Wednesday 15th December, 1999 G No. 9939جريدة الجزيرة الاربعاء 7 ,رمضان 1420 العدد 9939


وجهة نظر
بين المكتبات ومقاهي الإنترنت إعادة النظر لخدمات المستفيدين في المكتبات السعودية
عبدالله الشايع*

لا اعتقد انني احتاج الى تكرار ماكتبه بعض المتخصصين والمثقفين ويعرفه كثير من الناس حول اهمية المكتبات سواء في تاريخنا الاسلامي أو في ثقافات المجتمعات الاخرى انظر على سبيل المثال كتاب الدكتور يحيى بن جنيد: الوقف وبنية المكتبة العربية , هذه الاهمية التي وللأسف تفتقدها المكتبات في المجتمعات العربية بشكل عام وفي المجتمع السعودي بشكل خاص ظلت تتجاذبها مجالات وظواهر اخرى خصوصا الاعلامية منها والتي تفتقد في كثير من الاحايين الى معايير الافادة لطبقات المجتمع الموجهة له مما يجعلها على وجه العموم عوامل ضرر للمتلقين منها.
ولعل من احدث هذه الظواهر التي بدأت تستقطب اهتمام بعض افراد مجتمعنا وخصوصا في المدن الكبيرة كالرياض وجدة ومدن الساحل الشرقي هي ظاهرة مقاهي الانترنت، وانا هنا لا احتاج كذلك الى اعادة ماكتبه البعض في عدد من الصحف والمجلات عن هذه المقاهي سواء من ناحية السلب او الايجاب فهذا ليس مجاله, إلا انني سأتناول بشكل سريع سؤالا يتبادر الى اذهان بعض المفكرين وخصوصا المنتسبين الى علم المكتبات والمعلومات ولعله يكون بداية لتناول امر سيتبين من خلال كلمات هذا المقال الا وهو:
لماذا يقبل عدد ليس بالقليل على ارتياد مثل هذه الاماكن والاستفادة من خدماتها مع ان بعض هذه الخدمات يمكن ان تقدمها المكتبات بمختلف انواعها وخصوصا اذا علمنا ان هذه المقاهي تقوم فلسفتها على توفير مثل هذه الخدمات على أساس مادي ومقابل من المال يدفعه المرتادون لها؟
واذا كنت لا استطيع تقديم اجابة شافية لهذا السؤال الذي ارجو ان يتناوله المتخصصون بالنقاش فانه يمكن القول ان المكتبات نفسها والعاملين فيها يشكلون احد الاسباب التي ادت الى هذا التوجه من قبل مرتادي هذه المقاهي وامثالهم من المستخدمين لغيرها من وسائل الترفيه والتثقيف المختلفة سواء المجانية منها او التجارية, اننا اذا نظرنا في اول الامر الى واقع المكتبات في بلادنا مع بعض الاستثناءات البسيطة لوجدنا ان حالها بشكل عام لا يشجع على ارتيادها فمجموعاتها قديمة وتنظيمها رديء مما يسبب ردة نفسية سلبية على من يقوم بالذهاب اليها للبحث عن معلومة يحاتجها او حتى لقضاء بعض وقت الفراغ هناك, اما اذا نظرنا الى خدمات المعلومات التي تقدمها المكتبات في المملكة لقطاع الرواد والمستفيدين والتي هي موضوع هذه المقالة لادركنا عددا من الظواهر التي ربما كانت جزءا من اسباب عدم اقبال افراد المجتمع على المكتبات ومن ثم لجوئهم الى بدائل اخرى للحصول على المعلومات المطلوبة, ولعل اول اشكال هذه الظواهر هو تركيز المكتبات نشاطاتها على النواحي الادارية والفنية وخصوصاً التزويد والفهرسة اعتقادا ان مهمة المكتبات الرئيسية هي اقتناء اوعية المعلومات وتنظيمها فقط ثم العمل بأي شكل للاهتمام بهذه الاوعية والمحافظة عليها, اما الانشطة الموجهة مباشرة للمستفيدين كالخدمات المرجعية والارشادية فانها لا تحظى بنفس الاهتمام، بل ربما عدت هامشية مقارنة مع الانشطة الفنية في المكتبات, وقد يعود هذا التهميش لخدمات المستفيدين بشكل رئيسي الى نظرة كثير من العاملين في المكتبات للرواد والمستفيدين بشكل عام, فالمستفيد في اغلب الحالات شخص غير مرغوب فيه وطلباته كثيرة وهو لايذهب الى المكتبات الى ليخرب او يمزق ,, إلخ، ولذا فان الخدمات التي تقدم لهم ليست من اولويات العمل التخصصي للمكتبات, وان ابرز الادلة على عدم اهتمام بعض مكتباتنا بمستفيديها هو غياب الادارات التي تخدمهم كادرات المراجع وخدمات المعلومات وكذلك منع المستفيدين في عدد من المكتبات من التجول بين الارفف والبحث عن المواد المطلوبة بأنفسهم بحيث يقوم العاملون بجلب الكتب بعد تحديد العناوين من قبل المستفيد عن طريق الفهارس المتوافرة على علاتها, ومن الظواهر المتعلقة بخدمات المعلومات التي نلاحظ غيابها في كثير من المكتبات السعودية رغم التغيرات السريعة التي تشهدها وسائل نقل المعلومات هي المخترعات التقنية بمختلف اشكالها وخصوصا تقنيات الاتصالات والمعلومات فأجهزة الحاسب الآلي وشبكات المعلومات اضافة الى الاجهزة الاعلامية كالتلفاز والفيديو,, الخ اصبحت تلعب دوراً مهما في جذب اهتمام العديد من الناس وبخاصة فئة الشباب الذين هم غالبية مرتادي مقاهي الانترنت, ان المراقب لأحوال المكتبات في المملكة يحس بأسىً عميق للتجاهل الشديد لمنتجات التقنية الحديثة من قبل كثير من المكتبات على مختلف انواعها مع مايمكن ان تلعبه هذه الادوات من دور مهم في تحسين اوضاع هذه المكتبات ونظرة المجتمع لها، واننا لا نشك في ان غياب او على الاقل قلة تواجد هذه الادوات في المكتبات اضافة الى العوائق التي تواجه الرواد عند رغبتهم في استخدامها في المكتبات التي توفرها تعد بعضا من الاسباب في عزوف نسبة كبيرة من افراد المجتمع وخصوصاً فئة الباحثين من ارتياد المكتبات ولجوئهم الى وسائل اخرى كهذه المقاهي عند الحاجة الى المعلومة, اما اذا نظرنا الى خدمات المعلومات المتقدمة كالاحاطة الجارية Current Awarness والبث الانتقائي للمعلومات Dissemination of Information Selective وخدمات توصل الوثائق Document Delivery ناهيك عن الاعارة التبادلية Intcdibrary Loan)ILL( بين المكتبات فإننا نلاحظ غياب مثل هذه الخدمات المهمة في كثير من مكتباتنا خصوصاً الاكاديمية منها والبحثية مما ادى بالتالي الى ضعف مستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين منها من اعضاء هيئة التدريس والباحثين في الجامعات وغيرها من المؤسسات العلمية والبحثية الاخرى وهذا بدوره انعكس سلباً على مستوى الفئة المهمة في المجتمع من ناحية البحث والانتاج العلمي, ان مكتباتنا كغيرها من القطاعات الخدمية الاخرى ظلت ولاتزال تنظر لروادها بالطريقة التقليدية مما ادى الى تهميش آرائهم ورغباتهم وعدم تحسين اوضاع الخدمات المقدمة لهم فاذا استمرت المكتبات على مثل هذه الفلسفة، فليعلم العاملون بها ان هناك من هو على استعداد لسد الفراغ خصوصا اذا كان الامر يعود بربح مادي كما هو حاصل بخدمات شبكة الانترنت التي اصبحت ظاهرة تسعى الى اتاحتها العديد من الجهات كهذه المقاهي التي لاترجو من ورائها في الغالب إلا العائد المادي دون النظر الى الاعتبارات التعليمية والتقنية التي هي من اساسيات رسالة المكتبات, ان على المكتبات والجهات المسؤولة عنها اعادة النظر في واقعها ومن ثم العمل على تحديث انظمتها الادارية والتشغيلية خصوصا فيما يتعلق بتقنيات المعلومات والعمل على تطوير مستوى العاملين بها لمواجهة التحديات التي يفرضها عصرنا الذي نعيش فيه، وذلك من اجل استمرار الرسالة المهمة التي دأبت المكتبات على ادائها وإلا فان الفرص حتما ستفوتها ثم لا ينفع هناك الندم.
*جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved