Friday 17th December, 1999 G No. 9941جريدة الجزيرة الجمعة 9 ,رمضان 1420 العدد 9941


ظلال الراعي
إلى إحسان عباس,, دائماً
1 - 2
إبراهيم نصر الله

ويهبطُ هذا النهارُ على ظلّنا مطراً
فيه من لغةِ النايِ حزنٌ قديمٌ
وشيءٌ من العشب والشهداء
ويهبطُ غيماً مضيئاً بحكمةِ زيتونِنا
في دروبِ المساء
ويهبط أغنيةً تتجولُ في غرفِ البيت باحثةً عن خيولٍ
وعن أنهُرٍ وفضاء
ويهبط هذا النهارُ,.
نراكَ هنالكَ في شمسهِ شجراً
يحرسُ الروحَ في زمنِ الموتِ يا ابتي
ويردُّ البحارَ التي سقطت من ثيابِ السماء
* * *
نبدأُ من الأندلس
لكننا لن ننتهي إليها
* * *
لم تسأل الطريقَ عن وجهتِهِ
ولا الوردةَ عن نهايِتها
ولا الليلَ الذي يُقتَلُ بالضوءِ
عن شغفه بالعتمةِ
ومغالبةِ الأحياء
رفعتَ الأغنيةَ إلى مكانِها اللائقِ
كي لا تحتلَّ الكذبةُ كرسيَّ الشمس
وارسلتَ عناويننا للضوء
كي لا يعرفَ النسيانُ أسماءَ حبيباتِنا
ويقودَ البياضَ إلى ذاكرتنا ذاتَ مشيب
,,, ,,, ,,.
هذه الارضُ مرت علينا
كأننا الارض
واختلست من سمائنا حكمةَ الاسمِ
وهو يقودُ صاحبَه خارجَ الظّلال
لم تكن تشبه الضوءَ أجل
ولا العتمةَ كما تمرُّ في الدمع
لم تكن تشبه الظلَّ
,,, إنساناً ليس إلاّ
أحلامُهُ على كتفيه
وحيثما مرَّ تفتحت الواحات
* * *
لم نكن قد تركنا الكثَير من العشبِ
حين ابتعدنا
حملنا جرارَ الأغاني الحزينةَ فوق الظّهورِ
حملنا الشوارعَ والمدرسه
حملنا سطوحَ البيوتِ ونعناعَها
والخطى فوق أعتابِنا
وحملنا كتابَ القراءةِ
أحزان مريم
وسرنا إلى آخرِ العمرِ كي نتعلّم اسماءَنا من جديدٍ
ليذكُرَنا البحرُ حين نعود
ولم نكُ نعرف أن المسافةَ يا ابتي
كلما أوغلت
مشهدٌ ناقصٌ
لا يظلُّ على حنطةٍ أو ورود
وأنّا هنا في الظلالِ سنكبُرُ قتلى
بلا مطرٍ أو شهود
* * *
تتواضعُ الوردةُ
فتصبحُ وردةً أكثر
وتنادي فتنحني الجبالُ كي يعبَر الصوت
الحكايةُ كلُّها نحنُ
ولكننا لسنا الأبطال
واللغزُ الذي كلّما اضاءَ
اصيبَ بعتمةِ المنفى.
لا النهايةُ اليافعةُ تشيُر إلينا
ولا البدايةُ التي هَرِمَت تستعيدُ ما كان
لم نتوقف أمامَ البابِ
لنسألَ الابناءَ عن آبائهم الذين كانوا هنا
لم نَستَرِقِ الضوءَ السّاقطَ من خلف الستائرِ كالحنين
ولم نطف حولَ بيوتِنا
كي لا نجرحَها بكوننا غرباء
الحكايةُ حكايتُنا قلتُ لك
لكننا لسنا الأبطال
* * *
بعيداً إلى آخر الأرضِ سِرنا
وجرَّدَنا الموتُ من موتِنا
حين لم يُبقِ يا ابتي من عدوٍّ لنا
غيرَ هذي الظلالِ الفقيرةِ مثل الرّماد
وجرّدَنا من طريقِ الرجوعِ إلى بيتنا
في أعالي البلاد
ومن كلِّ منفىً هبطنا عليهِ نهاراً
وباغَتنا بحداد
وجرّدَنا من حنينٍ إلى ما مضى
وحنينٍ إلى ما يجيء
,,, ,,, ,,.
شجرٌ يتقلّبُ في ظُلمةِ وظلامٌ يضيء!!
* * *
تترفَّقُ بالأغنيةِ في طريقها للعرس
كي تعثرَ الصبايا على قاماتِهنَّ في دروبِ السَّرو
وعلى بياضِ زفافهنَّ في الخيول
تترفقُ بالخطوةِ في طريقها للحلم
كي لاتخدشَ الهواءَ تحتَها والنُّور
وتُمسكُ بالترابِ كي لايفرَّ الجسدُ منه
لا طَمَعاً في الخلودِ نكرهُ الموتَ
ولكن حباً بما تبّقى ههنا من أحياء
لن أقولَ لك ترفَّق بالوردة
وأنتَ تمنحُها لسواك
* * *
ويعرفُكَ الحلم أكثرَ منّا
لأنكَ أقربُ للنَّورِ
يعرفكَ الحقلُ أكثرَ منّا
لأنكَ أقربُ للقمحِ
يعرفكَ النهرُ أكثرَ منّا
لأنكَ أقربُ للعشبِ
يعرفك الحبُّ أكثرَ منّا
لأنكَ أقربُ للقلبِ
يعرفكَ البيتُ أكثرَ منّا
لأنك أقربُ للدالية
ويعرفك البحرُ يا أبتي مثلَ (حيفا)
* * *
المنفى!!!
لم يكن أكثرَ من مرآةٍ،
صورُنا فيها أَجل،
ولكن، لا وجودَ لنا خارجَها.
منفيونَ كما لو أننا لم نملك وطناً ذاتَ يوم.
فعلى أيِّ صدرِ يمكن أن نلقي رؤوسَنا
على أيِّ صدر؟
كم حاولنا أن نرفعَ النخلَ ليصبحَ الأطفالُ أطول
ولكي ينحني كلما مرت أمرأةٌ في البال
,,,,,,,,,,,.
,,,,,,,,,,.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved