Wednesday 15th December, 1999 G No. 9939جريدة الجزيرة الاربعاء 7 ,رمضان 1420 العدد 9939


منعطفات
سحر حرف الدال الخفي!
د, فهد سعود اليحيا

لو سمحت وين المدير الفلاني (أو الموظف الفلاني).
راح يحضر ماجستير ودكتوراه، فيه فلان بالنيابة! .
كثيراً ما سمعنا هذا أو كنا طرفاً فيه, وكثيراً ما يتردد في الصحف والمجلات أن الموظف الفلاني في القسم الفلاني في الوزارة الفلانية عاد حاملاً الدكتوراه! أو أن مدير القسم الفلاني حصل على الدكتوراه منتسباً إلى الجامعة الفلانية، أو أن فلاناً غادر لتحضير الدكتوراه.
وبهذه الحالة يبدو أن هناك مشروعاً شعاره دكتوراه لكل مواطن وسيمتلىء البلد بحملة الدكتوراه في مختلف الشؤون وجميع الميادين, وكنت دائماً أرى أن هناك خللاً ما في هذا الأمر حتى قرأت ملاحظة للدكتور غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة يتساءل فيها عن جدوى الدكتوراه لغير هيئة التدريس بالجامعات, ودفعتني تلك الملاحظة لتأمل الموضوع!؟
تُرى ما سبب ذلك الشغف بالحصول على الدكتوراه؟ وهل هذا مفيد لنا اجتماعياً واقتصادياً ووظيفياً؟.
دكتور تعني حرفياً أستاذا أو معلما أو مدرسا وكانت لفترة طويلة تعني عالماً كبيراً في اللاهوت (ولعل هذا ما جعل الأزهر الشريف يطلق اسم شهادة العالمية على شهادة الدكتوراه التي يمنحها في العلوم الشرعية) وكان الحصول على لقب دكتور يحتاج الى الخبرة دون الشهادة أو الامتحان, وكانت الماجستير اعلى شهادة وكان صاحبها يسمى ماستر أو دكتورا وهي شرط للتدريس في الجامعات والكليات وكان معظم التعليم في اللاهوت والآداب, حتى أقدمت جامعة بولونيا على منح أول درجة دكتوراه على الإطلاق في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وكانت في القانون, وحتى بعد ذلك استمر الدكتور والماستر متساويين في الدرجة العلمية وأرتبط لقب الدكتور بالفلسفة والقانون والطب بينما ارتبط لقب ماستر بالآداب والفنون ولعل هذا يفسر اسم شهادة الدكتوراه باللغة اللاتينية ف ph.D. تعني استاذ فلسفة بينما شهادة الماجستير تسمى M.A. وتعني استاذا في الآداب.
ومع النهضة العلمية في أوروبا وتقدم التخصصات العلمية تميزت الدكتوراه وباتت العليا وصارت شرطاً للتدريس في الجامعات, ذلك ان الحصول على درجة الدكتوراه يكون بعد إتمام بحث وعليه أن يشرف على أبحاث طلبة الماجستير والدكتوراه وأن يشارك في لجنة المناقشة, ولا يهم في الدكتوراه النتائج التي توصل اليها الباحث من حيث اثبات فرضية الدراسة أو نفيها ولكن المهم والذي لا تسامح فيه أن يكون منهج البحث متيناً متماسكاً.
وعادة ما يكون موضوع بحث الدكتوراه دقيقاً ومحدداً سواء كان في القانون أو اللغة العربية أو الادارة,, إلخ، ولذا فالحصول على الدكتوراه لا يعني أن الحاصل عليها قد اصبح سيد ذلك العلم, فلو حصل أحدهم على الدكتوراه ببحث حول حتى التي مات سيبويه وفي نفسه شيء منها، فإنه قد يكون مرجعاً في حتى، لا في علم النحو والقواعد, ولكن دكتور الجامعة يطور معارفه بالدراسة والأبحاث، وإشرافه على طلبة يحضرون دراسات عليا او كونه ممتحناً يدفعه للدراسة والقراءة حول الموضوع وبهذا تزداد معارفه.
وأعتقد جازماً أن شهادة الدكتوراه لم تضف شيئاً إلى خليل حاوي أو عبد الرب إدريس أو بكر الشدي أو ويلي برانت أو هنري كيسنجر.
ونعود إلى شغف الناس الى الحصول على الدكتوراه دون أن يكونوا اعضاء هيئة تدريس أو مراكز بحوث كبيرة، ولا شك أن للنهم إلى العلم دوراً في ذلك ولكني اعتقد أن سحر الدال الخفي يكمن في البرستيج في العالم الثالث، بالدرجة الثانية (راجع كتاب القصيبي المذكور أعلاه), وبالدرجة الاولى في تجاوز مرتبتين وظيفيتين صعوداً، ومطامح وظيفية أخرى، يعرفها الراسخون في علم سباق قفز الحواجز, وكذلك الراتب الجاري (أو نصف الراتب)، بالاضافة الى مكافآت وبدلات الابتعاث، والمشقة اللذيذة للغربة في أوروبا أو أمريكا.
والموضوع يطول ويتشعب وهناك فروق بين أنواع الدكتوراه وهناك دكتوراه حول اثر الباء في شعر نغيمش كما يقول راشد الشمراني في مسرحيته مع الخيل يا عربان ولكني اتساءل هل نحن بحاجة لهذا الكم من حملة الدكتوراه؟ ولماذا لا يقتصر الابتعاث او التفرغ للتحضير للدكتوراه على منسوبي هيئات التدريس ومراكز البحوث الكبرى؟ ويا ترى، لو نقصت المزايا المذكورة أعلاه، أو عدمت، هل سيستمر هذا الشغف العارم بالدكتوراه؟.
fahads*suhuf.net.sa
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved