إنني أذكر صباح يوم اكتشفت فيه شرنقة في قشرة شجرة في اللحظة التي كانت فيها الفراشة تحطم الغلاف وتتهيأ للخروج.
وانتظرت فترة طويلة,, لكنها تأخرت، وكنت مستعجلا,, وبعصبية انحنيت وأخذت أدفئها بأنفاسي,, كنت أدفئها بنفاد صبر، وبدأت المعجزة أمامي باسرع مما تتم عادة وانفتح الغلاف وخرجت الفراشة تجر نفسها جراً,, ولن انسى مطلقا الشناعة التي شعرت بها عندئذ، فجناحاها لم يكونا قد تفتحا بعد، وراحت تحاول بكل جسدها الصغير المرتعد ان تنشرهما، وأخذت أساعدها بأنفاسي وأنا منحن فوقها,, لكن عبثاً، كان لابد لها من نضج بطئ,, ولابد للاجنحة من أن تنمو ببطء تحت الشمس، أما الآن فقد فات الأوان,, لقد اجبرت انفاسي الفراشة على الظهور مثخنة قبل موعدها، وارتجفت يائسة، وبعد عدة ثوان,, ماتت في راحة,, يدي.
هذه الجثة الصغيرة هي اشد ما يثقل على ضميري على ما أعتقد، لأن اغتصاب القوانين الكبرى وأنا افهم ذلك جيداً خطيئة مميتة,, يجب ألا نستعجل، ألا نفقد الصبر وأن نتبع بثقة ,, النسق الابدي.
آه,, لو تستطيع هذه الفراشة الصغيرة ان تطير من جديد وتهديني إلى الطريق!!
كثيراً ما أعدت على نفسي تفاصيل هذه القصة البسيطة، وهاأنذا قارئي العزيز أخبرك بها فلعلك مثلي ستدرك ان خطواتنا السريعة غير المحسوبة لا تجعل الأمكنة التي نريد قريبة,, وأننا يجب ان نتعلم وبذكاء,, متعة الانتظار وأن لانتدمر أبداً,, لا نتدمر!!.
** تعلمت مؤخراً,, أننا في انتظار فصول القدر,, ننتصر اكثر,, وأجمل,, وأن أي محاولة لاستعجال ما نرغب ستبوء بالفشل حتما,, وأننا سنظفر بما نريد ان نحن مارسنا الحياة كأن شيئا لم يكن!!
وتعلمت ايضاً,, ان أسوأ المشاعر هي تلك التي ندفعها دفعا لتكون وفق ما نرغب,, نرسمها وفق ما نريد,, ثم نتوقع ظلما وجهلا اننا نستطيع ان نقول لها,, خذي الحياة بقوة,, وحلقي!!!
هي ستحلق وفق المشيئة,, ذلك ان تلك الخطوات المتوغلة في الغيب لا حيلة لنا امامها إلا ان ندعها تسير بمفردها,, وبهدوء إذ إنه مهما فعلنا لن نستطيع ان نغير شيئاً!! أن نعجل أي شيء!!
الإنسان الممتلئ بما يريد,, بما يرغب لا يستطيع مهما فعل,, ان يمنح تفاصيل غيبه قدرة الوضوح,, والانسان الاذكى هو الذي يمارس الحياة كأنه,, قاب قوسين او ادنى من تحقيقه لما يريد,, فقط لندرك جيداً انه يجب ان نمنح الانتظار,, دهشة الوصول,, في كل لحظة!! وأن لا تتوقف خطواتنا,, أمام,, انتظرنا,, ولن نظفر,, , الانسان الاقوى,, هو الذي يسير بهدوء,, إلى ما يريد!!
** مفردات,, للتأمل,, للشاعر الصيني لاوتسي .
لكل مخلوق وقت للمضي قدماً,.
ووقت للتراجع,.
ووقت للتنفس البطيء,.
ووقت للتنفس السريع,.
وقت للقوة,.
ووقت للتحلل,.
وقت للصعود,.
ووقت للنزول,.
أن تعرف الآخرين يعني انك ذكي,.
وأن تعرف نفسك يعني أنك متنور,.
أن من يقهر الآخرين قوي,.
ولكن من يقهر نفسه يملك,, القوة والشجاعة معا,.
ان يعرف المرء متى يملك ما يكفيه,, يعني انه غني,.
ان من يتبع طريقا ترافقه فيه الروح,, يمكن ان يصل إلى مبتغاه,.
ولكن ان يبقى المرء سليما,, يعني ان يتحمل,.
وأولئك الذين يقبلون النسيان,, ومع ذلك يبقون احياء,.
يصبحون خالدين,.