Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


قعقعة الأرقام في عصر العالمية الجديدة
د، زيد بن محمد الرماني*

يفخر المجتمع العلمي الحديث بأنه يستطيع تقديم الحلول لمشاكل العالم واحدى هذه المشاكل هي الاشكال المعقدة من الهجرة الدولية التي تظهر الان والجهود تبذل لاغلاق الباب امام موجات الهجرة المتصاعدة من العالم الثالث،
ان جهود التنمية غالبا ما تؤدي الى زيادة الهجرة من الجنوب الى الشمال والسبب في ذلك هو ان الميكنة وزيادة الكفاءة المطلوبة لزيادة الانتاج ستعني ان اعدادا كبيرة من العمال سيفقدون عملهم وبارتفاع البطالة سيرتفع ايضا عدد الناس الذين يسعون الى ايجاد ملجأ لهم في مكان اخر وقد تستمر هذه العملية على مدى عدة عقود لان التنمية تكون تدريجية حتى في احسن الظروف،
ومن المقدر ان اكثر من 60 مليونا من البشر في العالم حاليا هم في حالة حركة وهذا الرقم يشمل اناسا كان دافعهم الى مغادرة اوطانهم هو الحرب الاهلية او القمع السياسي او الكوارث البيئية او خطر المجاعة او الصعوبات الاقتصادية او الرغبة في تحسين ظروفهم وحوالي 16 مليونا منهم لاجئون سياسيون ممن ينطبق عليهم تعريف ميثاق الامم المتحدة بانهم افراد يبحثون عن ملجأ لخوفهم من الاضطهاد المبني على اسس واقعية حقيقية،
والمهاجرون المحتملون يتركزون بشدة في المناطق الفقيرة من الجنوب وهم ينتقلون الى بلدان مجاورة لهم في منطقتهم وكذا يحاولون بشكل متزايد الانتقال الى مناطق متقدمة صناعيا مثل اوروبا وامريكا،
ان هناك اتجاها لالقاء اللوم بشأن الهجرة الحالية من الجنوب الى الشمال اي من الفقر الى الغنى على فشل التنمية في الجنوب الفقير والحقيقة ان عقد الثمانينات وهو عقد التنمية قد تميز بالركود الاقتصادي وبالمستويات المتناقضة للدخل الحقيقي للفرد،
وسينظر الى هذا العقد تاريخيا باعتباره فترة من التحول الدرامي نحو عالمية الاسواق وما يرتبط بذلك من تنسيق عالمي للسياسات الاقتصادية الوطنية،
لقد عانت بلدان العالم الثالث التي حدث فيها قدر من النمو الاقتصادي في العقود الاخيرة بشكل عام في فترات طويلة من البطالة العالية ومن الهجرات الكبيرة منها،
يقول الان سيمونزر الباحث الاجتماعي الكندي ان معدلات النمو السكاني الطبيعي العالي وتأثير الميكنة في الزراعة والصناعة اوجدت اعدادا من العمال في هذه البلدان اكبر مما يمكن ان يستوعبه الاقتصاد المحلي،
وعلى مدى الثمانينات خسر عدد اكبر من البلدان اقتصاديا وولدت البطالة المتصاعدة وانخفاض الدخل الحقيقي فيها ازمات سياسية وضغطا متصاعدا من اجل الهجرة،
ان التنمية في عصر العالمية الجديدة ستكون غير متكافئة لاسباب متأصلة في البلدان ذاتها وستستمر حتما في توليد ضغوط كبيرة للهجرة الدولية وستتغير الاماكن التي يخرج منها المهاجرون بتغير الظروف العالمية،
كما ان تحول الانتاج الى العالمية قد دعم التقسيم الدولي للعمل حيث تتركز في الشمال الغني الوظائف المتعلقة بالعلم والتقنية والتصميم والمالية والادارة والرقابة،
بينما تتركز في الجنوب الفقير وظائف الصناعات التحويلية اليدوية التي تحتاج الى كثافة الايدي العاملة ويؤدي النمو الاقتصادي في الشمال الغني الى الطلب المتزايد على الخدمات والانشطة المعاونة الرخيصة في البلدان المتقدمة ذاتها،
ان الاتجاهات الحالية للهجرة من الجنوب للشمال هي نظام عالمي من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة التي يفضلها ويعززها الشمال،
ان الحلول المقدمة لايقاف الهجرة ينبغي ان تشتمل على خطة طويلة المدى وان تؤدي الجهود الدولية الحالية للتنمية الى الاقلال من الهجرة على المدى الطويل،
ومن ثم فمن الصعب ان نتصور كيف يمكن للنمو الاقتصادي ان يحدث في الجنوب الفقير بدون تجارة واسعة وتبادل فني وتعاون مع الشمال الغني،
وبالمثل فان من الصعب ان نتخيل كيف يمكن للشمال الغني ان يحقق امنا اكبر بدون التعاون العادل والمنصف مع الجنوب الفقير،
اما ان نتصور خلاف ذلك فمعناه العودة الى حالة اشد من العزلة ومن الصراع بين الدول ومن الفوضى الدولية،
* عضو هيئة التدريس بجامعة الامام - محمد بن سعود الاسلامية ،
- عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الاسلامي ،

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved