Monday 20th December, 1999 G No. 9944جريدة الجزيرة الأثنين 12 ,رمضان 1420 العدد 9944


البَيعُ: الضَّوَابِطُ,, والصُّوَرُ
صالح بن سعد اللحيدان

لَعَلَّي لَستُ أَوَّلَ مَن طَرَقَ مِثلَ هذه المسألة فقبلي طرقها كثيرون ذوو باع عال في الإحاطة ورواية ودراية النص, لكن موجب النظر هنا يوجب ولا جرم طرقها لما قد حصل من المستجدات على غرار ماثل جديد، وإذا كان قد سبق كبار العلماء نظرها مثل: ابن حجر، والعيني، والنووي، وابن قدامة، وابن حزم، وابن دقيق العيد وابن تيمية وابن قيم الجوزية فإن هؤلاء الكبار نظروها بواسع من النواهض فاجادوا وسبقوا، لكن مقتضى النظر يدعو إلى طرح يعالج خبايا البيع: نوازله أصلاً ومستجداته في حالات لعلها لم تكن في تلك الأزمنة يحتاجها من يزاول التجارة أو هو قريب منها سواء بسواء في هذا الحين المحتاج دون ريب أهله إلى ما قد يحتاجونه من معرفة الضوابط والحالات والكيفية.
ذلك ان العاقل الحصيف يدرأ عن نفسه أمور المال فلا يكون دخل أمره مال حرام أو شبهة يتجرع من أجل ذلك الفصص إذا أفاق يوماً ما أو يحضره هذا عند الحشرجة ولات ساعة مندم، وتأصيل ما أطرحه يدعوني دون ريب إلى البداية لتسير الأمور ذات ارتباط قوي يدرك منه الناس مالهم وما عليهم.
وإذ أبدأ فأذكر أن البيع والشراء الأصل فيهما أنهما من المعاملات التي لابد للناس منها، ومن هذا فالأصل فيه الإباحة والجواز، وهو من باب التعاون على البر والتقوى وعلى هذا وردت الآثار من الكتاب والسنة.
والبيع في مراد أهل اللغة: أخذ أمر ما وبذل مقابله.
وأصل كلمة بيع مأخوذة من أن كلاً من البائع والمشتري يمد باعه فهذا يعطي وذاك يأخذ، والعقل مقر بهذا ابتداءً.
والبيع في الشريعة أصله: من المبادلة بين شخصين أو أشخاص، مبادلة منتفع به من: مال معلوم بما يستفيده منه مقابله من: منفعة من ملبوس أو مركوب أو مأكول ونحو ذلك من كل ما هو مُباح مملوك مقدور على تسلمه وتسليمه، وأصل ما يحصل به هذا,.
الإيجاب.
والقبول.
فالمالك للسلعة يقول: قد بعتك هذا من سكن أو سيارة أو زراعة أو قماش أو ما ينتفع به وهو مباح، ثم يُجيبه المشتري بالقبول بقوله:
قبلتُ السلعة المذكورة،
والبائع,, والمشتري
لابد أن يكونا:
- مالكين: للمال والسلعة،
ولا بأس بتأجيل الدفع لا ضرر ولا ضرار ويخلو هذا من مبطلات البيع .
- أن يكونا عاقلين،
- مميزين،
- عرفا: القيمة، وحقيقة السلعة،
- أن لا يتفرقا من مجلس بموجب مبطل للبيع،
- أن يتم هذا بعقد تام الصورة، فلا يحصل اختلاف بين: الإيجاب والقبول فإن حصل اختلاف أو استغلال مبطن بطل العقد، فإن اختلاف الموجب أو التلاعب فيه يُعتبر تزويراً، واستغلال أحد الشخصين للآخر يعتبر حيلة يبطل بموجبه العقد إلا ما أوجب الإرش مثل العيب في السلعة مع قبول المشتري لذلك،
ومقولة من استأجر فقد ملك ليست صحيحة فلم أقف عليها أنها نص صحيح فلا يجوز الأخذ بها.
ومن هذا فلا يسمى المستأجر مشترياً له الحق في كامل التصرف بالعين المؤجرة بل ينتفع بالعين دون ملكها، ويسار في هذا على شروط يختلف وصفها من عين إلى عين، وكل هذا مُبطل: لتلك المقولة.
والبيع والشراء بجانب ما سلف ذكره آنفاً لهما ضوابط كل ضابط من هذه الضوابط لابد من الوقوف عليه حتى تكون العملية في منجاة من الزلل والوقوع فيما لم يكن من البيع والشراء في شيء.
وأنا بحول الله تعالى سوف أوجز هذه الضوابط مستخلصة من: النصوص الصحيحة والقواعد المأخوذة من آثار الشريعة فأبدأ فأقول:
أولاً: أن يكون البائع والمشتري بالغين عاقلين مميزين إلا ما كان من الصغير المدرك للأمور فإنه يحق البيع والشراء لكن بإذن من وليه القائم عليه.
ثانياً: أن يكون البيع ولابد من مالك للسلعة أو وكيله المفوض إليه بهذا، وكذا المشتري بأن يكون مالكاً للقيمة بشرطها المباح، وهنا أمور ضرورية منها:
1 عدم جواز بيع ما لا يملكه البائع كبيع التقسيط غير المملوك كمن يبيع سيارة أو بيتاً وهو: لا يملك هذا ولا ذاك لكنه يشتريه له خاصة من أجل بيعه لك بربح باهظ.
والمخرج من هذا هو ملك السلعة قبل ذلك ثم بيعها بعد ذلك.
2 من يبيع السلعة ثم يضاعف ثمنها كل عام عند عدم التسديد فهذا: لا يجوز.
3 عدم جواز بيع ما هو مشترك بين اثنين أو أكثر إلا بحضور الجميع أو توكيل شرعي صحيح.
ثالثاً: أن يكون بين البائع والمشتري تراضياً صحيحاً سليماً من المعارض فيحرم استغلال الضعيف والصغير والمجنون، والمريض نفسياً بأن يبيع ما يملكه بهضم حق ما.
كما لا يجوز: بيع المكره إلا باخراج حق منه لا يتم إلا بهذا ومن وجه شرعي وما سواه لا أراه حسب فهمي، وباب الأوجه الشرعية كثيرة.
مثل: سداد الدين، والنفقة على من تلزمه نفقتهم بحيث لا يضره هذا.
رابعاً: أن يكون البائع قادراً مع ملكية السلعة على تسليم المباع لمن اشتراه.
فلا يصح بيع مثلاً: الطير الصقر الهارب، أو المرسل فقد لا يعود أو بيع الجمل الفحل الهارب كذلك، أو بيع: البضاعة التي سوف يشتريها البائع.
ومثل المحرم من وجهين: بيع المسروق والمحتال على كسبه، والمغصوب وجهاً بوجه أو بذكاء وطرق فيها لعب للكسب،
مثل من يصلح بيته، أوسيارته فيبيع هذا أو ذاك على أنه جديد وليس كذلك.
خامساً: وهذا أمر مهم كنت قد اشرت إليه من قبل وذلك هو: معرفة القيمة بحد نهائي قاطع فلا يصح بيع سلعة ما بقيمة غير مستقرة كبيت قائم بأرض معلومة إلا بثبات القيمة والمعرفة والوصف والتسليم والرضا،
ومثله: بيع السلعة بما تختلف قيمته نزولاً وارتفاعاً إلا باليد الحاضره مثل: الذهب.
السادس: أن تكون السلعة مباحة البيع وهذا عام في كل مباح إلا ما نص عليه التحريم: كالخمر والمخدرات، وآلات الميسر والقمار، وكذا لو منع ولي أمر المسلمين بيع شيء لمصلحة ما مقتضاه كمنع بيع السلاح، أو بيع نوع من اللباس، أو منع تداول شيء ما لمصلحة شرعية فيجب هنا الامتناع.
السابع: أن تكون السلعة معروفة كامل المعرفة فلا يجوز: بيع الوهم، ولا بيع المجهول، ولا بيع غير المقدور عليه كما بينت من قبل.
ومثل ما سلف ذكره يحرم بيع التلاعب بتاريخ انتهاء صلاحية المشروب أو المطعوم، لأنه مضر جداً وفيه حيلة ومثله: بيع ما يستعمل في المحرمات.
الثامن: أن تكون السلعة بين أشخاص يملكونها فيزيدون فيما بينهم حتى إذا جاء غريب وزاد دفعوها إليه وهذا: بيع لخديعة ومثله بيع الغبن كما يجلب فاكهة من الشام أوتركيا، أو مصر فيفرغها في أوان محلية كالخضروات والفاكهة فيجعلونها في صناديق كأنها من: القصيم، أو الخرج، أو الأحساء، أو الدرعية أو الحجاز بينما هي من الخارج.
التاسع: بيع الظلم وهو قد يقع وقد نما إلى علمي ان شيئاً من هذا قد حصل، وصورته أن يعمد الرجل أو المرأة البيع على أحد الورثة بيع بيت أو أرض أو يجعل في ذمته ديناً، وكل هذا لم يحصل إنما القصد الإضرار بالورثة لحاجة في نفسه أو لأمر ما، وهذا هضم وظلم، وشبيهه وكنت قد ألمحت إليه بنظر مقتضب تغيير الوصية أو احداث فيها من: الزيادة أو النقص ما يجعل الحال حال
ظلم.
وهضم.
وحيلة.
ولعلي أوصي من ينظر فيما كتبته هنا بجعله بين عينيه فهذه أمور غاية في الفائدة والنفع بإذن الله تعالى، وعلى المرء أن يسأل إذا حز في نفسه ما موجبه السؤال.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved