Thursday 27th January, 2000 G No. 9982جريدة الجزيرة الخميس 20 ,شوال 1420 العدد 9982



ملامسة زر الكاميرا يوقف الزمن ويسجن الضوء في ألبوم الذكريات
الأسود والأبيض أخطر تقنيات التصوير ومعرض بيت الفوتوغرافيين يتجه نحو العالمية

* كتب - أحمد الدهلاوي
الفن الفوتوغرافي فن عالمي فن له سحر خاص وجمال اخاذ لا يشعر به الا من يعشق الفن ويحب الجمال ويستمتع بالرؤى والأفكار فاللوحة الفوتوغرافية تحمل احساس مبدعها، ومشاعر من يقف خلف تلك الآلة العجيبة الذي يملك حرية ايقاف الزمن، وعنده المقدرة لنقل عادات وتقاليد الشعوب ولديه امكانية تكوين لوحته بيده، وصنع صورته كما يريد وليس كما ترى وتشاهد من قبل الناس فيضيف ما يحب ويحذف ما يفسد فكرته ويقلل منها.
نرى تلك الاشياء وعندما تقودنا الخطى لنتجول بين الاعمال التي عرضتها لجنة التصوير الفوتوغرافي بيت الفوتوغرافيين والبالغ عددها ثلاثة وسبعين عملا زينت قائمة المركز السعودي للفنون التشكيلية وزاد جمالها جمالا تشريف صاحب السمو الملكي الامير عمرو بن محمد الفيصل بافتتاحه.
هذا المعرض وان كان الثامن والعشرين ضمن سلسلة المعارض الرسمية للجنة الا انه الاول من نوعه حيث خصصته اللجنة للاعمال بالأبيض والأسود، ونستطيع ان نقول بأنه البداية الحقيقية والخطوة الجادة للسير في عالم الفوتوغرافيا.
يظهر للمتأمل في تلك اللوحات والمتطلع لذلك الابداع تباين بينها وتفاوت في المستويات وغياب للاسماء المعروفة، وبروز اسماء جديدة تنبىء بمستقبل فوتوغرافي سعودي عالمي المستوى، ومع الاختلاف الحاصل في المستويات يبقى في صالح الحركة الفوتوغرافية ويخدم العملية الابداعية، ففيه تبادل للخبرات وتوسيع للمدارك وفتح آفاق اوسع للفنانين، ما دام المعرض معرضا جماعيا.
بين الأعمال المعروضة ترى اهتماماً بالموضوع احيانا واحيانا اخرى لا تشاهد ذلك بل ترى البحث عن فلسفات ذات اصول معروفة او غير معروفة، بحثاً عن تحقيق الذات وجذباً للاهتمام لا لاهمية الموضوع او الفكرة ولكن لجمال لوحة لا تفهم ولا يعرف الهدف منها وخلاصة ما نعرفه ان صاحبها أتقن العمل واجاد في لفت الانظار اما بالقبول ام بالرفض فهذا لا يعني الفنان لان الفنان الذي يحق له ان يحمل هذا اللفظ لابد ان يطرح ما يدور في داخله دون ان يتساءل هل سينال العمل الاعجاب ام لا، فهو الفنان لا يقدم العمل لارضاء المتلقين بقدر ما يهتم بالرغبة في التعبير عما يتصارع داخل نفسه او بما يخالجه من شعور دافىء واحساس يشبه قطرات الندى، ومع ذلك يبتهج عندما يتقبل الناس عمله لانه في تلك اللحظة يشعر بأنه قدم شيئا وان هناك اناساً ينظرون للعمل ويبحثونه ويفسرونه ليصلوا الى فلسفة الفنان ورؤيته، او ليجدوا في ذلك العمل شيئا يرضي رغباتهم ويشبع عاطفتهم وان كانت مغايرة ومخالفة لما قصده الفنان وفي تلك اللحظة تتضاعف سعادته وتتضح امامه ابواب الحرية، ويدخل الى دهاليز الظلام ليكتشف النور ويزيل الوضوح الذي جعل الناس تعتمد على المنطق في تفسير الاحلام الوردية.

أعمال أجبرتنا للوقوف أمامها
عادل سويريس فنان اصيل ترى في أعماله الثلاثة تميزاً عن البقية وتفرداً عن المجموعة فقد كون وعدل في أعماله قبل ان يقوم بتصويرها فهو عندما وضع الحمامة امام الشباك, وجعل الصورة لا تحمل أي تفاصيل سليويت لايريد ان نبحث في جمال الحمامة ولا في نظرتها وانما يقودك لكي تفكر فيما تفكر فيه الحمامة وتعيش معها في عالمها لتبتعد عن العالم الانسي الوحشي الذي طغت عليه الماديات وأثرت فيه التقنيات، في هذه اللقطة تحس بأن للحمامة تطلعاً للمستقبل المجهول، ورغبة جارفة لمعرفة ما وراء ذلك الشباك الذي يحرمها من الحركة والانطلاق والتحرر من السجن، ومع ذلك لم تلق بالا لمن صورها او من الافضل ان نقول بأن المصور أراد ان تتجاهلنا وكأننا غير موجودين فنحن من صنع ذلك السجن فلماذا تعطينا نظرة من نظراتها الجميلة ونحن السبب وراء كل المصائب التي تحل بها سواء من قريب او بعيد؟!
أما استرسال هذا الاسم الذي اطلقه على واحدة من ابداعاته ففيها حزن وكآبة وشرود ذهن وغنى مادي فكيف تجتمع؟! واين تكمن السعادة اذن؟!
آل شبيب,, وعين المحترف تخونه
قيل ان عين المحترف تخونه اما عين الهاوي فلا تخونه وقد يكون سبب هذه المقولة ان المحترف له نظرة مادية، نظرة تجارية لأعماله فهي مصدر رزقه الأمر الذي يجعله احيانا يبتعد عن فنه ويتخلى عن افكاره بعكس الهاوي الذي يبدع دون ضغوط خارجية، ورغبات العملاء الا ان محمد آل شبيب كسر القاعدة في هذا المعرض كبقية المعارض السابقة واثبت عكس هذه المقولة بعملين في قمة الجمال والروعة.
منديلي,, وفلسفته الخاصة
في كل معرض من المعارض التي تقيمها الجمعية نرى سلطان منديلي وهو في عالم آخر غير عالم المعرض، يأتي في كل عام برؤية جديدة وفلسفة خاصة تفهمها من عمله الغامض اكثر من الحديث عنها، ففي هذه السنة قدم لنا آلة موسيقية ليست من آلات العرب ولا من ماضيهم، ولا من تاريخهم وهي القيثارة ولم يقدمها كما هي بل كما رأتها فلسفته فرب صورة تغني عن الف كلمة.

محجوب,, والتميز الدائم
لوحتان متميزتان للفنان سعود محجوب، فكرتان متغايرتان,, الابتسامة تكوين جميل وربط بين اجزاء لا حياة فيها ولاروح، ادوات تراها ولا تحس فيها بأي مشاعر متبادلة بينكما الا ان محجوب ربط وألف، وجمع، وأبدع، ولسان حاله يقول للجميع انظروا لما حولكم فالابداع في التكوين وليس في الأدوات التي تملكها,, وكأنه يوجه الشباب كعادته في كل معرض الى الالتفات والنظر فيما حولهم وانتاج اعمال رائعة,, الابتسامة ,, عمل مكون من الادوات الميكانيكية والمطبخ.

فضيات أثرية
عمل واحد يغني عن أعمال كثيرة,, عمل محترف,, فضيات أثرية لعصام الحدق اجاد توزيع تلك الفضيات وتمكن من ضبط العريض المناسب,, حيث اعتمد فيه على المصباح اليدوي كما يبدو لي فقد وزع الضوء بشكل جميل ورائع لا تحمل معاني انسانية ولا حياة فيها لكنها تعود بك الى زمن قديم عاش فيه الأوائل وتزينت فيه النساء بتلك الأدوات من خلاخل واساور وكل ما يمكننا قوله عن هذا العمل انه ابداع أظهر ابداع القدماء كما هو.

وانقضت ألف
هذا اسم عمل فني قدمه صالح ادريس للجمهور ليستمتعوا بالقدرات الفنية وليثير فيهم الاحساس بما تخبئه الايام القادمة، وما تخفيه لهم الأزمان الآتية هذا الاحساس نشعر به عندما نتأمل تلك اللوحة التي ابدعتها عدسة الفنان صالح ادريس، حيث استطاع ان يقتنص لحظة شاردة لذلك الشيخ الكبير الذي تحس بأنه يتأمل المجتمع وما يدور فيه من احداث وصراعات وكأنه يقدم العزاء للجيل الآتي الذي يبتعد قليلا قليلا عن عاداته وتقاليده, هذه اللوحة قدمها الفنان هدية متواضعة لصاحب السمو الملكي الامير عمرو بن محمد الفيصل وعبر سموه عن اعجابه بها وبمضمونها وما تحمله من معان سامية اراد الفنان ان يوصلها الى الجمهور الكريم.

المرأة تتخطى الحواجز
نحو التعبير الإنساني
سوزان باعقيل، نها آل غالب وداد الصبان، اسماء معروفة، أعمالها مميزة، بصماتها واضحة، نراها المرأة والفنانة في كل معرض وكل مناسبة تتخطى الحواجز، وتجتاز العقبات رقابة التقليد لتصل لما تريد فالشريفة نها آل غالب قدمت لوحة تعبر عن احدى الحرف اليدوية قدمتها وفيها لمسة انسانية مليئة بالحنان فالعمل مهما كان يجب الا يبعد الام عن ابنتها او ابنها مهما كان الأمر، لأن العمل من اجلهم ولأجلهم فلماذا نتركهم ونتخلى عنهم؟!
أما سوزان باعقيل فقدمت لنا شجرة مغايرة لما هو مألوف حيث اثبتت بقصد منها او بغير قصد ان الشجرة شامخة للاعلى وان غير اتجاهها او ارغمت للابتعاد عن مسارها.
وتأتي البقية,, أريج جهينة رويدة ضحى عنقاوي، عتاب,, لتكمل روعة وجمال الفن النسائي، لتبرز الأحاسيس الشفافة الطاهرة التي تنبعث من تلك القلوب الرحيمة فهي لا تعرف الوحشية والظلم، وانما تعرف الحب والحنان فهي البنت الناعمة والأم العطوفة والزوجة المخلصة فهي تصور مشاعرها الدافئة تجاه من حولها.

الله في كل مكان
اما الأميرة، ريم بنت محمد الفيصل فقد وضعت يدها على الجرح وكأنها طبيب يتحسس مريضا فنحن في هذا العصر الذي تسيطر عليه الدول الغربية وتحاول ان تهدم الاسلام وتضعف شأنه ابرزت لنا ان الله يذكر في كل مكان وفي أي وقت وعلى أي أرض سواء حكمت من قبل يهود او نصارى ام غير ذلك فالله متم نوره ولو كره المشركون وسينصر الله المسلمين ولو بعد حين.
وبعد ,, هذه الأعمال مقتطفات من المعروضات، وهذا المستوى الرائع يجعل المسؤولين عن اللجنة امام أمر صعب فالوصول للقمة قد يكون سهلا لكن المحافظة عليه امر صعب فلذا من الافضل لهم تطوير خططهم وتنويع معارضهم حسب مستوى الفنان والا يوضع الغث مع السمين والصالح مع الطالح وهذا ليس بعيدا عن اذهانهم.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.