Saturday 15th January, 2000 G No. 9970جريدة الجزيرة السبت 9 ,شوال 1420 العدد 9970



تعليم 21
حكاوي
د, عبدالعزيز بن سعود العمر

الحديث عن التربية وشجونها لها علاقته الوثيقة بالقصص والحكاوي, أتذكر أنه في البدايات المبكرة للبث التلفزيوني السعودي تأخر دخول جهاز التلفزيون لمنزلنا (لموقف رآه الوالد حفظه الله), كنت في ذلك الوقت طالبا في المرحلة المتوسطة، وكنت كثيرا ما أسمع زملائي في المدرسة يتحدثون بين الحصص وفي أوقات الفسح وبإعجاب شديد عن أشياء مثيرة شاهدوها على الشاشة ليلة البارحة (جحيم المعركة، الهارب، المصارعة,, الخ), كان في حديثهم الكثير من الغرابة بالنسبة لي، فأبقى مستمعاً باهتمام لما يدور من حديث دون أن أدرك كل التفاصيل, وتمر عقود من الزمان ليعيد التاريخ نفسه, فكلما يجمعني اليوم لقاء بزملاء أو كلما أتصفح جريدة أجد أن الحديث لايكاد يخلو مما ما شاهدوه ليلة البارحة على القنوات الفضائية, اننا لا نعلم الى متى سوف تستمر مقاومة البعض منا للبث الفضائي, لكننا نعلم قطعا أن البث الفضائي اصبح حقيقة قائمة، كما نعلم أيضا ان آثاره المدمرة على الجيل القادم أصبحت حقيقة لا تقبل الجدل, ان قرار الانعزال عن هذا العالم لم يعد خياراً متاحاً لأحد وبالتالي فإن إخراج أبنائنا من هذا المأزق الذي يهدد بمسخ هويتهم ( بل هو بدأ فعلا) لن يحسم إلا إذا استطاع الرقيب أن يحجب الأفق بيديه، وهذا هو المستحيل بعينه, ما الحل إذن؟ الحل ( ولا يقلله إنه مكرور) أن نحصّن أبناءنا من الداخل ونقدم لهم الوجبة البديلة عن طريق التربية والتعليم التي تقدم للنشء السلوك القدوة وتزينه في قلوبهم، وعن طريق المتابعة الأسرية الواعية، وهذا لعمري أشرس تحدٍ يواجهه اليوم المربون ومسؤولو التعليم, علينا أن نتذكر أن دولاً شرقية مثل ماليزيا استطاعت أن ترسخ أقدامها في عالم التحضر دون أن تفرط بهوية أجيالها,, فقدان الهوية يعني فقدان كل شيء.
حكاية أخرى رواها لي أحد كبار السن والذي عمل في منطقة المربع (قبل أكثر من خمسين سنة), يقول الشيخ كنا ننطلق يوميا من الشميسي بعد تناول السحور الى المربع سيرا على الأقدام، لنصل الى مقر عملنا مع حلول صلاة الفجر, ويذكر أنه بعد أن أدى صلاة الفجر ذات يوم وبينما هو يتجه مع زملائه نحو مواقع العمل وإذا به يسمع امرأة تودع جارة لها قائلة لها تصبحين على خير , يقول الشيخ: شعرت لحظة سماعي لهذه العبارة (تصبحين على خير) بشيء من الدهشة نظرا لأنها طرقت مسمعي في وقت نحن في أوج طاقتنا ونتهيأ لبدء كفاحنا اليومي, يا شيخنا ربما يكون هذا الأمر مقبولاً في وقتكم، لكن ترى كم من الطلاب والمعلمين يقولون اليوم لبعضهم تصبحون على خير في وقت يوشك زملاء لهم على بدء الاستعداد ليوم دراسي حافل بالجد والنشاط؟.
وقفة:
في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من نصف الشعب لا يعرف أن الأرض تدور حول الشمس (E.L.1999), هل هذا هو أحد صور التخلف الحضاري أم أنه أحد ألغاز العلاقة بين التعليم والتقدم؟.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.