عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعتبر المسابقات التي تقام بين الطلاب في مجال الالقاء الفردي والجماعي من أهم الأنشطة التي يتبناها النشاط الطلابي في إدارات التعليم، وقد اتضح ذلك جلياً بعد حضوري لمسابقات الإلقاء التي اقيمت بين المدارس المتوسطة والثانوية بمحافظة الزلفي، والتي تخللها بعض الكلمات الرائعة والمشاركات المبهجة لطلاب المرحلة الابتدائية وكذا طلاب مدرسة التربية الفكرية بالمحافظة، وقد سطّر هؤلاء الطلاب والناشئة اروع صور الإبداع والاتقان (لغة سليمة ممتازة وصوت جهوري واضح وثقة بالنفس لا حدود لها، وتفاعل بحركات متناغمة) حتى يخيل الى المستمع أنه يقف أمام رجال عركتهم الحياة وقضوا سنوات عمرهم في هذا المجال، ورغبة في النهوض بمثل هذه المشاركات ووصولاً بها الى افضل النتائج لابد أن تتوحد الجهود وأن يدلي المحبون بآرائهم ومشاركاتهم واقتراحاتهم، ومن هذا الباب آليت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع عبر منبر القراء الارحب (عزيزتي الجزيرة) وذلك من خلال النوافذ التالية:
(1) من المعروف للجميع أن كل مدرسة مشاركة في تلك المسابقات تختار موضوعاً معيناً لطرقه في لوحتها الإلقائية، وبما أن المدارس تعمل بعيدة عن بعضها البعض، وكل مدرسة تعمل على حدة فقد يتسبب هذا في بعض الأحيان في تكرار بعض الموضوعات من قبل أكثر من مدرسة مشاركة!! ونحن ندرك أن أهمية الموضوع الملقى تضاهي أهمية جودة الإلقاء فليس المقصود الإلقاء فقط بل ونوعية الملقى، والتكرار كما يعلم الجميع تقليل للفائدة وسبب للملل لأن النفوس تمل من التكرار أيّاً كان نوعه، والمسؤولية هنا مناطة بالمسؤولين عن الأنشطة الطلابية بإدارات التعليم وذلك أن مسؤولية التنسيق بين المدارس والربط بينها من اختصاصهم.
(2) لاشك أن وجود الطالب المرتجل لا يقل أهمية عن وجود الطالب الملقي إن لم يكن أهم ولكن وللأسف الشديد أغفلت بعض إدارات التعليم هذا الجانب المهم وتجاهلته!! وحقيقة لا أدري ما السر الذي يكمن خلف هذا التجاهل والإهمال أهو عدم الاقتناع بأهمية الإلقاء المرتجل؟ أم لصعوبته وقلة من يجيده؟ فإن كانت الأولى فهذه مصيبة مع أنني أستبعد أن يوجد في الوسط التعليمي من يجهل أهمية الارتجال وان كانت الثانية فيجب أن نعلم أن الطلاب ما جاءوا الى المدارس الا لاكتساب المهارات والخبرات التي تفيدهم في حياتهم، وأنه لا صعوبة في إقامة مثل هذه المسابقات، بل هي أيسر مما نتصور بكثير ولكن تحتاج الى بعض الجهود من قبل المشرفين على الأنشطة بالإدارة ورواد النشاط المدرسي، حيث يجب عليهم أن يفعلوا هذا الجانب ويهتموا به وذلك من خلال الطابور الصباحي وحصص النشاط الأسبوعية ولتكن البداية باختيار المواضيع المعروفة والراسخة بأذهان الطلاب كأهمية الصلاة وحسن الأخلاق وبر الوالدين وأهمية العلم ونحو ذلك,
(3) في مدارسنا ولله الحمد طاقات ومواهب تحتاج الى صقل ورعاية، وقبل ذلك اكتشاف لها، والدور في ذلك يقع على عاتق رائد النشاط بالمدرسة من خلال استشارته وسؤاله للمعلمين الذين يتعاملون مع الطلبة بشكل مستمر، ومن ثم استثمار تلك المواهب المدفونة ورعايتها وتنميتها، أما الاكتفاء بعدد معين من الطلبة الذين أبدوا تفاعلاً واشتهروا ببعض المناشط فهذا والله عين الظلم لبقية الطلاب، لأن المدرسة وما فيها من مناشط لكافة الطلبة وليست محصورة على أعداد معينة فقط، ثم إن في ذلك إهداراً لمواهب قد تكون أفضل وأروع من المواهب المهيمنة على كافة النشاطات والمسابقات واغلاقا لباب المنافسة بين الطلاب!!
ايها الأحبة/ يجب علينا الا نربط إبداع الطالب في الأنشطة غير المنهجية بمستواه الدراسي ومظهره الخارجي، بمعنى أن الطالب المتفوق في دراسته هو المؤهل للتفوق بالأنشطة والطالب الضعيف غير قادر على الإبداع فيها، لا ثم لا فقد يكون الضعيف في دروسه والقليل في كلامه قمة في النشاط ويكتنز مواهب عدّة يتفوق بها على الأوائل دراسياً ويصدق عليه قول الشاعر:
ترى الرجل (الضعيف) فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور |
(4) يجب ألاّ يكون الاهتمام بالأنشطة الطلابية وعلى رأسها الإلقاء مؤثراً على حضور الطالب للمواد الدراسية، بل لابد من التوفيق بين تلك الأنشطة والمواد الدراسية المقررة وذلك من خلال استغلال حصص النشاط الأسبوعية في تدريب الطلاب والبعد عن اخراجهم من الفصول أثناء الحصص الدراسية لما في ذلك من حرمانهم من الاستفادة من الدروس وكذا لما يسببه من الإرباك، ولعل في حصص النشاط والانتظار غنية عن اخراج الطلاب من دروسهم الأخرى.
(5) الإذاعة المدرسية منبر هام وميدان رحب لتسطير الإبداعات واكتشاف المواهب وصقلها، ولكنها للأسف تعاني من الإهمال وعدم الاهتمام، حتى وصل بها الأمر الى التكرار الممل والروتين المستمر في كثير من المدارس، فأين من يعيد لها مكانتها ويعرف قدرها؟ ومتى يأتي اليوم الذي نستمع فيه الى الخطب المجلجلة والحوارات الهادفة، والإبداعات المتنوعة من خلال منابر الإذاعة المدرسية الصباحية؟ أتمنى أن يكون ذلك قريباً وذلك بإعادة النظر في وضعها من قبل إدارات التعليم والسعي الكامل لبث الحياة فيها مرة أخرى والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
احمد بن محمد البدر
الزلفي