Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


من التجارب التشكيلية السعودية
عمر طه يجمع في أعماله بين تجربة الحاضر وبقايا الماضي بفانتازيا اللون والخط والمساحة

*تحليل: عبود سلمان العلي العبيد
درس الفن في جامعة ام القرى، 1402ه بكالوريوس تربية فنية تخصص تصوير تشكيلي.
عمل مديرا لمركز الثقافة والفنون بالهيئة الملكية بينبع.
وقد قام بتدريس التربية الفنية للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية بالمملكة.
وله اسهامات في كتابة القصة والشعر عدة.
وقد اشرف على تنظيم العديد من الفعاليات التشكيلية والثقافية وقد حصل على مراكز متقدمة في العديد من المسابقات التشكيلية عن مشاركاته الفنية في معارض جماعية لرعاية الشباب والجمعية العربية السعودية والمركز السعودي للفنون التشكيلية وبيت الفنانين التشكيليين,, وعن معارض خارجية جماعية في امريكا ولندن وقطر وقد مثل المملكة في المعرض المقام بمناسبة انعقاد مؤتمر زعماء دول مجلس التعاون بالدوحة 1411ه.
له معرض شخصي في بيت الفنانين التشكيليين 1416ه ومعرض ثلاثي مع الفنانين عبدالله نواوي وعمر طه وعوض ابو صلاح 1417ه في بيت الفنانين التشكيليين بجدة.
يعمل الآن رئيس لجنة العلاقات العامة ببيت الفنانين التشكيليين بجدة.
* وفانتازيا الرسم بالألحان والألوان.
عندما رحلت الدهشة الفنية مع الفنان عمر طه وتلاشت بعكس الفنون البدائية التي تركت اثرها على الفن الحديث كالينبوع الذي يتدفق ويلتمع تموجاته من خلال خطوط عريضة لتطورات سابقة,, أو عندما اهتم الباحثون بتدوين حكايا اللون بالصدق والاخلاص وقد تأثروا بالمدرسة الميتافيزيقية عندما قدم لوحاته بطابع الايقونة الشرقية القديمة وقدم فيها لوحات حديثة لها نمط المواجهة مع الذات في الحياة اليومية المعاصرة,, في شكل المناقشة الملونة في رمزية اخذت في بعض الحروفية ملامح محلية نابعة من لعبة المتلاقح لما بين الاسود والابيض او المواضيع الملونة بأسلوب خاص يتفرد به الفنان عمر طه بعيدا عن جميع الحروفيين الذين سكنوا في قواعد الخط كطبيعة صامتة وساكنة,, وعلى وجه الخصوص تأثر بعقلانية من خلال الفن التجريدي الذي طوره لصالح اسلوبه ليعالج الموضوعات الاجتماعية في فنه وذلك مع المساحات الشاعرية الملونة والتي اوجدتها عقلانية الواعي لسحر الشرق عندما اهتم بالزخارف الحروفية والكتابات العربية واعطى فيها تجارب حديثة ذات شاعرية ملونة انه ساحر من الشرق,, عندما يعبر عن دقائق الحياة التي يسعى اليها بعمق ليتلاءم مع الحياة والحب والانسان والسعادة والبحث وكأنه الشاهد على واقع نعيشه ولكنه الشاهد الذي له حضوره الخاص واسلوبه الخاص الذي يميزه عن اقرانه الآخرين,, بعيدا عن المباشرة في الطرح والمعالجة,, انه: عمر طه الذي يجمع في اعماله الاخيرة تجربته الماضية ليأخذ من الحاضر لغة المستقبل حتى يكون فنه خالداً أليس حلم الفنان ان يضمن في لوحته الواقع المتجدد بأزمنته المختلفة وتغيراته المستمرة اللامتناهية, حيث انه الذي يرى ويعبر بحرية عما يرى ليعطي عمله الابعاد الاعمق لتكون اعماله ذات حس جمالي ووجداني الذي يدفع للتجديد عندما يطلب الحصول على المستحيل عبر الآني والباقي.
عمر طه وهو الذي يبحث بين تراثه المتنوع الفني,, لا يريد اسلوبا تقليديا في التعبير الفني ولا يريد المباشرة عندما يلجأ الى الرموز البسيطة أوالمعقدة في انحناءات للدائرة أو العين أو الواو أو اللام أو باقي الحروف التي تشكل حقيقة عمله بأسلوب انطباعي شاعري يوقفه على موضوعاته المجردة التراكيب في بناء خاص به له شخصية قد تمثل حركة التشكيل المعاصر في المملكة العربية السعودية والتي يمكن ان نلخصها بقولنا بعد الابتعاد المرحلي عن مسببات الصراع الداخلي في نفسه, عاد الفنان عمر طه إلى انطباعيته الوادعة, لكن برؤية جديدة استفاد فيها من قيم التجريد ومعطياته الايجابية التي وظفها بشكل جيد لصالح تعبيرية محدثة, ستغني تجربته وتطورها وتكرس القها المتصاعد يوما اثر يوم غير ان عمر طه الحقيقي يبقى هو ذلك الملون المتمكن القادر على لملمة كل ما في الطبيعة من سحر وجمال وسكبه بكل طزاجة وألق, في لوحة شاعرية يختلط فيها الحلم بالواقع, والخيال المحلق بالطبيعة وهي في ابهى تجلياتها ولحظاتها المنسجمة فيها مع نفسها وكأني به شاعر مداده اللون الجميل ويراعه ريشة سكرى بحب الطبيعة الغرافيكية للنقش العربي ذي الحروف العربية بسحرها, كشاعر يتقن جيدا كيف يغرس ريشته في اللون ومتى لتأوي التقليدية التي كان دوما يرمز من خلالها الى دور الانسان والحاجة إلى وجوده بمتانة الاشكال المتينة والاهتمام الزائد بالعناصر الاثرية عندما يترك أنامله من ضمن الصياغات ليعبر عن مضمون شخصي يعطي للانسان اهميته في اثره الهام كرمز قريبا في لغة الاخادير بجمالية خاصة راسخة بالعناصر التراثية في ارض وانسان في صفة مميزة,, عن باقي الفنانين الحروفيين,, عندما يدمجنا ببناء لوحته ليقدم تركيبا خاصا,, قوامه الانسان الفنان المشكل والاجواء التجريدية والرمزية التي تبدو شديدة التأثير بتداخل مع التجارب العالمية المختلفة ضمن اضاءات معبرة عن لعبة الظل والنور وسطوح الاسحطة الفنية ذات الملمس الذي يجدد عناصره التشكيلية في غنى تحيط بنا للتعبير عن قضاياه الفنية المطلقة,, ليحمل معاني اعمال لحظات تراجيدية خاصة وليعكس تركيبا لعناصر متعددة.
في لوحة عمر طه انموذج لعمل متكامل فيه الانسان وقد قضى عن طريق الفكرة فيه تلك الواقعية الدقيقة مع استخدامات الاشياء العادية لغة الجدار اوالآرمة او المخطوطة المحفورة بخربشات رغبة الفنان التشكيلي للوصول إلى الوجود الملحمي الذي يتفاعل به الفنان مع ادواته ورموزه البسيطة والمعقدة حين يتمكن الفنان من تحقيق ذلك,, عندما يحاول التعبير عنه بصدق,, او عندما لا يريد الفنان المباشرة في لغته,, كذلك كانت النماذج الفنية في صيغ الفنان مر طه الفنية,, وخلفياته الثقافية والفكرية والتشكيلية,, من خلال شفافية حالمة عبر توليفات لونية عالية الانسجام والتعبير والغنائية الرومانسية,, الذي يدرك تماما عمر طه اسرار الالوان الوسيمة وكيفية استنباطها وبعثرتها فوق سطح اللوحة وعناصره المختلفة.
وبالتدريج اخذ يغادر عمر طه انطباعيته الساحرة هذه ليقدم لنا تجربة مجردة الاشكال والصياغات لكنها غنية الحركة والتعبير مدهشة الايقاع غريبة التوجه والاتجاه فهي شيء من التجريد الممزوج بالسريالية والوحشية والتجريدة والحروفية العربية وفي بعض جوانبها لتلامس الانطباعية التي طالما ميزت تجربته وارتبطت فيها,, فالاشكال الجديدة اشبه ما تكون بكائنات بحرية تسكن في قاع المحيطات، او هياكل قادمة من عالم خرافي فضائي او هي شيء من خلجات هادئة في الظاهر قلقة ومتفجرة في الباطن.
والحقيقة، على الرغم من ابتعاد الفنان عمر طه في التجريد والتخليص والتكثيف الهيئاتي بحيث اصبح المضمون أوالفكرة في لوحته غامضا,, فقد ظل مع ذلك امينا للعنصر الاساسي في تجربته الفنية وهو اللون الفني الساحر الرافل بالتعبير والجمال.
* عضو بيت التشكيلين بجدة

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved