Sunday 6th February, 2000 G No. 9992جريدة الجزيرة الأحد 30 ,شوال 1420 العدد 9992



طباق وجناس
التفاخر المحزن!
محمد أحمد الحساني

من التوجيهات النبوية الشريفة التي تحمل معاني إنسانية عظيمة وشفافة توجيهه صلى الله عليه وسلم لأمته بأنه إذا شرى احدهم طعاماً أو فاكهة لأهله فعليه أن يهدي شيئاً منها للجيران، فان لم يفعل أو لا يستطيع أن يفعل فليدخلها إلى بيته بالخفاء، والقصد من ذلك كما ورد في تفسير هذا التوجيه الكريم اللطيف هو عدم إشعار أطفال الجيران بالحرمان لاسيما إن كانوا غير قادرين على شراء مثل ما حمله جارهم لأطفاله وأسرته وكذا عدم المباهاة والتفاخر بمأكل أو نحوه، وبذلك تسود بين المسلمين المحبة والمودة والألفة.
وقياساً على ذلك فقد سعت مدارس تعليم البنات في مراحلها الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية، إلى توحيد الزي المدرسي وعدم السماح باستخدام الحلي او ادوات الزينة بين الطالبات منعاً لحدوث فروق واضحة في الزي والزينة وكان ذلك من الاعمال التربوية الاجتماعية الجيدة، ولكن هذا الإجراء لم يستمر في الكليات التابعة لرئاسة تعليم البنات فقد حدثتني سيدة مطلقة ولها خمس من البنات، عن طريق الهاتف عما لاحظته وتعاني منه بسبب التباهي والتفاخر بين الطالبات في الملابس والحلي وأنها وجدت في بنتيها اللتين تدرسان في كلية من كليات البنات انكساراً وحزناً على ألا تجدا ما يكفي لمجاراة بقية البنات لأنها لا تستطيع شراء ملابس غالية لهما فهي بالكاد توفر لبنتيها ما يسترهما من ملابس عادية ناهيك عن الحلي التي تلبسها بعض الطالبات ويتكلف الطقم الواحد آلاف الريالات.
وتقول هذه السيدة إنها دائماً تذكر بنتيها بوجود فوارق اجتماعية ومادية بين الناس وأنهن سيكن أفضل حالاً في المستقبل إذا ما اجتهدتا وتخرجتا وعملتا، فيظهران لها الموافقة والتأييد ولكنها ترى الحزن والانكسار يلمع في عيونهما، فاذا تبع ذلك تفاخر وتبرج بزينة فلابد أن تتطلع نفوس المحرومات الى مثل ذلك ولاسيما وهن في مقتبل العمر وقد جُبلت المرأة في معظم سني عمرها على حب الملابس والحلي وهي في هذه السن أكثر حباً وولهاً بها، وقد تخفف النصائح والمواعظ من غلواء التطلع للزينة ومجاراة المتفاخرات ولكن المقاومة قد تنهار لأن ذلك يحدث يومياً وعلى مدار ساعات الدراسة والمعادلة هنا أصعب بكثير من المواعظ الشفوية!
حزّر,, فزّر أنا مين؟
يبدو أن بعض الناس صغارهم وكبارهم في العمر، قد تأثروا بما تبثه قنوات الفضاء والأرض من برامج تتضمن أسئلة ومسابقات وفوازير لم نكن نسمع عنها إلا في رمضان فقط لا غير فأصبحت متوفرة يومياً وعلى مدار أيام العام وساعات النهار ، وقد ظهر هذا التأثير عليهم من خلال تعاملهم مع الآخرين عند استخدامهم للهاتف، فقد تكون قابعاً في مكتبك بالعمل أو مستريحاً في منزلك فيتصل بك أحد المتأثرين بالفوازير ودون أن يعرفك بنفسه العزيزة وشخصه الكريم تقديراً لمشاغلك في العمل أو تشاغلك في البيت،يأخذ في طرح فوازيره عليك حزر فزر مين أنا ؟
وهو يريد منك أن تعرفه من خلال صوته الرخيم أو الأجش أو أنفاسه المتلاحقة أو ضحكاته النادرة أو كلماته المميزة، فان صعب عليك ذلك الأمر يبدأ في تذكيرك بعلامات تدل عليه كالقول إنه قد تعشى معك قبل عشرة أعوام في مطعم فول أو أنه قابلك قبل عشرين سنة في السوق الصغير أو نحوهما من العلامات التي لن تزيدك إلا جهلاً بحضرته، ولأنك مشغول ولا تستطيع التركيز معه أو التجاوب مع سماجته بالجيم وليس الحاء!، فلا بد أن تشعر بالتوتر وتود أن تقفل سماعة الهاتف في وجهه ولكنك تتحسب من ردود الفعل على مثل هذه الخطوة فتصبر وتظهر سعة البال لعله يرعوي او يستحي ولكنه يواصل تقديم الفوازير وعلى حلقات تماثل حلقات المسلسلات المكسيكية المدبلجة فان فرغ صبرك وهددته بقفل السماعة إن لم يفصح عن شخصيته فوراً فعندها يطلق في أذنك ضحكة مجلجة ويقول لك أنا فلان وذلك بعد عشرين دقيقة أو أكثر من المناحلة وقد لايكتفي بالتعريف بنفسه والاعتذار عما فعله من مضايقة لحضرتكم بل يردف ذلك بالعتاب على أنك قد تغيّرت وأصبحت ضيق الصدر لأنه كان يتوقع منك أن تستمر في سماع فوازيره حتى صباح اليوم التالي وكأنه باسكال مشعلاني؟!
السؤال هو ماذا ستفعل غداً؟
تورطت مع أحد هؤلاء الأعزاء ,, هل ستجاريه حتى نهاية الفزورة أم ستقفل الخط في وجهه من أول وهلة؟ وإن فعلت, هذا فما الذي يضمن الا يكون مَن في الخط من أصحاب الوزن الثقيل وعندها ستتمنى لو أنك صبرت على سماجته دهراً أو حولاً يا جميل!؟


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved