Monday 31th January, 2000 G No. 9986جريدة الجزيرة الأثنين 24 ,شوال 1420 العدد 9986



عولمة الفساد,, أكبر هموم القرن الجديد
بندر بن فهد آل فهيد

لكل قرن مشاكله وهمومه ومن ابرز هموم هذا العصر قضية عولمة الفساد تلك القضية الشائكة التي تناولتها ندوة خاصة عقدت في القاهرة نظمها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية أواخر العام الماضي 99 أو بالاصح أواخر القرن الماضي والتي شارك فيها العديد من الاقتصاديين والباحثين ورجال الثقافة تناولوا من خلال ندوتهم اسباب وتداعيات ظاهرة الفساد العالمية التي يخشى من استفحالها زيادة تدهور اقتصاديات العالم الثالث وبالذات الدول الأشد فقراً، التي تواجه العولمة وانفتاح الاسواق وإلغاء الحواجز الجمركية بآليات ذات إمكانات محدودة, وقد تناولت الندوة نماذج للفساد في الدول المتقدمة وبعض الدول الافريقية ودول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، مثل فضيحة الرئيس سومونا ديكتاتور نيكاراجوا الذي استولى على نصف مساحة بلده أثناء فترة حكمه وسقوط حكومة يلماظ في تركيا في نوفمبر 1998 بسبب اتهامات الفساد التي وجهت إلى حكومته التي باعت أحد البنوك بمبلغ 600مليون دولار وتورطه بالتعاون مع المافيا وسقوط ثلث مجلس الوزراء الهندي بسبب الفساد واتهام 18فرداً من كبار المسئولين الصينيين باختلاس مبلغ 2,4مليار دولار،وفضيحة تلفزيون جيت في روسيا التي كشفت عن تورط الرئيس يلتسن بتحويل حقوق ادارة محطة التليفزيون O.R.B إلى نفسه وتورط زوجته وابنته ورجال أعمال وعصابات المافيا بتحويل عشرة مليارات دولار إلى أمريكا، وقضية استغلال النفوذ والكسب غير المشروع التي كشفت عن سرقة رئيس هاييتي الأسبق جان كلود دوفالييه مبلغ 450مليون دولار استولى عليها من خزانة الدولة عند هروبه إلى خارج بلاده.
إن تلك النماذج من الفساد أخذت تكبر وتتسع لتشمل اصحاب النفوذ في كثير من دول العالم أبطالها رجال المال والسياسة الذين يستغلون مراكزهم السياسية والاجتماعية في تهريب الأموال والاتجار بالمخدرات والتعاون مع رجال عصابات المافيا.
ومن جانب آخر تطرق إحدى الأوراق المقدمة للندوة عن أبعاد لصور الفساد وأسبابه حيث ذكرت (أن هناك بعدا مؤسسيا يتمثل في أن كثيرا من التفاعلات تتم خارج الأطر الرسمية أو القنوات الشرعية المتخصصة لها وذلك أدعى إلى فتح الباب لترويج المصالح الخاصة والشخصية وتبادلها بين الأطراف تحت ستار الشرعية، وبعدا قانونيا يتمثل في ترسانة القوانين التي يصعب حصرها وتنطوي على الكثير من الثغرات وتتناقض مع بعضها البعض أحيانا وتخضع للتغيير المستمر، وبعدا إداريا يتمثل في عدم التوازن في تحديد الصلاحيات وهي إما واسعة بلاحدود أوضيقة إلى أبعد حدود، وأخيراً بعد اجتماعي حيث التفاوت في توزيع عوائد التنمية والتغير الحاد السريع في التركيبة الاجتماعية).
وقد كشفت الندوة عن الجهود المبذولة لمحاربة فساد العصر وحددتها بالجهود الفردية والدولية حيث قد تم تنظيم مؤتمر نظمته الولايات المتحدة الامريكية حضره نحو ستمائة شخصية يمثلون دول العالم كان من بينها مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والكويت وذلك بهدف بحث وسائل مكافحة وتجريم الفساد الحكومي في مجال العطاءات والمناقصات والتعاقدات.
وعلى الصعيد الدولي وقع ممثلو 37 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على معاهدة الميثاق الدولي لمكافحة الرشوة وبدأ العمل في هذا الميثاق في فبراير من العام الماضي بعد ما اقرته السلطات التشريعية في 29 دولة منها.
وقد قام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بوضع شروط على الدول التي تطلب الإقراض أن تلتزم بمكافحة الرشوة والفساد والمحاباة.
أما دول أمريكا اللاتينية فقد وقعت فيما بينها اتفاقية لمكافحة الفساد وغسيل الاموال التي تنص على تعقب المجرمين عبر الحدود وتقديمهم للمحاكمة كما قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بوضع إعلان مناهضة الفاسد والرشوة في المعاملات التجارية الدولية.
وعلى الصعيد العربي نبهت المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة للجامعة العربية إلى خطورة الظاهرة واقترحت برنامجاً متكاملاً لمكافحتها.
إن القضاء على هذه الظاهرة لن يكون من السهولة بمكان محاربتها والقضاء عليها عن طريق بعض التشريعات الضعيفة التي قامت بها بعض الدول وخاصةً دول العالم الثالث التي تفتقر إلى الشفافية في التعاملات التجارية وتلوذ وسائل إعلامها بالصمت المطبق على الممارسات التي تنال من تطورها الاقتصادي وازدهارها الاجتماعي.
إن تداعيات رقعة الفساد أخذت تلقي بظلالها على الوضع الأمني والاجتماعي، وتقضي على محاولات وضع أسس الاستقرار الاقتصادي وإفساد إمكانات تطور ونمو نشاط القطاع الخاص ومن الواجب على دول العالم التضامن من أجل محاربة كافة اشكال الفساد التي أخذت شكل تقويض بعض الأنظمة ونشر الفساد وزيادة مساحة الفقر في العالم وباتت تهدد الشعوب الفقيرة وتزيد مآسيها وتضعف مقاومتها وتهدد كياناتها الاقتصادية,.
إن عولمة الفساد تسعد قلة وتهلك شعوباً بأكملها وتسحقهم تلك عجلات الجشع والاستبداد.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.