ذومن منتصف الجزء الثاني تقريباً من هذه السيرة، وفي قسم كبير من الجزء الثالث ركّز عزيز ضياء على أمور اجتماعية وتعليمية وأورد معلومات عن الألعاب الشعبية للأطفال في المدينة المنورة، وطريقة التعليم والكتاتيب وكيف التحق هو نفسه بأحد هذه الكتاتيب وماذا واجه فيه وأثر هذا الكتّاب علىحياته التعليمية فيما بعد.
كما احتوى الجزء الثالث على معلومات تاريخية تخص حصار المدينة وما استتبعها من ضمها الى حكم الملك عبدالعزيز رحمه الله.
إن هذه السيرة بما تحتوي عليه من معلومات تمتد من الفترة من الحرب العالمية الأولى ومابعدها تقدم مادة تاريخية طيبة تفيد الباحثين الراغبين في تتبع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما كانت عليه الحياة في ظل التقلبات السياسية من الأتراك العثمانيين الى الأشراف ثم الملك عبدالعزيز، والجيد أن هذه المعلومات في أغلبها هي من شاهد عيان اختزن بعض الصور من طفولته وسمع بأخرى من أفراد أسرته وعلى وجه الخصوص والدته.
وقد تكون هناك بعض المعلومات التي تحتاج الى شيء من التمحيص والتدقيق لأن عزيز ضياء خلط في أجزاء من السيرة بين السرد الروائي والحقيقة التاريخية، ولكن هذا لاينقص من قدر هذه السيرة التي أبدع في كتابتها وصياغة عباراتها وتصوير أحداثها بحيث ينقل القارىء إلى عصرها ويجعله يعيش أحداثها ويتفاعل مع شخوصها.
وهذه السيرة هي مخزن معلومات لأنماط الحياة الاجتماعية في خارطة المدينة المنورة القديمة، كما أنها حافلة بألفاظ وعبارات لهجة أهل المدينة التي قد يكون الكثير منها قد تلاشى في وقتنا الحاضر.
إن عمل عزيز ضياء يستحق دون أدنى شك أن يقرأ لأنه مصدر متعة وفائدة، كما أنه يستحق أن يحول إلى عمل درامي شريطة أن ينتج على شكل يتفق وقوة العمل وأهميته فيختار له نخبة من الممثلين وكاتب سيناريو متميز ومخرج مبدع يستطيع نقل الكلام السردي إلى صور تعج بالحياة والحركة تؤثر في المشاهد وتطلعه على واقع الحياة في الربع الأول من القرن العشرين في منطقة مهمة من مناطق المملكة.