مازال هناك اعتقاد خاطئ لدى بعض الاخوة والأشقاء العرب خصوصاً المهتمين منهم بالجوانب الإعلامية أن الصحافة السعودية لا تحظى بهامش حرية كافٍ وغالباً ما تعبر عن وجهة النظر الرسمية للدولة بل وقد يملى عليها تبني قضايا صغيرة وترك أخرى أهم وأكبر بسبب هذه السيطرة المتوهمة للجهاز الحكومي على المؤسسات الصحفية الأهلية, ويسود هذا التصور بالذات إذا ما لوحظ وجود توجه إعلامي محلي عام ومتقارب تجاه مسألة بعينها,, وهؤلاء الأعزاء يحتمل أنهم نسوا أو تناسوا وظيفة الصحافة كوسيلة تنبض بهموم المجتمع وتحاكي آراءه وتوجهاته بصدق وأمانة في غالب الأحوال، وربما تأتي أحياناً كرد فعل طبيعي يعطي أيضاً صورة واقعة وحقيقية للرأي العام السعودي ولكن لا يُثني الواقع دائماً مثالب التشكيك من لعب دورها المعتاد والمتوقع عند طالبي التفسيرات غير المنطقية والمتشائمة!، ثم لماذا لا نعدل بوصلة الاتجاه نحوهم ونفترض شبهة الرأي المصنوع مثلما يفترضون هم طالما أصبحت العملية خاضعة للاجتهادات كيفما اتفق وبدون إثبات أو سند أو دليل؟!، إذ كيف نقيم وزناً لحسن النية مع إقامة الآخر لمبدأ سوء النية كمنطلق سلوك ينتهج على طول الخط؟!، وكأنها مساجلة محتدة وباستماتة يسلكها طرف واحد فقط لإحراز نقاط أفضل أو كسب جولات بقدر المستطاع ومتى كانت الفرصة مواتية أو مهيأة لذر الرماد في العيون! وتغييب الأهم أمام الأقل أهمية!؟,, أما لو تجاوزنا وبتحفظ عما بدر واستدعى تطور الموقف حتى وصل إلى ما وصل إليه!، وأمعنا النظر الهادئ والمتروي لما تم وسيتم هنا وهناك فلن نجد ذرة خلاف رسمي تذكر طرحت بشكل أو آخر كمحور نقاش يؤرق القادة واتصلت بالإعلام كإشكالية ينبغي حلها خلاف التطور الأخير الذي نظنه جاء كمؤدٍّ لمفاهيم مغلوطة جرى تصحيحها بطريقة موضوعية ومنتظرة تؤكد مكانة الصحافة ولا تلغي دورها الحيوي، وتبين كذلك حرص الجانب السعودي، وتحديداً القيادة السعودية، إلى إزالة كل شائبة تعكر صفو الوفاق والاتفاق المقبل بالجانب الآخر ولعل الآتي محمل بالاجمل ومؤطر بما يضمن تأصيل الود وإزاحة المنغصات أياً كانت ومهما كان نوعها، لتبقى العلاقات الأخوية باستمرار فوق مستوى الدسائس والمثبطات أو سوء الفهم والظن معاً.
وبالمناسبة الصحافة السعودية متوازنة جداً في طروحاتها المختلفة لو قورنت بمؤسسات صحفية عربية اخرى لا تركن لصوت العقل وتوظف العاطفة الخالصة والقناعات الشخصية المحضة سلاحاً وحيداً لها؟!، والرقابة على الصحافة السعودية طبقاً لما أُعلن وتناقلته وسائل الإعلام ذاتية غير حكومية! إلا أنها متماشية تماماً مع تعاليم الدين وأحكام الشريعة وعادات وتقاليد ارض المقدسات فلا قذف ولا تشويه سمعة بالاسم، ولا تناول لوقائع متخيلة استناداً للاستنتاج والتخمين وبالأخص ما تعلق منها بالمناحي السياسية والدبلوماسية، وإنما تتناول موضوعاتها حقائق ثابتة ومدروسة ومعاشة بحسب أهميتها ومضمونها وصلتها بالداخل!، وإجمالاً أوضاع التأزم واردة وهي فرصة عظيمة لانعاش روح الإخاء والتعاضد بعدها يفرج الأحبة عما تضيق به صدورهم وبالتالي تعاود المياه سيرها بمجراها المتواصل مرة أخرى دون انقطاع وبنفس القوة والحماس والرغبة!، وكم نتمنى ونحن متأهبون لدخول قرن جديد بأن تشرق شمسه معلنة نهاية الترسيم وبداية صفحة جديدة ناصعة بيضاء يحيطها التكافل والتآزر وتعلو بها وحدة الهدف والكيفية لعلاج المشكلات الآنية والمستقبلية الأوفر حظاً والأكثر تداولاً حالياً كالتقنية والاقتصاد وغيرها فقد رحّل العالم المجاور لنا جل اهتماماته نحو تداول مفاهيم مختلفة تخطت الحدود وأحالتها لمسائل شكلية، بينما لانزال نقلب الأوراق القديمة وندقق الشروط ونضع العقبة خلف العقبة ولأتفه الاسباب والظروف!,, لقد تعبت الأقلام واهترأت الصحف فإلى أين يأخذنا الطريق المكبل بالحذر والمتعثر بمفردة الأسوأ كقيمة توزن بها الأفعال والأقوال ويعتمد بموجبها رسم الخطط والاستراتيجيات المضادة، وطبعا العلاقة بين الأضداد لا تشابه قول الشاعر: والضد يظهر حسنه الضد ، ولو أظهرت جانباً خفياً يبرز مدى عشق الإنسان العربي لفكرة الاضداد وتمسكه به لدرجة أنه وظفها توظيفاً موفقاً لتخاطب مكنون نفسه وتنطق بما يجول في خاطره، وبحيث تقمص العشق ثوب العادة ووصولا لوقتنا الحاضر استحال العشق للضد إلى ممارسة يومية ليدخل الغرف المغلقة وجلسات أهل السياسية ويمارس مفعوله العجيب عليهم.
baderalsaud* hotmail.com.