Friday 4th February, 2000 G No. 9990جريدة الجزيرة الجمعة 28 ,شوال 1420 العدد 9990



الحجرُ على الكبير والصغير والمجنون,, كيف يكون
صالح بن سعد اللحيدان

جاء إليَّ شخصان وأنا مجاور بمكة سنة 1417ه وذكرا لي مشكلة مع قريب لهما لا يحسن التصرف بماله وله ولد قصَّار وماله كثير، وقالا: إنهما يريدان الحجر عليه وهما يستفتيان.
ولم أشأ اجابتهما في حال حاضرة لكني انظرتهما بعد خمس وبعدها اجيبهما على السؤال.
وقد كنت أخذت منهما كافة المعلومات عنهما وعن ذلك القريب المراد، وتبين لي انهما متعجلان، وأنهما قد تعجلا ذلك بدعوى ابن له آخر من زوجة أخرى أراد التملك لكن على حساب أبيه بتحريض من أمه وأحد أخواله.
ولما كان الابن قد عاش كل عمره عند أمه فقد ماتت لديه عاطفة الأبوة المعاكسة إذ لو جعل نفسه مكان أبيه لما فعل ما فعل، وقد ماتت ولا جرم لديه عاطفة البنوة وإلا فالأمر أهون من ذلك بكثير، وفيما أدركت ذلك اتصلت به فجاء مشكورا فرحا ولما تبين له حقيقة البر بصرف النظر عن: الحياة عند أبيه، ولما تبين له ما هو: الحجر؟ وكيف يكون؟ ولى ولم يعقب الى البيت الحرام مستجيرا بالله مما أراد: صنعه والإقدام عليه وقد ظهر ان الأب كريم وذو مال وفير، وله معارف عصبة وذوو رحم فينفق على هذا وذاك بعقل وحكمة وقياس سليم.
أما هما فأدركا ماهما عليه وأنهما ليس لهما إلا الظاهر والحمدلله حمدا هو أهله.
فيا ترى ما هو الحجر؟ ومتى يكون؟ وما هي أنواعه؟ وأحكامه، وصفاته؟
أبين هذا حسب علمي، وما يؤديه اجتهادي وهو محدود حتى يتضح أمره، وما يكون للمحجور/ وما يكون عليه.
أبدأ فأذكر ان الحجر ليس اصلا إنما هو فرع لا يكون أبدا إلا بموجب شرعي ناهض قد سلم من كل معارض، ومثل هذا يحتاج كله الى:دهاء,, وعمق,, وبعد نظر, من ينظر حال المحجور عليه فالحجر على هذا يراد به المنع تقول: حجرت الأرض بسور منعت عنها، وتقول حجَّرت الحوض بتشديد الجيم بمعنى أحطته بحاجز صغير لئلا يتسرب الماء وأحطته يراد به سورته.
ويأتي الحجر بمعنى التضييق والتحجيم وبين المنع والتضييق العموم والخصوص.
ويطلق على المعاني كالعقل قال سبحانه:(حجراً محجوراً) لأن العقل السليم يحجر صاحبه عن رديء: القول, ورديء: الفعل.
وأصله الشرعي: منع الانسان من التصرف بماله بموجب شرعي صحيح وهو أنواع:
حجر على جماد حتى يتبين صاحبه.
حجر على حيوان حتى يتبين صاحبه.
ويقاس على هذين ما كان مثلهما.
والحجر الأول فيما لو لم يعرف لصاحب هذه الأرض مالك مع وجود سور فلا تملك لكن يعلن عنها حتى يتبين صاحبها والا فتكون لبيت مال المسلمين لينظر فيها ولي الأمر.
والحجر هنا بمعنى: الحفظ.
ومثله ما ذكرت عن: الحيوان إلا الإبل والثالث الحجر على الكبير لعدم حسن تصرفه كمن هرم أو أصيب بمرض أفقده الوعي مع طول ملازمة المرض له والرابع الحجر على السفيه الذي لم يحسن التصرف بعد.
الخامس الحجر على الصغير لحفظ ماله.
السادس: الحجر على المجنون.
السابع على المال المتخاصم حوله.
وأريد بعد هذا أن أبين هذه الأمور:
الأول: يحرم دعوى عدم حسن تصرف الأب/ أو الجد/ أو الأم, واخراج تقرير طبي مزور أو بسبب الرشوة أو بسبب الحيلة أن هذا يوجد خلل ما يوجب الحجر عليه.
الثاني: يحرم التصرف في مال المحجور عليه إلا لصالحه لئلا يذهب المال بسبب الزكاة.
الثالث: يحرم استغلال المحجور عليه بمحرم.
الرابع: يحرم المخاطرة فيه.
الخامس: يبقى المال المحجور عليه حتى ينتهي وضعه بحكم يبين ماله وما عليه.
السادس: يضمن المال المحجور عليه في حال التفريط فيه وقام الشاهد على هذا.
السابع: نتيجة لظلم قد يحصل من قريب على قريب فإنه كما تدين تدان .
ومثل أمر الحجر ما تسببه الوشاية بين الأقرباء أو زملاء المهنة أو الجيران من الحجر على من وشي به وهو: ضعيف/ أو مسكين/ أو قوي محسود فيحجر عليه ولا يستطيع الدفع لغموض ما حصل أو عجزه اصلا عن: المدافعة أصلا لضعفه وقلة حيلته.
ونتيجة لهذا فإن الله ينتصر لمثل هؤلاء ولو بعد حين:
وهذه بعض الأحكام أبينها حسب اجتهادي لتكون أمام كل مسلم يخاف الله ويرجوه فمن ذلك:
1 إذا كان على شخص ما دين مؤجل لم يحن وقته فلا تجوز المطالبة به قبل ذلك.
2 من لم يستطع أداء الذي عليه من دين وبان هذا من حاله لم تجز مطالبته به، وكيف يجبر على مالا يملك, قال تعالى:(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة).
3 من مات أو سافر أو مرض وعليه دين لم يحن وقت سداده فلا يطالب به مالم ير الورثة ذلك فلا بأس.
4 الحجر لا يزول عن الكبير ونحوه إلا بثبات زوال سببه.
5 الحجر على المفلس يكون لمصلحة أصحاب الحقوق لكن لا يجوز أن يطول هذا الى ضروريات حياته وأسرته.
6 الحجر على الكبير والصغير والمجنون والسفيه إنما هو لنفعهم وما يعود عليهم من صلاح فوجب هنا تنمية أموالهم وعدم حبسها.
7 إذا حجر على شخص فيحسن أن يُبين هذا للناس خصوصا الصغير والسفيه والكبير لئلا يزيد ما عليه وحتى لا يقع في الخطأ أناس آخرون.
8 لولي الأمر ان يبيع ما يملكه المفلس المحجور عليه لسداد ما عليه من دين أو ديون حاضرة تضرر اصحابها ويترك للمفلس ما يكون له من ضروريات الحياة.
لأن قاعدة الحجر لا ضرر ولا إضرار لا ضر ولا اضرار.
9 يحرم استغلال المحجور عليه لنفع ذاتي.
10 لا يجوز للمعسر التلاعب بحقوق أصحاب الديون والمماطلة بمالهم عليه من: دين، خصوصا من يستغلون الصكوك الشرعية بغير وجه حق شرعي.
11 يحرم ادعاء الاعسار للهروب من السداد ومثله لا يوفق إلى خير، وقد يصاب بنفسه.
12 يحرم تمثيل دعوى تقام للاعسار.
13 لا يجوز للكفلاء التضييق على الضعفاء والمساكين بحسبهم حتى يسددوا ما عليهم إلا بعد نظر تقي أمين أنهم يملكون ما يدفعونه لمن له حق عليهم.
14 المجنون يحجر عليه لمصلحة نفسه لكن يجب تنمية ماله، وعمل ما يصلح له فإن القيام على المجنون جهاد مأجور صاحبه إذا صلحت نيته في هذا ولعل هذا الطرح المقتضب عن الحجر ما يفتق الهمم فيعي الناس مالهم وما عليهم وتدرك الحقوق فيأخذ من له فيها حق منها، ويعطي من عليه الحق ما عليه.
والحجر بالرجوع الى ما حصل عام 1417ه فيما كنت بمكة بالرجوع الى تلك الحادثة يمكن ان تساهم في حقيقة أمور كثيرة بما يكفل الحقوق، ويدرك معه حالات المحجور عليه.
وكذلك حالات طالبي الحجر.
فإن المسألة هنا تحتاج الى: دهاء وفطنة/ وتأن مكين/ وبعد نظر ومعرفة أحوال الخلق بالتمعن في التصرفات والسمعة وكثرة الاستشارة لذوي الألباب، فإن المستشير في أحواله يبعد عن الخيبة.
واذا قرن هذا كله بعدل نظري وعقلي، وجودة بديهة ونية صالحة فيوشك ان تتكشف حالات كثيرة.
وإنني في مثل: الحجر وعامة المظالم أدعو الى سعة البال وطول النظر وكثرة الاعتبار بالوقائع والتأني.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

ملحق الميدان

الجنادرية 15

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved