Wednesday 5th January, 2000 G No. 9960جريدة الجزيرة الاربعاء 28 ,رمضان 1420 العدد 9960



حصاد الجوائز الأدبية في القرن العشرين
كل هذه الجوائز ,, لماذا ؟
محمود قاسم

نحن نعيش في زمن الجوائز الادبية,!
وكي لا نثير الدهشة بهذه العبارة ، فعليك ان تعرف ان في العالم يمنح كل ساعة شخص جديد جائزة أدبية مختلفة، ورغم ذلك فلكل هذه الجوائز جاذبيتها وابهارها,, واذا اردت ان تتأكد أكثر من أننا في عالم الجوائز الادبية، فإن دولة مثل فرنسا بها عدد من الجوائز يزيد عن ال1500 جائزة سنويا اي انه في اليوم الواحد تمنح تقريبا خمس جوائز أدبية,.
والامر ليس مثيرا للدهشة في عالم اصبحت فيه الكتب وسيلة تجارية رائجة، وصناعة مربحة في انحاء عديدة من العالم فدولة مثل ايطاليا يظهر فيها سنويا ما لا يقل عن خمسمائة اديب جديد,, واغلبهم يختفي في نفس السنة.
وامام هذا الامر فإن القارئ غالبا ما يصاب بحيرة ازاء هذا الكم الهائل الصادر من الكتب، وخاصة في مجال الإبداع الروائي، وفي النهاية فإنه يختار الكتاب الفائز بجائزة أدبية، لأن هذا يضمن له، على الاقل انه سوف يقرأ رواية جديدة جيدة.
ومن هنا تبدو اهمية هذه الجوائز الادبية خاصة المحلية منها، فهي جميعا تمنح للكتب المنشورة حديثا، والقليل من هذه الجوائز يمنح تقديرا للكاتب عن رحلة عطائه الطويلة، ولذا فإن المستفيد من من اعلان احدى الجوائز هو الناشر، ثم المؤلف، وايضا القارئ, حيث سوف يتأكد الناشر ان الكتاب الفائز سوف ترتفع نسبة توزيعه، مما يحقق له الربح الكثير، ولهذا السبب فإن دور النشر تتسابق بشكل ملحوظ من اجل ان يحصل احد كتبها على جائزة أدبية مرموقة.
اما الكاتب، فإن فوزه بالجائزة يعني دخوله دائرة الضوء، خاصة ان أغلب الفائزين بالجوائز المحلية هم بالضرورة من الشباب، واحيانا من المخضرمين، باعتبار ان اي جائزة لا تمنح لكاتب في حياته سوى مرة واحدة,, وهناك عدد قليل من الجوائز يمنح احيانا للكاتب مرتين مثل جائزة بوليتزر الأدبية,ومن حيث القارئ، فهو يضمن ان ثمن الكتاب الذي سيدفعه موجه الى عمل ابداعي متميز، وان اللجنة التي اختارت هذا الكتاب قد قامت بتصفيته وسط عشرات الكتب الاخرى، وبذلك نرى ان الجوائز الأدبية في المجتمعات الغربية هي عملية اقتصادية في المقام الاول,, للاطراف الثلاثة المرتبطة بصناعة النشر وهم: الناشر، والمؤلف، والقارئ,كما ان للجوائز الأدبية موسما، يبدأ عادة في شهر سبتمبر، وينتهي في ديسمبر من كل عام,, وهو مرتبط في المقام الاول بموسم القراءة الذي يبدأ عادة عقب الاجازات الصيفية، وفي شهر نوفمبر تزداد حمية البحث عن الفائزين، وتلتهب قوائم المبيعات، وتنتشي حركة المبيعات.
ولذا فليس غريبا ان تهتم الصحافة الادبية باصدار ملفات متخصصة عن الكتب الجديدة,, والاصدارات الهامة، ومتابعة حركة النشر، ووراء هذا النشاط تقف دور النشر الكبرى التي تتنافس في تسمية الادباء بأسمائها، كأن تقول ان الكاتب الفرنسي هيرفين بازان من سوي اي انه ينشر اعماله في دار سوي، وبالتالي فهو يحابي جهة النشر التي يعمل لديها، بصفته رئيس اكاديمية جونكور مهما حاول ان يكون محايدا,.
وتتباين الجوائز الأدبية المحلية في العالم من حيث قيمتها الادبية بين رقم الصفر، وبين اكثر من 500 ألف فرنك في دولة مثل فرنسا, ومن الغريب ان الجوائز الادبية الاكثر شهرة واهمية مثل جونكور لا تمنح للفائز بها اي قيمة مالية، بينما جائزة الاكاديمية الفرنسية الرسمية، قد تصل الى نصف مليون فرنك، وهي القيمة التي حصل عليها الاديب الجزائري محمد ديب اخيرا.
والجوائز المحلية منها ما هو عام، اي انه يمنح للكتاب المتميز مهما كان اتجاهه الادبي مثل جائزة جونكور، ومنها ما هو متخصص، فجائزة ميدسيس الفرنسية تمنح للابداع التجريبي، وجائزة فيميدنا تمنح للادب المناصر لقضية المرأة، وهناك جوائز للخيال العلمي، وجوائز للشعر، واغلب هذه الجوائز للابداع، لكن هناك عدد قليل من الجوائز للنقد.
واغلب الجوائز الأدبية المحلية تحمل اسماء اشخاص قدموا اسهامات كبرى في عالم الثقافة والابداع، وخاصة الادباء لكن الغريب ان اشهر الجوائز تحمل اسماء اشخاص عملوا بالصحافة، مثل جونكور، وبوليتزر، وانتراليه، لكن الكثير من الجوائز تم تخصيصه لتخليد اسماء ادباء مثل شاتوبريان، وابوللينر، توماس مات، وجورج بوخز، وسرفانتس، وبعض الجوائز، خاصة في ألمانيا، تحمل اسم المنطقة الجغرافية التي تمنح فيها، مثل جائز شيلر لمقاطعة شتوجارت، وجائزة وستفاليا,وتمنح هذه الجوائز، عادة جمعيات ادبية واكاديميات، ومؤسسات تابعة للدول,.
ومنها ما هو سنوي، ومنها ما يمنح حسب الحالة الميسورة، والبعض الآخر قد يمنح مرتين في نفس العام مثل جائزة الفريد دوبلين التي تمنح في برلين وقيمتها عشرون الف فرنك.
ويهمنا هنا القاء الاضواء على اشهر الجوائز الادبية المحلية في العالم,, ولعل اشهرها جائزة جونكور التي تمنح في فرنسا، والتي انشئت بوصية من ادمون جونكور (المتوفى سنة 1896م) تخليدا لذكرى شقيقه جول جونكور (المتوفى في عام 1870م) وقد أسست الجائزة في نهاية عام 1903م، كانت قيمتها في البداية تصل الى 5 آلاف فرنك ذهبي، ما لبثت ان وصلت الى 50 فرنكا لا اكثر وتمنحها الآن أكاديمية جونكور، حيث يعلن اسم الفائز في منتصف شهر نوفمبر،,, وهي مخصصة لعمل نثري نشر خلال العام,, وهي في الواقع لا تمنح الا لرواية,, والمفروض انها جائزة لمكافأة مؤلف شاب، ولكنها مع ذلك منحت في عام 1984م لمرجريت دوراس التي تجاوزت السبعين، كما حصل عليها لوسيان بودار عام 1982م، وهو في الخامسة والسبعين.
وجائزة جونكور عبارة عن دعوة الكاتب لتناول الغداء في مطعم (دوران) بباريس، وصاحب المطعم هو الذي يدعو لجنة الاختيار، ولا يدفع اعضاء اللجنة سوى البقشيش,, واعضاء اللجنة هم من كبار الكتاب، وأغلبهم في اللجنة منذ اكثر من عشرين عاما، منهم ميشيل تورنييه، وروبير سابتييه، وفرانسوا نورسييه، وهناك كاتبتان هما ادمون شارل روو وفرانسواز ماليه جوريس, واعضاء اللجنة عشرة اشخاص ولرئيسها هيرفيه بازان صوتان عند تعادل الاصوات، وقد استطاع بازان ان يرجح الكفة في شهر نوفمبر الماضي لصالح الروائي دي كويلريه ضد الكاتبة بول كونستان فضاعت منها فرصة عمرها.
اما اشهر الاعضاء القدامى فقد كان منهم الرئيس والشاعر السنغالي ليوبولد سنجور، والكاتبة كوليت، والشاعر آراجون، والمؤلف المسرحي ساشاجيتري، ومن اشهر الادباء الذين حصلوا عليها هنري ترويا عن رواية (العنكبوت) عام 1938م، وكان آنذاك في السابعة والعشرين من عمره، وهو لا يزال على قيد الحياة يتمتع بنفس النشاط الابداعي، كما فاز بالجائزة ايضا اندريه مالرو عن رواية قدر الانسان .
ورغم ان الجائزة فرنسية، فإنه قد حصل عليها ادباء اجانب مثل باتريك شاموزو صاحب رواية تكساكو عام 1992م والذي ينتمي الى جزر الهند الغربية، وقد حصل على الجائزة اثنان من الادباء العرب الذين يكتبون بالفرنسية وهما الطاهر بن جلون عام 1987م عن روايته ليلة القدر وامين معلوف عام 1993م عن روايته صخرة طانيوس .
والمتابعون لجائزة جونكور، يعرفون ان تاريخها قد شهد العديد من الاحداث الطريفة، والغريبة، ففي عام 1977م واثناء اعلان النتيجة، قذف أحد المعترضين على النتيجة عضو اللجنة الذي اعلنها بكعكة كبيرة اصابت وجهه، وفي عام 1983م اكتشفت اجهزة تسجيل صوت مخبأة تحت المائدة التي كانت تجرى حولها المداولة، ورغم كل هذا فإن قرارات اللجنة واجبة التنفيذ، ولم يحدث ان حجبت في اي من السنوات، اسوة بجائزة نوبل، كما لم تمنح لكاتبين في نفس الجائزة.
واذا كانت جونكور هي اشهر جائزة في اوروبا، فإن بوليتزر هي الجائزة الادبية الاشهر في الولايات المتحدة وهي جائزة متشعبة وتختلف في حيثيات منحها، حيث انها تمنح للرواية، كما يحصل عليها من قدم خدمات تحقق الصالح العام، وتمنح للريبورتاج الصحفي، ولمراسل الانباء في واشنطن او في الخارج، وايضا للمقالات الافتتاحية وللرسم الكاريكاتوري، وللتصوير الفوتوغرافي الصحفي، وايضا للمسرح، والتاريخ.
كما ان الجائزة تمنح في مجال الابداع لكل من الرواية والسيرة، والشعر، وللموسيقى وقد انشئت هذه الجائزة عام 1918م، وقيمتها المادية تصل الى الف دولار للابداع، اما بالنسبة للخدمة العامة فإنها عبارة عن ميدالية ذهبية.
وبالنظر الى الفروع التي تمنح فيها جائزة بوليتزر، فإنها تصل الى احد عشر فرعا في الصحافة تم انشاؤها على مدى عشرة اعوام، اما في الابداع فقد تأسست عام 1918م حيث منحت اولا لمجالين الاول هو الرواية، ثم المسرح، والهدف منها تشجيع المبدعين الامريكيين، ويفضل ان تكون الرواية الفائزة حول الحياة الامريكية ، والغريب ان الكثيرين قد اعتبروا حصولهم عليها فاتحة كبيرة للفوز بجائزة نوبل، حيث حصل عليها سنكلير لويس عام 1926م، وبيرل بك عام 1932م، وجون شتاينبك عام 1940م، وارنست هيمنجواي عام 1953م، وتوني موريسون عام 1987م وجميعهم حصلوا بعد سنوات قليلة على جائزة نوبل في الادب، اما ويليام فوكنر فقد حصل على الجائزة عام 1954م، اي بعد حصوله على جائزة نوبل بخمسة اعوام,وكما هو واضح فإن الجائزة تمنح لعمل أدبي منشور في نفس السنة، ومن الروايات الشهيرة التي نالت هذا التقدير الارنب لجون ايرايك، وذهب مع الريح لمرجريت ميتشيل عام 1935م، ولم يحصل كاتب غير امريكي على جائزة بوليتزر في الرواية، وقد حصل بعض الادباء المشاهير على الجائزة اكثر من مرة مثل ويليام فوكنر، وجون ايرايك وفي السنوات الاخيرة حصل عليها ادباء من الزنوج بشكل لرواية اللون قرمزي , ثم توتي موريسون عن روايتها محبوبة .
اما في مجال الابداع المسرحي، فقد انشئت جائزة بوليتزر ايضا عام 1918م وهي تمنح لمسرحية امريكية يفضل ان يكون فيها تجديد وان تصور الحياة الامريكية، واغلب المسرحيين الذين حصلوا عليها نالوا اكثر من مرة، مثل يوجين اونيل الذي فاز بها ثلاث مرات، وثورنتون وايلدر رنين، وتينسي ويليامز مرتين، كما فاز بها آرثر ميللر عن مسرحية ابنائي جميعا عام 1949م، وادوارد آلبي عام 1964م عن مسرحية من يخاف فرجينيا وولف كما حصل عليها ايضا الكاتب الشهير نيل سايمون, وبوليتزر هو اسم صحفي مجري ولد عام 1847م وهاجر الى الولايات المتحدة عام 1865م، وهناك استطاع ان يشتري صحيفتين، ثم اسس مؤسسة صحفية كبيرة تقوم شهرتها على الاثارة والفضائح,, واسس مدرسة للصحافة في نيويورك بجامعة كولومبيا، وتبرع بمبلغ كبير قبل وفاته في عام 1911م بانشاء جائزة سنوية للصحافة والآداب والموسيقى.
اما اذا عدنا الى اوروبا، فإن الجائزة الكبرى هناك هي بووكر التي تمنح كل عام لرواية مميزة مكتوبة باللغة الانجليزية، ايا كان المكان الصادرة فيه، وقد انشئت في عام 1969م وتشرف على منحها جمعية الكتاب الوطنية,, وقيمتها 10 آلاف جنيه استرليني، وقد حصل عليها ادباء من جنوب افريقيا مثل نادين جورديمر، ومن دول الكومونولث، وخاصة من الدول الافريقية الناطقة بالانجليزية، ولم تمنح الفرصة لأي كاتب عربي ان يحصل عليها ربما لعمرها القصير نسبيا الى الجوائز الاخرى.
وأغلب الجوائز الادبية البريطانية حديثة السن، مثل جائزة تحمل اسم الاديب هيوارد سميث التي تأسست عام 1959م، وقيمتها الف جنيه استرليني وهي بمثابة جائزة تقديرية تمنح للكاتب عن مجموع عطائه.
وفي ألمانيا مجموعة كبيرة من الجوائز لعل اكبرها من ناحية الشهرة والقيمة جائزة تحمل اسم الاديب والمسرحي جورج بوجنر وقيمتهال المالية 20 الف مارك, اما اعلى الجوائز قيمة أدبية فهي تحمل اسم الروائي هاينريش هايتي وتمنح مرتين كل عام، وقيمتها في كل مرة 25 الف مارك, وتتباين الجوائز الادبية من الناحية الجغرافية فهناك جوائز تمنح في المقاطعات, واخرى لتشجيع الادباء الشبان، وهناك جائزة تحمل اسم الشاعر راينر ماريا ريلكه تمنح في مدينة فرانكفورت لشاعر متميز عن ديوان جديد نشره في نفس السنة.
وفي ايطاليا تعادل جائزة مونديللو في قيمتها جائزة جونكور الادبية الفرنسية، رغم انها احدث منها عمرا,, اما اقدم هذه الجوائز فهي باجوتا التي تأسست عام 1927م وقيمتها 15 الف ليرة، وهو مبلغ زهيد لكنه رمزي كما هو واضح، وقد حصلت عليها الاديبة السامورانتة عن رواية تاريخ في عام 1984م، اما جائزة فياريجو فقد انشئت عام 1929م وهي عبارة عن ثلاث جوائز كل منها قيمتها 5 ملايين ليرة.
انه عالم من الجوائز الادبية، وليس من السهل حصره، او الالمام به في حديث واحد ومن المهم ان نتعرف على هذه الظاهرة ومقارنتها بمثيلتها في الوطن العربي، فليس لدينا جائزة تمنح عن الكتب التي حصلت في نفس السنة، واغلب الجوائز تقديرية، مثل جائزة الملك فيصل، والبابطين، وجائزة الدولة التقديرية في مصر، وجائزة العويس، اما جائزة الدولة التشجيعية كأنها لا تمنح الا لمن تقدم للجائزة بطلب مع روايته، ويعلن اسم الفائز غالبا بعد ان يتقدم لها الكاتب بعامين يكون الكتاب قد دخل في ادراج النسيان، ولم يحدث ان جعلت جائزة من الرواية الفائزة بها، او ديوان الشعر، ترتفع مبيعاتها.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

حوار

محاضرة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.