Thursday 16th December, 1999 G No. 9940جريدة الجزيرة الخميس 8 ,رمضان 1420 العدد 9940


ضوء
مشروع نشر 2
عبدالعزيز الصقعبي

غالباً يكون التأليف ممارسة خاصة قد لا يطّلع عليها أحد ودون أن يكون هنالك طرف آخر في الموضوع نستثني التأليف المشترك فالتأليف إبداع خاص ويمكن لأي شخص أن يكتب قصة أو قصيدة أو خاطرة ويحتفظ بها لنفسه، كذلك قد يقدم دراسة أو بحثاً يكتبه بشكل خاص ويحتفظ به لنفسه أو للوقت الذي يقرر فيه نشره، لذا فهو قد يضيف لنفسه شيئاً ولكن حتماً لا يضيف للآخرين أي شيء وهنا تكمن أهمية النشر حيث تكون بداية الانتقال من الخاص إلى العام، فالكاتب لا يعمل لوحده بل يحتاج إلى من يساعده في تقديم مشروعه الكتابي من فني طباعة واخراج وغيرهم ممن يمتلكون الخبرة والمعرفة والامكانيات بالطبع في تهيئة الكتاب وطباعته ليتلقاه القارئ بشكله المعهود، وديفيد جوركمان في كتابه كتابك تأليفه ونشره وبيعه والذي قام بترجمته فؤاد عبدالعال وصدر ضمن السلسلة الثانية من مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية، نقول جوركمان كما أفرد للتأليف قسماً مستقلاً وقد ألقينا عليه بعض الضوء في زاوية ضوء المنشورة في الأسبوع المنصرم كذلك الشأن بالنسبة للنشر فقد جعله أيضاً يتدرج عبر عدّة خطوات: الخطوة الأولى اختيار اسم الناشر بحيث يكون سهل الفهم والنطق والتذكر ليوضع مع العنوان في صفحة حقوق الطبع وأوصى بمراسلة عدد من الدوريات ذات الاختصاص للاستفادة منها في كيفية اعداد تلك البيانات اضافة إلى ادراج اسم الكتاب من ضمن الاصدارات التي يُعلن عنها لتقديم دعاية مسبقة للكتاب وأكد على أهمية وضع بيانات حقوق الطبع والرقم الدولي المعياري للكتاب ISSN أو ردمك كما هو معروف في المملكة وبطاقة الفهرسة اضافة إلى رقم الايداع وحالياً يقوم بهذا العبء مكتبة الملك فهد الوطنية حيث يعد الإيداع النظامي من المهام الرئيسة المناطة بالمكتبة وقد صدر بذلك مرسوم ملكي.
وقد توقف جوركمان عند الطباعة وامكانياتها علماً بأن التطور التقني وبالذات في مجال الطباعة بالكمبيوتر قد تجاوز كثيراً ما قدمه في كتابه وقد نعذره في ذلك حيث ان الكتاب الذي بين أيدينا صدر في يناير 1979م وحتماً قد حدث الشيء الكثير وبالذات في مجال الطباعة والنشر وصف الحروف ولكن هذا لا يعني ان ما طرحه جوركمان لا يضيف شيئاً بل هنالك بعض الخطوات التي قدمها لا تزال مهمة ربما منها ادراج علامات التصحيح وكيفية وضع اشارات معينة من قبل المصحح أو الكاتب ليتعرف عليها الناسخ ويقوم بتصحيحها، وقد تحدث عن الرسومات وأهميتها إذا كان الكتاب يحتاج لذلك وكيفية ادراجها ومواقعها وكذلك الصور الفوتوغرافية واللقطات الخطية والعكوسات، وتوقف كثيراً عند الاجراءات الفنية إذا كان لدى الكاتب أو المؤلف رغبة في صف واخراج كتابه من لصق وتصوير وطباعة وتوزيع لأجزاء الكتاب من صدر ومتن ومادة خلفية أو بمعنى أدق كيف يكون الكتاب من الغلاف الأمامي إلى الغلاف الخلفي، وكذلك قطع الكتاب ومقاساته وتنتهي تلك الخطوات بالبحث عن الطباع أو بالأصح عن المطبعة المناسبة مع معرفة نوعية الورق، وبعد مجموعة من الخطوات يكون الكتاب بين يدي المؤلف ويحق له أن يطلع الآخرين عليه وعندها يبدأ القسم الثالث وهو تسويق الكتاب أو بيعه وقبل ذلك تحدث عن أهمية إرسال الكتاب إلى مسجل حقوق الطبع، بالمقابل يوجد لدينا في المملكة نظام الايداع الذي يلزم كل مؤلف أو ناشر بإيداع عدد من النسخ من كتابه لمكتبة الملك فهد الوطنية ومن أبسط الفوائد لهذا النظام حفظ حقوق الملكية الفكرية اضافة إلى أنه يتم رصده في الببليوجرافية الوطنية والتي تصدرها المكتبة بصورة منتظمة، ويتطرق جوركمان لعدة خيارات لتسويق الكتاب، منها الاعلان عنه في النشرات والصحف وقد توقف عند ذلك طويلا كوسيلة جيدة لتسويق الكتاب اضافة إلى بيعه بريدياً، وكما هو معروف ان نشر الكتاب أو تسويقه يعد من أهم المشكلات التي تحول دون وصول الكتاب ليد القارئ وحقيقة حينما تبادر إلى ذهني فكرة مشروع النشر كنت أعرف بأن القضية ليست فقط مشروع تأليف فقط أو نشر كيفما اتفق مع توزيع عشوائي وهو من المؤكد لن يخدم مطلقاً الكتاب، ولكن التقنين والتنظيم والرؤية الواضحة في كل من التأليف والطباعة والنشر والتوزيع مهمة جداً لتقديم عمل متميز، وكمثال بسيط أطرحه حول حجم وشكل الكتاب بالذات فيما يتعلق بالمجموعات القصصية، فلقد صدر لي خمس مجموعات قصصية للأسف لا يوجد قاسم مشترك بينها سوى أنها قصص كتبتها، لن أتحدث عن النص ولا المضمون ولكن شكل الكتاب، فنجد أن الأحجام متفاوتة فمنها الكبير ومنها من القطع المتوسط أو الصغير، وهنالك مجموعات قصصية تقدم بصورة مشوهة فهي مملوءة بالأخطاء المطبعية ومستخدم بها رسومات لا تخدم النص القصصي مطلقاً إضافة إلى نوعية الحرف والورق، وأنا أرى أن وحدة الحجم مهمة, ودعونا نذهب إلى أقسام القصة والرواية الصادرة باللغات الأجنبية في أي مكتبة حتماً سنجد النسق الواحد السهل المتشابه إلى حد بعيد والمعتنى به اخراجاً والمريح للنظر باستخدام الأوراق العادية تماماً والتي تريح النظر أثناء القراءة وهنا أذكر ان احدى مجموعاتي القصصية والتي صدرت عن احدى المؤسسات الثقافية في المملكة طبعت على ورق كوشيه لماع اجتهاداً ممن تابع طباعتها بالبحث عن الأفضل ولو كان سعره مرتفعاً من قبيل التقدير جزاهم الله خيراً على الرغم من أن ذلك الورق ليس مريحاً للنظر وان كانت تكلفته مرتفعة، والأمثلة كثيرة جداً والتجارب قاسية فكل اصدار يقدم يمثل تجربة أحياناً تكون مريرة سواء في الطباعة أو النشر أو في التوزيع، ولكن الأمر ليس بالهين وهنالك كتب عديدة صدرت حول النشر والتوزيع بالعديد من اللغات ومن ضمنها اللغة العربية ربما يكون من أهمها كتاب الدكتور موريس أبو السعد ميخائيل الكتاب تحريره ونشره الصادر عن مكتبة الملك فهد الوطنية السلسلة الثانية.
وأنا هنا أرى ان مشروع التأليف والنشر أشبه إلى حد بعيد بمشروع البناء، يحتاج إلى كثير من الوعي والتأني، لنفكر كثيراً ولا نتسرع، لنستفيد من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين، وأولا وأخيراً ليكن الكتاب مشروعاً حضارياً وليس عبئاً على المكتبة العربية.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved