Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


هكذا
المعادلة الصعبة,,.
حول الدراما,, والكتابة الأدبية
فهد العتيق

* عندما حاولت الدراما السينمائية التجارية العربية المتوعكة، أن تسيطر في السبعينيات والثمانينات الميلادية على سوق السينما العربية كان رد منتجي ومخرجي هذه الافلام الهزيلة على النقاد (الجمهور عايزكذا)، حتى اصبحت هذه العبارة شعاراً لكل من يريد ان يحول الفن إلى تجارة واستثمار وعمل استهلاكي يبحث عن الجمهور وعن الربح المادي ببعض المشاهد المضحكة وبعض الصور الجنسية المبتذلة والرخيصة، وكان يقابل هذه الاعمال التجارية افلام قليلة تحمل موقفا ملتزما تجاه قضايا الانسان والمجتمع بصفة عامة، لكنها في الغالب لا تجد جمهوراً عريضاً.
وأيضا على مستوى الكتابة الأدبية وفي بعض الاحيان تتحول هذه الكتابة إلى اعمال درامية تجد هناك الكتب التجارية التي يبحث اصحابها عن الشهرة وعن الكسب المادي متجاوزين مسألة ان يكون لكتاباتهم موقف واضح والتزام حقيقي تجاه هموم الانسان وهموم مجتمعه، ويقابل هذه الاعمال الادبية اعمال اخرى تنطلق من موقف ومن قضية حقيقية وصادقة ومن رؤية محددة مركز اهتمامها هو الانسان وأسئلته يساندها قيمة فنية ولغوية عالية تدعم هذه الاعمال وتقدمها بصورة أدبية راقية للمتلقي.
ونفس الشيء مع الكتب الادبية والثقافية بشكل عام، إذ تجد جمهوراً عريضاً للكتب التجارية وجمهورا اقل للكتب الادبية العالية على مستوى الموقف والفن.
وهذا كله بطبيعة الحال يعود إلى أن الجمهور العربي تربى على نوعية من الاعمال الدرامية التجارية ونوعية من الكتب الادبية الضعيفة على مستوى الفن واللغة ولكنها قريبة من عواطفه وأحيانا من طريق تفكيره، بحيث تحاول الابتعاد عن كل ما يستثير افكاره وأسئلته والكمون في منطقة ظل الواقع.
وكلما حاول العمل الدرامي او الادبي تحقيق (المعادلة الصعبة) وهي الالتزام في هذا العمل او الكتاب بموقف انساني واضح مع العمل على ان يتم التناول او المعالجة بصورة غير معقدة، كلما كان اقرب الى الفوز بالجمهور وبآراء النقاد والنخبة ايضا، وتكمن ميزة مثل هذه الاعمال او الكتب انها تحاول الارتفاع بمستوى خيال وذهنية وأسئلة المشاهد او القارئ او المتلقي بشكل عام.
وأظن أن الكاتب سوف يظل يراكم تجارب وخبراته حتى يصل إلى هذه المرحلة من النضج التي تجعل من السهل على عمله الفني سواء كان دراميا او نصا مكتوبا ان يحقق المعادلة الصعبة وهي تقديم عمل كبير وعميق وعالي المستوى يقبله الجمهور دون ان يضحي الكاتب بموقفه او ثقافته او ادواته الفنية.
وربما ينطبق هذا الرأي تجاه (المعادلة الصعبة) على الاعمال الادبية لدينا (رواية، قصة، قصيدة) لاننا حتى الآن لم نحقق تراكما موازيا على مستوى العطاء او الابداع الدرامي، إذ إن ما نشاهده الآن من اعمال تمثيلية لا تتجاوز اجتهادات فردية متواضعة جدا برغم طموحها الجميل ورغبتها الكبيرة في التأسيس لاعمال درامية تمثيلية حقيقية في المستقبل ومنها على سبيل المثال: (طاش ما طاش) و(العولمة) وأعمال اخرى نأمل ان يدعمها قسم الانتاج في التلفزيون السعودي مستقبلا لكي تستطيع أن تثبت وجودها، على ان يكون هناك دعم من الانتاج لكاتب (السيناريو) المفقود، القادر على تحويل كل عمل ادبي إلى عمل درامي, إذ من الصعب تقبل تجربة تمثيلية يقارب عمرها عشر سنوات دون ان يطرأ على مستواها اي تقدم حقيقي على مستوى (السيناريو) بالذات، وطبعا من اجل تقديم هذا العمل الدرامي المحلي الحقيقي والمقنع والكبير، فنحن بحاجة إلى احتشاد حقيقي ايضا، وتوظيف كل الخبرات والجهود والاموال الكافية لكي يظهر الى الوجود، وهذا ما يعني تظافر الادب والخبرات التمثيلية لكي تتحول كل هذه الجهود الجماعية إلى اعمال نفتخر بها جميعا.
* ويتم هذا الرأي نفسه بعد العيد مباشرة ان شاء الله مقتربين اكثر من مفهوم المعادلة الصعبة في العمل الدرامي والعمل الادبي على حد سواء.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved