Monday 10th January, 2000 G No. 9965جريدة الجزيرة الأثنين 4 ,شوال 1420 العدد 9965



بيننا كلمة
نحن والعولمة؟1
د , ثريا العريّض

عند مطلع القرن الجديد لعل أهم سؤال يواجهنا هو سؤال (العولمة), (العولمة قادمة,, فكيف سنواجهها)؟,,
هو نفس ذلك السؤال المصيري: (نكون أو لا نكون؟) خصوصا حين نخرج به من انحصار التفكير في ضروريات المواكبة التقنية والعلمية لتطورات ما يستجد في العالم، الى التفكير في الهوية ومعالمها التي تدخل تحت الثوابت وما هو قريب من قيمنا الاجتماعية الى مرتبة الثوابت.
وهي ملاحظة صحيحة واستنتاج صائب، أن معايشة التفاعل عالميا أفق قادم حتما, وفي مواجهة حتمية نتائج العولمة جمعت الجوارات الإقليمية المتشابهة المصالح قواها للدفاع عن مصالحها المشتركة في تجمعات اقتصادية وعسكرية، وثقافية عدا البعض المحافظ, فالعولمة هي انفتاح العالم ليكون قرية كبيرة لا يستتر جانب منها عن تفحصات أو توغلات تأثيرات الآخر, وهي مرفوضة من الكثيرين خصوصا المتوجسين من فقدان جدران الخصوصية الذاتية الحامية للهوية من التصدع والسقوط تحت تأثير القوى الاقتصادية التي تشجع الاستهلاكية، والقوى العسكرية التي ترسخ التبعية، بما في ذلك التبعية الثقافية وتوجهات النشء مما ينتج عنه تغيرات في أسلوب الحياة والقيم الخاصة وبالتالي فقدان الهوية في مواجهة التأقلم المطلوب مع الانتماء لعضوية عالمية.
والقول بأن العولمة قادمة قد يكون وصفا يفتقد الدقة، متخلف عن مواكبة وضعها الحقيقي الراهن، فهي الآن ممارسة حياتية يعايشها الغالبية في الدول النامية والمتقدمة التقنية,, خصوصا تقنية الحصول على المعلومات وبثها للجموع, فعن طريق الانترنت مثلا يستطيع الفرد أن يعرف حالة السوق اقتصاديا، ويتم مبادلات وصفقات تجارية، ويطلب معلومات عن أي موضوع يحتاج ان يعرف عنه، من الإقتصادي الى السياسي الى الفني الى الأدبي، وعن طريق الإنترنت يمكنه التسجيل لحضور مؤتمر بعينه، وحجز مقعد على الطائرة في رحلة معينة ومعرفة رصيده البنكي، وعن طريق البث التلفزيوني المباشر يمكن عقد حلقة عمل استشارية بين مهنيين أو مداولة بين رجال أعمال بمراكزهم الخاصة في أنحاء متباعدة من العالم.
منطلق العولمة يمثل نقطة تحول في التاريخ الحضاري الإنساني، رسخ الوجهة الجديدة بتجاوز تأثيره للنطاق الاقتصادي والسياسي الى الثقافي والاجتماعي,, وإن كنت أضع هذه النطاقات في تسلسل زمني مختلف بين مناطق العالم المختلفة، فقد تكون ابتدأت في بلاد الغرب كمشروع اقتصادي يقدم خدمة للمستهلك بثمن يطلبه المنتج وتدعمه إمكانيات التقنية، وتطورت الى ملابسات التداخل بالمحتوى الثقافي والاجتماعي ولم يرتطم بعد بالسياسي وذلك لان ممارسات المجال السياسي ومعطيات التعامل به في الغرب مقننة باجراءات محكمة للانتخاب والتمثيل والخدمة السياسية, أما في الشرق فحتى لو توفرت هذه الإجراءات شكليا في الوقت الحاضر فهي لا تتم بمثالية وإحكام يمنع التلوث بالضعف البشري,.
ولذلك لا تمثل الانتخابات ولا التعيينات حقيقة الأوضاع والاحتياجات المحلية, على أن تأثير العولمة القادمة وتوسع مجال وعي الفردبحقوقه مقارنة بغيره في العالم، ونضج الوعي الاجتماعي والسياسي بأهمية دور الفرد في تقرير مسار المجموع سيحمل تغيرات باتجاه المزيد من مشاركة الفرد من الجنسين سياسيا بفعالية وإرادة جادة,.
(ولحوارنا تتمة قادمة)




رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الاقتصادية

عيد الجزيرة

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.