Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


نهار جديد
المشهد الثقافي
عبدالله سعد اللحيدان

كيف نرى المشهد الثقافي، وبخاصة الصراع الدائر بين الشعر والرواية، وبين ثقافة الكتابة بشكل عام وثقافة الفضائيات والانترنت، كيف يمكن تقييم هذا المشهد وتقويمه؟
سأعيد صياغة السؤال، وسوف تنطوي الاجابة على مزيد من الاسئلة: هل هناك صراع ما، او منافسة بين بعض الفنون او بعض الانواع الادبية الآن لاحتلال المشهد الثقافي، وهل تتطور فعلا، كماً وكيفا بعض هذه الانواع الى درجة تمنحها سلطة بسط نوفذها على فضاءات هذا المشهد ومن ثم اقصاء الانواع الأخرى؟
مهما وصل نوع أدبي، او فن من الفنون، إلى القوة التي تمكنه من بسط ذائقته انتاجا واستقبالا على ذائقة العصر الجمالية، فهل ينبغي، او هل من مهماته أن يلغي الانواع الاخرى او يحل محلها، ولا اقول يعجل في انقراضها؟
الثقافات الثلاث: (الشفوية) مثلا الخطابة والشعر العمودي وآليات الالقاء والانشاد والمباشرة التوصيلية، حين تبرز بشكل أو بآخر، بنسبة أو بأخرى، في أي فن أو نوع من الانواع الأدبية، (والكتابة) مثلا في الشعر الجديد، تفعيلة (في الحديث جدا منها) وفي قصيدة النثر، وفي تقنيات التأمل والبوح ومجادلة الذات فيما هي تقيم جدلا مع الآخر، حين تبرز في اي فن او نوع ادبي، (والبصرية) والتي تنطلق من وإلى الحواس، اي ثقافة الحواس وإن كان البصر هو الحاسة الرئيسية فيها وما تنطوي عليه هذه الثقافات الثلاث من جدلية فنية تقوم على استعارة كل منها بعض آليات أو تقنيات الأخرى مهما كانت نسبة هذه الاستعارة.
ونحن نطوي آخر اوراق تقويم القرن العشرين ونقف على اعتاب القرن الواحد والعشرين بعولمته وفنونه المستقبلية.
اي الثقافات الثلاث سوف تحتل كامل فضاءات المشهد الثقافي؟
وإذا حدث هذا الشيء,, فهل ستترك للثقافيين الآخرين مساحة للتحليق ولو في حيز نسبي من أجواز هذا الفضاء الشاسع؟
وإذا سيطرت ثقافة واحدة من هذه الثقافات وبسطت سلطتها على فضاءات العصر الثقافية، سواء تم ذلك بجهودها الثقافية الذاتية، وبانجازاتها الفنية، او بالدعم السياسي او الاقتصادي او الايدلوجي فهل ستكون سيطرتها وسلطتها موزعة بالتساوي بين الناس، أفراداً ومجتمعات وحضارات، حضارات ومجتمعات نشطة غير قابلة للانضمام الى قطيع ثقافي، وحضارات ومجتمعات تبحث عن اي ظل ثقافي تستظل به؟ بين عشاق الاستقلال والحرية، وعشاق التبعية؟
لكي ننطلق من الخاص إلى العام، ومن الذات إلى الجميع، سنختار جزءا صغيرا وبسيطا من هذا المشهد الواسع، الشعر والرواية، المنافسة القائمة بينهما منذ عقود، محليا وعربيا، ومن خلال محاولتنا قراءة هذا الجزء الصغير الظاهرة ومجادلته، ربما استطعنا ان نقترح آلية وان كانت نسبية المنطلقات والاجراءات والنتائج لقراءة ومجادلة الظاهرة بكاملها ومن ثم توصيف وتقييم ابعاد فضاءات المشهد الثقافي كاملا، ولأن المنافسة والملاسنات قائمة منذ عقود بين مريدي الشعر ومريدي الرواية، محليا وعربيا، ولان هذه المنافسة والملاسنات تتم غالبا من قبل النقاد، فإن اقامة حوارات حول هذه الجزئية الصغيرة، والبدء فعلا، قد يكون الخطوة الاولى لاجتراح آلية متكاملة لمساءلة الانساق الثقافية كلها، ومن هذه النقطة المسيطرة تقريبا، ومنذ عقود على المساجلات الثقافية، سيكون الانطلاق الى النقطة الثانية، وهي التوصيف الكامل للمشهد الثقافي الحالي، بثقافاته الثلاث، ومن ثم محاولة استقراء المشهد الثقافي القادم، في الالفية الثالثة، والذي يراهن على الثقافة البصرية، ويهدد بتهميش او الغاء ثقافة الكتابة، بعد ان بدأت الثقافة الشفوية تأخذ ركنا هامشيا، منذ منتصف القرن العشرين تقريبا، مع أنني اظن اننا كعرب - لم نمر بثقافة الكتابة بما يكفي، وربما اصبح انتقالنا المفاجئ من ثقافة المشافهة الى الثقافة البصرية شيئا يستحق العناية والدرس، واعتقادي ان من اهم آليات مجادلة وقراءة الثقافة والفنون والآداب، حاضراً ومستقبلا، عدم اضاعة الجهد والوقت في البحث عن شرعية تاريخية لاي نسق ثقافي او نوع فني او ادبي، بل دراسته ومساءلته كابداع يمثل الحاضر ويحمل في خلاياه بشارات مستقبل اكثر انسانية.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved