Tuesday 28th December, 1999 G No. 9952جريدة الجزيرة الثلاثاء 20 ,رمضان 1420 العدد 9952


رأي الجزيرة
مرة أخرى,, لك الله يا شعب الشيشان

أيّاً كانت نهاية حرب الشيشان الحالية، فإن التاريخ الاسلامي خصوصاً والانساني عموماً سيسجل للعالم في قرنه الجديد آخر بطولات وطنية وانسانية تشهدها الأيام الأخيرة للقرن العشرين مسرحها ارض الشيشان في شمال القوقاز.
فخلال نحو أربعة اشهر منذ بدء الحملة العسكرية الروسية على هذه الدولة الصغيرة التي قد لا تزيد مساحتها عن مساحة اقليم من اقاليم روسيا، ولا يزيد عدد سكانها عن سكان موسكو، ولا يملك احرارها المقاتلون المدافعون عن سيادتها واحداً على ألف مما تملك القوات الروسية المهاجمة من اسلحة وعتاد,, خلال تلك الشهور الأربعة أثبت مجاهدو الشيشان أنهم ابطال حرب وأسود قتال، وضربوا أروع الأمثلة الانسانية للشجاعة وقوة الايمان بحقوقهم وبعدالة قضيتهم.
وقد استمدوا من ذلك الايمان هذا الصمود الذي قهر ميدانياً القوة العسكرية الغاشمة بمنعها من التقدم وإنهاء الحرب لصالحها بمواجهة قوة قليلة العدد وتكاد تكون عزلاء من السلاح قياساً لما في أيدي العسكريين الروس من سلاح وما تحت ايديهم من عتاد حربي.
وستمتد شهادة التاريخ لتتجاوز بطولة قادة وشعب الشيشان وتسجل تواطؤ وتآمر صنّاع القرار الدولي في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية وكثير من قادة الدول الاسلامية والعربية الذين استكثروا على شعب الشيشان المسلم وعلى وطنه مجرد اثارة قضيتهم العادلة في الأمم المتحدة، لا في مجلس الامن الدولي ولا في الجمعية العامة للامم المتحدة ولو على سبيل حفظ ماء الوجه مما تحسُّه شعوب الأمة الاسلامية من إحباط وغبن، وهوان كردِّ فعل لعجز قادة الأمة عن عمل شيء من أجل شعب شقيق ومن اجل ارض هي جزء قانوني وتاريخي من العالم الاسلامي.
وحدهم في الميدان وفي المواجهة المصيرية، قادة وشعب الشيشان الذين يقاومون ببسالة الهجوم الروسي على عاصمتهم غروزني باستخدام كل ما يملكون وهو قليل من ألغام أو نصب كمائن لأرتال القوات الروسية، وأولئك الذين انشقوا عن وطنهم وشعبهم وشكلوا ميليشيا هي بكل مقياس عميلة للروس المعتدين وخائنة لوطنهم وشعبهم, وقد لا تدوم المعركة الأخيرة لحرب الشيشان في غروزني اطول مما دامت حتى الآن وقد تسمع اليوم أو غداً أو بعد غدٍ أن الروس قضوا على المدافعين عنها وبسطوا سيطرتهم عليها وسلّموا سلطة الحكم الصوري في الشيشان للميليشيا العميلة ليحكموا البلاد نيابة عن حكام قصر الكرملين, ومن غير المستبعد ان يعيد حكام قصر الكرملين نفس ما قام به دكتاتور وسفاح النظام الشيوعي الهالك جوزيف ستالين عام 1940 عندما ذبح مَن ذبح وطرد مَن طرد من سكان القرم المسلمين الذين عرفوا الاسلام منذ عهد الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحوّل ستالين نصف سكان القرم الى صحراء سيبيريا الجليدية ليلقوا مصيرهم المحتوم هناك في معسكرات العمل، او تحت الجليد، كما حوّل النصف الآخر الى مشردين لم يتمكن سوى 100 ألف منهم من الوصول الى تركيا بينما قضى الباقون نحبهم في الطريق!.
ولكن ليست هذه العذابات المأساوية هي آخر عذابات الشعوب المسلمة مع تفاقم الطغيان من جانب الذين يحتكرون القوة العسكرية ويستخدمونها كمنطق للتعامل مع كل شعب مسلم لقهره وإذلاله واحتلال أراضيه ونهب ثرواته وربما تغيير قناعاته الايمانية بدينه وربه ورسوله المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام.
وهذا وارد مع تقاعس وتخاذل قادة الأمة وإلهاء شعوبها بكل ما يضرّها ولا ينفعها.
رحم الله شهداء الشيشان وكان في عون شعبها الشقيق الذي اصبح بين كماشة القوة الروسية واللجوء في العراء حيث الموت برداً بعد جوع!.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved