Thursday 27th January, 2000 G No. 9982جريدة الجزيرة الخميس 20 ,شوال 1420 العدد 9982



د, السالم الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب في حديث لـ الجزيرة
أكاديمية الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية واصلت جهودها في تلبية الحاجات الأمنية العربية

* كتب محمد السنيد
أكد معالي الدكتور أحمد بن محمد السالم الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب ان عقد الاجتماع السابع عشر لمجلس وزراء الداخلية العرب في الجزائر يأتي تأكيداً من أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب على وقوفهم الى جانب القيادة الجزائرية والشعب الجزائري في مواجهة اقلية قليلة من الأشخاص الذين يقومون بأعمال ارهابية دخيلة على مبادئنا الاسلامية وقيمنا الاخلاقية التي تدعو الى المحبة والاخاء والسلام ونبذ كل اشكال العنف والقتل والتدمير.
وقال السالم في حديث صحفي لالجزيرة : قبيل انقعاد المؤتمر الذي سينطلق بمشيئة الله بعد غد السبت 22 شوال 1420ه 29 يناير 2000م ان الأوضاع الأمنية في الجزائر مستقرة ولله الحمد وذلك بالرغم مما تنشره وتبثه وسائل الاعلام من معلومات عن تلك الأوضاع.
وقال الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب ان الاجتماع سيناقش تقرير صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بصفته رئيس مجلس ادارة اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية, كما سيطلع المجلس على تقرير الأمين العام عن أعمال الأمانة العامة بين دورة المجلس السادسة عشرة والسابعة عشرة.
وعن تقييم معالي الأمين العام للوضع الأمني الداخلي في دول الخليج بصفة عامة قال د, السالم: ان الوضع في الخليج يدعو الى الاطمئنان التام وذلك بفضل الله ثم بفضل وحكمة القيادات الخليجية من حرصهم على توفير عناصر الأمن والاستقرار في دولهم وابعاد أي شكل من أشكال الخلل والاضراب.
وفيما يلي نص الحوار:
* ما هو المغزى من عقد دورة مجلس وزراء الداخلية العرب في الجزائر هذا العام؟
من حيث المبدأ فانه يحق لأية دولة من الدول الاعضاء ان تتقدم بطلب استضافة دورة المجلس في أراضيها، وهذا ما حصل في العام الماضي عندما تقدم معالي وزير الداخلية الجزائري بعرض لاستضافة الدورة السابعة عشرة في الجزائر العزيزة، وقد رحب أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب بهذا العرض وكان أن تقرر تلبية الدعوة.
ولكن لابد مع ذلك من الاشارة إلى أن قرار المجلس الموقر بعقد دورته المقبلة في الجزائر، لا يرتدي فقط الطابع المتعلق بالجانب الاجرائي الذي ينص عليه النظام الداخلي للمجلس، بل ان له عدة أبعاد أخرى، من أبرزها أن اصحاب السمو والمعالي الوزراء أرادوا بهذا القرار تأكيد وقوفهم الى جانب القيادة الجزائرية والشعب الجزائري في مواجهة أقلية قليلة من الأشخاص الذين يقومون بأعمال ارهابية دخيلة على مبادئنا الاسلامية وقيمنا الأخلاقية التي تدعو الى المحبة والاخاء والسلام ونبذ كل أشكال العنف والقتل والتدمير,وفي الوقت ذاته فقد كان هناك حرص على التأكيد بأن الأوضاع الأمنية في الجزائر مستقرة والحمد لله، وذلك برغم كل ما تنشره أو تبثه وسائل الإعلام من معلومات حول تلك الأوضاع، ولعل أكبر دليل على ذلك هو انعقاد القمة الأفريقية الأخيرة في الجزائر خلال الصيف الماضي، والتي كانت من أنجح القمم التي عقدتها منظمة الوحدة الأفريقية, وقد قمت شخصياً خلال الأشهر الأخيرة بزيارة الجزائر عدة مرات، ولمست على أرض الواقع ان حقيقة الأوضاع هي غير ما تجهد بعض وسائل الاعلام بتصويره لاغراض وأهداف لم تعد خافية على أحد، ومع أننا لا نستطيع في حقيقة الأمر أن ننفي وقوع بعض الحوادث الارهابية في بعض أنحاء الجزائر، الا ان مثل هذا الأمر يقع في أي بلد من البلدان، ولعل ما حدث في أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال هو خير دليل على ذلك, فالارهاب هو جريمة في حد ذاته، والجريمة موجودة منذ أن وجدت البشرية ونحن في صراع دائم معها، ولكننا متفائلون بأنه يمكن تضييق الخناق عليها بتعزيز التعاون الأمني بين الدول المختلفة من جهة، وكذلك بتوطيد مثل هذا التعاون بين أجهزة الأمن والمواطنين في داخل كل دول من الدول من جهة أخرى.
* التعاون بين الدول العربية في مختلف المجالات الأمنية يزداد تعمقاً يوماً بعد يوم,, فما تقييمكم لهذا التعاون وكيف تعملون على دعم وتعزيز التنسيق الأمني بين وزارات الداخلية في الدول العربية,, وكيف يمكن الوصول به إلى حل المشاكل والقضايا التي تهم العالم العربي؟
ان كل متابع لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك يمكنه ان يتبين بوضوح مدى النجاح الكبير الذي حققته هذه المسيرة منذ أن بدأت بتأسيس مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1982م, فقد جاء انشاء المجلس الموقر ليعلن بداية انطلاقة جادة ومثمرة في مجال التعاون الأمني بمختلف وجوهه بين الدول العربية، حيث ان هذا التعاون يشمل كافة الميادين والمجالات الأمنية دون استثناء، ويحقق فيها انجازات متميزة، ولو ألقينا نظرة سريعة على ما تم تحقيقه خلال السنوات السبع عشرة التي انقضت على عمر المجلس، فان الصورة تبدو لنا مشرقة وناصعة، وهذا ليس رأينا فقط، بل ان هناك قناعة عامة، بأن مجلس وزراء الداخلية العرب هو من أنجح مؤسسات العمل العربي المشترك، ان لم يكن أنجحها على الاطلاق، وهذا ما عبر عنه العديد من ذوي الشأن والمتابعة والاهتمام، هذا فضلاً عن بعض الكتاب والمفكرين والمحللين، وان دل هذا الأمر على شيء فانما يدل على الجدية التي يتميز بها المجلس في ممارسة دوره الريادي، وعلى الأهمية التي يوليها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب لنجاح المسيرة الأمنية المشتركة، وتوفير كافة معالم الأمن والاستقرار في مختلف أرجاء عالمنا العربي.
ونحن في الأمانة العامة، نحرص على أداء الرسالة الموكلة إلينا على أكمل وجه، حيث اننا نعمل على تنفيذ الأهداف التي يسعى إليها المجلس الموقر بكل دقة وأمانة، وكذلك الحال بالنسبة للقرارات التي يتخذها، فضلاً عن الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي يعتمدها, وفي هذا السياق فان الأمانة العامة تنظم سنوياً ما يقرب من 25 مؤتمراً واجتماعاً يلتقي خلالها رؤساء وممثلو الأجهزة الأمنية المختلفة في الدول الأعضاء، حيث يتم التشاور وتبادل الرأي في السبل الكفيلة بتعزيز وتدعيم التعاون الأمني في الاختصاصات المختلفة، وتصدر التوصيات المناسبة التي تجري احالتها الى اصحاب السمو والمعالي الوزراء في دوراتهم المتعاقبة للنظر في اعتمادها, وعندما تقر هذه التوصيات، فان الأمانة العامة تتابع تنفيذها لدى الدول الأعضاء كما هو الحال بالنسبة لكافة قرارات المجلس الموقر، لأن العبرة تكمن دائماً بالتنفيذ، وهذا الأمر هو ما يعطي للمجلس أيضاً مصداقية حقيقية لأن قراراته تقترن على الدوام بطابع التنفيذ.
وفي ضوء التجربة التي نعيشها مع مجلسنا، والنتائج الايجابية والطيبة التي تسفر عنها مسيرته الموفقة، فان لي ملء الثقة انه من خلال استمرار هذه المسيرة والنوايا الصادقة التي تصاحبها، فان القضايا والمشاكل الأمنية التي لابد وان تحدث في أي مجتمع من المجتمعات، كنتيجة طبيعية لوجود الكائنات البشرية في هذا العالم، ستجد بإذن الله وعونه الحلول الناجعة لها في بلداننا العربية، وهو ما من شأنه ان يزيد من مناعة هذه البلدان، ومن فرص زيادة تقدمها وتطورها ونهضتها.
* الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم المخدرات تم التصديق عليها من معظم ان لم يكن كل الدول العربية، الا أن الكثير من هذه الدول تفتقد لوجود آلية لتنفيذ نصوص هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات، ما هي الحلول التي ترونها لهذه الاشكالية؟
لقد شكلت الاتفاقية العربية لمكافحة المخدرات التي اعتمدها المجلس في مطلع عام 1994م، خطوة واسعة على صعيد التعاون العربي المشترك في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي يعاني منها العالم أجمع في الوقت الحاضر، وهذه الاتفاقية يتم تنفيذها حالياً بصورة طيبة، ولم نلمس حتى الآن ان هناك عوائق تحول دون تنفيذ بعض بنودها أو نصوصها نتيجة عدم وجود آلية لذلك، ولو كانت مثل هذه الاشكالية موجودة لكان الأمر قد أثير على صعيد المجلس وتم اتخاذ القرار اللازم بهذا الشأن، سواء لجهة وجود آلية للتنفيذ أو غير ذلك من الاجراءات، لأن النهج المعتمد في مجلس وزراء الداخلية العرب، والذي يجعل المجلس الموقر قدوة في هذا المجال، هو ترجمة قراراته دائماً الى حقيقة واقعة، وليس فقط الاكتفاء بمجرد اصدار القرارات، وهذا الأمر ينطبق على الاتفاقية العربية لمكافحة المخدرات، كما ينطبق على غيرها من الاتفاقيات أو الاستراتيجيات والخطط التي اعتمدها المجلس، ونحن في الأمانة العامة نتابع عملية التنفيذ ونقدم سنوياً تقارير وافية الى المجلس بشأن هذه المتابعة ونتائجها، وهذه التقارير تدعو الى التفاؤل.
* عالمية نظام مصادرة عوائد تجارة المخدرات وغسيل الأموال.
لقد استفاد تجار المخدرات كثيراً في السابق ومازال بعضهم يستفيد حتى الآن، كما اعتقد، من عملية غسيل أو تبيض الأموال، ومثل هذا الامر يعتبر في حد ذاته جريمة تضاف إلى جريمة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، لأنه من غير المعقول ان يكافأ تاجر المخدرات على جريمته الشنيعة التي تتمثل بتسميم الناس وقتلهم والحاق افدح الاضرار باقتصاديات الدول ومجتمعاتها، وذلك بجعله يتمتع بكل بساطة وحرية بالأموال الباهظة التي يجنيها من وراء تلك الجريمة, ولذلك فقد كان لابد من حرمان هذا التاجر من تلك الأموال، وذلك لا يتحقق إلا من خلال مصادرة عائدات الاتجار غير المشروع بالمخدرات ومنع صاحبها من تبييضها أو غسلها.
وطالما أن جريمة المخدرات تعتبر من الجرائم المنظمة والعابرة للحدود، بمعنى ان أخطارها واضرارها لا تقتصر على دولة دون أخرى، بل ان هذه الأخطار والاضرار تمتد لتشمل العالم بأسره، فقد كان من الطبيعي، لا بل من الضروري ان تكون عملية المواجهة ذات طابع عالمي أيضاً، وهذه المواجهة تشمل في الوقت ذاته مكافحة تجارة المخدرات غير المشروعة وكذلك منع تجار ومهربي المخدرات من الاستفادة من عوائد تلك التجارة، ويتم ذلك من خلال التعاون الدولي في مجال كشف تلك العوائد والحؤول دون تبييضها، والعمل بالتالي على مصادرتها.
* هناك العديد من الموضوعات المطروحة على جدول أعمال اجتماع وزراء الداخلية العرب المقبل,, فما هي أبرز هذه الموضوعات وكيف ترون أهمية هذا الاجتماع في دعم وتعزيز التعاون العربي؟
هناك بالفعل موضوعات عدة هامة مطروحة على جدول أعمال الدورة السابعة عشرة المقبلة لمجلس وزراء الداخلية العرب، المقرر عقدها في الجزائر في أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، وهذه الموضوعات تشمل نشاط الأمانة العامة واكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية خلال العام الماضي، فضلاً عن بعض جوانب العمل الأمني العربي المشترك.
فالبند الأول من جدول أعمال الدورة يتضمن تقرير الأمين العام عن اعمال الأمانة العامة بين دورتي المجلس السادسة عشرة والسابعة عشرة، ويتضح من خلال هذا التقرير أن الأمانة,,, العامة نظمت خلال عام 1999م ما لا يقل عن (21) مؤتمراً واجتماعا عقدت جميعها في مواعيدها المحددة، وكانت نتائجها ايجابية ومثمرة على صعيد توطيد علاقات التعاون بين الاجهزة الامنية العربية.
كما ان الامانة العامة شاركت في اكثر من (24) لقاء على الصعيدين العربي والدولي ابرزت من خلالها جهود وانجازات مجلس وزراء الداخلية العرب في مكافحة الجريمة ومحاصرتها، كما ساهمت في تكريس علاقات التنسيق سواء مع المنظمات العربية او الدولية في كل ما من شأنه تحقيق اهداف وتطلعات المجلس، وفي هذا المجال، فقد تم التوقيع على مذكرة التفاهم التي سبق التوصل إليها مع منظمة الانتربول وأقرها المجلس في دورته السابقة، كما انه تم وضع مذكرة مماثلة مع برنامج الامم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات، وهي معروضة على دورة المجلس للنظر فيها.
ومن جهة اخرى فإن الامانة العامة تابعت، خلال العام الماضي، تنفيذ (16) قرارا صدرت عن المجلس في دورته السادسة عشرة الاخيرة التي شهدتها العاصمة الاردنية عمّان، بالاضافة إلى اكثر من (140) توصية معتمدة صدرت عن الاجتماعات والمؤتمرات التي انعقدت في نطاقها خلال عام 1998م وفي الوقت ذاته، فإن الامانة العامة، واصلت من خلال مكاتبها المتخصصة، اعداد التقارير والدراسات والبحوث التي تخدم المسيرة الامنية العربية وتزيد من فعاليتها.
ويتضمن البند الثاني تقرير صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بصفته رئيس مجلس ادارة أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية، عن اعمال الاكاديمية بين دورتي المجلس، ويتضح من خلال التقرير ان الاكاديمية قد واصلت جهودها في تلبية الاحتياجات العلمية والبحثية والتدريبية للاجهزة الامنية العربية من خلال تنظيم الدورات التدريبية، وإقامة الندوات واللقاءات العلمية، واعداد الدراسات والبحوث، وتقديم برامج الدبلوم والماجستير، وهو ما يساهم بشكل فعال في تطوير الاجهزة الامنية العربية، ورفع مستوى اداء المنتسبين إليها.
ويتعلق البند الثالث بالتقارير السنوية المتعلقة بتنفيذ كل من: الخطة الامنية العربية الثالثة، الخطة المرحلية للاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب، الخطة الاعلامية العربية للتوعية الامنية والوقاية من الجريمة، والخطة المرحلية الثالثة للاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وقد تضمنت التوصيات الصادرة عن اللجنتين المؤلفتين من ممثلي عدد من الدول العربية، والمكلفتين بمتابعة تنفيذ الخطط المذكورة، توجيه الشكر إلى الامانة العامة والاكاديمية على الجهود المبذولة في تنفيذ بنود تلك الخطط على الشكل المطلوب.
ويتناول البند الرابع تقريرا عما نفذته الدول الاعضاء من الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية, ويتبين من التقرير ان هناك تجاوبا كبيرا من مختلف الدول العربية في تنفيذ بنود الاستراتيجية المذكورة, وهو ما ينعكس بصورة ايجابية على مكافحة ظاهرة المخدرات في عالمنا العربي.
ويحتوي البند الخامس على توصيات المؤتمرات والاجتماعات التي عقدت في نطاق الامانة العامة خلال عام 1999م وهذه التوصيات تشمل مختلف جوانب العمل الامني العربي المشترك، والاقتراحات الرامية الى تعزيزه وتدعيم قواعده لما فيه تثبيت مسيرة الامن والاستقرار في كافة انحاء الوطن العربي.
وفي البند السادس تم ادراج مشروع الاستراتيجية الامنية العربية في صيغتها المطورة فقد عملت لجنة مشكلة من ممثلي عدد من الدول الاعضاء، انعقدت في نطاق الامانة العامة خلال العام الماضي، على وضع صيغة مطورة للاستراتيجية الامنية العربية المعتمدة من قبل المجلس في عام 1983م وذلك بما يتناسب مع التطورات والمستجدات الراهنة، ونعلق اهمية قصوى على الاستراتيجية الامنية المطورة، باعتبارها الاطار الاساسي الذي ينظم مسيرة العمل الامني العربي المشترك، وبشكل يتلاءم اكثر مع متطلبات القرن الواحد والعشرين.
وتتضمن الاستراتيجية مجموعة من المنطلقات والاهداف والمقومات والبرامج في مجال تحصين المجتمع ضد الجريمة، وكذلك في مجال السياسة الجنائية وتحديث اجهزة الامن، واعتماد المنهج العلمي في العمل الامني، وتطوير المؤسسات العقابية والاصلاحية، وتدعيم وتطوير اجهزة الحماية المدنية، وتفعيل اسهام المواطنين في الوقاية من الجريمة ومكافحتها، هذا إضافة إلى ترسيخ التعاون على الصعيد العربي، وكذلك التعاون العربي الدولي,ومما لاشك فيه ان هذه الدورة، كغيرها من الدورات التي عقدها اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب، ستساهم في دعم وتطوير التعاون العربي في المجال الامني, فالمجلس الموقر نشأ اساسا لهذه الغاية وقد حقق منذ نشأته حتى الآن نجاحات متميزة كانت محل اعجاب وتقدير الجميع، ونحن دائما تواقون الى تحقيق المزيد من الانجازات الطموحة والواعدة وثقتنا اكيدة بأن المسيرة متواصلة في هذا المجال.
* الشباب العربي اصبح مستهدفا من قبل عصابات تهريب وترويج المخدرات, كيف يمكن ان نكون جبهة قوية تقف في وجه هذه العصابات؟ والى اي مدى وصل التعاون العربي في هذا المجال؟
انّ الشباب العربي بات بالفعل كغيره من الشباب في مختلف انحاء العالم هدفا رئيسيا لعصابات مجرمي المخدرات الذين يجدون في الشباب وبخاصة غير الراشدين منهم لقمة سائغة يستطيعون من خلالها ترويج سمومهم وبالتالي جني الارباح الخيالية التي يريدونها, وهم يتوجهون الى الشباب اساسا انطلاقا من ادراكهم بأن سن الشباب يدفع بصاحبه الى الانخراط في اي عمل او ممارسة اي عادة او الاستعداد لتقبل اي امر دونما تبصر او تفكير بسبب قصور الوعي لديه او قلة ادراكه وقصر نظره,وحيال هذا الوضع يكون من الاهمية بمكان التصدي لمجرمي المخدرات وانقاذ شبابنا، جيل الغد والمستقبل من الوقوع في براثنهم ولضمان النجاح في عملية التصدي تلك فإن التحرك يجب ان يتم على الصعيد الداخلي لكل دولة وكذلك على الصعيد العربي عموما، هذا فضلا عن الصعيد الدولي علما بان الصعد الثلاثة لابد وان تكون متلازمة لكي نضمن نسبة طيبة من النجاح فعلى الصعيد الداخلي هناك دون شك جملة من الاجراءات والتدابير التي يجب على كافة الهيئات الرسمية والاهلية المعنية القيام بها في مجال مكافحة المخدرات وعلى الصعيد العربي فاننا لا نرى بديلا عن زيادة عملية التعاون والتنسيق بين الاجهزة الامنية العربية المعنية بمكافحة ظاهرة المخدرات ومثل هذاالتعاون والتنسيق مطلوب ايضا على الصعيد الدولي طالما ان تلك الظاهرة باتت عالمية والكل يشكو منها ويعاني من اضرارها ومآسيها وبالنسبة للتعاون العربي فقد قطع شوطا واسعا في هذا الشأن فقد ادرك المجلس منذ البداية خطر المخدرات على امن وسلامة شعوبنا ومجتمعاتنا وتعامل مع هذاالخطر بشكل حازم ومسؤول وهو مازال يوليه جل عنايته واهتمامه بدليل انه ومنذ سنوات عديدة يتم طرح هذا الموضوع على جدول اعمال دورته السنوية ويتخذ بشأنه ما يلزم من قرارات.
وقد اعتمد وفي وقت مبكر اي في عام 1986 الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية التي استهدفت تحقيق اكبر قدر ممكن من التعاون العربي لمكافحة آفة المخدرات وكذلك الغاء الزراعات غير المشروعة للمخدرات واحلال زراعة بديلة لها من خلال خطة تنمية شاملة لمناطق زراعتها وفرض رقابة شديدة على مصادر المواد المخدرة وعلاج المدمنين ورعايتهم واعادة ادماجهم في المجتمع وبشكل عام فان الاستراتيجية تستهدف خفض العرض والطلب غير المشروعين للمخدرات وبشكل عام فان الاستراتيجية تستهدف خفض العرض والطلب غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية,والجدير بالذكر ان هذه الاستراتيجية التي جاءت شاملة ومتكاملة وتتناول التصدي لظاهرة المخدرات من كافة الابعاد والاتجاهات وعلى مختلف الاصعدة المحلية والعربية والدولية لازالت الاستراتيجية العربية الوحيدة المعمول بها على مستوى جامعة الدول العربية منذ ذلك الوقت.
واضافة الى الاستراتيجية فان المجلس اعتمد خطة مرحلية اولى لها قامت بتنفيذها على مدى خمس سنوات الامانة العامة واكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية وبعد انتهائها في عام 1993م تم اقرار خطة مرحلية ثانية انتهى تنفيذها من قبل جهازي المجلس المذكورين بنهاية عام 1998م وقد اقر المجلس في مطلع عام 1999م مشروع خطة مرحلية ثالثة للسنوات 1999 2003م كذلك فقد اعتمد المجلس في عام 1986م القانون العربي النموذجي الموحد للمخدرات الذي استهدت به دول عربية عدة عند تعديل قوانينها الخاصة بالمخدرات او لدى اصدار قوانين وتشريعات جديدة بهذا الشأن, كما اقر المجلس ايضا في عام 1994 خطة اعلامية عربية موحدة لمكافحة ظاهرة المخدرات وكذلك الاتفاقية العربية لمكافحة المخدرات التي سبقت الاشارة اليها.
والى جانب ذلك فان الامانة العامة للمجلس تنظم سنويا مؤتمرا لرؤساء اجهزة مكافحة المخدرات في الدول العربية وكذلك لمجموعات العمل الفرعية الاجرائية الثلاث لمكافحة المخدرات حيث يتم دراسة كافة المستجدات المتعلقة بالمخدرات.
وفي الوقت ذاته فان الامانة العامة تحرص على المشاركة في اعمال المؤتمرات والاجتماعات والندوات التي تعقد سواء على المستوى العربي او الدولي والمتعلقة بمشكلة المخدرات وذلك سعيا لتطويق هذه المشكلة والحد من تداعياتها السلبية وآثارها المؤلمة,وهكذا فاننا نبذل كل ما في وسعنا لتطويق هذه الظاهرة وانقاذ مجتمعنا وشبابنا من آلامها وطموحنا هو القضاء عليها بصورة جذرية واذا لم يتحقق هذا الامر بالكامل فاننا على ثقة بأننا قادرون على جعل اخطارها تنحصر في الحدود الدنيا وفي حقيقة الامر فان ما يدعو الى التفاؤل بامكانية القضاء على ظاهرة المخدرات في العالم العربي هو النتائج والانجازات المتميزة التي حققتها الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي اعتمدها المجلس في هذا المجال.
وفي هذا دليل قاطع على مدى اهتمام اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب بحماية مجتمعاتنا من هذه الآفة الخطيرة وانقاذ شبابنا من ويلاتها ومآسيها فيوجد اليوم في كل دولة عربية جهاز متخصص لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية كذلك فقد تم انشاء لجنة وطنية عليا لهذا الغرض في ما لا يقل عن ست عشرة دولة عربية، كما ان هناك عددا من الدول العربية استحدثت جمعيات اهلية تطوعية للتوعية من المخدرات والمؤثرات العقلية بالاضافة الى انشاء مصحات متخصصة لعلاج المدمنين على المخدرات والمؤثرات العقلية وفضلا عن ذلك هناك الجهود التي تبذلها الاجهزة الامنية العربية على الحدود والمنافذ والتي تترجم غالبا بضبط كميات كبيرة من المخدرات والمؤثرات العقلية بمختلف انواعها واشكالها، فعلى سبيل المثال قام رجال الامن والشرطة في الدول العربية بضبط اكثر من 300 الف كيلو غرام من الحشيش خلال السنوات الثلاث 96 1998م في حين تم مصادرة اكثر من 21 مليون حبة كبتاجون خلال الفترة نفسها وهذا يساعد بلاشك على وقاية ابنائنا من مخاطر ظاهرة المخدرات والحد من تعاطيها وبالتالي انقاذ عشرات الآلاف من الارواح البريئة التي لا حول لها ولا قوة.
* الارهاب اصبح سمة من سمات العصر الحديث وكثرت جرائمه على المستوى الدولي,, ما رأيكم في الارهاب بصفة عامة,, وكيف يمكن مواجهته؟
لا جدال في ان ظاهرة الارهاب تشكل احدى اخطر الظواهر التي يشهدها عالمنا المعاصر ان لم تكن اخطرها على الاطلاق ويزيد من خطورة هذه الظاهرة قدرة العصابات الارهابية على الاستفادة من التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديث لتنفيذ اعمالها الاجرامية التي لم يعد بامكان بلد من البلدن الشعور بالامان والاطمئنان الكامل حيالها بسبب تشعب الاعمال الارهابية وارتباط العصابات المنفذة لها بعضها بالبعض الآخر,, وفي رأيي فان الارهاب بصفة عامة يخرج عن اي منطق سليم، كما انه مناهض لكل ما تؤمن به البشرية من تعاليم سماوية او تحمله من تقاليد وقيم اخلاقية واجتماعية, وانني لا أرى وجود اي مبرر مشروع للقيام بأي نوع من انواع الارهاب، فأي مطلب قد يرفعه البعض لتغطية الاعمال الارهابية او لتبريرها لا يمكن ان يكون منطقيا او مقنعا طالما ان هناك الكثير من الوسائل الديمقراطية المشروعة التي يمكن استخدامها للوصول الى الاهداف المبتغاة اما ان يتم اللجوء الى الارهاب فان ذلك ترفضه تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وتقاليدنا العربية الأصيلة التي تحث على التسامح والتآخي ونبذ كل اشكال العنف او الارهاب التي يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، وتؤدي الى تدمير الممتلكات العامة والخاصة، وعرقلة مسيرة التقدم والتنمية التي نحن احوج ما نكون اليها للحاق بركب الحضارة، والحفاظ على مقوماتنا وثرواتنا.
أما بالنسبة الى السبل الكفيلة بمواجهة الارهاب، فان هناك في رأيي عدة سبل، يمكن من خلال استخدامها مجتمعة تحقيق انجاز حقيقي في هذا المجال, ولعل أبرز تلك السبل، هو تطبيق بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، وخاصة لجهة تحقيق تنسيق كامل بين الاجهزة الامنية والقضائية في الدول العربية بشكل لا يتيح لأي تنظيم ارهابي التحرك بحرية، واستغلال أية ثغرة للقيام بأعمال تخريبية على أي أرض عربية.
كذلك فانه من الضروري تنشيط الجانب الاعلامي بكل وجوهه وكافة وسائله بحيث يتم ايضاح الصورة كاملة امام الرأي العام وفضح ادعاءات وزيف جماعة الارهاب والتضليل باسلوب علمي مدروس، وابراز حقيقة الدين الاسلامي البعيد كل البعد عن أي عمل من أعمال الارهاب.
وفي رأيي أنه من الضروري توجيه اهتمام خاص الى العناصر المنضوية تحت لواء الجماعات والتنظيمات الارهابية لايضاح حقيقة ان قيادات تلك الجماعات والتنظيمات تستغلها لمصالحها الخاصة، مستخدمة في ذلك بعض الحجج والذرائع الواهية واعتقد انه لو أمكن انقاذ تلك العناصر من عملية التضليل التي سقطت ضحية لها فان ذلك من شأنه توجيه ضربة شديدة وقاسية الى العمل الارهابي برمته لأن ذلك سيفقد قيادات الانشطة الارهابية الادوات التي كانوا يسخرونها لتحقيق أغراضهم وأهدافهم.
* المشكلة المرورية وما ينتج عنها من وقوع حوادث تهدر الطاقات البشرية وتدمر الممتلكات اصبحت قضية عالمية, فكيف تنظرون الى هذه المشكلة، وكيف يمكن الحد منها، والى أي حد وصل التعاون العربي في هذا المجال؟
الواقع ان مشكلة المرور هي من اهم المشاكل التي تواجه بلدان العالم قاطبة في الوقت الحاضر، حيث انها تودي سنويا بحياة اعداد كبيرة من البشر، وتؤدي الى وقوع خسائر جسيمة في الممتلكات واذا نظرنا الى هذه المشكلة نجد ان لها جوانب اربعة، جانب السائقين، جانب الطرقات، جانب المركبات وجانب قوانين المرور, فالسائق هو الأساس في مشكلة المرور وهو الذي يتحمل بالطبع المسؤولية الرئيسية في وقوع حوادث السير، اما لرعونته وقلة احترامه لقواعد وآداب وقوانين المرور، واما لجهل منه في أصول السياقة ومتطلباتها.
والطرقات لها أيضا جانبها الاساسي في وقوع حوادث السير، حيث ان الطرقات الجيدة تخفف من تلك الحوادث الى حد بعيد في حين ان الطرقات السيئة تتسبب بوقوع الكثير منها وبالتالي سقوط العديد من الابرياء.
وتبقى قوانين المرور التي تساهم بدورها في زيادة المشكلة المرورية او التخفيف منها، ذلك انه بقدر ما تكون العقوبات التي تفرضها تلك القوانين قاسية وشديدة، بحق من يخالف احكامها بقدر ما يلتزم السائقون آداب المرور وتخف بذلك الحوادث، وبالعكس فان عدم صرامة القوانين المرورية، يشجع على الاهمال والتهاون، ويساهم بشكل فعال ومباشر في وقوع حوادث المرور, كما تعزى نسبة من الحوادث المرورية الى استخدام مركبات متهالكة تفتقد الى مواصفات الامان والسلامة والمتانة, ولذلك فان الحد من مشكلة المرور يقتضي الى جانب عوامل اخرى، اربعة أسس رئيسية، سائق واع ورصين، مركبة خالية من الخلل والعيوب، قوانين مرورية صارمة، وطرقات جيدة, وانطلاقا من ادراكه لأهمية المشكلة المرورية، فان مجلس وزراء الداخلية العرب يوليها عناية خاصة وفي هذا النطاق فان الامانة العامة تنظم بناء لمقتضيات الخطة الأمنية العربية الثالثة، مؤتمرا مرة كل عامين لرؤساء أجهزة المرور في الدول العربية، حيث يجري التداول والتشاور في السبل الكفيلة بالحد من مشكلة المرور، كما يتم تبادل الخبرات والتجارب في هذا المضمار,وبالنسبة للتعاون العربي في هذا الشأن فإنه يسير بخطى حثيثة، وذلك على غرار التعاون الذي يتم على صعيد القطاعات الامنية الاخرى, وكان من ثمرة هذا التعاون وضع المعجم العربي الموحد للمرور الذي اعتمده المجلس في عام 1997م والذي يرمي الى توحيد المصطلحات العربية في مجال المرور, وكذلك فقد اعتمد المجلس ايضا القانون النموذجي العربي الموحد للمرور الذي يستهدف الوصول قدر الامكان الى توحيد قوانين تنظيم المرور على الطرقات العامة في الدول العربية وكذلك توحيد قواعد منح رخص سير وسوق المركبات ذات المحركات الآلية، وايضا لوائح تراخيص المركبات غير الآلية وآداب المرور واخلاقياته ويصدر عن المكتب العربي لمكافحة الجريمة التابع للامانة العامة نشرة احصائية سنوية لحوادث المرور في الدول العربية وتتضمن النشرة الكثير من البيانات التفصيلية عن زمان ومكان وقوع الحادث المروري والمشتركين فيه والمتضررين به، وحجم الاضرار، واسباب الحادث، وحالة السائق,, الخ, وقد بلغ عدد حوادث المرور المسجلة في الدول العربية خلال عام 1998م اكثر من 428142 حادثا مروريا، كان عدد الوفيات بسبب هذه الحوادث 25728 شخصا وعدد الجرحى 252367 شخصا, ومما يجدر ذكره هنا ان الامانة العامة توصلت العام الماضي بالتشاور والتنسيق مع البلدان العربية الى تحديد اسبوع مرور عربي موحد يبدأ الاحتفال به اعتبارا من عام 2000م وسيساهم هذا الاسبوع دون شك في تعميق الوعي المروري لدى المواطنين، والحد بالتالي من مآسي وخسائر الحوادث المرورية, وستواصل الامانة العامة جهودها في سبيل تدعيم وتعميق اواصر التعاون والتنسيق بين الدول الاعضاء في مجال المرور، بما يساعد في التخفيف من المشكلة المرورية، وفي تأمين سلامة مستعملي المركبات والطرقات.
* ما تقييمكم للوضع الأمني الداخلي في دول الخليج بصفة عامة؟
ان الوضع الامني في دول الخليج بصورة عامة يدعو الى الاطمئنان التام والحمد لله وذلك انه باستثناء بعض الحوادث او الاشكالات الفردية التي تحدث في أي بلد من البلدان في هذا العالم فاننا لا نسجل حوادث تذكر او ذات شأن وهذا يؤكد القناعة الراسخة بثبات الوضع الأمني وسلامته في دول الخليج, ومما لاشك فيه ان ذلك يعود بالدرجة الاولى الى القيادات الحكيمة والرشيدة التي تتولى ادارة الشؤون العامة في الدول الخليجية والتي استطاعت ان تسخر موارد تلك الدول وخيراتها وثرواتها لما فيه خدمة شعوبها وابنائها الذين توفرت لهم حياة معيشية كريمة آمنة، كما تحقق لدولهم مستوى هام من التقدم والتطور والنماء، واضافة الى حكمة القيادة الخليجية، فانه لابد لنا من الاشارة ايضا الى مستوى الوعي الذي وصل اليه ابناء دول الخليج، وهو ما يساهم بدوره بشكل فعال في توفير عناصر الأمن والاستقرار، وابعاد اي شكل من اشكال الخلل والاضطراب.
* هناك العديد من المناسبات العربية والدولية الامنية كيوم الدفاع المدني، واليوم العالمي لمكافحة المخدرات ويوم الشرطة العربية وغيرها,, لماذا لا تصبح هذه المناسبات تظاهرات امنية تعكس جهود رجال الامن وابراز التحديات التي تواجه امتنا العربية؟
الواقع ان الامانة العامة تسعى جاهدة لتحقيق ما ترمون اليه في هذا السؤال ففي كل مناسبة من هذه المناسبات توجه رسالة خاصة تتضمن المعاني التي ترمز اليها ويتم تعميمها على كافة الدول الاعضاء ووسائل الاعلام المختلفة، وكذلك فان المكتب العربي للاعلام الامني القائم في نطاق الامانة العامة يعد بعض الافلام والمنشورات التي تساهم في التوعية الاعلامية الامنية، كما اننا نسعى لدى الدول الاعضاء لكي يتم الاحتفال بتلك المناسبات بصورة موحدة وان يستفاد من الاحتفالات لابراز الدور الحيوي الذي يقوم به رجال الامن في خدمة المواطن وتوفير السلامة والاستقرار مع ما يعنيه ذلك من تحقيق وسائل التقدم والتنمية باعتبار انه من دون امن يصعب على القطاعات المختلفة في أي دولة من الدول، ان تعمل او تؤدي دورها على الشكل المطلوب ومما يدعو الى التفاؤل اننا نلمس تجاوبا ملحوظا ومتزايدا في هذا المجال من قبل الدول المختلفة.
* الى اي مدى ساهمت الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب في تعزيز التعاون العربي في مواجهة هذه الظاهرة؟
الواقع ان الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب لم تكن الخطوة الاولى التي خطتها الدول العربية في مجال التصدي للظاهرة الارهابية وانقاذ دولنا وشعوبنا العربية من اخطارها وويلاتها فقد سبق التوصل الى هذه الاتفاقية اعتماد مجلس وزراء الداخلية العرب مدونة قواعد سلوك للدول الاعضاء لمكافحة الارهاب ثم الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب والخطة المرحلية المنفذة لها الى ان تم وضع الاتفاقية والتوقيع عليها في اجتماع مشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب.
ولا جدال في ان هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في شهر مايو/ ايار من العام الماضي تشكل قاعدة صلبة واساسية للتعاون العربي المثمر والفعال في مواجهة ظاهرة الارهاب، ووضع حد لانشطة الجماعات الارهابية والاخطار التي تتسبب فيها وبالطبع فانه لا يمكن الحديث بالتفصيل وعبر اجهزة الاعلام عن دقائق الامور وكيفية او مدى التعاون بين الاجهزة الامنية تنفيذا للاتفاقية لان ذلك يدخل في صلب عمل تلك الاجهزة الا انكم قد تتفقون معي في القول ان اوضاع دولنا العربية اليوم هي غيرها بالامس وان ما كنا نشهده من اعمال ارهابية هنا وهناك لم يعد موجودا بالصورة السابقة فالظروف قد تحسنت كثيرا واستطيع ان اجزم بأن جانبا من هذا التحسن الواضح كان بفضل الاتفاقية المذكورة التي نأمل ان تقودنا الى مزيد من التحسن في مواجهة الظاهرة الارهابية الى الحد الذي نستطيع معه اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها خاصة انها بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وتقاليدنا العربية الاصيلة.
* لماذا تأخر عدد من الدول العربية حتى الآن في المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب وهل يؤثر ذلك على تنفيذ بنود هذه الاتفاقية بشكل فعال؟
بداية لابد من الاشارة الى ان كافة الدول العربية قد وقعت على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب وبعد ذلك بدأت مسيرة التصديق على هذه الاتفاقية من قبل الهيئات المختصة في الدول الاعضاء حيث ان اجراءات التصديق تختلف من دولة الى اخرى وحتى الآن فقد تلقت الامانة العامة لجامعة الدول العربية وثائق تصديق 12 دولة عربية اي اكثر من نصف الدول الاعضاء وهذا العدد يمثل نسبة جيدة قياسا الى الفترة الزمنية التي تم فيها التصديق على الاتفاقية من قبل الدول المذكورة والى غيرها من الاتفاقيات التي عقدت سواء على الصعيد العربي او الدولي ولدينا من المعلومات ما يشير الى ان اجراءات التصديق على الاتفاقية تسير بشكل طبيعي في الدول الاخرى وان عدم التصديق حتى الآن يعود الى اسباب روتينية لا تمت بصلة الى الرغبة بتنفيذ الاتفاقية او الحرص على هذا التنفيذ حيث ان كافة الدول العربية لديها ليس فقط العزم الاكيد على ذلك بل ايضا المصلحة المباشرة في هذا الامر باعتبار ان اخطار الارهاب لا تقتصر على دولة دون اخرى بل تهدد الجميع دون استثناء وعلى هذا الاساس فاننا لا نجد في عدم تصديق بعض الدول العربية حتى الآن على الاتفاقية أي عقبة او عائق في طريق تنفيذ بنود الاتفاقية بشكل فعال طالما ان التعاون قائم بين الجميع بشكل كامل والرغبة في تعزيز هذا التعاون لا تشوبها شائبة.
* ماذا عن الآلية التي تم وضعها لتنفيذ بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب ومتى سيتم تنفيذ هذه الآلية؟
لقد تم الاتفاق بين مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب على وضع واقرار هذه الآلية وتم لهذا الغرض تشكيل لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب ورئيس الاجتماع المشترك للمجلسين الموقرين الذي تم خلاله التوقيع على الاتفاقية المذكورة وقد تألفت اللجنة من خمسة وزراء من كل مجلس وعقدت اجتماعا في اول شهر آب/ اغسطس من العام الماضي في مدينة جدة اتخذت خلاله عدة قرارات من بينها تشكيل لجنة فنية مشتركة من وزارات الداخلية والعدل في الدول الاعضاء عهدت اليها مهمة وضع مشروع الاجراءات التنفيذية للاتفاقية,وفي اواخر شهر اكتوبر 1999م اجتمعت اللجنة الفنية تلك في نطاق امانتنا العامة وانجزت المهمة الموكولة اليها وستتولى الامانة العامة رفع هذا المشروع الى اللجنة الوزارية المشتركة التي ستجتمع في وقت لاحق وذلك للنظر في اعتماده حتى اذا ما تم ذلك بوشر بالتطبيق دون ابطاء.
* هناك دول عربية عدة تعاني من جرائم الارهاب الجزائر، مصر، لبنان كيف ينظر المجلس الى هذا الموضوع؟
لو شئنا النظر الى الظاهرة الارهابية بصورة اجمالية، فإننا نجد بوضوح انه ما من دولة في العالم ومهما كانت قوية او متقدمة يمكنها ان تكون بمنأى عن خطر تلك الظاهرة وغالبا ما تطالعنا الصحف واجهزة الاعلام المختلفة بوقوع حوادث ارهابية في هذه الدولة او تلك, ولذلك فان ما يقع من جرائم ارهابية في هذا الجزء او ذاك من عالمنا العربي يمكن ادراجه في ذلك السياق دون ان يعني ذلك ان الوضع خطير او غير قابل للسيطرة ولعل اكبر دليل على ذلك هو ان الاجهزة الامنية اللبنانية تمكنت في الفترة الاخيرة من القضاء على مخطط ارهابي تخريبي بسرعة لافتة للنظر وبأقل الخسائر الممكنة وعادت الاوضاع في لبنان العزيز الى سابق عهدها من الامن والاستقرار فالمهم في الموضوع ليس وقوع حادث ما بل القدرة على ضرب المخطط التخريبي وادواته والسيطرة بسرعة وحزم على الاوضاع.
* هل لنا ببعض المعلومات عن مذكرة التفاهم التي تم التوصل اليها بين الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ومنظمة الانتربول ؟
ان هذه المذكرة تشكل خطوة نوعية هامة على صعيد تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين امانتنا العامة ومنظمة الانتربول وهي تتناول تبادل المعلومات والبيانات والتعاون الفني وكذلك التشاور بين الجانبين في بعض القضايا الامنية، بغية التصدي للاجرام وملاحقة المجرمين, وقد كان من اولى ثمار هذه المذكرة القرار الذي اتخذته الجمعية العامة لالانتربول في دورتها الاخيرة، باعتماد العربية كلغة عمل رسمية في المنظمة، لتنضم بذلك الى اللغات الثلاث الاخرى وهي الانجليزية والفرنسية والاسبانية.
وقد تحقق ذلك بالرغم من المعارضة لهذا الامر الذي كانت تبديه بعض الجهات التي لها مواقف غير ودية من العرب وقضاياهم.
* هل بدأ تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب على الشكل المطلوب؟
الواقع ان الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 7/5/1999م بعد ان تمت المصادقة عليها من قبل سبع دول اعضاء وهو العدد المطلوب الذي نصت عليه الاتفاقية للبدء بعملية التنفيذ, وقد بلغ عدد الدول التي صادقت على الاتفاقية حتى الآن 12 دولة هي التالية حسب التسلسل الابجدي: الاردن، الامارات، البحرين، تونس، الجزائر، السعودية، السودان، عُمان، فلسطين، ليبيا، مصر، واليمن , اما الدول الاخرى فانها وقعت جميعها على الاتفاقية اثناء الاجتماع المشترك الذي عقد لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب في عام 1998م والذي كان الاول من نوعه على صعيد جامعة الدول العربية ولكن اجراءات التصديق ما زالت جارية لديها وهي تختلف من دولة الى اخرى طبقا لدساتيرها ونظمها ونحن على ثقة بان تلك الاجراءات سوف لن تطول, والواقع ان الامر لم يقتصر على التوقيع والمصادقة بل انه تم تشكيل لجنة وزارية مشتركة من المجلسين الموقرين برئاسة صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وذلك لوضع واقرار الآلية التنفيذية للاتفاقية المذكورة وقد اجتمعت هذه اللجنة في شهر آب/ اغسطس من العام الماضي في مدينة جدة وكلفت لجنة فنية من وزارات الداخلية والعدل في الدول الاعضاء بوضع مشروع الاجراءات التنفيذية للاتفاقية وقد اجتمعت هذه اللجنة بالفعل في شهر اكتوبر/ تشرين الاول الماضي في نطاق الامانة العامة لمجلسنا وانجزت المشروع المطلوب وسنتولى رفعه الى اللجنة الوزارية المشتركة للنظر في اقراره عند اجتماعها في وقت لاحق.
وبذلك يتضح ان مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب حريصان كل الحرص على تنفيذ كامل بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب على افضل وجه لان ذلك يكفل تطويق ظاهرة الارهاب وابعاد اخطارها ومآسيها عن منطقتنا العربية.
ولعل من بين دلائل الجدية العربية في الحرص على مقاومة الظاهرة الارهابية اضافة الى التعاون الامني الذي بدأ يعطي ثماره القرار الذي اتخذه كل من مجلس وزراء الاعلام العرب ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بتبني الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب التي سبق لمجلس وزراء الداخلية العرب ان اعتمدها في مطلع عام 1997م باعتبار ان التصدي لتلك الظاهرة لا تقع مسؤوليته على عاتق الاجهزة الامنية فقط بل على مختلف الهيئات الفاعلة في المجتمع من دينية واعلامية وتربوية واجتماعية وغيرها.
ومن جهة اخرى فقد تبنى مجلس جامعة الدول العربية القرارات ذات الصلة الصادرة عن اللجنة الوزارية المشتركة لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب وطلب من الدول العربية دعم جهود الامانة العامة لتوسيع نطاق العمل بالاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب على الصعيدين الاسلامي والدولي وهذا يشكل دعما كبيرا لجهودنا في السعي لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الارهاب.
* المواطن العربي يعاني مشاكل عدة ويريد جوانب ملموسة من رجل الامن,, فما تعليقكم على ذلك؟
الواقع ان الامن لا يقدم مشاريع معينة كما هو عليه الحال لدى بعض الوزارات والمؤسسات التي تشق الطرقات وتبني الجسور او تنفذ مشاريع انتاجية، بل إن مهمته هي خدمة المواطن وتوفير الامن والاستقرار له وللهيئات المختلفة التي تتولى تنفيذ المشاريع وتقديم الامور الملموسة فمن دون امن لا يمكن تصور قيام اي نشاط حيوي في البلاد في اي مجال من المجالات اذ كيف يمكن تصور قيام صناعة من دون امن واستقرار وكذلك الحال بالنسبة للتجارة او لاقامة المرافق العامة ولذلك يبرز دور الامن كعامل رئيسي لابد منه لاتاحة المجال امام كافة جوانب ومرافق الحياة الاخرى للعمل بحرية وتوفير ما يحتاجه المواطن في حياته واعماله واذا كان عمل رجل الامن لا يظهر على شكل انشاء مصنع او سد للمياه فليس معنى ذلك انه غير منتج او غير موجود, فهذا الرجل الصامت او العامل من وراء الستار هو الذي مكن من انشاء ذلك المصنع او السد بسهره وجهده الدؤوب وغير المنظور واكتفي بالاشارة هنا الى الظاهرة الارهابية التي لولا يقظة رجال الامن وحزمهم في التصدي لها لكانت جعلت من دولنا العربية ساحة مفتوحة لانوع من الاجرام والجرائم لا حد لها والنتيجة لذلك لا يجادل فيها احد وهي الخوف والهلع وتوقف كل مرافق البلاد واعمالها هذا غير الضحايا البشرية التي لابد وان تسقط بشكل يومي ولعلمكم تلاحظون جميعا ان التدابير التي يتخذها رجال الامن سواء في مكافحة الارهاب او مختلف انواع الجرائم تتم بشكل يضمن الاحترام للمواطنين ويحفظ لهم حقوقهم,فهناك حرص شديد على حقوق الانسان ونحن متمسكون بهذا الامر الى اقصى حد واذا حصل يوما ما حادث فردي هنا او هناك فان ذلك لا يشكل قاعدة بل الاستثناء لان الاساس هو الحفاظ على حقوق الفرد في الوطن العربي وضمان سلامة شخصه وحريته وحقوقه وممتلكاته وهذا ما نصت عليه الاستراتيجية الامنية العربية التي تحدد اسس التعاون والتنسيق بين دولنا العربية في مجال الامن الداخلي ومكافحة الجريمة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.