Wednesday 15th December, 1999 G No. 9939جريدة الجزيرة الاربعاء 7 ,رمضان 1420 العدد 9939


يارا
هوية الأمة مرة أخرى
عبد الله بن بخيت

كتبت يوم أمس الأول في موضوع أظن أنه من أهم وأخطر المواضيع التي لم تبحث بما فيه الكفاية وهو موضوع التخلص من الكليات النظرية لمصلحة الكليات العلمية والتطبيقية وخصوصاً أن كثيراً من المؤيدين لهذا الاتجاه يأتون من الجماعات ويعتمدون في تصورهم هذا على البطالة التي بدأت تنشأ في المملكة من كثرة خريجي الجامعات من الكليات النظرية, فالمسألة في نظرهم مسألة وظيفية محضة وأظن أن بناء هذا التوجه قائم على تحسس الوظائف التي يقدمها القطاع العام (الدولة) والوظائف بصفة عامة اي على ما تحتاجه الدوائر الحكومية وهو ما يؤيد في النهاية المقولة أن الجامعات في العالم الثالث هي في الواقع مدارس لتخريج الموظفين.
سبق لي أن تحدثت ان هناك مجالات لم تطرق ولم تفتح بعد في المجتمع السعودي وهذه المجالات يمكن لها أن تحتاج لأكثر من خريجي الكليات النظرية الآن وربما نصاب بالعجز في انتاج ما يوازي الاحتياج الفعلي، فعلى سبيل المثال هناك وظائف لا حصر لها يمكن ان يؤمنها لنا الفن فلو قرأنا قائمة الأسماء على التتر لأي تمثيلية سنشاهد عدداً هائلاً من الوظائف التي لا نعرفها أبدا مثل مخرج ومنتج وكاتب سيناريو الخ كما أن المسرح أيضاً يتطلب مثل ذلك والاذاعة وشركات الدعاية والاعلان.
كما أن اللغة العربية مع الاسف لم تدخل بعد عالم الكتابة الحديثة فعندما تقرأ تقريراً من التقارير التي تكتبها الوزارات والشركات سوف تلمس إهمالاً صريحاً للغة العربية, فحتى الآن لا يوجد وظيفة في الشركات او في الوزارة باسم مصحح لغة عربية وأظن ان البلاد في حاجة لما لا يقل عن ثلاثة آلاف الى أربعة آلاف وظيفة مصحح لغة عربية كما أن هناك شركات الترجمة وشركات الدعاية والاعلان واي مؤسسة تحتاج الى الكتابة باللغة العربية، ولو دفعنا انفسنا أكثر في الاتجاه الثقافي اكثر ستتوفر معاهد خاصة لتقديم دورات سريعة في اساسيات اللغة العربية للكتاب والصحفيين وكتاب التقارير مما يفتح مزيداً من الوظائف لخريجي اللغة العربية وفي نفس الوقت فان هذا الزخم من توفر الوظائف لاهم عنصر من عناصر هوية هذه البلاد سوف يحافظ على هوية الأمة الاساسية للبلاد (حج وقضيان حاجة) وهذا مثل هذا ينطبق بصورة اخرى على خريجي التاريخ والاجتماع والجغرافيا الخ نما في اذهاننا على سبيل المثال ان خريج التاريخ ليس له إلا وظيفتان فقط إما أن يكون مدرس تاريخ أو أن يعمل في الجامعة في قسم التاريخ ولو كان الأمر كذلك لما احتجنا اصلاً ان ندرس التاريخ في المدارس, كأننا نصنع محافر لنشيل فيها المحافر المصنعة, فخبراء التاريخ والجغرافيا يسيرون جنباً الى جنب مع السياسيين فالذي استعمر العالم لم يكن المهندسون او الجيوش وانما هؤلاء الذين يخضعون الثقافة للأهواء السياسية والأطماع العسكرية فإسرائيل تؤكد وجودها على ارض فلسطين بقدرات المؤرخين والآثاريين باختصار فالأمم لا يبنيها المهندسون والاطباء والطيارون فالأمة هي اولاً بعدها الحضاري والثقافي وهذا البعد الثقافي والحضاري هو الذي يحدد الاحتياج الحقيقي للكليات العملية والعلمية لا العكس.
لمراسلة الكاتب
Yara2222*hotmail.com
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved