رؤى وآفاق مجمع اللغة في مجلس الشورى د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل |
منذ انشىء مجلس الشورى وهو يقوم بأعمال جليلة، ومن تلك الاعمال دراسة انظمة مؤسسات المصالح الحكومية او المؤسسات الخدمية عامة، وقد نقلت الينا الصحف في الايام القريبة الماضية دراسة المجلس لنظام مجمع اللغة العربية السعودي فسررنا وأمّلنا خيرا؛ بأن خرجت الفكرة في هيئة نظام وصل الى مجلس الشورى، فنحن نعلم ان مجمع اللغة العربية السعودي كان من ضمن اهتمامات صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رحمه الله الثقافية، وبعد وفاته اهتم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بشأن المجمع، ودراسة نظام المجمع هذه الايام في مجلس الشورى تدل على اهتمام الدولة بالثقافة في هذه البلاد، ولعل الدولة قد عزفت على ان يكون افتتاح مجمع اللغة العربية السعودي في عام الرياض الثقافي وهو عام الفين، فكون الرياض عاصمة للثقافة يفرض علينا جميعا دولة وافراداً ابراز الوجه المشرق للثقافة في هذه البلاد، وبما ان مشروع المجمع قديم حديث فلتكن هذه السنة سنة المجمع ان شاء الله, لقد زف الينا خبر رفع نظام المجلس الى خادم الحرمين الشريفين امين مجلس الشورى، ولذلك فالمؤمل ان شاء الله موافقة خادم الحرمين على نظام المجلس، ومن ثم يأخذ النظام طريقه الى التنفيذ, ان هذه البلاد قلب العروبة نشأت فيها لغة الضاد، فكان الرواة يشدون الرحال اليها في القرن الثاني والثالث والرابع، فمحمد بن احمد الازهري اخذ اللغة التي اودعها كتابه (تهذيب اللغة) من عرب هذه الجزيرة في آخر القرن الرابع الهجري، وقد قال عن عرب الجزيرة لا يكاد يوجد في منطقهم لحن فجدير بنا ان نهتم باللغة في مواطنها، فبيئات الجزيرة العربية مغلقة الى حد كبير، والسماع متصل منذ القديم الى الآن، وفساد اللغة محدود قبل وفود العمالة منذ سنوات قليلة, ان تسارع الزمن فرض استعمال الكلمات الأجنبية في الجزيرة العربية في السنوات الاخيرة، حتى ان تلك الكلمات ولجت الى قلب الصحراء التي بقيت قرونا طويلة بمنأى عن تأثير الكلمات الأجنبية، التي ابتليت بها العربية في القديم، في العراق، والشام، ومصر، بسبب وجود اللغات الاخرى، ومن هنا تبرز الحاجة الى المجمع في عصرنا الحاضر، ان الكلمات الاجنبية المستعملة في السوق، والمصنع، والمؤسسات المختلفة، تسربت الى الكتابة الصحفية، فهي قريبة من الكاتب لا تحتاج الى جهد او بحث، بل ان المشرفين على التحرير يستمرئونها او يستملحونها فتثبت في اذهان القراء، فيجب حينئذ ابراز الكلمات المقابلة، فان لم توجد بسهولة فيفتح باب الارتجال، والاشتقاق، والقياس،
ولن يلتفت الى ذلك الا اذا صدر عن المجمع، واعترف به، وسيكون ذلك ان شاء الله من اعمال المجلس في حال وجوده، ان مجمع اللغة العربية سيكون امامه كثير من الاعمال التي لن ينجرها الا هو، ومن تلك الاعمال الاهتمام بالكلمات المسموعة، ورصدها ووضع معجم لها،
وقد حاولت منذ سنوات رصد تلك الكلمات فجمعت ما استطعت جمعه، واصدرته في كتاب (من غريب الالفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب)، والمعاجم التي تنتظر وجود المجمع متنوعة، منها معجم النبات، ومعجم الحِرَف، ومعجم التقنية، وغيرها,
ان هذه البلاد ولله الحمد تزخر بوجود العلماء، في الجامعات ، وغيرها، وهم غيورون على لغتهم، يسعون الى حفظها، وصيانتها ، فهي لغة القرآن، ومسؤوليتهم عظيمة، لانهم في مهبط الوحي، ومهد العربية، اعان الله كل من اسهم في ابراز هذا العمل الجليل، الذي سيخدم لغة القرآن، من العاملين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب،والعاملين في مجلس الشورى، وسيكون هذا المجمع ثمرة من ثمار هذا العهد الزاهر، فهي كثيرة ومتعددة، منها مجلس الشورى، ومجالس الامارات، وخدمة الحرمين بالعمارة والامن، حفظ الله خادم الحرمين، وولي عهده، ووفقهما الى الاعمال الصالحة، التي تخدم ابناء هذه البلاد في المجالات المختلفة، ومنها مجال الثقافة وحفظ اللغة.
|
|
|