرعها فقال:
في أوله رحمة وبُعد هموم وسعادة ما شابها تكدير وفي أوسطه من بعد كم من يوم غفران ماله في المثل تصوير وفي آخره عتق من اليحموم للي يواظب في فعول الخير |
المدار الثالث: أمنيتي في هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص وفي غيره على وجه العموم أن يتحلى الناس بالأخلاق الحسنة، الصدق، الأمانة، الوفاء بالعهد، أداء حقوق الجوار على أكمل وجه، ولكن إذا لم تتحقق أمنيتي وبقي الحال على ما هو عليه في رمضان وغيره فلله در القائل الشاعر مبارك بن مويم الدوسري:
ليت الذي تحت الثرى فوق الثرى وليت الذي فوق الثرى مقبور ليت الذي عندي قريب وحاضر يغيبون، والغايبين حضور |
المدار الرابع: الأجواد والأنذال:
يقول الشاعر الشعبي محمد بن مهادي القحطاني:
الأجواد وإن قاربتهم ما تملهم والأنذال وإن قاربتهم عفت مابها الأجواد وإن قالوا حديث وفوا به والأنذال منطوق الحكايا اكذابها الأجواد مثل العد من ورده ارتوى والأنذال لا تسقي ولا ينسقى بها الأجواد تجعل نيلها دون عرضها والأنذال تجعل نيلها في رقابها الأجواد وإن ضعفوا فيهم عراش والأنذال لو سمنوا معايا صلابها الأجواد يطرد همهم طول عزمهم والأنذال يصبح همها في أرقابها الأجواد مثل البدر في ليلة الدجى والأنذال ظلما تايه من سرابها |
المدار الخامس: المال يقول الشاعر الشعبي بديوي الوقداني:
المال يحي رجالاً لا حياة أبها كالسيل يحيي الهشيم الدمدم البالي |
للشاعر الشعبي بديوي الوقداني حكمته الرائعة في المال بأنه الآلة التي لا غنى للإنسان عنها مهما طال الزمن أو قصر فهي الآلة التي تلين الحديد، وتنقل الأثقال، وتزيل الهموم، لذلك كله انطلق الإنسان يمنة ويسرة للبحث عن هذه الآلة، ليعيش حياة خالية من الكدر والتعاسة والنكد، تلك الأهمية وتلك الحاجة إلى هذه الآلة صورها لنا شاعرنا بحاجة الأرض القاحلة المجدبة إلى السيل الكبير لتعيش من جديد وتبتسم لها الورود والرياحين وتزهو بها النفل والخزامى.
ولكن يبقى المغزى الكبير وراء هذا البيت في صدر الوقداني، ولو تعمقنا في شرحه وتفصيله لطال بنا الحديث ولكن اللبيب بالإشارة يفهم.
المدارس السادس:
يقول الشاعر الشعبي محمد بن مشهور العنزي:
لا خاب ظنك في صديق توده هذي خسارة من كبار الخساير خسارة عقب الأمل والموده ينساك لا حتجته وعند الضراير |
المدار السابع: رضا الناس غاية لا تدرك .
يقول الشاعر الشعبي محمد بن مزعل العنزي:
من يستشير الناس خلوه غلطان يصير كالنجوم وسط الضبابي صعب أرضي الناس في كل الأحيان ناسٍ تذم وناس تمدح غيابي إن انعزلت إيقال: وش جاه ما بان وش جاه صه، وزودوا بالعتابي وان انتشرت إيقال: جاكم فلان لا جابه من جاب المطر بالسحابي |
المدار الثامن: يقول الشاعر الأمير محمد الأحمد السديري مبينا من الذي يستحق مصاحبته:
إن جا ينادمني وضيع من الناس صديت عنه وقلت منت بنديمي ما هو بكبر وكل ناس لها اجناس وعندي عزيز النفس دايم حشيمي للكبر والله ما توشحت بلباس بكتب التواضع ناجح بتعليمي أنادم اللي رفقته ترفع الراس وياقف معي دايم بوجه الخصيمي إن كبرت القالة والارياق يباس يظيم عدوانه ولا يستظيمي |
مشبب بن عبدالله السابر
وادي الدواسر
اللدام الشمالي