Monday 31th January, 2000 G No. 9986جريدة الجزيرة الأثنين 24 ,شوال 1420 العدد 9986



د, عبدالله الشميمري في حديث عن اضطرابات النوم
معظم أحداث الكوابيس تدور حول الملاحقات
يجب الحذر من المبالغة في إيجاد علاقة بين أحداث الكوابيس والحياة اليومية

تعد الكوابيس من الأحلام المزعجة التي تتكرر في حياة الشخص وتؤدي الى اضطراب في نمط النوم وربما تنغّص عليه حياته العادية أو تحفر في ذاكرته ذكرى أليمة لا تفارقه أحداثها ولا يستطيع نسيانها، وقد يعيش الشخص متأثرا بأحداث هذه الأحلام والكوابيس لفترة طويلة تعيقه من ممارسة الأعمال العادية في أسوأ الحالات.
وللاستزادة من هذا الموضوع توجهنا ببعض الأسئلة حول هذا الموضوع الى سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشميمري استشاري الأمراض الصدرية والعناية المركزة ورئيس قسم الصدرية بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني والمهتم ايضا باضطرابات النوم، فكان اللقاء التالي الذي نرجو ان يعطي قليلا من الضوء حول هذا الجانب من الجوانب المهمة في حياة الأفراد صغارا أو كبارا.
ما هي الكوابيس
في البداية سألنا الدكتور الشميمري عن تعريف الكوابيس وكيف تختلف عن بقية الأحلام فأجاب:
تعد الكوابيس من أشد الأحلام المزعجة والتي تؤدي عادة الى الاستيقاظ من النوم، حيث يشعر الحالم بأحاسيس مقلقة اثناء الكابوس مثل الغضب أو الاحساس بالذنب أو الحزن أو الإحباط، ولكن أكثر الأحاسيس تكرارا أثناء الكوابيس هي الخوف والقلق.
أحداث الكوابيس
* هل تختلف أحداث الكوابيس؟
تختلف أحداث الكوابيس باختلاف الأشخاص، واختلاف الأوقات، ولكن معظم أحداث الكوابيس تدور حول الملاحقات حيث يرى النائم أنه ملاحق إما من قبل حيوان مخيف أو أشكال خيالية متعددة.
الأطفال أكثر تعرضاً للكوابيس
* من الذي يتعرض للكوابيس؟
كل شخص يمكن ان يتعرض للكوابيس من وقت لآخر، وخاصة الأطفال ما بين عمر الثالثة والثامنة من السن، حيث يعتقد ان هذه الأحلام والكوابيس جزء من النمو الطبيعي للأطفال وليست مشكلة بحد ذاتها، ثم تبدأ الكوابيس بالاختفاء تدريجيا من أحلام الطفل عند وصوله مرحلة البلوغ، إلا أنها قد تأتي من وقت لآخر في جميع مراحل العمر، ويعتقد ان حوالي 5 الى 10 بالمائة من الأشخاص تحدث لهم الكوابيس على الأقل مرة واحدة في الشهر أو أكثر.
أسباب الكوابيس
* ما الذي يسبب الكوابيس؟
هناك احتمالات كثيرة لحدوث الكوابيس حيث ان بعضها يكون بسبب تناول بعض الأدوية أو الانقطاع عنها فجأة أو بسبب الحالة الصحية للشخص مثل الاعياء والمرض والحمى, أما بالنسبة للكوابيس في مرحلة الطفولة فانها عادة ما تكون بسبب الصراع في نفسية الطفل لتعلم كيفية التعايش مع مخاوف الطفولة العادية ومشاكلها, وكثير من الناس تحدث لديهم الكوابيس عند تعرضهم لحادث مؤلم أو غير عادي كفقدان شخص عزيز أو التعرض للاعتداء أو حصول حادث خطير أو اجراء عملية جراحية كبرى، وهذا يفسر الكوابيس المزعجة التي تحدث للجنود الذين شاركوا في معارك حربية دامية.
وعادة ما يكون محتوى الكوابيس أحداثا تتعلق بنفس الحوادث المؤلمة التي تعرض لها الشخص في حياته اليومية وعلى هذا فهي تتكرر وبنفس السيناريو وبشكل مزعج.
وهناك أشخاص تحدث لهم الكوابيس عندما يتعرضون لضغوط شديدة في حياتهم اليومية مثل صعوبات في العمل الوظيفي أو تغيير في الوظيفة أو الانتقال من سكن لآخر أو القلق بشأن الأمور المالية أو تراكم الديون أو حدوث الحمل لدى النساء.
وهناك بعض الأشخاص تتكرر لديهم الكوابيس دونما أي علاقة بحياة اليقظة لديهم وهؤلاء عادة ما يكونون أشخاصا ذوي خيال خلاّق واحساس مرهف وعاطفة جياشة.
علاقة الأدوية والأغذية بالكوابيس
* هل للأدوية أو للأغذية علاقة بحدوث الكوابيس؟
هناك مواد عديدة لها علاقة بحدوث الكوابيس والأحلام بصفة عامة وتكمن في أن هذه المواد تؤثر على امكانية تذكر الحلم أو الكابوس، حيث اثبتت البحوث المعملية ان المشروبات الكحولية وأقراص النوم والمهدئات تؤدي الى انقاص مرحلة الأحلام اثناء النوم، وبالتالي تقلل من فرص تذكر تلك الأحلام.
على الرغم من ان هناك أشخاصا يحدث لهم عكس ذلك تماما حيث تؤدي هذه المواد الى زيادة تذكر الأحلام والكوابيس بالتفاصيل, وهناك أدوية مضادة للاكتئاب تزيد وبشكل كبير امكانية تذكر الأحلام والكوابيس, وفي الوقت الذي يجد فيه بعض الأشخاص متعة في تذكر الأحلام بالتفاصيل الدقيقة يعاني البعض الآخر من هذه الذكريات, ولذلك فإنه من المهم للذين يتناولون مثل هذه الأدوية مناقشة هذه الآثار الجانبية مع الطبيب المعالج.
وهناك أشخاص يلاحظون ان بعض الأدوية العادية مثل بعض أنواع الفيتامينات مثل فيتامين ب والمستحضرات التي تحتوي على الزنك تؤدي الى زيادة تذكر تفاصيل الأحلام والكوابيس رغم عدم حدوث مثل هذه التأثيرات على أشخاص آخرين,وهناك أشخاص يعتقدون ان تناولهم لبعض المأكولات مثل منتجات الألبان قبل النوم تساعدهم كثيرا على تذكر الأحلام وبالتفاصيل رغم عدم وجود أية دلائل علمية تؤكد أو تنفي ذلك إلا أنه من المتعارف عليه أهمية اجتناب تناول وجبة ثقيلة قبل النوم، حيث ان انشغال الجسم بهضم الطعام قد يؤدي الى تناقص في تروية الدماغ بالدم ونقص الأوكسجين وتعرض الشخص لحدوث الأحلام المزعجة والكوابيس المخيفة بغض النظر عن نوعية الطعام ومكوناته.
كيفية التعامل مع الكوابيس
* ماذا يمكن عمله حيال الكوابيس؟
يعتمد ذلك على مصدر هذه الكوابيس، وللتحري عما اذا كان سبب الكوابيس يرجع الى أدوية يتناولها الشخص أو مرض معين فيمكن ذكرها للطبيب المعالج والاستفسار عن مدى علاقتها بالكوابيس.
كما أنه من المفيد تشجيع الأطفال على مناقشة ما يرونه من كوابيس مع والديهم لتطمينهم بأنها مجرد أضغاث أحلام, وعادة لا تحتاج كوابيس الطفولة الى علاج إلا اذا كانت مزعجة بشكل يؤثر على نفسية الطفل فيجب عندئذ اللجوء الى العلاج الذي قد لا يتطلب سوى تحليل لأحداث الحلم مع الطفل وربما الطلب منه ان يرسمها والتحدث مع الشخصيات المرسومة لمساعدة الطفل على الشعور بالامان والتقليل من شعور الخوف من هذه الكوابيس.
فوائد الكوابيس
* هل للكوابيس فوائد؟
تعد الكوابيس المتكررة التي تدور حول حادثة معينة علاجا تدريجيا للشفاء نفسيا من صدمة هذه الحادثة، ويقل تكرار هذه الكوابيس وشدة ازعاجها بتحسن حالة الشخص وتعوده على الحادثة وما نتج عنها من تبعيات، إلا أنه يجب مراجعة المعالج النفسي في حالة استمرار تكرار هذه الكوابيس لمدة اسابيع مثلاً وبنفس الدرجة من الازعاج والقلق.
كما توفر الكوابيس لدى البالغين فرصة استكشاف النفس وفهمها، حيث يصبح لدى الحالم خبرة في فك رموز هذه الكوابيس وفهم لغتها وتحليل أحداثها بما يتناسب مع أحداث الحياة اليومية، إلا أنه يجب الحذر من المبالغة في ايجاد علاقة دائمة بين أحداث الكوابيس وتفسيرها على كل صغيرة وكبيرة من أحداث الحياة اليومية.
من الواجب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الكوابيس والأحلام المزعجة بشكل عام حيث ارشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم الى عدم الانزعاج من هذه الكوابيس وبيّن أنها من الشيطان للتنغيص على الشخص واقلاقه حيث قال الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث، حين يستيقظ ثلاث مرات، ويتعوذ من شرها فإنها لا تضره .
ولذلك فهناك نسبة كبيرة من الناس استجابوا لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فأصبحت الكوابيس لا تزعجهم رغم فظاعتها حيث يعدونها من الشيطان وتخيلات عادية ولا يلقون لها بالا وينسونها بمجرد انخراطهم بالحياة اليومية مما يؤكد على أن عامل استجابة وتصور الشخص نحو هذه الكوابيس له دور كبير في مدى تأثيرها على نفسية الشخص وازعاجها له.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.