Wednesday 19th January, 2000 G No. 9974جريدة الجزيرة الاربعاء 13 ,شوال 1420 العدد 9974



يارا
حياتنا الجنسية
عبد الله بن بخيت

يسألني بعض الاخوة الصغار ماذا أقرأ؟ وعندما اتأمل في سؤال كهذا واقلبه على وجوهه ألاحظ أنه من اصعب الأسئلة, ليس لأني لا أعرف كتباً جيدة أو كتباً مفيدة, ولكن صعوبته تكمن في منطلقه الأساسي الكامن في البعد الأيدولوجي والتربوي, فالذي يقدم النصح لأحد بقراءة نوع من الكتب او نوع من المواضيع هو في الواقع يقدم العالم من خلال عينيه، فطورت نصيحة اجيب بها اذا لزم الأمر تتلخص بكل بساطة في قولي: أقرأ ما تحب وما تستطيع وما تحتاج.
أتذكر عندما كنت في الثانية المتوسطة سألت مدرس اللغة العربية (على اساس أن مدرس اللغة العربية مثقف كبير) او هو الرجل الذي يملك امكانية المثقف من بين كل المدرسين: ما هو الكتاب الذي تنصح به يا أستاذ فأجاب دون تردد (جواهر الأدب) فالاسم كما تلاحظون في غاية الجاذبية, فأكيد ان هذا الكتاب يضم خيار الأدب ليس في العربية وانما في العالم كله فانطلقت مساء ذلك اليوم (أنا وزميل لي) الى شارع البطحاء نبحث عن جواهر الأدب, وكنت أظن أنه عزيز المنال, ولأنه جواهر الأدب لا بد انه ممنوع من التداول, ولكني فوجئت انه متوفر بالاكوام في كل المكتبات ومن تقاليدي الثابتة من ايام الطفولة ان الكتاب الممنوع هو الكتاب الجيد (ما منعوه إلا في فيه شيء وما سمحوا به إلا عارفين انه رديء) فشاهدت جواهر الأدب طريحاً أمامي كالثور الجريح (كبير الحجم احمر اللون دلخ ) وعلاوة على ذلك باهظ الثمن, فقلت لزميلي وش رأيك نوفر الفلوس لما هو أجدى وأنفع, فتحولنا الى شارع السويلم والى ذلك الرجل الذي لا يمكن ان ينساه عيال الرياض المثقفون وأشباه المثقفين الذي يعتبر المصدر الأساسي للثقافة السرية في مدينة الرياض والمورد الأساسي لرجيع مجلة العربي الكويتية التي كانت تجد رواجاً عظيماً بين مثقفي مدينة الرياض.
كنت قد اتفقت مع هذا المورد قبل عدة ايام ان يحضر لي كتاب (حياتنا الجنسية لمؤلفه الدكتور صبري القباني) الكتاب الذي صاغ الثقافة الجنسية ووضع قواعدها لجيلي وللاجيال التي قبلي, فلا يمكن لأي من عيال الرياض أن ينسى الصور التوضيحية التي ينطوي عليها الكتاب هي صور للأعضاء التناسلية من الداخل (صور تشريحية بحتة) ولكنها كانت كافية لمواجهة دلاخة كتاب جواهر الادب.
وفي صبيحة اليوم التالي سألني مدرس اللغة العربية عن جواهر الأدب وكيف وجدته لم استطع أن أقول له أنني اشتريت بدلا منه ما هو أجدى وأنفع فقلت: اشتريته امس ولم اقرأه بعد, فأنبرى يلقي محاضرة موسعة عن اهمية جواهر الأدب وعظمته في تهذيب النفوس وتطهير القلوب وتقويم اللسان والأبدان، فقاطعه صديقي قبل ان ينهي محاضرته اللانهائية عن فضل جواهر الأدب على سائر الكتب سائلاً: ما رأيك يا أستاذ في كتاب (حياتنا الجنسية) نزل السؤال على استاذ اللغة العربية كالصاعقة, فألتفت على زميلي والغضب يقطر من عينيه وقال: ما تأكل تبن يا حمار, طبعا ما يخفاكم فالألقاب الشرفية (يا حمار يا ثور الخ) كانت متداولة في المدارس بكل اريحية في تلك الايام فلم يزعل زميلي ولكنه قال: بس يا استاذ يقولون كتاب كويس ومفيد.
فقال الأستاذ بعد أن أصبح وجهة أحمر مثل كتاب جواهر الأدب: من قال لك ان هذا الكتاب مفيد يا قليل الحياء, فقال زميلي من باب تهدئة الجو: اسمعهم يقولونه, رغم صمتي فمن الواضح ان هذا الحوار الساخن بقدر ما يعني زميلي فهو يعنيني.
خصوصاً عندما قال مدرس اللغة العربية الله يذكره بالخير, كتاب حياتنا الجنسية لا يقرأه إلا السرابيت والدشير, فانفجر الموقف وعرفت اني دخلت في الصراع من أوسع أبوابه.
يوم السبت القادم نتم لكم السالفة ان شاء الله.
لمراسلة الكاتب
Yara2222*Hotmail.com

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.