Friday 28th January, 2000 G No. 9983جريدة الجزيرة الجمعة 21 ,شوال 1420 العدد 9983



رياض الفكر
رحلة الخير والإشعاع الحضاري
سلمان بن محمد العُمري

شاء المولى عز وجل ان تكون بلادنا بما تشتمل عليه من بقاع مقدسة هي المنطقة الخيرة التي انطلقت منها الدعوة الحقة في بداياتها، لتنشر النور والخير على العالم اجمع لقد جعل الله هذا البلد آمنا مطمئنا بفضله ومنته، ويسر له امور حياته، وولى عليه ولاة امر صالحين لا تأخذهم في الله لومة لائم، عملهم كله ابتغاء وجه الله ومرضاته، لقد كانت حكومة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة ومازالت الأمينة المؤتمنة على رسالة الاسلام وستبقى بإذن الله كذلك الى ما شاء الله.
واصبحت مملكتنا الحبيبة محط انظار المسلمين في ارجاء الارض قاطبة، ومهوى افئدتهم، وحبهم الذي لا ينتهي، وكانت المملكة الغالية جديرة بهذا التقدير والحب والاحترام، فهي التي تقع فيها البقاع الطاهرة المقدسة، وهي عدا ذلك اثبتت بالفعل قبل القول نصرتها للدين الحق، وللمسلمين اينما كانوا.
لقد كان اهتمام المملكة بالاقليات الاسلامية على اكمل وخير ما يرام، وخصوصا تلك البلدان التي توجد فيها الاقليات بالبلدان الغربية حيث هناك تتم عملية اثبات الوجود بشكل ليس بالسهل، ولا باليسير، فالعلوم متقدمة، والحضارة تسير بشكل مضطرد، وعلى المسلمين ان يكونوا على المستوى المطلوب من الوعي، والادراك والثقافة والعلم.
وقد ركزت حكومة خادم الحرمين الشريفين ايدها الله بنصره وتوفيقه جهودها اولا لتوحيد جهود المسلمين، فبالاجتماع قوة، وبالتفرق ضعف، ومن ثم انطلقت، وبدعم من كل ابناء الشعب الكريم لبناء المساجد والمراكز الثقافية الاسلامية وارسال الدعاة والأئمة وارسال نسخ من القرآن الكريم وترجمات معانيه بالاضافة لكتب الفقه والحديث الشريف والكتب الدينية الاخرى، ناهيك عن الدعم المادي غيرالمحدود الذي تقوم به على الدوام، ابتغاء رضاء الله تعالى.
في هذا تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزرا، وزير الدفاع والطيران، المفتش العام الى ايطاليا، والهدف الاسمى كان افتتاح مركز الملك عبدالعزيز للدراسات الاسلامية وذلك في جامعة بولونيا التي تعتبر احدى اعرق وارقى الجامعات في ايطاليا والقارة الاوروبية.
إن هذا المركز الذي نستطيع ان نطلق عليه اسم نبع الخير سيكون نقطة اشعاع حضارية اسلامية في اوروبا والعالم كله، انه تتويج للجهد المبارك المشكور الذي تقوم به بلادنا العزيزة لنصرة الحق.
سيكون هذا المركز ان شاء الله وبلاشك منارة اسلامية حقيقية تظهر الصورة الصحيحة للاسلام والمسلمين، صورة العلم والبحث والحضارة بعيداً عن كل التشويهات الحاصلة بقصد او بدون قصد، سيعيد هو وامثاله من المراكز الصورة الناصعة لدين الاسلام، دين العدل والسماحة والرحمة والمودة والمحبة.
لقد كان في استقبال صاحب السمو الملكي النائب الثاني لدى وصوله مقر المركز رئيس جامعة بولونيا البروفيسور فابيو روفرسي موناكو، وعدد من كبار اساتذة الجامعة ولقد شكر رئيس الجامعة صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز لتكرمه بزيارة الجامعة وتبرعه السخي لانشاء المركز وذكر ان هذا العمل يعتبر ذا اهمية خاصة في سبيل زيادة تبادل المعرفة والعلوم بين الشعوب، كما شكر السيد رئيس الجامعة صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين بايطاليا على جهوده ومساندته للعمل الخير.
اما كلمة صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز في حفل الافتتاح فقد كانت قمة في التعبير عن حقيقة وما هية الحدث حيث اشار سموه الى ان ما قامت به جامعة بولونيا من انشاء لهذا المركز الجامعي، يعتبر خطوة موفقة ونقلة حضارية اثلجت الصدور واورثت الرضا في النفوس وما من شك ان هذه الجامعة العريقة قد ادركت بحكم مكانتها العلمية والفكرية ما للاسلام من فضل كبير على البشرية جمعاء، بما قدمه من عطاء ثري انار لبني الانسان طريق التقدم، واوضح معالم الرقي عبر ما حواه كتاب الله الكريم وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - من رصيد متكامل من المبادىء والأحكام التي تنظم حياة الانسان وتقوده الى طريق الحق والهدى، وتبعده عن مزالق الضلالة.
وجاءت الشريعة الاسلامية لتهذيب النفوس واذابة الفوارق بين الناس وتفعيل الترابط بين ابناء المجتمع الانساني توافقا مع الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها واكمالا لدور الانسان في الكوكب حيث استخلفه المولى عز وجل على الارض ليعمل على اعمارها وليبذل الجهد والطاقة في تحقيق مراد الله من خلقه.
لقد ذكر صاحب السمو الملكي النائب الثاني اهمية مبادرة جامعة بولونيا لاطلاق اسم جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله على مركز الدراسات الاسلامية، واكد ان هذا يعتبر لفتة رائعة ولمسة وفاء تكرس بكل جلاء ما كان عليه يرحمه الله من حرص شديد، وتمسك بدين الله وتقديمه لأمر الله على غيره، وما بذله طيب الله ثراه من جهود جبارة في سبيل اعلاء الاسلام ورفع كلمته وتبني قضايا المسلمين في كافة انحاء المعمورة.
وأشار الى انه من المؤمل ان يستلهم هذا المركز هذه السيرة العطرة في خدمة العقيدة الاسلامية وان يكون نافذة واسعة ونقطة اشعاع تضيء لتبين ما حفلت به الشريعة الاسلامية الغراء من احكام وقواعد ومبادىء وأسس تحكم قيم المجتمعات وتحافظ عليها، ونصرتها.
ومما لاشك فيه ان هذا المركز وامثاله من المراكز والمدارس والمعاهد الاسلامية هي امانة في عنق كل مسلم والمملكة العربية السعودية تولي كافة الاعمال الاسلامية جل اهتمامها ورعايتها وتبذل كل ما في وسعها لدعمها ومساندتها وتقديم العون اللازم لها، وخصصت المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية الذي يقوم بالواجب على اتم وجه، ان هذا المجلس الذي انشأته حكومتنا الرشيدة ويعنى بشؤون الاسلام خارج المملكة، ويحظى بدعم مباشر وعلى اعلى المستويات قام ويقوم بأداء الكثير من الواجبات التي تساهم في نصرة الاسلام.
ان المملكة وكما يقول صاحب السمو الملكي النائب الثاني يحفظه الله تصرف البلايين على هذه المراكز والمدارس الاسلامية وكذلك معاهد اللغة العربية في كل ارجاء العالم ، وجاء المجلس ليوحد الهيئة التي يمكن الرجوع اليها بدل التشتت والضعف.
وبنفس الوقت فان تعاوننا كما يقول صاحب السمو الملكي في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف السعودية ان تعاوننا في المملكة مع العالم الاسلامي في شؤون المراكز الاسلامية لا يعني انتقاصا من قدرنا او حتى تخليا عن مسؤولياتنا على العكس تماما بل القصد ان يتم تهيئة السبل لمتابعة دعم هذه المراكز والمساجد حتى لا يكون نهاية العمل بناء مسجد او مدرسة وتركه دون دعم بعد ذلك.
ان من الواجب التشديد على هذه النقاط التي ذكرها صاحب السمو الملكي كي نمنع وصول خلافات واختلافات المسلمين من بلادهم الى بلاد اقامتهم وبالتالي يعطون صورة غير جيدة عن حالهم كما حصل احيانا، وحتى ان بعض الحكومات تدخلت لحسم الخلافات بين بعض الجاليات الاسلامية.
إن ديننا هو دين ارادة الله للبشرية جمعاء، وعلينا كخير امة اخرجت للناس ان نظهره بوجهه الناصع الحقيقي كي يكون هذا الوجه بحد ذاته دعوة للحق بإذن الله .
والله من وراء القصد.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

فروسية

أفاق اسلامية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.