Monday 31th January, 2000 G No. 9986جريدة الجزيرة الأثنين 24 ,شوال 1420 العدد 9986



وجهة نظر
بناء النمو الاقتصادي
د, محمد يحيى اليماني *

لا شك أن وجود التطور والنمو الاقتصادي مرتبط بوجود العديد من العوامل كالبنى التحتية ورؤوس الأموال والتقنية العالية ومستوى التعليم والتدريب المناسبين إلى غير ذلك من المقومات، وتوافر هذه المقومات وإن كان ضرورياً لعملية النمو إلا أنه ليس بكاف، إذ إن هناك مجموعة من المقومات اللازمة للنمو الاقتصادي لا تعطى الاهتمام المطلوب في حين أن فقدانها يعيق الاستفادة من المقومات المادية ويجعلها أقل كفاءة في حفز ودعم عملية النمو.
من هذه المقومات الاستفادة من الوقت فيما يعود بالفائدة على الفرد وعلى المجتمع وعدم إضاعته فيما لا فائدة منه والملاحظ شيوع التصرفات والسلوكيات المؤدية إلى إضاعة الوقت في مجتمعات الدول النامية بشكل عام، فالموظف على سبيل المثال يعمل سبع ساعات يوميا أما باقي اليوم فيضيع غالبا في أمور لا طائل من ورائها يضاف إلى ذلك أوقات العطل والإجازات التي تصرف في الراحة واللهو وكأن العمل المنتج محصور فقط بأوقات الدوام الرسمي.
ويزداد الأمر سوءا عندما يتفنن الآخرون في إضاعة أوقات من يحرصون على الاستفادة منها فتصبح الخسارة مضاعفة والحالة هذه, ويصعب تصور وجود نمو اقتصادي بدون الحرص على الاستفادة من أهم عناصر الإنتاج وهو العمل إذ ما جدوى وجود الآلات والمصانع والمعامل والمباني والمكتبات وهي لا تجد من يشغلها أو يستفيد منها معظم الوقت.
ويرتبط بقضية العمل والاهتمام به الحرص على العقول وأصحاب القدرات والكفاءات العلمية والفنية والمهنية والعمل على استقطابهم والاستفادة من إمكاناتهم فيما يعود بالنفع على المجتمع وإتاحة المجال أمامهم للعمل والإبداع.
ومن الواضح أن عدم الاهتمام بهذه الفئة يؤدي إلى هجرتها إلى حيث ترى مجالات العمل والإبداع أوسع أو إلى عدم مساهمتها مساهمة فعالة في القضايا التي تهم المجتمع وتعمل على رقيه وتطوره, ويفترض أن يمتد الاهتمام بالعقول والكفاءات واجتذابها إلى خارج الحدود, وليس بخاف أن من أسباب التطور والتقدم الاقتصادي الذي تعيشه الدول الصناعية راجع إلى قدرتها في اجتذاب وتبني العقول وأصحاب الكفاءات والأمثلة في هذا الجانب أكثر من أن تحصى.
وللجوانب الإدارية تأثير بالغ في عملية النمو الاقتصادي سلبا أو ايجابا، فالروتين الإداري الممل القاتل للطموح والإبداع لدى الموظف والعامل والمؤدي إلى تأخر اتخاذ القرارات وإلى فوات الكثير من الفرص التي ربما لا تأتي مرة أخرى أحد عوائق النمو الاقتصادي, وعادة ما يصاحب الروتين الإداري المعقد قضايا أكثر سوءاً كالفساد الإداري وغلبة الاعتبارات الشخصية عند اتخاذ القرارات وعدم اختيار الأشخاص المناسبين للوظائف والمهام.
ومن الطبيعي أن تؤدي مثل هذه الأمور إلى هدر كبير في مقدرات المجتمع المادية والبشرية وإلى تباطؤ مسيرة النمو الاقتصادي.
وفي جانب آخر فإن احترام الأنظمة والتقيد بها احد عوامل الرقي والتقدم ودلالة على بلوغ المجتمع درجة عالية في التحضر وفقدان هذا الأمر أحد علامات التخلف, واحترام الأنظمة والالتزام بها أمر يحتاج إلى بناء وإلى جهود جبارة حتى توجد لدى الأفراد والمجتمع قناعة شخصية بأهمية هذا الأمر في حياتهم بعيدا عن عنصر العقاب, ومن هنا تنبع أهمية تربية وتنشئة الجيل على النظام واحترامه في كافة شؤون الحياة حتى يصبح جزءا طبيعيا من ممارساتهم اليومية وحتى لا يشعروا بأنه عبء ثقيل يجب التخلص منه متى ما سنحت الفرصة, والتقيد بالنظام يعد جزءا من احترام الذوق العام للمجتمع لذا فهو يشمل المنزل والشارع والمدرسة ومكان العمل وأماكن النزهة والترفيه وغير ذلك, ومن يتشرب احترام النظام ويطبقه في حياته لابد وأن يكون دقيقا في أداء عمله حريصا على أن يظهر قريبا من الكمال خاليا من الأخطاء والعيوب وهذا أحد متطلبات عملية النمو الاقتصادي.
ومن المتوقع أن ينظر البعض إلى مقومات النمو الاقتصادي هذه أو بعضها على أنها أمور ثانوية ينبغي ألا يتوقف عندها كثير ولا تصرف لها الجهود إذ إن المقومات المادية أهم، لكن لو نظرنا إلى حال من سبقونا في هذا المجال لوجدنا أن الواقع لا يتفق مع هذه النظرة أبدا.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.